الأحد 24 نوفمبر 2024

أروع أغاني ثومة الوطنية

أم كلثوم

28-12-2022 | 12:17

خليل زيدان
للأغاني الوطنية طابع خاص في الزمن الجميل، فهي إما ثورية تلهب حماس الجماهير وتدعو جموع الشعب للكفاح ضد مستعمر أو غاصب، وأما حماسية تدعو الناس للعمل والبناء والإتحاد والتكاتف والتكافل .. وبعضها الآخر يمجد إنجاز، ومنها أيضا ما يتحدث عن معالم خالدة في الوطن مثل النيل أو السد العالي، وفي ذكرى كوكب الشرق نرصد ما أمتعتنا به من أغانٍ وطنية بكل أشكالها، فما غنته كان تجسيدا للأحداث التاريخية التي مر بها الوطن، سواء كانت أحداث جسيمة أو إنجازات عظيمة. ذكرى الزعيم سعد زغلول بدأت أم كلثوم أغانيها الوطنية بقصيدة رثاء للزعيم سعد زغلول مع رحيله عام 1927، والأنشودة تأليف أحمد رامي ولحن الموسيقار محمد القصبجي، ويقول مطلعها : إن يغب عن مصر سعد .. فهو بالذكرى مقيم .. وتجسد أم كلثوم بجمال صوتها ما لاقاه الزعيم من عذاب الاغتراب والنفي في سبيل مصر، وتطالب بتخليده في الأشعار والغناء ليبقى زعيما وطنيا في القلوب. نشيد الجامعة دعت أم كلثوم شباب الوطن في هذا النشيد إلى تلبية نداء مصر، ولا يتهاونوا في تحقيق آماله، فمصر ترقى بالعلوم والفنون، وغنت النشيد في فيلم «نشيد الأمل» عام 1937، من كلمات رامي وألحان السنباطي. إنشاء الجامعة العربية من الأحداث الهامة للوطن كان غنائها لإنشاء الجامعة العربية، فمع ميلادها عام 1945 غنت أم كلثوم قصيدة «زهر الربيع» من نظم محمد الأسمر وألحان زكريا أحمد، لتكون أول فنانة شاركت في صنع حدث سياسي هام. قصيدة السودان حاول الإحتلال البريطاني فصل السودان عن مصر عام 1947، فكتب أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة السودان وغنتها أم كلثوم لتعبر بها عن فداحة حدث المطالبة بالانفصال ولحنها الموسيقار السنباطي. قصيدة النيل يحسب لنجوم الزمن الجميل مواكبتهم للأحداث التاريخية وتخليدها في أغانيهم، وعلى رأسهم كوكب الشرق، فمع إرساء حجر أساس مشروع توليد الكهرباء من خزان أسوان غنت قصيدة النيل من نظم شوقي وألحان السنباطي أيضا في 19 مارس 1948، وفي القصيدة تناجي أم كلثوم النيل وتذكر أفضاله وأنه أصل الحضارة، وفي نفس العام أيضا غنت أم كلثوم نشيد الشباب «نادى المنادي» ويعتبر من المفقودات. مصر تتحدث عن نفسها غنتها أم كلثوم تمجيدا للعمليات الفدائية المصرية عام 1951 ضد الإحتلال البريطاني، وهي ما سميت بأحداث القنال، وتعتبر الأنشودة من أشهر وطنيات أم كلثوم ويقول مطلعها : «وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي»، مرورا بالبيت البديع «إنا إن قدر الإله مماتي .. