بين طيات تلك الدورة من مهرجان جمعية الفيلم السنوى للسينما المصرية العديد من المفاجآت، فعلى الرغم من أنها تحمل رقم الدورة التاسعة والأربعين إلا أنها تحمل تاريخًا كبيرًا، للعام الذى جمع بين الناقد الراحل سامى السلامونى الذى كان رئيس الجمعية وقتها، والناقد الراحل سمير فريد، ومدير التصوير السينمائى محمود عبدالسميع لتأسيس هذا المهرجان بعد أن استعرض كل من السلامونى وفريد نظم ولوائح مهرجانات الدول التى يسافران إليها ومنها برلين وكراكوف وقرطاج وغيرها، حتى تم وضع لائحة مميزة خاصة بالأفلام المصرية وبأعضاء جمعية الفيلم، وتم اعتماد لائحة تقوم بشكل أساسى على اختيار أفلام المهرجان، وليس التقدم بالأفلام للمشاركة عن طريق أصحابها، وتم وضع اللائحة على هذا الأساس، ثم أقيمت الدورة الأولى، بينما واجه الدورة الثانية بعض المشاكل، ولكن مع تعديل بسيط فى اللائحة تم استكمال معالمها مع إقامة الدورة الثالثة.
دورة المهرجان التى أقيمت هذا العام فى الفترة من 6 مايو وتختتم مساء اليوم 13 مايو على أن يقام حفل توزيع الجوائز والتكريمات يوم 20 مايو، تعد استئثنائية فى تاريخ المهرجان حتى فى تفاصيلها.
أقيمت هذه الدورة تحت رعاية ودعم وزارة الثقافة برئاسة دكتور نيفين الكيلانى التى أكدت أن المهرجان واحد من أهم وأعرق المهرجانات عبر تاريخ السينما المصرية والذى يمنح جوائز فى جميع الفروع السينمائية بصفة مستمرة، مشيرة إلى أنه هذه العام يحتفل بمرور 50 عامًا ليكون شاهد عيان على ما حدث للسينما المصرية خلال تلك السنوات.
وقالت الكيلانى: مهرجان جمعية الفيلم واحد من أهم المهرجانات الهادفة لتقديم العقول المبدعة فى تلك الصناعة كل عام، للتركيز على إنتاجاتها، إذ أنه بشكل غير مباشر يقوم بدور ثقافى وطنى فى دعم وبناء الوعى والفكر عن طريق الفنون بصفة عامة، ومن خلال لغة السينما وكل الفنون مجتمعة بصفة خاصة، حيث إن لغة السينما هى لغة الصورة المؤثرة فى شعبنا وشعوب العالم أجمع، ويحظى المهرجان بمكانة خاصة بين المهرجانات المصرية كأول مهرجان حقيقي لتقييم الإنتاج السينمائى المصرى من خلال عرض الأفلام ومناقشتها من قبل لجنة تحكيم متخصصة فى الاختيار والتقييم، ويُعد أول تقييم سنوى منتظم للأفلام الروائية الطويلة، وهو ما أكده محمود عبد السميع رئيس المهرجان قائلاً: «هو احتفال سنوى بالسينما المصرية، يشهد له السينمائيون والفنانون والإعلام والصحافة بنزاهة جوائزه، ونال احترام الجميع على مدار سنواته الـ 48 عاما، مؤكدين شعار نحو سينما مصرية .. مصرية، هذا هو شعار المهرجان الذى بمضمونه يكون قاعدة اختيار الأفلام وبمضمون هذا الشعار يكون منح الجوائز التى ترقى إلى مستوى سينمانا المصرية موضوعيا وفنا».
وأكد عبدالسميع “الاحترام والتقدير الذى ناله هذا المهرجان منذ أولى دوراته جعله يستمر حتى الآن، ليكون أقدم مهرجان عبر تاريخ السينما المصرية، الذى يمنح جوائز فى جميع الفروع السينمائية بصفة مستمرة، تحت شعار “نحو سينما مصرية مصرية”، فنجوم مهرجان جمعية الفيلم هى العقول المبدعة صاحبة هذا الشعار هم مخرجو وكتاب وممثلو وصناع هذه الأفلام المصرية”.
