السبت 20 ابريل 2024

مع الانتشار الواسع لأبناء وأحفاد النجوم .. هل ينتقل الفن بالوراثة ؟

الراحلان دلال عبد العزيز و سمير غانم وابنتاهما دنيا و إيمي

8-12-2022 | 12:44

عمرو والي

«ابن الوز عوام».. مثل شعبى شهير يمكن أن ينطبق على مجموعة كبيرة من أبناء وأحفاد النجوم الذين ظهروا على الساحة الفنية، وقرروا السير على خطى الآباء والأجداد نحو الشهرة، فبعضهم استطاع  إثبات ذاته وتحقيق الجماهيرية والشعبية، ومنهم من توقف سريعا بعد أولى تجاربه، وآخرون يبحثون عن شق طريقهم كبداية، فيما تنقسم الآراء دائما حول هذه الظاهرة ما بين مؤيد ومعارض.. «الكواكب»، طرحت تساؤلات  بشأن هل يمكن أن ينتقل الفن بالوراثة؟ وهل تنتقل الجينات الفنية من جيل  إلى آخر؟، وذلك من خلال السطور القادمة.

 

تذوق الفن

 فى البداية اعتبرت الفنانة حنان مطاوع، أن أبناء الفنانين غير مرحب بهم على الشاشة والجميع يتصيّد لهم الأخطاء مع وضع مقارنات بينهم وبين آبائهم. وهو أمر صعب وقاسٍ جداً، مشيرة إلى أنها مرتاحة للنجاح الذى حققته وكونها صنعت فنها بنفسها، مؤكدة أن الجمهور لا يحب فرض شخص عليه، والموهبة فى الأساس منحة من الله.
وأضافت مطاوع: حينما بدأت التمثيل كان أبى متوفيا، وأمى لم تساعدنى أبدا، ورغم أننى ابنة فنانين كبيرين، لكن كنت وحيدة، أحصل على أدوار غير مرئية، لا فرق بينى وبين أى مبتدئ فى عالم التمثيل، والحمد لله أن الناس شعرت بهذا بدأت بأدوار صغيرة، وخطوة خطوة، والحمد لله طوال الوقت الجمهور يتمنى لى فرصا أحسن.
واستطردت حديثها قائلة: لست مقتنعة بأن الفن وراثة، والإنسان قد يتأثر تذوقه للفن ورؤيته للحياة بحكم نشأته فى بيت فنى، لكن هذا لا يعنى أنه ورث الموهبة من والده أو والدته، ولا أستطيع أن أرى أن الفن جينات ممكن نورثها، ولم أسع بشكل أو بآخر لاستغلال اسمى أبى وأمى ودائما أفتخر أن سهير المرشدى أمى، وكرم مطاوع أبى. 


البيئة والنشأة
وعلى النقيض أكدت الفنانة لقاء سويدان: أن اتجاه بعض أبناء الفنانين إلى احتراف مجال التمثيل والعمل به، أمر متعلق بالجينات، مشيرة بقولها: البعض منهم يورث الجينات الفنية، وآخرون تربوا بحكم النشأة فى نفس البيئة الفنية، وغصب عنهم تجدهم محبين للفن والتمثيل فتجدهم منتمين لنفس البيئة والعمل الذى يمتهنه والدهم أو والدتهم.
وأضافت سويدان قائلة: نصحت نجلتى جومانا كثيرا، قبل اتجاهها إلى عالم التمثيل، بأن المهنة المقدمة عليها إحدى المهن الصعبة التى تتطلب مجهودا كبيرا للغاية، وأنا مؤمنة تماما بموهبتها، لاسيما بعد النجاح الكبير الذى حققته لاسيما مسلسل ضد مجهول، وولاد ناس.
واستطردت قائلة: جومانا أصبحت معروفة فى الوسط الفنى وتتمتع بكاريزما وموهبة فنية أشاد بها الكثير داخل وخارج الوسط الفنى، وفى النهاية حب الجمهور الحقيقى لا يأتى  بالواسطة ولا المحسوبية، وإذا فرضت على الناس شخصا عاما أو اثنين أو ثلاثة، فى النهاية لن أستطيع فرضه على الجمهور دائما، لأنه صاحب الكلمة النهائية، وحكمه صادق، والفنان يعمل من أجل إسعاد الناس. 


