الإثنين 25 نوفمبر 2024

أصوات خاشعة ... عمامة الشيخ النقشبندى

الشيخ النقشبندى

25-3-2023 | 13:41

طاهــر البهــى

يعود الإنشاد الدينى فى مصر إلى بداية القرن الـ 20؛ وتتجلى روعة الإنشاد الدينى الذى يتغنى بمحبة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومحبة آل بيته الأطهار، فى كونه محببا للعديد من طبقات المجتمع، وتنشط ليالى إنشاد قصائد المديح النبوى فى الليالى الختامية للموالد والمناسبات الدينية، حيث تتزايد مشاركة كبار المنشدين بإحياء الليالى الرمضانية التى تعد السهرة الروحية المفضلة لدى المصريين فى هذا الشهر الكريم..
 

دائما ما تتذكر أجهزة الإعلام المختلفة تجليات الشيخ النقشبندى بدءا من أول أيام الشهر، وهذا العام نحتفى بالذكرى الـ 46 لرحيل واحد من أشهر أيقونات المنشدين والمبتهلين فى مصر والعالم الإسلامى، الملقب بشيخ المبتهلين الشيخ سيد النقشبندى، صاحب العديد من الابتهالات الشهيرة مثل: “مولاى إنى بابك، ورسولك المختار، وأغيب، ويا رب إن عظمت ذنوبى، والنفس تشكو”،  اسمه بالكامل الشيخ سيد محمد النقشبندى، مولود فى 7 يناير عام 1920، بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، وهى معلومة غائبة عن كثير يعتقدون أنه من مواليد دولة أخرى، ولكن سيرته الذاتية تقول إن أسرته قد انتقلت إلى مدينة طهطا فى محافظة سوهاج ولم يكن قد تخطى العاشرة من عمره، وفى مدينة “طهطا” حفظ النقشبندى القرآن الكريم على يد شيخ ورع اسمه الشيخ أحمد خليل، وإن كان تعلم الإنشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة النقشبندية، وقد كرمه قبل وفاته مباشرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات حيث دار بينه وبين الشيخ سيد حوار ودود يكشف عن كون الرئيس السادات من محبيه، وفى عام 1955، استقر الشيخ سيد النقشبندى فى مدينة طنطا وذاع صيته فى محافظات مصر والدول العربية؛ حيث كان يتنقل بين القرى والنجوع والمحافظات المختلفة تماما كما كانت الحال مع نجمى الطرب الموسيقار محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق السيدة أم كلثوم؛ فالبدايات متشابهة إلى حد كبير فى الذهاب إلى المستمع فى دارهم وأماكنهم بعيدا عن العاصمة ليس هذا فقط ، بل طاف الشيخ النقشبندى  عددا من الدول العربية بدعوات رسمية، كما تمكن الشيخ النقشبندى من أداء فريضة الحج 5 مرات خلال زيارته المملكة العربية السعودية، ومن الرائع أنه كان من بين جمهوره بعض الرهبان والقساوسة، لعل من أشهر ابتهالاته رائعة بليغ حمدى وعبد الفتاح مصطفى “مولاى”، التى يتفاءل بها المصريون ويطربون لأدائه لها خاصة فى شهر رمضان الكريم، وكأنها تمهد بينهم وبين روحانيات الشهر الفضيل، يذكر أنه كان هذا الابتهال بعد قرار الرئيس الراحل أنور السادات بأن يجمع عمل بين النقشبندى وبليغ حمدى، حيث روى عنه أنه قال عبارته الشهيرة “احبسوا النقشبندى وبليع مع بعض لحد ما يطلعوا بحاجة”، وكان الشيخ مترددا فى التعاون مع الموسيقار الصادق بليغ حمدى بوصفه أحد مبدعى الغناء العاطفى، واتفق مع أحد المقربين منه على رمز إن أعجبه لحن بليغ فإنه سيحرك عمامته إلى الأمام، وإن لم يعجبه سيزيحها إلى الخلف وساعتها عليهم أن ينهوا اللقاء تحت أى حجة، ولكن بليغ المرهف كان قادرا على إبهار الشيخ؛ حيث قال له إنه يعده بلحن يعيش مائة عام،

وعندما أسمعه رؤيته لابتهال “مولاى” رفع الشيخ العمامة مهللا ومكبرا: الله.. الله وكان الابتهال الخالد الذى سيعيش ألف عام حتى يرث الله الأرض ومن عليها: “مولاى إنى ببابك قد بسطت يدى.. من لى ألوذ به إلاك يا سندى”
مولاى إنى ببابك قد بسطت يدى من لى ألوذ به إلاك يا سندى
مولاى يا مولاى مولاى إنى ببابك
مولاى إنى ببابك مولاى إنى ببابك
أقوم بالليل والأسحار ساجية أدعو وهمس دعائى
أدعو وهمس دعائى بالدموع ندى بنور وجهك إنى عائد وجل
ومن يعذ بك لن يشقى إلى الأبد مهما لقيت من الدنيا وعارضها
فانت لى شغل عما يرى جسدى تحلو مرارة عيش فى رضاك
تحلو مرارة عيش فى رضاك تحلو مرارة فى رضاك
و ما أطيق سخطا على عيش من الرغد
من لى سواك و من سواك ومن سواك يرى قلبى ويسمعه
كل الخلائق ظل فى يد الصمد أدعوك يا رب أدعوك يا ربى
فاغفر زلتى كرما و اجعل شفيع دعائى حسن مرتقبى
و انظر لحالى و انظر لحالى
فى خوف فى طمع هل يرحم العبد الله من أحد
قد بسطت يدى من لى ألوذ به إلاك يا سندى مولاى
اعتمد الشيخ النقشبندى بالإذاعة عام 1967، وترك للإذاعة ثروة وتراثا شديد الندرة والروعة من الأناشيد والابتهالات، حتى توفى الشيخ سيد النقشبندى أثر نوبة قلبية فى 14 فبراير 1976، وقبل وفاته بيوم واحد كتب وصيته لشقيقه من والدته سعد المواردى ليرثه فى مسكنه بحى العباسية، كرمته الدولة المصرية بداية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1979م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى بعد وفاته.
يا من له ستر على جميل .. هل لى إليك إذا اعتذرت قبول
أدنيتنى ورحمتنى وسترتنى .. كرما فأنت لمن رجاك كفيل
وعصيت ثم رأيت عفوك واسعا .. وعلى سترك دائما مسبول
فلك المحامد والممادح فى الثناء .. يامن هو المقصود والمسئول.