لم يكن الطريق إلى المسرح القومى سهلا أبدًا لأى فنان، ذلك المسرح العريق الذى وقف عليه أباطرة المسرح المصرى والعربى أمثال: عبد الله غيث وكرم مطاوع ومحمود ياسين  وسناء جميل وسميحة أيوب وسميرة عبد العزيز والقائمة طويلة .

وفى ثانى تجربة مسرحية لها بعد العرض الناجح  " أبو العربى " مع نجم الكوميديا هانى رمزى، أثبتت داليا البحيرى أنها نجمة مسرح من طراز رفيع من خلال مسرحية " سيدتى أنا " تأليف وإخراج محسن رزق ويشاركها البطولة نضال الشافعى وفريد النقراشى بمشاركة عدد كبير من نجوم المسرح القومى منهم: لبنى عبد العزيز
، ومحمد دسوقى، ونشوى حسن، وأمينة سالم، والمسرحية أشعار عادل سلامة، وألحان الموسيقار محمود طلعت، وديكور دكتور حمدى عطية، ملابس دكتورة مروة عودة، جرافيك جون بهاء، تصميم الاستعراضات مصطفى حجاج، ومن تأليف وإخراج محسن رزق.

الحقيقة أن داليا البحيرى تحدت نفسها بهذا العرض الصعب الذى يحتاج إلى  فنانة ذات مواصفات خاصة تغنى وترقص وتؤدى الكوميديا والتراجيديا بنفس الدرجة من  الإتقان بل وتذوب فى شخصية  " إليزا " التى رسمها بعناية ' جورج برنارد شو " فى تحفته " بجماليون " والتى قدمت فيما بعد باسم  " My Fair Lady " وقرر  المخرج محسن رزق أن يعيد تقديمها بنفس الأسماء ويحافظ على الجو الذى قدمت فيه وهو اختيار ذكى حتى يبتعد عن المقارنة مع النسخ المصرية الأخرى التى تم تقديمها مسرحيا و سينمائيا مثل: سيدتى الجميلة لفؤاد المهندس وشويكار، والفيلم الذى حمل نفس الاسم  بطولة نيللى ومحمود ياسين وغيرها .
لقد فاجأت داليا البحيرى جمهورها بأداء رائع  راقٍ، فهى تمتلك حضورًا غير طبيعى على المسرح وبدت كفراشة تحلق بين الأزهار تغنى وترقص وتنتزع الضحكات من القلوب، وسرعان ما تجعل كل الجمهور يتحول فى لحظة من حالة البهجة التى تصنعها إلى حالة من الشجن والتعاطف مع هذه الفتاة التى تغيرت حياتها ١٨٠ درجة من الشارع والتشرد حتى أصبحت إحدى سيدات المجتمع الراقى، ولكن بدلا من أن تشعر بالسعادة تحولت حياتها لجحيم لا يطاق، بعد أن اكتشفت أنها كانت مجرد فأر تجارب فى يد الشخص الوحيد الذى خفق له قلبها .
لم تكن صعوبة التجربة التى تتطلب مجهودًا خرافيًا منها هى التحدى الوحيد، ولكن زاد الأمر صعوبة بسبب إصابة داليا فى قدمها أثناء البروفة النهائية قبل أول ليلة عرض للجمهور وكان من الصعب تأجيل العرض حتى تتماثل للشفاء لذلك قررت أن تقبل التحدى الجديد لتعرض وهى مصابة ؛ والحقيقة أننى شخصيا لم ألحظ أى تأثير لهذه الإصابة على أدائها ولولا ذلك الرباط الملفوف حول إحدى قدميها لما كنت اكتشفت إصابتها من الأساس ؛ وبعد أن تأكدت منها شخصيا بموضوع هذه الإصابة لم أندهش لأن من يعرفها عن قرب يعلم تمام العلم كم هى قوية وعنيدة ومخلصة فى عملها لأقصى درجة .
لقد كسبت داليا البحيرى الرهان واستطاعت أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فقد أكدت على أنها نجمة مسرح لها جمهورها الذى يذهب للاستمتاع بأدائها المتميز وأعادت اكتشاف قدراتها الفنية، وقدمت نفسها كفنانة شاملة تغنى وترقص وتمثل، وهو الأمر الذى تأخر كثيرا ولكن "كل تأخيرة وفيها خيرة".. كما يقول المثل فالمهم أننا كسبنا نجمة مسرحية شاملة شهدت ميلاد دويتو جديد وجميل قدمته مع النجم المتألق نضال الشافعى الذى يزداد توهجا وإبداعا يوما بعد يوم تحت قيادة مخرج متمكن " محسن رزق " له رؤيته الخاصة والذى يسير دائما عكس التيار ليقدم إبداعه الخاص والمتميز .
أتمنى أن يطوف هذا العرض الجميل كل محافظات مصر كى يتمكن أكبر عدد من الجمهور من مشاهدته والأهم  يتم تصوير هذا العمل الفنى المتكامل حتى يصبح متاحا للمشاهدة لكل من يريد ويظل محفوظا فى تاريخ المسرح المصرى .