الخميس 25 ابريل 2024

فى الدراما أمهات الماضى شكل.. وأمهات الحاضر شكل تانى!

الأم في الدراما المصرية

19-1-2023 | 13:07

عمرو والى
قدمت الدراما المصرية على مدار تاريخها  نماذج عديدة لشخصية الأم، ارتبط بها الجمهور،  وظلت عالقة في أذهانه  وذلك بعدما أبدعت عدد من الفنانات  في تجسيد أدوار  الأمهات بكل أنماطها من  خلال أعمال لا تنسى،  ومع الاحتفال  بعيد الأم .. «الكواكب» ترصد كيف تغيرت صورة الأم على الشاشة مع اختلاف الزمن، وأبرز العوامل التى أدت إلى ذلك من خلال السطور القادمة. «أداء صادق» فى البداية تقول الفنانة سميرة عبدالعزيز: لا شك إن أدوار الأم اختلفت فى الأعمال الفنية خلال الآونة الأخيرة، حيث تعانى بعض التهميش معزية ذلك إلى كتاب السيناريو، ووجود بعض ورش الكتابة التى تجمع شباب المؤلفين ممن لا يمتلكون أبعادا ثقافية أو اجتماعية كافية للكتابة عن هذا الدور بشكل مناسب، بالإضافة إلى غياب الهدف أو الرسالة المراد توصيلها من خلال العمل الفني. واستطردت عبد العزيز حديثها عند سؤالها عن سر تميزها فى دور الأم تحديدا قائلة: الصدق كلمة السر، حيث قمت بأداء دور الأم منذ بداياتى وأخذت عنه جائزة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان بمثابة نقطة تحول فى مسيرتى المهنية، وذلك عندما قدمت مسرحية «المفتش العام» ضمن أحد العروض المسرحية لجامعتى بكلية التجارة بالإسكندرية، وارتبط الدور بى والجميع أخذ ينادينى «ماما سميرة»، وفى النهاية  الأمومة أسمى عاطفة فى الوجود، وأحاول دائما عند لعب دور الأم فى أى عمل فنى أن يحمل رسالة، ويقول شيئا ما للجمهور المتفرج، وهو ما حدث مؤخرا خلال مشاركتى فى مسلسل «القمر آخر الدنيا» فى رمضان الماضي، حيث عزز العمل قيمة الأم فى حياتنا بشكل عام. وأضافت عبد العزيز، أنها قدمت شخصية الأم فى العديد من الأعمال الدرامية وعلى رأسها مسلسلات «أم كلثوم» و«الإمام الشافعي»، و«الشيخ الشعراوي»، وغيرها من الأعمال الاجتماعية البارزة، مشددة على اهتمامها الشديد بالشخصية المكتوبة للابن فى أى عمل، مستطردة بقولها: لا أحب أن أكون أما لشخصية غير سوية لأن هذا يعنى فشلى كأم، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لي.   «خط متوازي» وتتفق فى الرأى السابق الفنانة هالة صدقي، حيث أكدت على ندرة الكتاب المهتمين بدور المرأة والأم فى الدراما، وهو الأمر الذى انعكس على الأعمال الفنية بصورة عامة، مشيرة إلى أن مؤلفين مثل يوسف معاطي، وعبدالرحيم كمال، ومجدى صابر استطاعوا التركيز بشكل مكثف على دور المرأة الأم فى أعمال مثل «سلسال الدم»، و«ونوس»، فكانت الأم فى خط متوازى مع كل أحداث المسلسل أما معظم الأعمال فالأم كانت مجرد ديكور داخل العمل فقط. وأضافت صدقى مستطردة حديثها قائلة: قدمت شخصية الأم «سهير»، فى مسلسل «ليه لأ»، وكانت تمثل نموذجا حاليا وواقعيا لبعض الأمهات فهى امرأة نشأت فى كنف أسرة تلتزم بالعادات والتقاليد، وذاقت القسوة والتسلط من والدتها، فظنت أن هذه هى التربية المثالية، فلعبت الدور نفسه فى حياة ابنتها، دون أن تلاحظ تغير الظروف فى الزمن الحالى، وتلخص العنوان العريض بـ«الصراع بين الأجيال»، حيث تحرج الابنة والدتها وتضعها فى مواقف لا تحسد عليها، ومع ذلك تبقى مصرة على قراراتها، وبطبيعة الحال أنا مقتنعة بتصرفات هذه الأم وخوفها على ابنتها.   «إطار تقليدي» وترى الفنانة سلوى محمد على: أن دور الأم شهد مجموعة من المتغيرات التى جعلته يخرج عن الإطار التقليدى الذى كانت تقدمه عدد من الفنانات اللاتى اشتهرن به، بسبب تغير القيم والظروف التى يمر بها المجتمع خلال العقود الأخيرة، مشيرة إلى أن الأم خرجت إلى الحياة وتقلدت العديد من الوظائف والمناصب فهناك السفيرة والمهندسة والمعلمة والأكاديمية، والمحامية، وغيرها فلم تعد الصورة مقتصرة على ست البيت فقط. وأضافت قائلة: جسدت دور الأم فى الكثير من الأعمال الفنية، واختلف الدور عن الآخر بحسب طبيعة العمل، وتغير الشخصيات النابع من الظروف المحيطة بها، والنشأة الاجتماعية، ومنها على سبيل المثال فى مسلسل «لأعلى سعر» كانت الأم الحازمة العقلانية العملية التى تمنع نفسها من إظهار العواطف تجاه أبنائها ومن حولها، فكان الدور بمثابة تحدى لأن الممثل هنا لا يظهر عواطفه مطلقا، وهو أصعب ما قد يواجه الفنان. وأوضحت: فى مسلسل «رمضان كريم» قدمت شخصية سعدية، فكانت الأم من طبقة شعبية بسيطة، وترضى دائما بحالها، وسند لزوجها الذى تحاول تبرير أى شىء يخصه حتى لا تجرح مشاعره، أما فى مسلسل «30يوم» فكانت الشخصية لأم حنونة وحازمة فى علاقتها مع أبناءها، بالإضافة إلى تمتعها بالحكمة. واختتمت حديثها قائلة: دور الأم فى الدراما نادرًا ما يكون مختلفاً أو يتميز بأحداث ومشاعر مختلفة عن المعتاد، وهنا تكمن الصعوبة فى تقديمه لأكثر من مرة عبر البحث عن مفاتيح للشخصية تكون مميزة للشخصية المراد تقديمها.   «الاستقرار الأسري» وأكد المؤلف مجدى صابر: أن صورة الأم على الشاشة تغيرت بمرور الوقت، لأن الدراما تعكس الأوضاع التى يمر بها مجتمع ما، وبالتالى نجد أن تغير العلاقات داخل المجتمع والأسرة الواحدة فى السنوات الأخيرة كان له تأثيرا ملحوظا، مستطردا بحديثه:  قديما كانت الأسرة تتميز بالترابط والعلاقات القائمة على الاحترام المتبادل، ومع غياب الاستقرار الأسرى، وتوغل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى والذى بدوره أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق انتهى بنا الأمر إلى ارتفاع نسب الجريمة وحوادث القتل والسرقة.   وأضاف صابر: أن فكرة الفن التربوى الذى كانت تقدمه الدراما فى الكثير من المسلسلات تراجعت بسبب الاهتمام فقط بحسابات الربح والخسارة والاهتمام بالعمل الفنى كمنتج تجارى مثل الفيلم السينمائي، وذلك بعد دخول صناع السينما إلى مجال الدراما التليفزيونية.   «موضوعات نسائية» أما المخرجة هالة خليل، فترى أن هناك حالة من التقصير الدائم فى أدوار الأم فى السينما والتليفزيون بشكل خاص، والمرأة بشكل عام، وذلك بسبب ميل المنتجين إلى موضوعات يؤدى بطولتها النجوم الرجال فقط، اعتقادا منهم بأن النجوم الرجال هم الأوفر حظا جماهيريا، على الرغم من عدم منح البطلات النساء فرص حقيقية للبطولة على فترات طويلة المدى. وأضافت خليل قائلة: لايتعلق الأمر بكونها بطلة، إنما بموضوع خاص بالمرأة عموماً، سواء أدت دور أم أو غيره، من هنا  يجب تناول حضورها بشكل صادق وحقيقي وعميق، وليس لكونها مكملة لأدوار الرجال فقط. وأختمت خليل حديثها قائلة: الموضوعات النسائية بشكل عام ثريه ولديها قدرة على الجذب سواء فى السينما أو المسرح أو التلفزيون، وثمة قضايا كثيرة لم يتم تقديمها من قبل، وقصص لأمهات مكافحات، ونساء فى المجتمع يمتلكن قصص نجاح جبارة من الجيد أن يتم تسليط الضوء عليها.   «شكل كلاسيكي» وقال الناقد الفنى نادر عدلى إن صورة الأم فى الأعمال الفنية قديما كانت تتمثل فى فردوس محمد، أو أمينة رزق، لأنها شخصيات بنت وقتها وعكست شكل الأم فى هذا الوقت، حيث كانت ربة منزل فقط، شغلها الشاغل فقط فى بيتها وأولادها وزوجها، ولكن مع نزول المرأة إلى معترك الحياة لم يعد ممكنا أن تظهر الأم بهذا الشكل الكلاسيكي، لأن لغة الحوار أصبحت مختلفة تماما عما اعتاده الجمهور. وأضاف عدلى: أن هناك العديد من الأفلام التى أعطت مساحة واسعة لشخصية الأم، ومنها فيلم  «بداية ونهاية» حيث جسدت الفنانة أمينة رزق شخصية أم لأربعة أبناء، وكان أحد أهم الأعمال التى أبرزت مسؤوليات الأم بشكل أساسي، فيلم «دعاء الكروان» وجسدت فيه شخصية الأم أيضا الفنانة أمينة رزق، بالإضافة إلى فيلم «لا تسألنى من أنا» للفنانة شادية، حيث أظهر معاناتها مع أولادها نتيجة الفقر وقسوة الحياة، حيث اضطرت لبيع أولادها لعدم قدرتها على الإنفاق عليهم، وما نتج عن ذلك من مشاعر للأمومة ظهرت على الشاشة. واستطرد عدلى حديثه قائلا: بخلاف هذه الاستثناءات ظهرت الأم كجزء مكمل للدراما، حيث اعتمدت  الأعمال السينمائية على الشباب وقضاياهم باعتبارهم العنصر المحرك الأساسى لها، لأن الجمهور نفسه من هذه الفئة الغالبة، دون الالتفات إلى فكرة شكل العلاقة بين الأم وأبنائها، ووجدنا أفلاما لا يعرف الجمهور فيها الأب أو الأم  إلا ما ندر، أما الدراما التليفزيونية فاختلف الأمر فظهرت الأم فى الأعمال المختلفة، ولكن تم التركيز على بعض النماذج السلبية فقط.   «دور المرأة» وترى الناقدة الفنية ماجدة موريس: أنه يجب الاهتمام بتكريم الأم عبر أعمال فنية مختلفة تركز على معاملتها الكريمة، والحفاظ على مكانتها طوال أيام العام، وليست ارتباطا بفكرة عيد الأم فقط، مشيرة إلى أن دور الأم فى التليفزيون والسينما مر بالكثير من المراحل، وظهرت الفنانات القديرات اللاتى استطعن تجسيده ببراعة شديدة، وعكست الشاشة بصورة واقعية دور الأم على أرض الواقع. وأضافت موريس: أن السنوات الأخيرة أظهرت الأم فى أدوار بعيدة إلى حد كبير عن الحياة اليومية، فأحيانا يتم التركيز على نماذج سلبية فقط، وأعمال أخرى نجد الأم تظهر بصورة مثالية أكثر من اللازم، وبالتالي  يجب تناول الأمر من منظور أن الأم والمرأة بشكل عام  تلعب دورا هاما فى خدمة قضايا المجتمع والوطن. واستطردت حديثها قائلة: فى الستينيات والسبعينيات كانت الأم مثالية، وطبيعية وتحافظ على أولادها وزوجها بكل عطف وحنان ولكن مع الوقت الحالى الحياة تغيرت بصورة عامة، وأصبحت الأم فى الدراما شريرة أو طيبة أو موظفة أو سفيرة أو أكاديمية أو محامية، وكلها عبرت بشكل أو بأخر عن دور الأم فى المجتمع لاسيما وأنها تتحمل مسؤوليات وأعباء جمة، وتقوم بأعمال متنوعة وأحيانا أكثر من الرجل فى بعض المجتمعات.