وللعام الثانى اختارت إدارة المهرجان الفنان الكبير حسين فهمى ليكون ضيف شرف الدورة، وقال عبدالسميع “تربطنى علاقة قديمة بالفنان حسين فهمى فهو خريج المعهد العالى للسينما، وسافر بعثة لأمريكا لدراسة المزيد عن مهنة الإخراج، وعند عودته كان قد رشح من قبل هيئة السينما فى ذلك الوقت لمركز الأفلام التسجيلية لإخراج فيلم تسجيلى ورُشحت أنا لتصويره، وبعدما بدأنا فى التحضير والإعداد للفيلم فجأة أخبرنى أنه لن يقوم باحتراف الإخراج وأنه سيقوم ببطولة فيلم (خلى بالك من زوزو)، وعندما تواصلت معه من أجل أن يكون ضيف شرف هذه الدورة بعد مشاركته معنا العام الماضى كضيف شرف الدورة الاستثنائية التى ضمت أفلام عامى 2020 و2021، رحب بشدة على تواجده معنا خاصة مع الاحتفال بمرور 50 عاما على تأسيس مهرجان جمعية الفيلم السنوى”.
وعلى الجانب الآخر أكد الفنان حسين فهمى على سعادته كونه كان ضيف شرف دورة هذا العام من المهرجان الذى يعتبره من أهم المهرجانات المصرية المحلية قائلا: “ لقد عاصرت وقت إنشاء الجمعية وكنت وقتها طالبا بمعهد السينما، كما شاركت بأفلامى فى مهرجان الجمعية والذى كان ولايزال حتى الآن فى الحقيقة من أهم المهرجانات السينمائية فى مصر لتاريخه الطويل ومصداقيته فى جميع تفاصيله، ليس بسبب عدد الحضور أو العديد من التفاصيل التى يهتم بها الكثير من المهرجانات، لكن المهم هو الجمع الجميل الذى يحب السينما، فهو يكرم الفن السابع والفنانين المبدعين فى مختلف المجالات والتخصصات السينمائية، كما يشمل رأى الجمهور من خلال جائزة خاصة بالجمهور وهذا شئ مهم”، وقام فهمى بتسليم شهادات الأفلام الفائزة والتى حصلت على أعلى تصويت فى الاستفتاء العام الذى تقيمه الجمعية سنويا لاختيار أعلى الأفلام التى تتنافس على جوائز المهرجان السنوى .
والأفلام التى تم اختيارها هى، 8 أفلام تم عرضها ضمن فعاليات المهرجان يوميا فى تمام السادسة مساء، وأعقب كل منها ندوة مع صناع الأفلام، وهى: “الجريمة” للمخرج شريف عرفة، و”من أجل زيكو” للمخرج بيتر ميمى، و”ليلة قمر 14” للمخرج هادى الباجورى، والعنكبوت” للمخرج أحمد نادر جلال، و”كيرة والجن” للمخرج مروان حامد، وهى الأفلام التى شاهدتها لجنة التحكيم، وتنافست على جوائز هذه الدورة، بينما عرض المهرجان خارج التحكيم كل من “حامل اللقب” للمخرج هشام فتحى، و”تسليم أهالى” للمخرج خالد الحلفاوى، و”فضل ونعمة” للمخرج رامى إمام.
وأشار محمود عبدالسميع رئيس المهرجان إلى أن المهرجان يختلف عن باقى المهرجانات الأخرى كونه يجرى تقييم السينما المصرية من حيث الأفلام التى سبق عرضها فى دور العرض، والأفلام التى يتم اختيارها من خلال استفتاء عبر أعضاء الجمعية والنقاد الذين يتابعون إصدارات السينما المصرية سنوياً، فنختار أفضل الأعمال التى عرضت فى دور العرض، إلى أن نستقر على سبعة أفلام بشكل نهائى من خلال ذلك التقييم، ثم يتنافس صناع هذه الأفلام على جوائز أحسن ممثل دور أول وثان نساء ورجالا وأحسن ديكور وتصوير ومونتاج وميكساج ومكياج وموسيقى تصويرية وأفيش، مؤثرات بصرية”.
وأَضاف.. “الأفلام التى شاركت فى المهرجان تتناول الواقع المصرى وتناقش العيوب والمشكلات التى تواجه المجتمع، وليست بعيدة عن قضايا الناس لأن دور السينما أن تغرق فى المحلية وتعرض ما يمر بها مجتمعها من أجل التطور، لا سيما أنها مرآته”.