مهنة جادة
وأكد المخرج مجدى أحمد على أن الفن ليس فيه أى واسطة أو وراثة أبدا حتى لو كان ابن فنان شهير، لأن الأهم هو ما يقدمه هؤلاء الشباب بأنفسهم وليس معتمدين على شهرة آبائهم، لافتا إلى أن البيئة أو النشأة تلعب دورا كبيرا فى حب الابن أو الابنة للفن ورغبته فى دخول هذا العالم.
وأضاف المخرج الكبير قائلا : الأب دائما يتمنى أن يكون أولاده أفضل منه، ونجلى أحمد يمتلك فكرا ورؤية فنية جيدة للغاية، وإلى الآن تم حصره فى أدوار الشاب الحلو، ولكن هو يسعى دائما لإثبات فكره ورؤيته كمخرج وممثل، وهو ما ظهر خلال الآونة الأخيرة فى عدة اختيارات فى الدراما، وأتوقع له مستقبلا جيدا للغاية فى المجال الفنى لأنه يخطط دائما لهدفه، ويعرف ما يريده جيدا.
واستطرد قائلا: أحمد يرفض فكرة الواسطة تماما، وأنا لم أسع وراءه فى ترشيح فى فيلم أو مسلسل أو ما شابه، بل هو على العكس يسعى دائما لفكرة التخلص من تلك العقدة، والنشأة والتركيبة الثقافية لمجدى أحمد على أثرت به، وفى وجدانه، ومكتبتى كانت مفتوحة له على الدوام، فسعى لاستكشاف ما يحبه، دون ترتيب أو تدخل منى.
وختم مجدى أحمد على حديثه قائلا: رأى أحمد من قناعاته ويتخذ الفن كمهنة جادة للغاية، ولا يهتم بالمال بقدر أهمية أن يقدم عملا محترما يناسب موهبته وقدراته، وفكرة استمراره كمخرج أو ممثل الجمهور هو من يقولها، والآن الحمد لله أصبح له اسم محترم وقيمة سوقية، لأنه يعلم تمام حدوده كممثل ومخرج عندما يعمل مع مخرج آخر، وهى بطبيعة الحال أول البديهيات فى مهنة التمثيل.
وقال المخرج مجدى أبو عميرة إن دخول أبناء الفنانين إلى الوسط الفنى لا يعيبهم على الإطلاق، لافتا إلى أن هناك الكثير منهم من أثبت موهبة وأداء جيد سواء على المستوى التمثيلى أو الإخراجى، ضاربا المثل بمخرجين أمثال رامى إمام، وشادى الفخرانى، فى المسلسلات التى قدموها خلال الآونة الأخيرة.
وأضاف أبو عميرة أولاد الفنانين يتعرضون لمقارنة ظالمة لذا يجب الانتباه لتلك الناحية، وعدم دخول الوسط بالاعتماد على الجينات الفنية، كونها لا تورث فى النهاية
تجربة خاصة
واتفق مع الرأى السابق المؤلف بشير الديك، والذى أكد أن النجم لا يستطيع توصيل ابنه أو ابنته إلى طريق الشهرة مهما بلغ من النجومية، مشيرا إلى أن  الجمهور هو الحكم فى النهاية ومقياس النجاح يأتى من خلاله.
وأضاف الديك قائلا: جميع أبناء الفنانين يواجهون صعوبات جمة لاسيما فى فكرة المقارنة الدائمة بين ما قدمه الأهل وما سيقدمه هو من أعمال فنية من قبل الجمهور، والأمر يتنوع ما بين فنانين قدموا المساعدة لأبنائهم إلا أن تلك المساعدة مبنية على موهبة حقيقية والبعض لا يساعد على الإطلاق ويشق الفنان ابن النجم طريقه دون الالتفات لأحد والأمثلة كثيرة، وهناك من فشل وهناك من نجح، ويبقى لكل فرد تجربته الخاصة. 
الموهبة والدراسة
وقالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى أن هناك العديد من أبناء الفنانين الذين انتشروا بكثافة على الساحة الفنية خلال الآونة الأخيرة، بما يوحى بأن هناك حالة من الوراثة فى الفن بالفعل، وهنا يختلف الأمر ما بين بعض الفنانين الذين قاموا بمساعدة أبنائهم بفضل نجوميتهم، وآخرون فضلوا الابتعاد وتركهم يخوضون التجربة بأنفسهم دون مساعدة.
