الجمعة 3 مايو 2024

الدراما الإذاعية تفوقت على المسرح والسينما وحققت انتشارا أكبر

فؤاد المهندس وشريهان ونجوم الاذاعة

21-12-2022 | 12:27

كانت الفنون المتمثلة فى الدراما تعتمد على شخصية الراوى الذى يسرد الأحداث بين جماعة من الناس ثم يتجول ليقف فى مكان مرتفع يلقى من أعلاه قصته الأمر الذى تحول مع التطور إلى المسرح بشكله المعروف ومن ثم ظهور الفرقة المسرحية التى تحتمل وجود شخصيات متعددة فوق خشبة المسرح وليس الراوى فقط.. رضا سليمان حتى كانت المرحلة التالية فى تطور الدراما من حيث الانتشار وهى ظهور السينما التى خلقت للدراما شكلًا جديدًا من حيث المشاهد المتتالية وتغيير الأماكن، لكن فى الحالتين المسرح والسينما كان الجمهور محدودا حتى بدأت تجارب البث الإذاعى لسنوات ليظهر أول بث إذاعى عام 1906 ثم تنطلق مرحلة التجريب والتطوير وتظهر الإذاعات الخاصة فى مصر حتى يبدأ الإرسال الإذاعى الرسمى فى 31 مايو 1934 بالاتفاق مع شركة ماركونى وكانت صاحبة الامتياز حتى تم التمصير وألغى التعاقد مع ماركونى عام 1947 لتصبح الإذاعة مصرية خالصة، وهنا وجدت الدراما الوسيلة التى تضمن لها الانتشار السريع ومخاطبة قطاعات عريضة من الجماهير وهذا بالتحديد كان السبب فى تألق الدراما الإذاعية والتى تحولت إلى المتنفس الرئيسى لصناع الدراما فى مصر ومن ثم العالم العربى وتاريخ الدراما الذى بدأ منذ نشأتها يحتاج إلى مجلدات ولكن هنا نسعى بقدر المستطاع إلى إلقاء الضوء على ملامح الفترات المختلفة حينما بدأت بنقل الحكايات والعروض المسرحية ثم انتقلت إلى الدراما الإذاعية المباشرة بمعنى وجود الممثلين داخل الاستديو الإذاعى وأداء الأدوار مباشرة والوصول إلى الجمهور فلم تكن هناك استديوهات للتسجيل والمونتاج ثم تطورت الأمور وظهرت الصور الغنائية والمسلسلات الإذاعية بشكلها المعروف وإن بدأنا فى رصد التطور منذ البداية سوف نبدأ مع جيل الرواد فى الدراما الإذاعية حيث نبدأ من أعلام الدراما محمد علوان ومحمد محمود شعبان والسيد بدير وعثمان أباظة وغيرهم ولكنى سوف أتحدث عن ثلاثة منهم لما لهم من بصمات عظيمة فى تاريخ الدراما الإذاعية قبل أن أمر على جيل الوسط والجيل الحديث فى عجالة للتأريخ ولنبدأ بالرائد محمد محمود شعبان. بابا شارو ولد فى حى الرمل بالإسكندرية وهو أكبر الأبناء لوالده محمود شعبان سلامة والذى كان يعمل فى مجال المقاولات وكان يهدف لدخول ابنه كلية الحقوق أسوة بالزعيم سعد زغلول ولكن كانت إرادة الله فى دخوله كلية الآداب وتخرج محمد محمود شعبان فى قسم الدراسات اليونانية واللاتينية بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول عام 1939، ثم التحق بالإذاعة فور تخرجه بتزكية من أستاذه د. طه حسين عميد كلية الآداب فى تلك الفترة. حيث عمل بالإذاعة كمقدم برامج ومذيع وعمل ببرامج الأطفال