الأربعاء 24 ابريل 2024

أعمال درامية رمضانية أثرت بوجداننا.. أين اختفت.. وكيف نعيدها؟

ليالي الحلمية

25-3-2023 | 13:16

ولاء جـــــــمــــــال

يعتبر شهر رمضان، واحداً من الشهور التى نرتبط دائماً بها، وبخاصة من خلال الأعمال الدرامية التى اعتاد أفراد الأسرة على الالتفاف حولها فى شهر رمضان كعلامة مميزة للشهر، ولا يكاد يخلو هذا الشهر على مدار السنين من جرعة مكثفة سنوياً من الأعمال الفنية التى يعج بها الشهر عاماً بعد عام، لكن وعلى الرغم من مرور الأيام والسنين وتطور الأزمنة وزيادة الجرعة الدرامية، إلا أن المسلسلات القديمة التى اعتدنا عليها لا يمكن محوها من الذاكرة بسبب روعة قصصها وبراعة الممثلين بها وقدرتهم على جذب المشاهدين إليها، ومن تلك الأعمال «ليالى الحلمية»، «رأفت الهجان»، «زيزينيا»، «بوابة الحلوانى»، «أبو العلا البشرى»، وغيرها.. فى التحقيق التالى نناقش مع مصادرنا سبب اختفاء تلك الأعمال وكيف نعيد تقديمها، ورأى الجمهور فيما يقدم الآن مقارنة بهذه الأعمال.

بداية يقول الناقد أكرم القصاص: التعامل مع الواقع لا يعنى نقل ما يجرى فى المجتمع بحذافيره، لكن التعامل بخيال يعبر عن واقع يعيشه المواطنون، وعندما نشير إلى أعمال ملحمية مثل ليالى الحلمية، المال والبنون، بوابة الحلوانى، نحن نتحدث عن دراما من لحم ودم، تعالج ما يعيشه البشر فى المجتمع، والصراعات التى يخوضها الناس حول المال أو السلطة، وهناك أعمال تتعامل مع التاريخ الحديث بشكل درامى يسلط الأضواء على مراحل مهمة فى التاريخ الحديث، مثل بوابة الحلوانى.

ويضيف: كل هذه الأمثلة تعنى وجود سياقات روائية أو قصصية تقوم عليها الأعمال الدرامية والمسلسلات، ولهذا فإن شهر رمضان كان دائماً مميزاً بأعمال مهمة فى تاريخ الدراما، تعالج أحداثاً وصراعات وعلاقات يمكن رؤيتها، انعكاساً لما يدور فى الحياة اليومية، مع تسليط الضوء على النفس البشرية من خلال نماذج شريرة أو خيرة، أو تجمع بين الخير والشر، حيث لا يوجد فقط أبيض وأسود، لكن هناك درجات متعددة للأفكار والصراعات. ويوضح: عندما نتحدث عن الروايات، فقد كانت هناك دائماً مسلسلات تقوم على أعمال روائية كبرى مثل أعمال نجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس، سواء فى السينما أو التليفزيون، وكانت تحمل قدراً من التسويق والفكرة، وبالطبع بعد نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ظهرت أجيال من الروائيين لهم أعمال روائية تصلح لأن تكون مسلسلات، لكن هذه الأعمال بالطبع قد تحتاج إلى مجهود فى الكتابة وتحويلها للتليفزيون، وتحتاج إلى خبرات ربما لا تكون متوفرة لدى قطاعات من منتجى الدراما ممن يفضلون عمل قد يكون بعيد عن الواقع حيث يتم إعادة صياغته فى قالب مسلسلات.

أما المخرج الكبير جمال عبدالحميد، وهو صاحب عدد من الروائع الرمضانية منها، «أرابيسك»، «زيزينيا»، «حلم الجنوبى»، وغيرها من الفوازير مع النجمتين نيللى وشريهان، فيقول: «بمنتهى الوضوح، جيلنا كان يقدم دراما عن مصر وعن الشارع المصرى وما نشاهده حالياً من دراما بعضه إلى حد ما بعيد عن حياة البعض منا، لذا فبعض هذه الأعمال لا يتذكرها الجمهور علي العكس من أعمال كانت تقدم فيما قبل وكانت أكثر ارتباطاً بالواقع. ويضيف: كما أن بعض الكتابات التى تقدم الآن أصبحت عبارة عن ورش كتابية لا يمكن أن تصنع دراما، وهذا للأسف يجعل بعض المشاهدين فى حالة عزوف عن بعض الأعمال الدرامية.

