الإثنين 29 ابريل 2024

«الفوازير» لماذا أصبحت .. أيقونة شهر رمضان؟

فوازير رمضان

25-3-2023 | 15:44

عمرو والـى

لأعوام طويلة، شكلت الفوازير جزءاً أصيلاً من خصوصية شهر رمضان الكريم، فكانت أحد المعالم الرئيسية المميزة له، والتى يلتف حولها الجمهور من جميع الأعمار، وتنوعت ما بين الدراما، والغناء، والاستعراض، وبجانب دورها الترفيهى، ساهمت فى تثقيف المشاهد، من خلال المعلومة البسيطة التى تقدم فى قالب جاذب ، كما سلطت الضوء على نجومها، وارتبطوا بأذهاننا حتى اليوم .. ومع قدوم رمضان «الكواكب» طرحت مجموعة من التساؤلات حول أسباب ارتباط الفوازير بالشهر الكريم؟ ولماذا غابت خلال الآونة الأخيرة؟ وهل لا توجد على الساحة أسماء قادرة على تقديمها؟ وماذا عن التجارب السابقة التى تم تقديمها؟

«بداية الرحلة»
بدأت رحلة الفوازير الرمضانية فى التليفزيون منذ عام 1962، فكانت أول فوازير رمضانية من بطولة مجموعة من نجوم التمثيل أبرزهم: سعاد حسنى، وأحمد مظهر، وكمال الشناوى، وليلى فوزى، وتم تقديمها تحت عنوان «مين يفهم»، وقامت فكرتها على عرض مشهد من فيلم لمدة خمس دقائق، وبعد انتهاء العرض تعرض صورة لأحد الممثلين فى المشهد وهى مقسمة إلى 8 أجزاء، ويظهر كل جزء منها على الشاشة، حتى يتم الكشف عن الوجه بالكامل وعلى المشاهد أن يعرف من هو الممثل صاحب الصورة.
وفى عام 1965، بدأ المخرج محمد سالم فى إشراك ثلاثى أضواء المسرح سمير غانم، والضيف أحمد، وجورج سيدهم فى فوازير رمضانية جديدة كتبها الشاعر حسين السيد، وكانت عبارة عن جملة من غنوة شهيرة، ثم وضعها فى حكاية يرويها الثلاثى، وعلى المشاهد أن يستخرج الجملة، ويعرف اسم الأغنية، واسم المطرب، والمؤلف والملحن.
وفى العام الذى يليه عام 1966، قدم الثلاثى الفوازير الرمضانية التى جاءت على نفس النهج حيث يتم عرض حدوتة بها جملة من مسرحية، وعلى المشاهد أن يعرف كل تفاصيل المسرحية، ليكون ذلك هو حل الفوازير.


«بصمة جديدة»
ومع مطلع السبعينيات بدأت الفنانة نيللى الفوازير الرمضانية فى التليفزيون، فقدمت عام 1975، فوازير بعنوان «صورة وفزورة»، وقدمت نيللى صورة جديدة للفوازير بإضافة الاستعراضات مع الغناء والتمثيل، حيث قامت فى هذه الفوازير بتجسيد شخصية صحفية وفي إطار درامى تتحدث عن شخصية تاريخية وعلى المشاهد أن يعرف صاحب الشخصية.
وفى العام 1976 كررت نيللى نفس التجربة ولكن بعنوان «صورة وفزورتين»، وفى عام 1977 تم تقديمها باسم «صورة و3 فوازير»، ليتبعها فى عام 1978 فوازير باسم «صورة و30 فزورة»، وكتبها أنور عبد الله، وقدم لها الألحان حلمى بكر، وأخرجها للتليفزيون فهمى عبد الحميد.
وفى عام 1979 قدمت نيللى فوازير «أنا وأنت فزورة»، وكتبها بخيت بيومى ولحنها عمر خورشيد، وأخرجها فهمى عبد الحميد، وفى نفس العام قدم الفنان سيد مكاوى مع الأطفال فوازير طيارة الفوازير، وتعد هى أول فوازير للأطفال.
ومع فترة الثمانينيات قدمت نيللى فوازير «عروستى»، وكتبها صلاح جاهين ولحنها حلمى بكر، وفى العام التالى 1981، قدمت نيللى فوازير «الخاطبة»، بنفس فريق العمل المخرج فهمى عبد الحميد، وكتبها صلاح جاهين، ولحنها حلمى بكر.


