يحمل لقب خبير الماكياج الأشهر منذ سنوات طويلة.. من بين أنامله العبقرية خرجت شخصيات سينمائية ودارمية في مصر والعالم عاشت في ذاكرة السينما وفي وجدان متابعيها.. استطاع أن يضيف قيمة كبيرة لفن الماكياج ليصبح جزءا محوريا من صناعة السينما.. إنه خبير الماكياج محمد عشوب الذي يسرد لنا تفاصيل أعماله المحلية والعالمية والمواقف التى قابلها خلال عمله وأخطاء عمليات التجميل التي يمكن أن يخفيها علم الماكياج وتلامذته الذين بلغوا الصفوف الأولى في هذا الفن وأشياء أخري في ثنايا السطور التالية..
هل كانت بدايتك فى عالم الماكياج فى السينما أم امتهنت المهنة قبل دخول عالم الفن ؟
أنا خريج كلية الزراعة و لم يكن لى أى علاقة بالماكياج و فى إحدى المرات كنت أشاهد فيلما فى قصر محمد على، و كان وقتها المخرج حسام الدين مصطفى .. ابى الروحى.. موجود ، وشاهدت الفيلم عدة مرات و فى كل مرة كنت أقابل المخرج الراحل هناك .. حتى بدأت صداقتنا ووجدته ينادى ذات مرة على ماكيير يشاركه أعماله السينمائية ويقول له: عايزك تعلم عشوب الماكياج و بالفعل بدأت فى العمل بالماكياج؛ و سألت المخرج حسام الدين مصطفى: اشمعنى رشحتنى لعمل الماكياج؟
فأجاب: أنا لى رؤية و قد رأيت فى عينيك أنك ستصبح خبير ماكياج ناجح.. فكان هو صاحب الفضل فى انطلاقى فى هذا العمل .
قمت بالمشاركة في عدد من الأعمال العالمية خارج مصر فماذا عنها؟
قمت بالفعل بالمشاركة فى أفلام عالمية كثيرة خارج مصر، منها «عمر المختار» و«الرسالة» وأفلام كثيرة إيطالية تم تصويرها ما بين مصر وروما وكان المخرج الكبير خليل شوقي قد نجح في استقطاب الأفلام العالمية من فرنسا وأمريكا وتم تصويرها على أرض مصر من خلال شركته، ومن حسن حظي أنني كنت جزءا من العاملين في هذه الشركة التى تركت أثرا كبيرا في تاريخ السينما العالمية.
يلاحظ أن هناك رجالا يستخدمون المكياج التجميلي أيضا في الأعمال السينمائية.. فما السبب من وجهة نظرك؟
الماكياج ينبغي أن يوضع لكل إنسان أمام الكاميرا سواء كان رجلا أو امرأة، وفي الماضي كانت استوديوهات الفوتوغرافية تقوم بعمل مكياج في النيجاتيف لإزالة الرتوش وتنعيم الوجه أو إصلاح الحاجب، فكان المصور فنانا، ولكن الماكياج ينبغي أن يكون طبيعيا دون تحديد للملامح بشكل فج، فعندما قمت بعمل ماكياج للنجوم الذين جسدوا أدوار رؤساء الجمهورية كالسادات وعبد الناصر مثلا كان من الضروري أن يظهروا بشكل طبيعي جدا، ومن ثم لا بد أن يكون خبير الماكياج متمرسا وواعيا وعلى دراية واسعة بهذا التخصص.
نسمع عن ضحايا لعمليات التجميل كل فترة.. هل يمكن للماكياج أن يخفي النتائج القاسية الناتجة عن هذه العمليات ؟
بنسبة كبيرة طبعا، وله دور بالتأكيد في ذلك وكم من وجوه تعاملت معها و استطعت بالماكياج تلافى مثل هذه المشكلات .
