1-3-2023 | 13:26
ليس دور الدراما أن تقدم حلولا لمشكلاتنا الاجتماعية ولكنها تفعل ذلك في بعض الأحيان، ولكن الغريب أننا لا نلتفت لهذه الحلول التي قدمتها لنا على طبق من ذهب رغم إعجابنا الشديد بهذه الأعمال التي مازالت عالقة في أذهاننا ونحفظها عن ظهر قلب !!
من هذه الأعمال فيلم الزواج على الطريقة الحديثة الذي عرض للمرة الأولي في 14 أكتوبر عام 1968 بطولة سعاد حسني وحسن يوسف وعبد المنعم إبراهيم ومحمد رضا وثلاثي أضواء المسرح سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد وآخرين ومن تأليف وإخراج صلاح كريم .
ونعيش من خلال أحداث الفيلم قصة حب عنيفة تنشأ بين أحمد ونهى واللذين تجمعهما صلة قرابة أيضا، فهما أولاد خالة تربيا وتعلما معًا حتى وصلا إلى الجامعة، وبينما هما في رحلة معسكر الجامعة على الشاطيء في الاجازة الصيفية تصيب قلبيهما سهام كيوبيد ويقرران الزواج، ولكن الظروف لا تساعدهما خاصة مع ظهور عريس الذي جسد شخصيته نجم الكوميديا عبد المنعم إبراهيم يطلب الزواج من نهى فتقوم بعمل حيل حتى يهرب منها لكن كل حيلها تفشل لأنه ببساطة " عريس لقطة " بمقاييس المجتمع حيث أنه مهندس وغني ولديه شقة وسيارة فارهة يعني بالبلدي " كامل من مجاميعه " لذلك أطلق عليه المؤلف اسم " كامل كمال الكامل " .
هذه القصة التي تبدوا تقليدية وتتكرر كل يوم مئات المرات حيث تجسد الصراع بين الحب والمادة وأيهما ينتصر في النهاية خاصة مع رغبة الأهل في تأمين مستقبل بناتهم مع أزواج يملكون المال حتى لو كانت بناتهم لا ترغب في هذه الزيجات !!
نأتي هنا للحل البسيط الذي توصلت إليه نهى بالاتفاق مع أحمد والذي رفضه الأب رفضا قاطعا لأنه من وجهة نظره يخالف عادات المجتمع الذي وضع شروطا قاسية جدا للزواج لا يستطيع أغلب الشباب خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية من تحقيقها فلابد أن يحضر الشاب الذي يرغب في الزواج شقة ويشتري معظم أثاثها وعليه أن يشتري شبكة " معتبرة تغزي العين وده طبعا لأن بنتنا مش أقل من بنت خالتها وبنت عمتها وصاحبتها وجارتها وهلم جرا " وعلى العريس أيضا أن يجلب الهدايا طوال فترة الخطوبة _ التي قد تمتد لسنوات طويلة _ لخطيبته وطبعا أمها ووالدها _ أحيانا _ في المناسبات الدينية والخاصة وغيرها .
وبعد كل ذلك عليه أن يقوم بعمل فرح كبير يعزم فيه العيلة وعيلة العيلة والأصحاب والجيران وجيران الجيران وعابري السبيل بحيث ينفق آخر جنيه في جيبه فلا يجد أمامه سبيلا للخروج من ديونه المتراكمة بسبب كل ما سبق سوى أن يبيع الشبكة يوم الصباحية ثم يستولي على راتب زوجته أول بأول وتستمر دائرة الاستدانة مع قدوم ولي العهد الذي يثقل كاهل الزوج بأعباء جديدة وتدب المشاكل بين الزوجين التي اغلب الوقت تكون مادية حتى تنتهي الحكاية داخل أروقة محكمة الأسرة .
وعندما نسأل أنفسنا لماذا حدث كل ذلك ندرك أننا أخطئنا حين أثقلنا كواهل الشباب والاباء والأمهات بطلبات وأشياء عفا عليها الزمن لكننا مصرون عليها بحجة أن كل الناس بتعمل كده !
نعود إلى فيلم الزواج على الطريقة الحديثة والحل الذي قدمه للتغلب على المشكلات المادية التي تواجه الشباب المقبل على الزواج ذلك الحل المطروح في الفيلم منذ أكثر من ٥٥ عاما ولكن للأسف الشديد لم نأخذ به ونظرنا للموضوع على أنه مجرد نكته أو إفيه من أجل إضحاك الناس رغم أن القضية التي يطرحها من أخطر القضايا التي تهدد السلام الاجتماعي واستقرار الأسرة فتعالوا معا لنرى هذه الفكرة التي اجتمع على تنفيذها أحمد ونهى وهي أن يتزوجا ويظل كل منهما يعيش في منزل أسرته حتى يتخرجا ويعملا ويستطيعا تأسيس بيت لهما ؛ وتأجيل الانجاب حتى يكونا مستقبلهما .
الفكرة رغم أنها تبدوا غريبة وصادمة لكل من يتمسك بالعادات البالية لكنها بكل بساطة قدمت الحل على طبق من ذهب لمشكلات ارتفاع سن الزواج والعنوسة وانتشار العلاقات المحرمة خارج إطار منظومة الزواج والكوارث التي تحدث نتيجة لذلك ؛ فهل نعيد التفكير في الأمر بجدية ونستفيد من هذه الفكرة التي قدمها فيلم الزواج على الطريقة الحديثة ونبحث عن أفكار أخرى لحل هذه المشكلات أم نتمسك بعادات بالية تسببت فيها ؟