«منافسة شرسة»
وفى عام 1982، ظهرت للنور فوازير «فطوطة»، من بطولة الفنان الراحل سمير غانم، وهى أول فوازير تليفزيونية تعرض له منفردا، بعيدا عن ثلاثى أضواء المسرح، وعرضت تحت عنوان «الشخصيات»، وكتبها عبد الرحمن شوقى، ولحنها حلمى بكر، وكانت من إخراج الراحل فهمى عبد الحميد.
وشهد هذا العام أيضا انطلاق سلسلة فوازير فؤاد المهندس، وكانت بعنوان « عمو فؤاد رايح يصطاد»، وكتبها فداء الشندويلى، وأخرجها للتليفزيون محمد رجائى، ليتم عرض فوازير «فطوطة» بعد الإفطار، وفوازير «عمو فؤاد» فى الساعة الثالثة والنصف عصرا قبل الإفطار.
وفى عام 1983، قدم الفنان سمير غانم فوازير جديدة بشخصية فطوطة، ولكن هذه المرة كانت بعنوان « الأفلام»، وكتبها عبد الرحمن شوقى، ولحنها سيد مكاوى، لتعرض فوازير «عمو فؤاد» أيضا ولكن تحت عنوان « عمو فؤاد إدانا معاد»، وشاركت فى بطولتها الفنانة مشيرة إسماعيل.
ليتكرر المشهد فى عام 1984، فقدم سمير غانم فوازير «فطوطة»، تحت عنوان « المعلومات العامة»،  لنفس المؤلف والمخرج، وكانت الألحان هذه المرة للموسيقار الراحل عمار الشريعى، فيما عرض الفنان فؤاد المهندس، فوازير «عمو فؤاد» تحت عنوان « عمو فؤاد فى إجازة»،  وشاركت فيها هذه المرة الفنانة ليلى طاهر، بمشاركة المهندس.
«استعراضات مبهرة»
وجاءت انطلاقة الفنانة شريهان فى عالم الفوازير بداية من عام 1985، من خلال «حكايات ألف ليلة وليلة»،  بعنوان « عروس البحور» من تأليف طاهر أبو فاشا، وكتب الفوازير عبد السلام أمين، ولحنها الموسيقار محمد الموجى، وشاركها البطولة عمر الحريرى، والفنانة زوزو نبيل، والفنان أحمد خميس، والفنان عبد الرحمن أبو زهرة، وكانت من إخراج فهمى عبد الحميد.
وظل الفنان فؤاد المهندس محافظا على وجوده فى هذا العام فقدم فوازير عمو فؤاد، تحت عنوان « عمو فؤاد ويا الأجداد»، مع عودة مشيرة إسماعيل لتشاركه البطولة بنفس طاقم العمل السابق.
وفى العام الذى يليه 1986، قدم المخرج فهمى عبد الحميد، فوازير ضمن سلسلة «ألف ليلة وليلة»، فقدمت الفنانة شريهان فوازير بعنوان «وردشان وماندو»، ودارت الفكرة الرئيسية حول الأمثال الشعبية، وكتبها طاهر أبو فاشا، وكتب الأغانى عبد السلام أمين، ولحنها سيد مكاوى، وشارك فى بطولتها بالأداء الصوتى كل من عمر الحريرى، ، وزوز نبيل، فيما قدم الفنان الراحل فؤاد المهندس نفس السلسلة بعنوان «عمو فؤاد بيلف بلاد»، بنفس طاقم العمل السابق.
«تجارب عديدة»
ومع عام 1987، استكملت الفنانة شريهان «حكايات ألف ليلة وليلة» ولكن تحت عنوان فوازير« فاطيما وكريمة وحليمة»، حيث استعرضت فيها معالم الدول حول العالم، وعلى الجمهور معرفة البلد المقصود، ليشهد هذا العام ظهور الفنان الراحل  عبد المنعم مدبولى لأول مرة فى الفوازير، حيث قدم مع الفنانة نسرين فوازير «جدو عبده»، حيث قدم الألحان الموسيقار  جمال سلامة.
