دائماً ما يربط صناع الأعمال السينمائية نجاح الأفلام بمقياس الإيرادات التى حققها الفيلم فى موسم عرضه، وكثير من أبطال هذه الأعمال يتباهون أمام الجمهور والنقاد بتحقيق إيرادات عالية، بعيداً عن أهمية الفيلم وجودته ومحتواه.
«الكواكب» فتحت هذا الملف، وسألت المتخصصين عن موضوع الإيرادات.. هل هو المعيار الحقيقى لنجاح أى عمل سينمائى.. أم أن هناك معايير وشروطاً أخرى يجب توافرها للحكم على نجاح الفيلم، فكانت إجاباتهم كالتالى...
يقول الفنان سامح حسين: لا يمكن ربط أفضلية فيلم عن غيره بمسألة الإيرادات بشكل مطلق، والدليل على ذلك أن هناك أفلاماً ضمن قائمة أفضل 100 فيلم فى القرن الماضى لم تحقق الإيرادات المنشودة، فالإيرادات ليست معياراً مطلقاً لنجاح الفيلم، فالفيلم الجيد يفرض نفسه سواء حقق إيرادات أم لا، المهم جودته وفكرته وطريقة تنفيذه، وتقييمه من الجمهور الذى شاهده، وكذلك النقاد، وليست الإيرادات هى الفيصل فى نجاح الفيلم، فالإيرادات ليست مقياساً مباشراً فى تميز عمل سينمائى عن الآخر، فالممثل يقدم موضوعاً يؤمن به ويترك الحكم عليه إلى الجمهور، فهو المتلقى الذى يقيّم التجربة، فقد قدمت فى موسم الصيف قبل الماضى فيلم (عيش حياتك)، ونال الفيلم إشادة كبيرة من الجمهور المصرى والعربى، والفيلم حقق إيرادات ليست بالقليلة، ولكنها لم تكن كبيرة بالشكل الذى أتوقعه، ولكن الجمهور الذى تابع الفيلم أحبه وأشاد به وهذا يكفينى.
ويقول الفنان محمود عبدالغنى: الممثل الواعى دائماً يختار ما يناسبه من النص الجيد، ويبذل فيه قصارى جهده ليقدمه للجمهور بالشكل الذى يرضيه، أما موضوع الإيرادات فهو أمر نسبى تختلف أهميته من ممثل لآخر، وعلى الرغم من أن الجميع يبحث عن الإيرادات العالية، إلا أن الأهم موضوع الفيلم وجودته، وكيف يمكن أن يعيش فى ذاكرة السينما.
وأضاف: أنا شخصياً قدمت أفلاماً قوية منها (دم الغزال) مع الراحل نور الشريف، وترك بصمة كبيرة فى نفوس الجماهير وحقق إيرادات عالية، وقدمت أفلاماً أخرى لم ترضنى إيراداتها، ولكن قيمة الفيلم كانت شيئاً مرضياً، وهذا هو المهم عند الجمهور عبر الزمن الذى يحكم عليه من منظور أهمية الفيلم وليس إيراداته.
أما المنتج محمد العدل، فيقول: المنتج الواعى هو الذى يقدم جميع الألوان والموضوعات السينمائية المتنوعة، ولا يقف عند موضوع بعينه، حتى لو كان هذا اللون يجذب له الإيرادات فى شباك التذاكر فترة معينة، فقد يسير المنتج حسب الموجة فى تقديم أفلام بعينها ليست لها قيمة، ولا نافعة لصناعة السينما أو الجمهور، فهو هنا يخدم نفسه ولا يخدم الصناعة، كما أن الإيرادات التى حققها بالشكل التجارى نجاحها مؤقت، لكن تنوعه فى الإنتاجات السينمائية جدير بجعله منتجاً مؤثراً بأعماله السينمائية، وتظل أفلامه عالقة فى ذهن الجمهور، أما غير ذلك فهو يبحث عن الإيرادات والمادة فقط.
ويوضح الناقد طارق الشناوى: الإيرادات هى أحد المؤشرات والحكم على الأفلام، ولكن ليس بالضرورة أن يتوقف نجاح الفيلم على الإيرادات العالية، فهناك بعض الأفلام التى عرضت فى الصيف مثل (هارلى)، بطولة محمد رمضان وحقق إيرادات عالية ولكن فى نفس الوقت تفوق عليه فيلم (يوم 13) بطولة أحمد داود لأنه فيلم جيد الصنع والجمهور أحبه رغم أن الأخير لم يكن ممثلاً جماهيرياً، فالممثل الجماهيرى قد ينجح فيلمه فى أسبوع عرض، ولكن استمراريته تتطلب قصة جيدة تخاطب فكر الجمهور، كما أن أفلام العيد التى طرحت فى الصيف، وكذلك أفلام عيد الأضحى ليست مقياساً حقيقياً لوجود فيلم قيّم، فمعظمها أفلام خفيفة، وكان مؤشر الهبوط فيها كبيراً حتى لو حققت إيرادات عالية.
وتقول الناقدة ماجدة موريس: فى الحقيقة ليس بالضرورة أن يحقق الفيلم الجيد إيرادات عالية والعكس صحيح، فهناك أفلام حققت نجاحاً كبيراً فى السينما وتخطت إيراداتها عشرات الملايين، ولكن مضمونها متوسط، وهو ما ظهر مؤخراً، حيث أصبح بعض المنتجين يميلون إلى الأفلام الكوميدية الضعيفة التى تحقق الربح السريع، ولا يهتمون بالمحتوى الذى يقدم داخل الفيلم، والسبب وراء ذلك غياب دور السيناريست فى طرح نص جيد.
وتوضح: أصبح بعض المنتجون يتساهلون فى تقديم أفلام غير مرغوب فيها بالمرة، فلا يجرؤ منتج حالياً على الساحة أن يقدم فيلماً مثل (كيرة والجن) بطولة النجمين كريم عبدالعزيز وأحمد عز؛ لأنه يخشى المجازفة، بل يريد الاستستهال والربح السريع، لذلك نجد أن أفلاماً حققت إيرادات عالية على حساب جودة العمل، كما أن غياب نجوم مثل عادل إمام منذ فيلمه الأخير (حسن ومرقص)، وكذلك آسر ياسين وأحمد السقا وبعض النجوم عن الساحة تسبب فى ضعف السينما.
ويقول الناقد عصام زكريا: بعض المنتجين حالياً لا يبحثوا عن القيمة الفنية للعمل السينمائى، بل يهمهم فى المقام الأول الإيرادات فقط، وبعض أفلام الصيف تسير على نفس التيمة الفنية والمحتوى والجمهور هو المغلوب على أمره لأنه المتلقى الوحيد؛ لذلك من الصعب أن نجد فيلماً جيد الصنع فى موسم الصيف، بل إن معظمها كوميدية بحتة، ولا يوجد عمل مصنوع بمواصفات السينما المصرية التى تناقش قضايا جادة، والسبب فى ذلك هو بعض المنتجين الذين يقدمون هذا المحتوى.