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي»، والقصيدة نظم شاعر النيل حافط إبراهيم ولحن الموسيقار السنباطي. صوت الوطن من الروائع الوطنية الخالدة أيضا لكوكب الشرق أنشودة صوت الوطن أو «مصر التي في خاطري»، وهي أول قصيدة تدعم بها أم كلثوم ثورة يوليو والضباط الأحرار، وكانت قد طلبت من الشاعر أحمد رامي نظم القصيدة ولحنها السنباطي لتشدو بها أم كلثوم في حفل سينما ريفولي في 30 أكتوبر 1952. أناشيد الجلاء غنت أم كلثوم أنشودتين للجلاء، إحداهما عام 1954 ويقول مطلعها «بأبي وروحي الناعمات الغيدا» من نظم أحمد شوقي وتلحين السنباطي، ومع الجلاء الكامل للإنجليز عن مصر في 18 يونيو 1956 شدت أم كلثوم بقصيدة الجلاء في حفل أقيم ليلة الجلاء، ويقول مطلعها «يا مصر إن الحق جاء .. فاستقبلي فجر الرجاء .. اليوم قد تم الجلاء ونلت غايات المنى»، والقصيدة تأليف أحمد رامي وألحان محمد الموجي. حادث إغتيال ناصر بعد توقيع اتفاقية الجلاء، وفي أول خطاب له بساحة المنشية بالأسكندرية تعرض الرئيس جمال عبد الناصر لمحاولة إغتيال، وتأكد أن من قام بها كانت الجماعة الإرهابية المحظورة، حيث اعترف مطلق النار على الرئيس، ورصدا للحدث سارعت أم كلثوم بغناء أنشودة «يا جمال يا مثال الوطنية» في 30 أكتوبر 1954. وفي العام التالي غنت أم كلثوم قصيدة «بين عهدين» ويقول مطلعها «طالما أغمضت عيني وتخيلت بلادي مثلما صور طني وتمناها فؤادي»، كلمات أحمد رامي وألحان السنباطي .. ومن الروائع التي غنتها أم كلثوم أيضا في نفس العام أنشودة «فرحة الوادي» ويقول مطلعها «ياسلام على عيدنا يا سلام» وغنتها لأول مرة في عيد الثورة في 23 يوليو 1955 بنادي الضباط بالزمالك بحضور مجلس قيادة الثورة والرئيس جمال عبد الناصر وضيف مصر الملك محمد الخامس. العدوان الثلاثي وفشله مع اندلاع العدوان الثلاثي على مصر بسبب تأميم الرئيس جمال عبدالناصر للقناة عام 1956 وتحت قصف القنابل سجلت أم كلثوم وشدت بأغنية «والله زمان يا سلاحي» من تأليف صلاح جاهين وألحان كمال الطويل الذي أجرى بروفات اللحن في فيللا أم كلثوم تحت أصوات غارات العدوان الغاشم على القاهرة، وعند تسجيل الأغنية وصل لأسماع أم كلثوم أن مبنى الإذاعة مستهدف من القوات الغاشمة وسوف يلقون عليه القنابل، فقالت سأسجل الأغنية وأغنيها حتى لو أصبح المبنى حطاما .. ومع فشل العدوان ودحره من أبطال مصر غنت أم كلثوم أنشودة «صوت السلام» كلمات رامي وألحان السنباطي. ذكرى الخالدين رصد التاريخ ما أنجزه الزعيم الإقتصادي الكبير طلعت باشا حرب، وكانت أم كلثوم تقدر الرجل وتاريخه الذي أحدث نهضة كبيرة في مصر، ومع رحيله غنت تخليدا لذكراه أنشودة «ذكرى طلعت حرب»، أو «بشير الثائرين» حيث تقول فيها « يا شباب الثورة البيضاء في الوادي الأمين .. أذكروه، خلدوه، في كتاب الخالدين .. ثائر النيل العزيز الملهم .. حسدت مصر عليه الأممُ .. فله في كل بيت أنعمُ .. وله في كل جو أنجمُ»، والأنشودة كلمات صالح جودت وألحان السنباطي وغنتها في 20 فبراير 1957، ومع الذكرى الأولى لإستلام المرشدين المصريين القناة