ومن الأفلام المصرية، شارك 15 فيلما عربيا تم عرضها بدور العرض المصرية خلال العام الماضى، من 9 دول عربية منها : لبنان، وقطر، والإمارات، والعراق، وتونس، والمغرب، الأردن، وسوريا، بينما شارك العام الماضى 6 أفلام فقط، وأكد عبدالسميع أنه منذ العام الماضى تمت إضافة بند جديد للائحة الأفلام الروائية الطويلة العربية والتى عرضت بدور العرض المصرية، حيث تم إجراء الاستفتاء عليها من قبل أعضاء الجمعية والنقاد والصحفيين والسينمائيين وتم منح الأفلام العربية الثلاثة التى ستحصل على أعلى أصوات على شهادة من أعضاء الجمعية كأفضل عمل عربى عرض خلال العام الماضى بدور العرض المصرية.
ولبنان لها نصيب الأسد من عدد الأفلام حيث شاركت بـ 7 أفلام منها: “البحر أمامكم” للمخرج إيلى داغر، وهو إنتاج مشترك مع بلجيكا وفرنسا وأمريكا وقطر، والذى شهد عرضه العالمى الأول فى الدورة الـ 74 من مهرجان “كان” السينمائى الدولى، ضمن برنامج نصف شهر المخرجين، وفى مصر شارك فى مهرجان الجونة السينمائى، وأيام القاهرة السينمائية، وشارك فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى، ومهرجان “قابس سينما فن” فى تونس، وهو أول فيلم روائى طويل لـ إيلى الذى سبق له الفوز بـالسعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير ليكون أول عربى يحقق هذا الإنجاز. مشروع الفيلم كان قد حصد العديد من الجوائز منها أفضل فيلم فى ورشة “فاينال كات” من مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى.
أما الفيلم الثانى فهو “كوستا برافا” للمخرجة مونيا عقل، والذى شارك فى مهرجان “تورونتو” السينمائى، وذلك بعد مشاركته فى مسابقة Orizzonti Extra بمهرجان “فينسيا”، وبمهرجان الجونة فى دورته الخامسة، ومهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد، وأيام القاهرة السينمائية، وهو إنتاج مشترك مع فرنسا وإسبانيا والسويد والدنمارك والنرويج وقطر، وفيلم “عا أمل تيجى” للمخرج الأرجنتينى اللبنانى جورج بيتر بربرى، والذى شارك من قبل فى البانوراما خارج المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائى الـ 71، وفى البانوراما الدولية بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، و”الهيبة” للمخرج سامر البرقاوى، والذى يعد امتداداً للمسلسل الذى دام خمسة أجزاء.
وهناك أيضا أفلام أخرى إنتاج مشترك مع لبنان وهى فيلم “ دفاتر مايا” إخراج جوانا حاجى توما، وخليل جريج، وهو إنتاج مشترك مع قطر وفرنسا وكندا، وعرض لأول مرة فى المسابقة الدولية لمهرجان برلين السينمائى، قبل أن يفوز بجائزة سعد الدين وهبة لأحسن فيلم فى مسابقة آفاق السينما العربية، ضمن فعاليات الدورة 43 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، كما عرض ضمن فعاليات الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائى، من خلال قسم “روائع عربية” فى 2021، والنسخة الخامسة من أيام القاهرة السينمائية.
كما شارك على التصويت للجائزة فيلم المنصات “أصحاب ولا أعز” للمخرج وسام سميرة، وهو إنتاج مشترك مع مصر والإمارات، وأخيرا فيلم “النهر” للمخرج غسان سلهب وهو إنتاج مشترك بين قطر ولبنان وألمانيا وفرنسا، شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو فى دورته الـ 74، كما شارك بمسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ43، النسخة الخامسة من أيام القاهرة السينمائية.
وتليها تونس من عدد الأفلام حيث شاركت بأربعة أفلام وهى: “أطياف” من تأليف وإخراج مهدى هميلى، وهو إنتاج مشترك مع فرنسا ولوكسمبرج وأمريكا، وعرض ضمن فعاليات الدورة الـ43 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى مسابقة آفاق السينما العربية، ونال العديد من الإشادات بعد العرض العالمى الأول فى مهرجان “لوكارنو” السينمائى فى سويسرا، وشارك فى مهرجان “زيورخ” السينمائى، المهرجان الدولى للفيلم الفرنكفونى بنامور، مهرجان “فالنيسيا” السينمائى لأفلام البحر المتوسط ومهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط الدولى فى مونبلييه، وفيلم “قربان” للمخرج نجيب بلقاضى، والذى حصل على جائزة أفضل فيلم روائى طويل فى فعاليات مهرجان “نيويورك” السينمائى الدولى، ومهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى، ومهرجان “مالمو” للسينما العربية، وحصل أيضا على منحة الصندوق العربى للثقافة والفنون “آفاق”.
