الخميس 21 نوفمبر 2024

تجليات الشيخ ياسين التهامي

الشيخ ياسين التهامي

22-4-2023 | 17:44

طاهــر البهــى
يعود الإنشاد الدينى فى مصر إلى بداية القرن الـ 20؛ وتتجلى روعة الإنشاد الدينى الذى يتغنى بمحبة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومحبة آل بيته الأطهار، فى كونه محببا للعديد من طبقات المجتمع، وتنشط ليالى إنشاد قصائد المديح النبوى فى الليالى الختامية للموالد والمناسبات الدينية، حيث تتزايد مشاركة كبار المنشدين بإحياء الليالى التى تعد السهرة الروحية المفضلة لدى المصريين فى هذا الشهر الكريم.. الشيخ ياسين التهامي من مواليد 6 ديسمبر 1949، هو منشد صوفي من نجوم الصف الأول، صوتا وآداء وابتكار، بزغ نجم الشيخ ياسين التهامي منذ منتصف السبعينيات كمنشد ديني متمكن منافساً بذلك أستاذه ومعلمه الشيخ أحمد التوني أحد سادة هذا اللون من الفن، استطاع الشيخ ياسين التربع على عرش الإنشاد لمدة تقترب من نصف قرن ولايزال يمنح محبيه قصائده حتى اليوم، استطاع الشيخ ياسين التطوير والتلوين في فن الإنشاد الديني الشعبي من الأسلوب الدارج و الكلمات العامية إلى ثقله بأرقى وأأصعب ألوان الشعر الصوفي الفصيح لرواد الشعراء تماما كما فعل قطبي الغناء: أم كلثوم وعبد الوهاب، كما يتمتع الشيخ ياسين بحرفية موسيقية عالية، وتنقل سلس بين المقامات فيتلاعب بقلوب العاشقين. وأصبح هذا المنشد الديني الصعيدي نجما لامعا محبوبا لملايين المتابعين الذين يتنقلوا معه في الموالد والمناسبات الدينية في ربوع مصر بمدنها وقراها ومحافظاتها المختلفة، هو مولود في قرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط بالصعيد في السادس من ديسمبر عام 1949م ، والحواتكة هي إحدى قرى مركز منفلوط الكبيرة، يجتمع أهلها على المحبة والتعاون ومحبة آل البيت، وإن اختلفت مهنهم وأعمالهم ومستوياتهم المادية، حيث يعمل معظم أهلها بالزراعة والصناعة منذ عشرات السنين كما ذكر علي مبارك في الخطط التوفيقية؛ فقد قال عنها علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية عن هذه القرية التي نشأ فيها الشيخ ياسين التهامي: “هي قرية كبيرة من مديرية أسيوط بقسم منفلوط ، تقع على الشاطئ الغربي للنيل في شرقي الإبراهيمية في جنوب منفلوط بأقل من ساعة بمواصلات الزمن الماضي ، وأبنيتها من أحسن الأبنية الريفية ، وفيها قصور مشيدة وبها نخيل وأشجار وجنات وأطيانها جيدة المحصول”، وهذا ما يسر لأبناء القرية فرص إقامة وإحياء المناسبات ـ والملاحظة من عندنا ـ نشأ التهامي في بيت ديني وعائلة يتمسك أهلها بالتدين، وأهم هذه العائلة هو والد الشيخ الذي كان من أولياء الله الصالحين ومن الزهاد والعابدين بشهادة أهل القرية، كان لهذا الجو الديني تأثير عميق في نفس التهامي؛ فقد نشأ وتربى في جو يسوده التدين وحب المديح لآل البيت، وذلك من خلال الأمسيات التي كان يقيمها والده في المناسبات الدينية، وكان بديهيا أن ينخرط التهامي في الدراسة الأزهرية قبل أن ينقطع لظروف لا نعلمها ولكن بعد أن تأصلت بداخله النزعة الدينية والوله بالشعر الصوفي أمثال : عمر بن الفارض، والحلاج، والسهروردي، ومحيي الدين بن عربي، وغيرهم من أقطاب الصوفية، لكل ذلك فإن ياسين التهامي أصبح ظاهرة فريدة في عالم الإنشاد الديني، لدرجة أن تقول عنه الصحافة الأسبانية “ياسين العظيم ظاهرة الشرق”! وصفه البعض بأنه “يصدح بصوت العشق والهوى ويغرد للأرواح العطشى للرحيل خلف صبابة الحب الإلهي”، ومن دواعي عبقريته أنه سك مسلكا مختلفا عن معلمه الشيخ أحمد التوني ، ويصبح بهذا الأسلوب السهل الممتنع صاحب مدرسة جديدة ومختلفة تماما للإنشاد الديني في مصر، وقد وهب التهامي حياته وجل عمره إلى جوار أضرحة آل البيت رضي الله عنهم في جو معطر بالذكر و النفحات الصوفية ليهب إبنه فيما بعد لخدمة آل البيت ولفن الإنشاد الديني والمديح النبوي، ولكن بعد أن مهد له طريق العلم، حيث درس نجله المقامات في كلية التربية الموسيقية، كما أتقن بحور الشعر العربي ولكن من دون أن يتخلى الشيخ الأب عن عرش المداحين، الذاكرين، ومن حوله ملايين الأحباب والمريدين، وإليكم مذهب أروع قصائده الصوفية على الإطلاق من وجهة نظر شخصية: “أكاد من فرط الجمال أذوب”: أكادُ من فرط الجمال أذوب/ هل يا حبيب في رضاك نصـيب جعلت قلبي يهفو دوما للقاء وإذا ذكـرت يا حبيبي أطـيب بمجرد الأذكار قلبي هائم هل فؤادي عنك قط يغـيب