وبالحديث مع الجمهور، ورأيه فى تلك القضية، فقد استطلعنا رأى عدد منهم حول هذا الموضوع فكانت إجاباتهم كالتالى...

تقول ندى حامد: المسلسلات التى ارتبطنا بها ونجحت هى التى كانت تركز على ما يدور داخل البيت المصرى بعاداته وتقاليده وطقوسه فى أى مناسبة، لذلك كان يظل المسلسل راسخاً فى وجدانا؛ لأنها أعمال طبيعية، وتتجاوب معنا، أما الأعمال التى تستقى فكرتها من خارج مجتمعنا فلا تنجح، وعلى الرغم من كثرة الأعمال والقنوات التى تعرضها، إلا أن بعض المسلسلات الحالية لا تعيش مثل سابقتها، لكن وسط هذه الزحمة قد نجد عملاً محترماً، وأذكر مثالاً على ذلك بمسلسل (موضوع عائلي) الذى عرض مؤخراً وحقق نجاحاً كبيراً لأنه يتناول البيت المصرى الصميم، المألوف على كل مصري.

وتضيف ندى: على الرغم من التطور التكنولوجى والإمكانيات الإنتاجية الكبيرة الآن، إلا أن المسلسلات قديماً كانت أقوى وأجمل، بما تحمله من محتوى عالٍ ومؤثر، وكان يقدم المشكلة والحل، لكن الآن نرى مناظر وإبهاراً وملابس، مع أداء تمثيلى عادي، كأنهم على عجلة من أمرهم فى العمل، أما زمان فكان الممثلون أكثر تركيزاً فى عملهم لصناعة عمل يستطيع أن يعيش مع الزمن ونرتبط به. وتستطرد: إن الكتابة هى أهم عنصر من عناصر الدراما، وعندما عمل الكاتب قديماً على إدخال الشخصية الأجنبية فى العمل المصرى استطاع دمجها بشكل يليق بنا، مثل مسلسل (زيزينيا) الذى رأينا فيه الفنانة سيمون التى قدمت دور (رينا)، وكذلك دور الخواجة الذى قدمه الفنان الراحل جميل راتب، وهذه شطارة من الكاتب والمخرج فى جعلهم يقدمون شخصياتهم بنكهة مصرية ليؤكدوا لنا أن هذا المجتمع كان بهذا الشكل فى الإسكندرية، وهو لم يخترع من عنده هذه الفترة، بل كانت كذلك بالفعل. وتختتم ندى بقولها: سنظل مرتبطين بهؤلاء الكتاب والنجوم والمخرجين؛ لأن هؤلاء الناس أجادوا فى عملهم لأن ما يبقى هو العمل الجيد والصنعة الجيدة، فقد كان لدينا كتاب كبار قادرون على إعادة هذه الإبداعات مرة أخرى، أمثال أحمد عوض ومحمد جلال عبدالقوى ومجدى صابر ومحمد السيد عيد، فمثلاً فى مسلسل (زيزنيا) تم عرض الحارة بشكل راقٍ وشيك ونظيف، ومسلسل (حديث الصباح والمساء)، الذى مازال محققاً مشاهدات إلى الآن أكثر من زمان، وكذلك صلاح السعدنى فى (أرابيسك) وكذلك دوره فى (ليالى الحلمية)، فنحن لذلك سنظل مرتبطين بهؤلاء الكتاب والنجوم والمخرجين

. أما محمد السيد، فينتقد ما تقدمه بعض الأعمال الدرامية حالياً، قائلاً: بعض المسلسلات افتقدت هدفها الأهم وهو تعديل سلوكيات الناس أو النشء للأفضل وأصبحت المشاهد التى نراها مليئة بأمور دخيلة على مجتمعنا، فالمشاهد فى حاجة إلى أعمال تقدم له كيف يستطيع مواجهة الحياة والتعامل مع الناس بأخلاق عالية، وأن كان هذا لا ينفى استمرار تعلقنا كمشاهدين ببعض الأعمال الدرامية التي قدم منها أكثر من جزء ولكنها كانت تحمل العديد من المعاني والقيم المجتمعية الأصيلة فجميعنا عايشنا مسلسل كالاختيار واستطاع أن ينجح ويجمع الكل حوله وبالتالي فأرتباط المشاهد بالأعمال الدرامية البنائة فى الماضي أمر يمكن إعادته.