وبدأ الفنان يحيى الفخرانى فى تقديم فوازير رمضان فى التليفزيون مع عام 1988، فقدمها تحت عنوان «فوازير المناسبات»، وشاركه فى البطولة كل من صابرين، وهالة فؤاد، وقام بتأليفها يوسف عوف، وقام بكتابة الأغانى عبد السلام أمين، ومن ألحان حلمى بكر، وقام بإخراجها فهمى عبد الحميد، وقامت فكرتها على المناسبات الاجتماعية. وشهد نفس العام ظهورالفنان عبد المنعم مدبولى مجددا إلى المشهد بفوازير «جدو عبده راح مكتبته»،
وكان للفنانة شيرين رضا النصيب  فى المشاركة فى الفوازير للمرة الأولى عام 1989، حيث قدمتها مع الفنان مدحت صالح، بعنوان «فوازير الفنون»، ليقدم الفنان فؤاد المهندس مجددا فوازير للأطفال بعنوان «عمو فؤاد راجع يا ولاد»
«علامات فارقة»
ومع بداية عام 1990، عادت الفنانة نيللى مرة أخرى لتقديم الفوازير، بعد انقطاع لسنوات عدة، فقدمت فوازير بعنوان « فوازير عالم ورق»، مع المخرج جمال عبد الحميد، فكانت المرة الأولى له فى هذه التجربة بعد رحيل المخرج فهمى عبد الحميد، ليواصل الفنان فؤاد المهندس تقديم الفوازير، والتى تم تقديمها بعنوان «عمو فؤاد وكنوز الأرض»،
وواصلت نيللى تقديم الفوازير فى العام الذى يليه فقدمت عام 1991، فوازير « عجائب صندوق الدنيا»، والتى لحنها الراحل عمار الشريعى، وكتبها عبد السلام أمين، وأخرجها محمد عبد النبى، ليواصل الفنان فؤاد المهندس هو الآخر تقديم الفوازير بعنوان « مدرسة عمو فؤاد»، والتى كتبها شامخ الشندويلى، ولحنها عصام كاريكا، وإخراج محمد رجائى، واشتركت فى بطولتها الفنانة ليلى طاهر.
وشهد عام 1992، تألق الفنانة نيللى، فقدمت الفوازير بعنوان «أم العريف»، بنفس فريق عمل العام السابق، فيما قدم الفنان فؤاد المهندس فوازير بعنوان «عمو فؤاد ويا الأعداد»، وشاركت فيها الفنانة مشيرة إسماعيل.
ومع عام 1993 عادت الفنانة شريهان مرة أخرى لتقديم فوازير رمضان، فقدمتها تحت عنوان « فوازير حاجات ومحتاجات»، وكتبها سيد حجاب، ولحنها مودى الإمام، وأخرجها محمد عبد النبى.
وشكل عام 1994 علامة فارقة فخاض العديد من النجوم تجربة الفوازير فى التليفزيون، وكان أبرزهم: الفنانة سماح أنور، مع الفنان سمير صبرى، وشيرين سيف النصر مع الفنان حسن كامى، فقدم الرباعى فوازير بعنوان «احنا فين»، كتبها أنور عبد الله، ولحنها فاروق الشرنوبى، وقام بإخراجها محمد نبيه، ليقدم الفنان فؤاد المهندس فى نفس العام فوازير بعنوان «عمو فؤاد والسياحة»،
وعادت الفنانة نيللى لتقديم الفوازير مجددا فى عام 1995، تحت عنوان «الدنيا لعبة»، كتبها عبد السلام أمين، ومن ألحان عمار الشريعى، وأخرجها محمد عبد النبى، لتقدم فى العام الذى يليه 1996 فوازير «زى النهاردة»، مع نفس فريق العمل السابق.
كما قدمت الفنانة سماح أنور فى نفس العام فوازير بعنوان «كنز الكنوز» بمشاركة الفنان وحيد سيف، وعلاء ولى الدين، وكانت من كتابة أنور عبد الله، وألحان صلاح الشرنوبى، وإخراج محمد عبد النبى.