عن طريق الصدفة البحتة حيث تغيب فى يوم مذيع البرنامج ليتقدم هو وينجح ليستمر سنوات طوال فى تقديم برامج للأطفال بالاسم الجديد الذى أتاه بالصدفة حيث كان من المقرر أن ينطق المذيع السابق له اسمه بالكامل لكنه نطق شعبان خطأ وأصبحت شارو، بالإضافة للبرامج الدرامية والغنائية والصور الموسيقية والتى كانت تجد صدى لدى الكبار قبل الأطفال وأشهرها: عيد ميلاد أبوالفصاد والدندرمة والراعى الأسمر وعذراء الربيع والسوق وبرج الحمام و قِسم. قدم أحاديثه للأطفال على مدار 20 عاما من عام 1940 ـ 1960 وحينما تم التفكير فى تحويل كتاب ألف ليلة وليلة تم إسناد الإخراج إلى المخرج الإذاعى السيد بدير لكنه اعتذر وتم إسناد إخراج الحلقات إلى محمد محمود شعبان حيث قدم مع طاهر أبو فاشا أكثر من 800 حلقة من حكايات ألف ليلة وليلة كبرنامج إذاعى قام ببطولته العديد من أشهر الممثلين كان أبرزهم زوزو نبيل فى دور شهرزاد، كما قدم 300 حلقة درامية من كتاب الأغانى للأصفهانى. وتخليدًا لدور الرائد الإذاعى بابا شارو فقد أُطلق اسمه على استديو رقم 37 فى احتفالية كبيرة. محمد علوان الحقيقة أن محمد علوان لم يكن مخرجًا إذاعيًا وحسب إنما كان ممثلا فى الإذاعة وفى السينما أيضًا، ولد فى 12 أبريل عام 1924، حصل على دبلوم التمثيل من المعهد العالى للتمثيل وعين أستاذًا به، كما عمل مخرجًا إذاعيا ومستشارًا عامًا فى إذاعة الشرق الأوسط، عمل بالسينما منذ عام 1942 وعمل ممثلًا فى الإذاعة فى عام 1945، ثم تولى مراقبة الدراما فى إذاعة صوت العرب، أخرج عدة مسلسلات إذاعية منها: أرجوك لا تفهمني بسرعة مع عبد الحليم حافظ وعادل إمام سنة 1974 وكان قد تم البدء فيه قبل حرب العاشر من رمضان وتم تأجيله لمدة عام، ومسلسل سنة أولى حب قصة مصطفى أمين فى نفس العام، ومسلسل الحب الضائع قصة طه حسين، ونادية قصة يوسف السباعى، وأخرج من مؤلفات إحسان عبد القدوس أكثر من عمل: فى بيتنا رجل عام 1960 ومسلسل أنف وثلاث عيون وشئ فى صدرى وأيضًا مسلسل لا شئ يهم، كما أخرج مسلسلات شىء من العذاب وروز اليوسف للكاتب أحمد رجب، ومسلسل الجدعان للكاتب محمود السعدني كما أخرج مسلسل أيام معه، بطولة أحمد مظهر وسعاد حسنى، وغيرها الكثير مثل جفت الدموع، الحب الضائع، نحن لا نزرع الشوك، صابرين، بنت مدارس، حياتى، شلة الأنس، فرط الرمان، إفلاس خاطبة، أين تذهب أمى، بنت الدلال، خديجة، وأخرج مسلسلات السير الذاتية عن قصص حياة كل من نجيب الريحانى ومنيرة المهدية وبيرم التونسى ومثَّل فى الدراما الإذاعية فى عزيزة ويونس، الأبالسة، الثعبان، أيامنا الحلوة، جمعية العزاب، شهر الانتقام، ضبع الليل، عنبر سبعة، قصر الشوق، لوكاندة نوم، ليلة رهيبة، مندوب من المريخ، ومن أهم أدواره كممثل دوره فى مسرحية مصرع كليوباترا عام 1968 وأدواره فى أفلام :الخرساء، لا تطفئ الشمس، البنات