سيدة الشاشة العربية، رحلت عنا وتركتنا بين الأطلال، نفتقد رقيها وموهبتها، هى «سيدة القصر» التى صنعت لنفسها مكانة خاصة بين قريناتها، وهى إحدى أهم أيقونات الزمن الجميل، جسدت الفتاة والمرأة المصرية فى كثير من صورها، ومكثت فى «أرض السلام»، وحرصت على ألا تقدم ما يخدش الحياء أو يقلل من قيمة فنها طوال 50 عاماً من العطاء.. وأكدت: «لن أبكى أبداً»، رحلة عطاء صنعت من خلالها «أيامنا الحلوة»، وعزفت على أوتار موهبتها «لحن الخلود».
إذا كانت فاتن حمامة فى نظر جمهورها نجمة مضيئة لم يستطع أحد أن يبلغ علوها الفنى ومقدارها الراقى، فكيف كانت فى عيون نجمات الفن؟! وماذا قلن عنها؟
شادية:
كانت بدايتها سابقة لى، وقد تعلمت منها الكثير، وعندما عملنا معاً كنا نتسابق، فأى منا تقدم هذا المشهد بشكل أفضل من الأخرى، وحتى الآن استشيرها فى أى فيلم جديد أشارك به.
مديحة يسرى:
عندما تزوجت عز الدين ذو الفقار، كانت شقتهما تحت شقتى بدورين فى العمارة نفسها، وكنت أعلمها الطبخ، وكنا دائماً فى عزومات، لم تكن بيننا أسرار.
مريم فخر الدين:
أحب أفلامها جداً، خاصة «دعاء الكروان»، وهى فنانة كبيرة ومهمة، لكن لقب «سيدة الشاشة» مستفز، وأنا أكرهه، فليس معنى ذلك أنها الأفضل على الإطلاق، فجميعنا جيدون.
هند رستم:
أقدرها جداً، وأقدر مشوارها الفنى، لكننا لم نكن أصحاب، وعلاقتنا عادية جداً.
صباح:
أنا مهما نجحت فى السينما فلن أكون فاتن حمامة.
نادية لطفى:
أحبها وهى تمثل، وأحبها وهى تتكلم، وأحبها وهى معى أختاً وصديقة وأستاذة.
سناء جميل:
كانت تستطيع استغلال موهبتها وشهرتها فى تقديم صورة المرأة المصرية بشكل أفضل مما قدمته، لكنها استسلمت للمخرجين الذين وضعوها فى قالب الفتاة المغلوبة على أمرها، لذلك أرى أنها أظهرت المرأة المصرية فى صورة غير طيبة.
ماجدة الصباحى:
صديقة عمرى وكنا مع بعض دائماً على الحلوة والمرة.
سعاد حسنى:
لما حد يقارنى بفاتن حمامة بزعل أوى أنا فين وفاتن حمامة فين. أغضب جداً عند مقارنتى بفاتن حمامة.. أنا فين وفاتن حمامة فين؟.
فاتن حمامة تتحدث عن نفسها
أما فاتن نفسها، وبما أنها كانت امرأة مثقفة وليست فقط فنانة متميزة ونجمة لامعة، فلها بالطبع جمل ومقولات لا تنسى أثرت فيها ضمن أعمالها ومنها:
«إذا البشر أرادوا حياة فليفسحوا فى قلوبهم مجرى لنهر من الحب»، وهى الجملة التى قالتها، عندما أدت دور «نوال» فى فيلم «نهر الحب».
«الحب حجة الديكتاتورية.. الديكتاتور بيقول للناس إنه بيحبهم وهو مبيحبش غير نفسه»، وجاءت هذه الجملة أثناء تقديمها دور الأم فى فيلم «امبراطورية ميم».
«الحياة بالنسبة لكم باب مقفول على أنانيتكم، وأنا الحياة بالنسبة لى باب مفتوح على الأمل، على المستقبل»، قالت هذه الجملة، عندما أدت دور «ليلى» فى الفيلم الأقرب إلى قلب معظم الفتيات «الباب المفتوح».
تحل اليوم، السبت 27 مايو، ذكرى ميلاد أهم من أنجبت السينما المصرية، إنها «سيدة القصر» فاتن حمامة، التى وُلدت فى مثل هذا اليوم من عام 1931، بدأت حياتها الفنية منذ طفولتها وتدرجت حتى استحقت لقب «سيدة الشاشة العربية».
