لا شك أن لغة الحب هى الشعر والغناء، فإذا شعر أحد منا بالحب وحيرته يلجأ لسماع أغنية تعبر عن حالته ويسرح فى كلماتها وتأخذه ألحانها ليجد بها مشاعر الدفء والعاطفة، كذلك عندما تقف الكلمات بين الشفاه ولا يستطيع المحب التعبير عن حبه فسريعاً ما يعبر عنها من خلال أغنية لحبيبته تترجم ما عجز لسانه عن قوله، هكذا تكون الأغنية الرومانسية وليدة للمشاعر وترجماناً للفؤاد فى كل الأجيال وعبر كافة الأزمنة، لتعبر للمحبوب عما يجيش بصدر المحب، فلا يخلو زمان من أغانى الحب والرومانسية التى يتخذها كل إنسان رسولاً لمن يحب.
«الكواكب» وبمناسبة «عيد الحب» توجهت بالسؤال إلى عدد من الموسقيين والشعراء والنقاد: هل اختلفت أغانى الحب والرومانسية الآن عن أغانى الزمن الجميل؟ وكيف أصبحنا نعبر اليوم عن الحب والعاطفة فى أغانينا؟
آراء وأجوبة اتفقت جميعها على الاختلاف تعرفونها فى السطور التالية...
فى البداية: يقول الناقد الفنى الكبير أحمد السماحى: مع تسارع إيقاع الحياة، وتشعب المسئوليات وعصرنتها، افتقدنا الإحساس بالأشياء الجميلة، وطغت الماديات على تعاملاتنا اليومية وتبددت الرومانسية بعدما أصبح كل همنا مواجهة الحياة ومتطلباتها، وتغيرت صورة الحب؛ وبالتالى تغيرت مفردات كلمات الحب نظراً لتغير طبيعة الحياة.
وأكد السماحى: لم يعد أحد يغنى «عشانك يا قمر، أطلعلك القمر»، أو «أنا لك على طول خليك ليا»، أو «الحب جميل»، أو «عاشق الروح» أو غيرها من أغنيات الحب الغارقة فى الرومانسية، بل أصبحت أغنيات الحب أكثر واقعية، واحتكاكاً بالواقع؛ لهذا نجد الحبيبة تقول لحبيبها بكل سخرية فى أغنية لسميرة سعيد «بتحبنى، ضحكتنى»، أو يقول الحبيب لحبيبته على لسان وائل كفورى «وما وعدتك بنجوم الليل ولا بطرحة من خيوط الشمس، ولا بجب لك ع ظهور الخيل، كنوز الجن ومال الإنس، أنا زلمى ع قد الحال، ومملكتى أوف وموال».
أو تقول الحبيبة على لسان فيروز «بتمرق على، امرق، ما بتمرق لا تمرق، مش فارقة معايا»، وتقول حبيبة أخرى مثل أصالة لحبيبها «هاتلنا عيش وكيس سكر وجبنة يا ريت، ولو تقدر متسهرش لنص الليل، حبيبى العيد خلاص قرب فـ شيللى كام جنيه على جنب».
فى حين أكد الشاعر أحمد حسن راؤول اختلاف الأغانى الرومانسية الآن عن الزمن القديم قائلاً: طبعاً زمان كنا لا نجد أغانى حب مبهجة كثيراً، بل فى الأغلب كانت أغانى هادئة مثل أغنية «أنا لك على طول» أما الآن فأصبحت الأغانى الرومانسية سريعة الريتم مثل أغنية «حبيتك بالتلاتة».