والصيف، ساحر النساء والأستاذة فاطمة وعشرات الأفلام الأخرى كممثل وكمساعد مخرج حتى كانت وفاته فى 9 أغسطس من عام 1979 السيد بدير هو أول من أنشأ استوديو للتسجيل الإذاعى بالقاهرة وسمى باسمه، كتب وأخرج للإذاعة حوالى ثلاثة آلاف تمثيلية ومسلسل، دخل السجن لمدة أسبوع كى يتعرف على حياة السجناء ليخرج ويكتب فيلم جعلونى مجرما، عاش بين الصيادين فى أبو قير لمدة عشرة أيام كاملة ليكتب فيلم حميدو، عاش فى حى اللبان بجوار منزل ريا وسكينة ليكتب فيلم ريا وسكينة، إنه المبدع السيد بدير. وفى بداية حديثى عنه وهو من الآباء المعلمين لنا فى العمل الإذاعي سوف أطلق عليه لقب الفنان الشامل. ولد فى الحادى عشر من يناير عام 1915 فى قرية أبو شقوق التابعة لمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية، والده كان يعمل مدرسا للتربية الفنية وهنا نتعرف على أصل بذرة الإبداع التى نبتت مستقبلًا كشجرة وارفة هى الفنان السيد بدير، فى طفولته المبكرة انتقلت أسرته إلى القاهرة حيث أقامت فى حى شبرا وبعد أن أنهى مرحلته الثانوية التحق بكلية الطب البيطرى غير أنه لم يُكمل دراسته الجامعية لأنه لم يكن قادرًا على التعامل مع المناهج العلمية، وبدأ مشواره الفنى فى تمثيل بعض الأدوار ثم كتابة الحوار لبعض الأفلام ثم انطلق بسرعة الصاروخ وإن كنتُ لا أدهش من صفات العبقرية الفنية التى تجمعت لديه فإنى أدهش أيما دهشة من قدرته على الوفاء بهذا الكم الرهيب من الأعمال فقد كتب خلال مشواره الفنى سيناريو وحوار حوالى مائتى فيلم نذكر منها، بين السما والأرض وبائعة الخبز وشباب امرأة وإسماعيل ياسين فى البوليس وجعلونى مجرما وحميدو وفتوة الحسينية ورصيف نمرة خمسة. كما أخرج السيد بدير الكثير من الأفلام، منها المجد و ليلة رهيبة وكهرمانة والزوجة العذراء. ومثَّل بدير فى أكثر من 20 فيلمًا مثل شاطئ الذكريات والأسطى حسن وليلة من عمرى. أما فى المسرح فقد ألَّف السيد بدير وأخرج حوالى 400 مسرحية منها أول مسرحياته مع فرقة إسماعيل ياسين حبيبي كوكو ومراتى قمر صناعي والزوج العاشر وعريس تحت التمرين والست عايزة كده، وتقلد منصب مدير الهيئة العامة للسينما والمسرح، أما الإذاعة ، فقد حظيت بنصيب الأسد فى إبداع الفنان الشامل السيد بدير، فأبدع مالا يقل عن ثلاثة آلاف عمل إذاعى، ما بين تأليف وإخراج وتمثيل، وهو عدد لا يطاوله فيه فنان آخر. كان تعاقد بدير مع الإذاعة له طابعه الخاص فقد أبرم عقدًا بموجبه يؤلف ويمثل ويخرج المسلسلات الإذاعية مقابل 150 جنيها شهريًا وتم وقفه عام 1951 ولكن ثورة يوليو 1952 أعادته كمستشار للإذاعة بديلا عن كريم ثابت الذى أوقفه عن العمل لتستمر رحلة الفنان الشامل فى الإذاعة ويُقدم العشرات من الأعمال الدرامية الإذاعية منها تمثيلية تقاليع ستات، والمسلسل الاذاعى القيثارة الحزينة قصة يوسف