كما شارك فيلم “ماتسمع كان الريح” للأخوين إسماعيل ويوسف الشابى، والذى عرض بمهرجان “روتردام” السينمائى الدولى فى هولندا لأول مرة، والدورة الخامسة من أيام القاهرة السينمائية، وأخيرا فيلم “مجنون فرح” للمخرجة ليلى بوزيد وهو إنتاج تونسى فرنسى مشترك، وشارك فى أسبوع النقاد بـمهرجان “كان” السينمائى الدولى، وحصل على جائزتى أفضل ممثل وجائزة “فالوا” الماسية من مهرجان “أنجوليم” للفيلم الفرانكفونى، وجائزة لجنة التحكيم لأفضل عمل أول وثان فى مهرجان Medfilm السينمائى فى روما، كما نافس فى المسابقة الرسمية لأيام “قرطاج” السينمائية فى تونس، وشارك فى مهرجان “تورونتو” السينمائى الدولى، مهرجان “زيورخ” السينمائى الدولى، مهرجان “لندن” السينمائى الدولى، مهرجان “بوسان” السينمائى الدولى، مهرجان سيدنى السينمائى، مهرجان “سالونيك” السينمائى الدولى، مهرجان “سينيماينا” فى فرنسا ، ومهرجان “ميامى” السينمائى (GEMS)، ومهرجان “القاهرة” السينمائى الدولى.
ومن الأردن شارك فيلم “بنات عبدالرحمن” وهو من تأليف وإخراج زيد أبو حمدان، وكان العرض العالمى الأول له داخل مهرجان “القاهرة” السينمائى لدورته الـ 43، كما عرض فى مهرجان “سان ديجو” بالولايات المتحدة الأمريكية وفوزه بجائزة الجمهور، ومهرجان “بيروت” الدولى للسينما، ومهرجان “مالمو” للسينما العربية فى السويد، ومهرجان “البحر الأحمر” السينمائى الدولى
ومن سوريا شارك فيلم “الغريب” للمخرج أمير فخر الدين وعُرض للمرة الأولى فى الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان “البندقية” السينمائى الدولى حيث نال جائزة (Edipo Re) كأفضل فيلم، ومهرجان “روتردام” للفيلم العربى، ومهرجان “القدس” السينمائى الدولى، كما تم اختياره لتمثيل فلسطين لجوائز الأوسكار العام الماضى.
وأخيرا فيلم “على صوتك” للمخرج المغربى نبيل عيوش والذى شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان “كان” السينمائى فى دورته الـ74، وعرض فى مهرجان “الجونة” السينمائى، كما تم ترشيحه من طرف المغرب للمنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية فى حفل توزيع جوائز الأوسكار الرابع والتسعين، وشارك فى إنتاجه فرنسا.
أقيم المهرجان تحت رعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية ودار الأوبرا المصرية ونقابة المهن السينمائية والمركز القومى للسينما، ويعد أحد أقدم وأهم مهرجانات السينما المصرية، ويعتبر واحدا من أهم المهرجانات المحلية المصرية حيث تقوم بالتحكيم فيه نخبة من صناع السينما، ويستند إلى القيمة الفنية للأفلام المشاركة، ويقوم أعضاء الجمعية باختيار الأفلام التى تشارك فيه من بين الأفلام المعروضة خلال العام السابق من عقد المهرجان، ويكون اختيار أفضل الأفلام عن طريق تصويت أعضاء الجمعية على أكثر 7 أفلام جيدة عرضت على مدار العام كاملا، وهو المهرجان الوحيد، الذى أقيم بانتظام على مدار سنوات طويلة، ولم يتوقف منذ افتتاحه وتأسيسه من قبل جمعية الفيلم، على أيدى نقاد وصناع السينما ومجلس إدارة الجمعية سواء الحالية أومنذ بداية إقامته