ويوضح راؤول: اختلاف العصر أدى لاختلاف الأغانى بشكل كبير، الآن أصبح الألبوم به أغنية رومانسية واحدة والأغانى الأخرى تحمل طابع الريتم المقسوم أو «هاوس تكنو»، مؤكداً أن الأغانى اختلفت من حيث المزيكا و التعبيرات، فأصبحت الحياة أكثر جنوناً، وأغانى اليوم بلغة الناس لذلك أطلق عليها «أغانى شارع»، الآن عندما يتحدث شاب مع فتاة لا يقول لها «أنت تشبهين القمر»، بل سيقول لها على سبيل المثال «أنت اختراع»، وقدمت ذلك فى أغنيتى للمطرب تامر حسنى.
واتفق معه الشاعر عمرو المصرى قائلاً: بالتأكيد اختلفت الأغانى الرومانسية الآن عن الفترة الماضية بشكل كبير؛ نظراً للتغيير الذى حدث فى ثقافة المجتمع والعصر الحديث، وأصبح الجيل الجديد يعبر عن كل شىء بطرق مختلفة عن الماضى.
وتابع المصرى، قائلاً: أصبحت الأغانى العاطفية الآن تقدم بأشكال مختلفة قريبة من لهجة الجيل الجديد وطريقة تفكيره، لكن مازال هناك بعض من الفنانين يقدمون أغانى رومانسية تشبه أغانى الزمن الجميل وتسمع أيضاً، لأن الأذواق مختلفة بالطبع.
ويرى الموسيقار هانى شنوده أنه طالما هناك رجل وامرأة إذن توجد أغانى رومانسية، لكن بمرور الزمن تختلف الطريقة التى تقدم بها تلك الأغانى، متابعاً أننا الآن لم نعد فى عصر الرومانسية، بل أصبحنا فى عصر «الراب»، وذلك بعد الانتهاء من المهرجانات.
ويؤكد شنوده:من المستحيل استغناء البشر عن الأغانى العاطفية الرومانسية، وبعد عام أو اثنين سيعود الشباب مرة أخرى لتلك النوعية من الأغانى؛ لأن هذه سنة الحياة.
فيما استنكر الموسيقار حلمى بكر، وجود أغانٍ رومانسية تعبر عن الحب فى الوقت الحالى قائلاً: هناك فرق بين الاختلاف والاختفاء، وأرى أن الأغانى التى تعبر عن الحب الحقيقى اختفت تماماً نظراً لتدنى بعض الألفاظ والموسيقى.
ويؤكد بكر: أصبحنا نتناول ما يسىء إلى الإنسان وليس ما يجعله فى حالة حب أو ذى قيمة، ومعظم المفردات الغنائية حالياً لا ترقى إلى مستوى الذكر، التى أصبحت عبارة غريبة، حتى ولو كانت أغنية حب.
من جانبه يقول الموسيقار يحيى الموجى: زمان كان أصحاب أغانى الحب هم عبد الحليم حافظ، شادية، وردة، فايزة، ونجاة، وكان لا يستطيع أى شخص توصيل الحب للقلب مثل صوت حليم الذى يدخله لقلوبنا.
وتابع الموجى: هناك اختلاف آخر فى نوعية الآلات الموسيقية، حيث كان الاعتماد الكلى قديماً على الوتريات مع بيانو أو جيتار على استحياء، أما حالياً فقد صار الاعتماد الأكثر على الجيتار والبيانو والدرامز.
ويضيف الموجى: رغم اعترافى ببعض الأغانى الرومانسية الناجحة فى الوقت الحاضر، إلا أنها أصبحت قليلة إلى حد كبير، فلم يعد لدينا عمالقة فى التأليف والتلحين والغناء مثل عبد الوهاب، السنباطى، الموجى، والطويل، حليم، وغيرهم.
ويؤكد الموجى أن المقارنة صعبة جداً بين جيلنا وجيل حليم، بالرغم من أننى قدمت أغانى رومانسية كثيرة لأنغام، شيرين، تامر، وعمرو دياب.
بينما يعلق الملحن عمرو الشاذلى أن اختلاف الزمن يفرق فى شكل الكلمات، وأرى أن الاختلاف ليس كبيراً فى شكل الموسيقى.