عندما يكتب شاعرا ما كلمات أغانيه متأثرا بقصة حقيقية قد عاشها بنفسه أو رويت له فإن هذه الكلمات تخلد في قلوب وعقول الجمهور دون عناء، لأنها كتبت بحب وعشق أو بألم ودموع، فما بالك بكلمات يتم تلحينها ويغنيها أساطير الغناء من أم كلثوم لفيروز مروراً بالعندليب وصولاً لمحمد عبده، فإنها تكتب على جدار القلب كأنها وشماً محفوراً بالدماء.. ونرصد هنا بعضاً من القصص التي ولدت أغان خالدة. أم كلثوم حيرت قلب رامي كل من عاصر كوكب الشرق، أم كلثوم علم بمشاعر الحب التي يكنها الشاعر أحمد لها، حيث جمعت بينهما علاقة عمل وصداقة قوية تحولت لمشاعر حب واضحة من جهة رامي الذي تعلق بها منذ سماعها، وعندما أراد أن يعبر عن حبه لها كتب «حيرت قلبي معاك»، وعندما أراد الشكوى كتب «يا اللي انحرمت الحنان»، وآخر أغنية كتبها لسومه كانت «يا مسهرني» وكان جالسًا في المنزل، وهي لم تسأل عنه، فقال: ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني». وبعد وفاة أم كلثوم هجر رامي الشعر والناس، كما أنه لم يخلع الخاتم الذي أهدته له في زواجه، وظل في يده 40 عاماً. الأطلال الشاعر إبراهيم ناجي الذي أحب زميلة له في الدراسة، وعاش معها أياماً تخيل أنها مستمرة إلى النهاية، ولكنه اكتشف خيانتها له وانهارت آماله، فلم يجد سوى الكلمات ليعبر بها عن يشعر به وكتب «الأطلال» وغنتها كوكب الشرق أم كلثوم. فيروز تبكي عاصي بعد وفاة الموسيقار الراحل عاصي الرحباني حزنت عليه فيروز كثيراً وأثناء غنائها «سألتك حبيبي» في إحدى الحفلات لم تستطع تكملتها للنهاية، بسبب بكائها عند مقطع «ولأول مرة ما بنكون سوا»، وكانت فيروز قبل وفاة زوجها وحبيبها عاصي قد طلبت من الشاعر منصور الرحباني أغنية تعبر فيها عن حبها له بعد إصابته بنزيف في المخ ودخوله المستشفى، فكتب الرحباني «سألتك حبيبي» لتغنيها في مسرحية «المحطة»، ولحنها زياد، الذي كان يبلغ من العمر حينها 17 عاماً، ولكن بعد تماثل عاصي للشفاء غضب، لشعوره بأنهم تاجروا بمرضه، حتى أنه رفض أن تكون الأغنية ضمن أحداث المسرحية، ولكنه بعد ذلك وافق على وضعها بعد إلحاح من الجميع عليه. السندريللا في فنجان العندليب قصة حب عبدالحليم حافظ للنجمة سعاد حسني ظلت مثاراً للتساؤلات، ولكن سعاد نفسها اعترفت في مذكراتها أنها المقصودة في قصيدة «قارئة الفنجان» التي كتبها نزار قباني ليترجم رحلتهما المليئة بالصعاب والملبدة بالغيوم، وقتها قام نزار بقراءة قصيدة «قارئة الفنجان» على حليم الذي انهار وبكى بشدة خاصة عند مطلع «يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب»، ولحنها محمد الموجي ليغنيها العندليب في عيد ربيع 1976. بليغ يودع وردة ظلت المطربة الراحلة وردة معشوقة الموسيقار بليغ حمدي حتى بعد طلاقها منه، وقد كان يبعث لها برسائل مبطنة خلال أغانٍ قدمتها أم كلثوم وشادية وميادة الحناوي، حتى أن كوكب الشرق مازحته قائلة بعد تقديمها لأغنية «بعيد عنك حياتي عذاب»: «إنت عملتني كوبري».. وبعد قضيته الشهيرة وسقوط إحدى الفتيات من شرفة منزله في ظروف غامضة، أُجبر بليغ على مغادرة مصر لمدة خمس سنوات قضاها في باريس، وفي منفاه الإجباري، قدم آخر أغنياته «بودعك» التي كتب مطلعها وأكملها الشاعر منصور الشادي، وكانت آخر ألحانه لحبه الوحيد وردة. نجاة.. ألم كامل الشناوي الذي لا ينتهي علم الشاعر كامل الشناوي بعلاقة الحب التي تجمع نجاة الصغيرة بالأديب يوسف السباعي، رغم أنها حبه الوحيد، فكتب قصيدة «لا تكذبي» مجسدا كل معاني الألم التي ألمت به حينها، وبعد انتهائه من كتابتها، حدثها تليفونياً وردد عليها كلمات الأغنية التي أعجبت بها كثيراً وطلبت منه أن تغنيها وأن يلحنها محمد عبد الوهاب. مشهد زفاف تحول لحقيقة كانت أغنية «قلبي دليلي» الشرارة الأولى التي جمعت بين ليلى مراد وأنور وجدي، بعد رقصهما على أنغامها، واعتبرت بمثابة زفة للعروسين، حيث أعلن أنور عن حبه إليها بعد الانتهاء من تصوير ذلك المشهد، ليتزوجا بعدها لمدة 7 سنوات. محمد عبده.. «قلبك الخواف» ارتبط شاب بفتاة أثناء دراسته في أمريكا، وبادلته نفس المشاعر، ولكن بسبب تدخل الأهل تم تزويجها من آخر، وبالفعل انتهت علاقتهما وتباعدت المسافات قبل أن يلتقيا مجدداً في سويسرا، وحاول أن يتكلم معها إلا أنه تردد لوجود شقيقتها برفقتها وقتها، ولكنها تركت له رسالة في الفندق الذي يقيم فيه تطلب محادثته، وبالفعل تحدثا واتفقا على أن يلتقيا، ولكنه قرر السفر لأنها أصبحت ملكاً لرجل آخر بل ولديها منه طفلا، ليروي هذا الشاب حكايته للشاعر بدر بن عبدالمحسن الذي ألف قصيدة «لا تسرق الوقت» غنى منها محمد عبده «يا قلبك الخواف».