«استغلال النجومية»
وشهد عام 1997 ميلاد الفنانة جيهان نصر كأحد نجوم الفوازير، فقدمت فوازير «الحلو مايكملش»، والتى كتبها بهاء جاهين، ولحنها عمر خيرت، وأخرجها أحمد صقر، كما تم تقديم فوازير « أبيض وأسود»، وشارك فيها الكثير من النجوم أبرزهم: محمد هنيدى، ولوسى، وأشرف عبد الباقى،  وعلاء ولى الدين، وقام بكتابتها بهاء جاهين، وأحمد فؤاد نجم، فيما قدمت الفنانة لوسى فى نفس العام فوازير« إيما وسيما» من كتابة سمير الطائر، وألحان حلمى بكر.
وخاض الفنان وائل نور تجربة الفوازير فى نفس العام، فقدم فوازير «جيران الهنا» بصحبة الفنانة نادين، وكتبها بهاء جاهين، ومن ألحان عمر خيرت، وأخرجها عمرو عابدين
وعلى النقيض شهد العام الذى يليه عام 1998، تراجعا ملحوظا فى تقديم الفوازير، فلم يظهر للنور سوى فوازير بعنوان «تياترو»، وقدمها الفنان محمد سعد، والفنان أشرف عبد الباقى، والراقصة دينا، وكتبها أيمن بهجت قمر، ولحنها رياض الهمشرى، كما قدمت نادين فى نفس العام فوازير بعنوان «ما نستغناش»، وكتبها بهاء جاهين، ولحنها عمر خيرت.
وفى عام 1999 قدمت الفنانة نيللى كريم فوازير بعنوان « حلم ولا علم»، وشاركها البطولة صلاح عبد الله، وكتبها سمير الطاير، ولحنها  ماجد عرابى،  كما قدمت الفنانة ياسمين عبد العزيز فى نفس العام فوازير «العيال اتجننت»، بمشاركة محمد سعد، وكتبها أيمن بهجت قمر، ولحنها رياض الهمشرى.
«تراجع ثم اندثار»
ومع بداية الألفينيات نجد أنه فى عام 2000 تم تقديم فوازير بعنوان «أبيض وأسود كمان» من بطولة لوسى وأشرف عبد الباقى، ومحمدهنيدى، كما قدمت الفنانة نيللى فى عام 2001 فوازير «ألف ليلة وليلة»، وفى عام 2003، قدمت الفنانة غادة عبد الرازق، والفنان مدحت صالح فوازير «فرح فرح».
وفى عام 2013، قدم الفنان محمد هنيدى، فوازير «مسلسليكو»، فكانت عبارة عن فوازير حلقاتها منفصلة تدور حول تجسيد العديد من الشخصيات المختلفة والمشهورة تاريخيًا وفنيًا.
«غياب الابتكار»
يرى الناقد الفنى طارق الشناوى أن ارتباط الجمهور بالفوازير فى شهر رمضان يعود إلى فكرة اعتياد الجمهور على أيقونات قدمت هذا الفن مثل: الفنانة نيللى، وشريهان، وفؤاد المهندس، وسمير غانم، بالإضافة إلى المخرج فهمى عبد الحميد، والذى قدم الغالبية العظمى من هؤلاء النجوم فى الفوازير، واستطاع الابتكار فيها بأفكار متجددة على مستوى الصورة تحديدا.
وأضاف الشناوى أن بعد هذه المرحلة لم يأت أى مخرج بجديد مما جعل المشاهدين يخرجون الفوازير من أجندة مشاهدتهم فى الشهر الكريم مع مرور الزمن.
واستطرد حديثه قائلا: «التكلفة المادية تلعب دورا هاما فى الأمر، والآن المنتجون لن يغامروا بتقديم فوازير، نظرا لارتفاع تكلفة الاستعراضات، وعدم القدرة على تسويقها فى أكثر من قناة، ممكن يجعل تغطية تكلفتها أمرا صعبا للغاية»،
وربط الشناوى بين اختفاء الفوازير فى الفترة الأخيرة، فيما عدا بعض التجارب البسيطة خلال الوقت الراهن، وبين انتشار الفضائيات الغنائية، ووسائل التواصل الاجتماعى التى أحدثت حالة من الشبع لدى الجمهور. 
«أداة للتثقيف»
وأكد الناقد الفنى رامى عبد الرازق أن الفوازير لعبت دورا هاما فى إحداث التأثير فى الأجيال القديمة لما كانت تقدمه من محتوى ممتع شيق، وفى نفس الوقت يقدم المعلومة بشكل جديد وجاذب، فكانت الفوازير بمثابة مصدر المعلومات للجمهور، مع محدودية وسائل فترتى السبعينيات والثمانينيات.
وأضاف عبد الرازق أن الوضع فى الوقت الراهن اختلف كليا فأصبح الحصول على أية معلومة بضغطة واحدة، على عكس القديم، فالفوازير كانت هى المصدر الذى يحصل منه المشاهد على المعلومة فى الجغرافيا، التاريخ، الأمثال الشعبية، الشخصيات السينمائية، الدراما، وغيرها، حيث ارتبطت بالجمهور خلال شهر رمضان من خلال التفاف العائلة على وسيلة تقدم جرعة ثقافية كبيرة لكل الفئات المجتمعية الأطفال، والشباب، والمرأة، وكبار السن.
واستطرد الناقد الفنى حديثه قائلا : الآن فالزمن تجاوز الفوازير، ونجد أنه بعد وفاة المخرج فهمى عبد الحميد، لم يعد هناك ما يمكن تقديمه لاسيما وأنه كان يوظف الإمكانيات البدائية البسيطة لتقديم صورة خيالية تجذب العين، ورغم توافر التقنيات الحديثة إلا أنه لا يوجد من يتمتع بروح الخيال، التى تعد هى كلمة السر فى نجاح أية تجربة للفوازير.
واعتبر عبد الرازق أنه من الأفضل تقديم دراما فى إطار استعراضى مبهر يواكب التطور الذى أصبحت فيه عقلية المشاهد، وتحديدا على مستوى الصورة والمعلومة، لكى تظل عالقة فى أذهان الجمهور.