وأضافت البشلاوى أن الموهبة شرط أساسى لأى فنان يبدأ حياته المهنية، بالإضافة إلى أهمية صقل الموهبة بالدراسة، وهى السبيل الوحيدة ليكمل الممثل عمله، ويحجز له مكانا وسط هذا الكم الكبير من المنافسة، وابن الفنان بشكل عام تتاح له فرص كبيرة لا تتاح لأقرانه من نفس جيله، وهنا تكمن أهمية الموهبة، فقد تكون موهبة الابن 30 % فقط، ونجومية الأب أو الأم تكمل نسبة الـ 70 %، مما يجعله يتوقف سريعا.
وأوضحت الناقدة الفنية أن هذا الحجم الكبير من نجومية الأب أو الأم الفنانة يختصر مشوار الأبناء بشكل كبير جدا، ولا يجعله يمر بمراحل تكوين الممثل الطبيعية، فنجده يقفز من مرحلة البداية والانتشار نحو مرحلة النجومية مباشرة، وهناك الكثير من النماذج لأبناء نجوم كبار حصلوا على فرص تمثيلية أكبر من موهبتهم، والعكس صحيح، فبعضهم يملك موهبة صقلها بالدراسة ليدعم مكانته، هنا لا تكون لدينا اعتراضات، لكن أن يكون الممثل غير موهوب وتفرضه عائلته فهذا غير مقبول، وسيلفظه الفن ولن يتحمله الجمهور.
واختتمت الناقدة الفنية حديثها بالقول: قد يحقق أبناء الفنانين بريقا وشهرة أكبر من التى حققها الآباء، وقد يفشلون فى التجارب الأولى لهم، ثم يستطيعون التماسك، لذلك لا يمكن القياس على حالة واحدة أو حالتين؛ لأن النجاح والفشل توفيق فى النهاية.
حكم صادق
وقال الناقد الفنى محمود قاسم إن وجود فنان داخل إطار الأسرة يدفع أحد الأبناء على الأقل وبشكل طبيعى إلى تكرار التجربة، حيث يزرع فيهم حب الفن والاندماج الفنى منذ الصغر، فنجده تربى على لقاء النجوم من زملاء والديه، وزيارة كواليس الأعمال الفنية، وهناك الكثير من الحالات الفنية التى اخترقت المجال الفنى من أبناء النجوم وتفاوتت درجة نجاحهم أو فشلهم وتقبل الجمهور لهم، فكانت الموهبة هى العامل الرئيسى فى الاستمرارية.
وأضاف قاسم أن وراثة مهنة الأب لم تنحصر فقط فى مجال التمثيل، بل نجدها وراثة متكررة فى مجالات الغناء أو الشعر أو كتابة السيناريو أو الإخراج، وغيرها من الأعمال المرتبطة بشكل أو بآخر فى المجال الفنى أو العمل السينمائى أو التليفزيونى.
وأشار قاسم إلى أن هناك الكثير من النماذج التى توقع البعض فشلهم منذ بداية الطريق، إلا أن الأيام أثبتت موهبتهم الفنية، وهناك آخرون فضلوا الابتعاد قليلا عن مهنة الوالدين وتحديدا فى التمثيل فنجد الكثير فضلوا الاتجاه إلى الإخراج، وهناك من أثبت موهبة كبيرة من أبناء الفنانين، وأصبح لديهم أسماء لامعة، فيظل فى النهاية  الحكم للجمهور الذى لا تستطيع أموال أى منتج، أو سطوة ونفوذ أى نجم أن تضحك عليه، وغالباً يكون حكم الجمهور صادقاً.  
اختصار المشوار
وترى الناقدة الفنية حنان شومان أن مشاركة أبناء الفنانين فى الأعمال الفنية هى ظاهرة قديمة، ترجع إلى أيام الأبيض والأسود، مشيرة إلى أن أغلب نجوم زمان حرصوا على مشاركة أبنائهم فى أعمال فنية، فكانت تجارب بسيطة للغاية، ولم يكتب لهم النجاح بسبب عدم رغبة الأبناء فى الدخول إلى عالم الفن، فكانت بمثابة إجبار لهم على العمل مرة وحيدة وانتهت القصة.
وأضافت شومان أن الموضوع عبارة عن خليط ما بين الجينات الوراثية وفكرة المعايشة، وابن الفنان بطبيعة الحال مع دخوله إلى المجال يختصر ما يقرب من 4 إلى 5 خطوات يسير فيها الشخص العادى، لافتة إلى أهمية أن يتم تقييم الفنان أو المبدع سواء فى التمثيل أو التأليف أو الإخراج بناء على عمله وموهبته فى النهاية، وليس ابن فنان أو غيره.