غنت أم كلثوم أنشودة «ما احلاك يا مصري وانت على الدفة» وهي من تأليف صلاح جاهين وألحان محمد الموجي .. وفي نفس العام غنت «نشيد الطيران» كلمات طاهر أبو فاشا وألحان السنباطي. الوحدة مع سوريا في 26 فبراير 1958 مع توقيع اتفاقية الوحدة بين مصر وسوريا غنت أم كلثوم قصيدة «ربى الفيحاء» «وفق الله على النور خطانا» كلمات محمود حسن إسماعيل وألحان السنباطي، وفي 3 مارس من نفس العام غنت «بعد الصبر ما طال» عن ترسيخ الوحدة بين مصر وسوريا. بناء السد العالي غنت أم كلثوم «نشيد الجيش» في 20 أكتوبر 1959، كلمات طاهر أبوفاشا وألحان السنباطي، أما حدث بناء السد العالي فقد أعلن عنه رسميا مع إرساء حجر الأساس في 9 يناير 1960، لكن أم كلثوم سبقت إعلان الحدث وغنت «قصيدة السد» كان حلما فخاطرا فاحتمالا .. ثم أضحى حقيقة لا خيال، في 26 نوفمبر 1959 كلمات عزيز أباظة وألحان السنباطي، أما بعد خطاب الرئيس عبد الناصر في الأمم المتحدة ومناداته بالسلام بين الأمم غنت أم كلثوم «بالسلام احنا بدينا بالسلام» في 10 أكتوبر 1960 كلمات بيرم التونسي ولحن الموجي، وفي عيد الثورة 1961 غنت «ثـوار» كلمات صلاح جاهين ولحن السنباطي، وفي عيد الثورة عام 1962 غنت «الزعيم والثورة» كلمات عبد الفتاح مصطفى ولحن السنباطي، وفي عيدها في العام التالي غنت «طوف وشوف»، وبمناسبة العيد الثلاثين للإذاعة المصرية غنت أم كلثوم «يا صوت بلدنا» عام 1964، أما في عيد الثورة فقد غنت «على باب مصر» كلمات كامل الشناوي وألحان محمد عبد الوهاب .. ومع حدوث تغيير مجرى النيل فقد غنت أم كلثوم «حولنا مجرى النيل» كلمات عبد الوهاب محمد وألحان السنباطي عام 1965، ولشخص الزعيم عبد الناصر فقد غنت في إعادة انتخابه في نفس العام «يا سلام على الأمة» وفي عيد الثورة غنت «يا حبنا الكبير» وفي عام 1966 شدت برائعة محمود الماحي «الفجر الجديد» وهي أيضا عن جهود عبد الناصر، وهناك مفارقة غريبة، حيث غنت في 1 يونيه 1967 أنشودة «راجعين بقوة السلاح»، وفور النكسة وتنحي الرئيس عبد الناصر شدت بقصيدة «قم واسمعها من أعماقي» التي طالبت فيها الرئيس بالعدول عن التنحي، ثم أعقبتها بـأنشودة «إنا فدائيون»، لعبد الفتاح مصطفى ولحن بليغ حمدي، وفي نفس العام أيضا ناشدت الشباب بالكفاح والعمل من خلال أنشودة «حق بلادك» كلمات عبد الوهاب محمد ولحن السنباطي. وفي عام 1969 غنت أم كلثوم أنشودتين ترمزين إلى جاهزية مصر للحرب وإعادة تسليح الجيش، فغنت من كلمات نزار قباني ولحن محمد عبد الوهاب «أصبح عندي الآن بندقية» واعقبتها بأنشودة مصر « أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصر» كلمات إبراهيم ناجي ولحن السنباطي .. ومع رحيل الرئيس عبد الناصر كانت أغنيتها الوطنية الأخيرة في رثائه وهي «رسالة إلى جمال عبد الناصر» «عندي خطاب عاجل إليك» كتبها نزار قباني ولحنها السنباطي.