السباعى، والعشرة الطيبة تأليف محمد تيمور وأزجال بديع خيرى، وتمثيلية القط الآدمى وهى قصة الكاتب والروائى والمسرحى الأمريكى أرثر ميلر وأعدها وأخرجها السيد بدير، كما أخرج التمثيلية الإذاعية الأبالسة التى كتبها الروائى فتحى غانم وبطولة سميحة أيوب سامية رشدى ومحمد علوان، وفى إذاعة البرنامج العام أخرج التمثيلية الإذاعية الوزة ماتت والتى كتبها الفنان المثقف عبدالوارث عسر، وأخرج أحلام العصافير، وهناك خطيبة إسماعيل ياسين. ليلة رهيبة، أُسْرَة مُجَاهِدَة، بكرة السفر، بالإضافة إلى البرنامج الدرامى شخصيات تبحث عن مؤلف والبرنامج الدرامى ما يعجبنيش ولا ننسى مسلسلات الصييت وتفاريح رمضان وبعد الغروب وحسن القرنفلى. من جيل الوسط إلي الحديث والمعاصر وسريعا أذكر وفقًا لما تسعفنى به ذاكرتى وبدون أى قصد فى ترتيب الأسماء رواد الدراما من الأجيال التالية أنور المشرى، حسين أبو المكارم، صلاح عز الدين، ديمترى لوقا، عصمت حمدى، شفيع شلبى، مدحت زكى، فايز حلاوة، يوسف الحطاب، سمير عبد العظيم، إسلام فارس، فؤاد شافعى، مصطفى أبو حطب، باهر النحال، أحمد عبد الحميد، يوسف حجازى، محمد مرعى، مصطفى صادق، محمود يوسف، عبده دياب ، حسن الصعيدى، حسنى غنيم، مجدى سليمان، فرج أحمد فرج، عبدالمقصود محمد، أحمد سليم، رمزى مجاهد، محمد مشعل، أحمد فتح الله، أحمد أبو طالب، يسرية على، ناهد الطحان، رضا سليمان، نصار عبدالغنى، محمد لطفى، عمرو عبده دياب، نانيس أبو زيد، صفى الدين حسن، أيمن فتيحة، محمد على، تامر غنيم، على مصيلحى، طارق دياب، كريم فرج، هيام فاروق، أدهم عزام، هشام محجوب، محمود محجوب، إبراهيم عبدالسلام، إيهاب منير وهناك الكثير لم أتذكرهم الآن وأعتذر لمن غاب اسمه عن هذه العجالة. ولنعد إلى الدراما الإذاعية التى كانت هى الأصل فى الكثير من الأعمال الدرامية التى نقلتها السينما والتليفزيون بنفس الاسم أو بأسماء مختلفة، فنذكر مثلا: أفواه وأرانب، سمارة، الدنيا على جناح يمامة، ليلة القبض على فاطمة، رد قلبى، شجرة اللبلاب، فى بيتنا رجل، وغيرها الكثير والكثير. فالدراما الإذاعية كانت ولا تزال صاحبة الانتشار الأوسع والأسرع والأسهل من حيث تكاليف الإنتاج، فنجد أن تكلفة حلقة تليفزيونية واحدة أو فيلم سينمائى تعادل تكلفة ما لا يقل عن عشرين مسلسلا إذاعيًا وأنا أتحدث عن الإنتاج المتوسط فى جميع الأمور، وإن كان هذا الأصل للدراما الإذاعية فما هو الواقع اليوم؟ سؤال إجابته مجرد كلمات بأن الدراما الإذاعية توقفت بشكل ما بعدما كانت تُنتج طوال العام ثم اقتصر الإنتاج على المناسبات المهمة وشهر رمضان ثم اقتصر على شهر رمضان فقط وأخيرًا توقف الإنتاج بشكل ما حتى فى شهر رمضان، لكن هناك الإذاعات وشركات الإنتاج الخاصة التى تنتج بعض الأعمال الخفيفة الهادف بعضها للربح وهذا أفقد الدراما الإذاعية رونقها.