أعلى أجر وصلت إليه في الأعمال السينمائية.. ما هو؟
بالنسبة لأجور الفنانين والمخرجين وغيرهم فإن أجر الماكيير هو أقل أجر، مع أنه هو الذي ينفق بشكل أكبر ويشترى الخامات وكل ما يتعلق بعملية الماكياج ومع ذلك لا يتقاضى أجرا كبيرا، ولكن يسعدني العمل الفني أكثر من الأمور المادية، فيكفينى أن أشارك في عمل الماكياج لفيلم مثل «شهد الملكة»، أو «أيام السادات» وغيرهما، هذا ما يسعدنى أكثر من «هاخد كام» لأن « هاخد كام» هي شهادة الناس لي وللعمل الفني، فيكفينى جائزة واحدة عن فيلم «أيام السادات» والتى أهدتها لي الكاتبة الكبيرة سكينة السادات، وقد اتصلت بى بعد عرض الفيلم وقالت: اللهم اصلح ما بين يديك لأنك عيشتني مع أخويا 3 ساعات هي فترة الفيلم».
«أيام السادات» و «ناصر 56» وأعمال عظيمة أخرى تركت فيها بصمتك.. فهل ما رأيناه على الشاشة كان من رؤيتك أم من رؤية المخرج أم بالتنسيق فيما بينكما ؟
التصور المبدئى يكون بالطبع لي، ورؤية المخرج تكون بعد أن أفرغ من عملي تماما، فالمخرج يقول لي أنا سعيد بهذا أو يجب أن نضع تعديلات على ذلك، إنما الرؤية الأولى والأخيرة فى رسم الشخصية وتفاصيل ملامحها تكون لى، وقد يفاجأ المخرج بما فعلت فيثني علي ثناء كبيرا.
صف لنا الكواليس والحالة التى تكون عليها مع النجوم والنجمات أثناء قيامك بعمل الماكياج لهم؟
غرفة الماكياج أثناء عملي تكون مثل غرفة العمليات تعقم تماما قبل بدء العمل، وممنوع دخول أي شخص علي أثناء العمل وممنوع الكلام أو قراءة الاسكريبت لتحفيظ الممثل، وفنانون كثيرون غضبوا مني بسبب هذا الأمر، ولكن لا يوجد مخلوق يدخل غرفة الماكياج أثناء عملي أبدا.. فأنا أرى غرفة الماكياج وكأنها معبد له قدسيته.
تعليق محفور في وجدانك حتى الآن ولا تنساه حول أعمال الماكياج التي قمت بها في السينما.. فما هو؟
في مسلسل «مشوار امرأة» عندما قمت بتشويه نادية الجندي، بعد مشهد ضربها، خرجت من غرفة الماكياج ورأنى أحد العاملين مع الفنانة نادية الجندي فانتابه الفزع وقال لي يا استاذ عشوب يا مشرفنا يا «مشوه ممثلين مصر».. فقلت له «كده توقف حالي».. ويضحك و يقول : أسعدنى التعليق لأن نادية قد بدت وكأنها مضروبة بالفعل والماكياج كان واقعيا جدا.
ومن هم أكثر الفنانين الذين نجحت في تغيير شكلهم تماما بالماكياج في سياق الأعمال السينمائية؟
سعيد صالح في فيلم «شهد الملكة» وصلاح قابيل في نفس الفيلم والذي بدا بعين مفقوعة، وعادل إمام في «عصابة حمادة وتوتو» وكلها أعمال سعيد بها لأن ماكياج الشخصيات كان فيه واقعية شديدة.
أطلق عليك الماكيير الأشهر.. بم تفسر استمرار هذا اللقب لفترة طويلة؟
هذا يعود إلى عملي الذي تركته، وفي فترة من الفترات لم يكن هناك أحد يفكر في التخصص بالماكياج، وأسماء خبراء الماكياج لم تكن تكتب على تترات الأعمال السينمائية، وفجأة أصبح اسم الماكيير يكتب ويتم تكريمه.