كانت قصة الحب الأكبر فى حياتها هى حبها لعمر الشريف، ورغم أنها كانت من المفترض أن تعيش أسعد أيام حياتها ولأنها أعطت للجمهور عمرها بأكمله إلا أن الرأى العام وقف ضدها بكل قوته، حيث كان هناك فى هذا الوقت حساسية شديدة من كلمة «يهودى»، وكان كلما ذكر اسم حبيب فاتن حمامة ذكرت كلمة «يهودى»، رغم كونه فى هذا الوقت يعتنق الديانة المسيحية.
ولكن بسبب غيرة الجمهور على نجمته المفضلة، كان يتم تضخيم الأمر ووصفه بـ«اليهودى»، وحاول رمسيس نجيب وقتها أن ينقذها واتصل بصديقها المقرب الصحفى، سلامة موسى، رئيس تحرير جريدة الأخبار، وطلب منه أن يحاول إقناعها بالرجوع عن ذلك القرار حتى لا تخسر حب وإعجاب الجماهير.
وبالفعل كلمها موسى وحضرت إلى مكتبه، وعندما علم بعد نقاش معها أنها لن تتخلى عن حبها اصطحبها إلى الصحفى على أمين الذى استمع منها على أمل أن يساندها، بكت فاتن، وقالت له: «أنا لا أريد من الدنيا.. كل الدنيا.. غيره.. فهل هذا كثير على؟!»، ومن هنا ظهر مقال أمين بعنوان «دموع فاتن حمامة»، الذى نفدت بسببه كل طبعات الجريدة فى هذا اليوم.
وتعاطف معها الجمهور، وقرر عمر الشريف إعلان إسلامه، وتم عقد القران، وظلت زيجتهما لمدة 19 عاماً حتى تم الانفصال.
وما لا يعلمه الكثيرون أن والدتها فكرت فى إجهاضها بسبب إنجابها لولدين قبل فاتن، وكان لديها شعور بأن ولادتها الثالثة ستكون ولداً كذلك.
ورأت والدتها فى منامها رؤيا ساهمت فى تغيير قرارها بإجهاض ابنتها، حيث حلمت بيمامة وفى فمها قطعة ذهب، وروت هذه الرؤيا لجارتها التى فسرتها لها بأن مولودها الجديد سيكون رزقاً لها، سواء كان ذكراً أو أنثى، فاقتنعت والدة فاتن بتفسير جارتها وقررت عدم إجهاض ابنتها.
خلال مسيرتها الفنية قدمت فاتن مئات الأعمال التى كانت تنتقيها بعناية شديدة، وبلغت من النجومية حد أنها كانت الأعلى أجراً بين نجمات الوسط الفنى فى مصر والوطن العربى، بل كان الفارق فى الأجر بينهن عشرة أضعاف، فكان الأجر الأعلى بعدها مباشرة 700 جنيه، بينما كانت تتقاضى هى 5000 جنيه، وهو رقم لم تصل إليه نجمة غيرها.
أما فيلم «الباب المفتوح»، الذى يعد من أهم أفلام السينما المصرية، فقد وافق عليه صالح سليم بسبب مشاهده أمام فاتن حمامة، وجاء دوره كرجل يساند المرأة وينادى بحقوقها، وجاءت مشاركته فى الفيلم بسبب إلحاح فاتن حمامة عليه ليشارك فى العمل، وهو ما لم يستطع الصمود أمامه بسبب الصداقة القوية التى كانت تربطهما.
من المعروف عن سيدة الشاشة فاتن حمامة الاعتزاز بفنها وبمقدارها ومكانتها الفنية، وهذا يتجلى فى كونها منذ بدايتها تأخذ دور البطولة فى أعمالها وترفض تقديم الدور الثانى.
احتفظت فاتن حمامة لنفسها بمكانة خاصة، وصنعت حولها هالة ممنوع الاقتراب منها، مما خلق بعض العداوات مع عدد من المنافسات فى الوسط الفنى، حتى وإن لم تكن هى سبباً فى ذلك، ولعل أبرز هذه المواقف عندما أُطلق عليها لقب «سيدة الشاشة العربية»، وهو اللقب الذى أثار غيرة وحقد كثير من الفنانات فى ذلك الوقت، حتى وصل الأمر إلى محاولة الانتقام منها.