10 سنوات على رحيل المخرج والكاتب السينمائى د.مدكور ثابت الذى رحل فى العام 2013 عن عمر ناهز 68 عاما ، والذى شغل العديد من المناصب الهامة فى مجالات الفنون المختلفة وخاصة السينما حيث عمل أستاذا بقسم الإخراج بالمعهد العالى للسينما ، و رئيسا للمركز القومى للسينما من يونيه 1993 حتى أكتوبر 1999 ، ثم رئيسا للرقابة على المصنفات الفنية من1999 حتى أغسطس2004، ثم عُين رئيسا لأكاديمية الفنون حتى يوليو 2006. وكان د. ثابت من مواليد قرية كوم أشقاو بطما ـ سوهاج فى 30 سبتمبر1945 ، وتلقى مراحل تعليمه بشبرا فى القاهرة. وتخرج فى المعهد العالى للسينما دفعة يونيه 1965، وكان ترتيبه الأول بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، فعُين معيدا بالمعهد فى يناير 1966، ثم مدرسا فى مارس 1972، ليكون من أوائل أعضاء هيئة التدريس بالمعهد.
هذا ، وقد تولى تدريس عدد من المواد المتخصصة مثل تاريخ السينما العالمية، وبناء السيناريو، وحرفية الإخراج السينمائى، وأشرف على مجموعة سنوية من أفلام التخرج لقسمى الإخراج والسيناريو، وأستاذ للورشة الإبداعية فى الإخراج السينمائى، وحلقات أبحاث قمم المبدعين السينمائيين بالدراسات العليا، كما أشرف على حلقة الأبحاث التمهيدية الخاصة برسائل الدكتوراة فى جميع تخصصات المعهد. كما كان عضوا بارزا فى حركة السينمائيين الشبان بمصر فى الستينيات.
كتب د. مدكور ثابت وأخرج أول أفلامه "ثورة المكن" فى يونيه 1967، وحصل على الجائزة الأولى فى إخراج الأفلام التسجيلية من مهرجان الإسكندرية 1969، كما حاز شهادات التقدير فى العديد من المهرجانات العالمية.وفى أغسطس 1969، بدأ يمارس تبنيه لاتجاه السينما التجريبية، فكتب وأخرج "حكاية الأصل والصورة" فى إخراج قصة نجيب محفوظ المسماة "صورة" (60دقيقة)، والذى عُرض الجزء الثالث من فيلم "صور ممنوعة" كأول فيلم روائى للمخرجين الثلاثة الجدد حينئذ : أشرف فهمى ، محمد عبد العزيز، مدكور ثابت، فتم اختياره للاشتراك فى مهرجان "كارلو فيفارى" السينمائى الدولى 1972. و عمل مراسلا حربيا سينمائيا على طول جبهة القتال فى فترة حرب الاستنزاف ، فى أثناء خدمته بالقوات المسلحة المصرية من يناير 1968 وحتى أكتوبر 1973.
و فى عام 1975 أخرج الفيلم الكوميدى "الولد الغبى" بطولة محمد عوض، وناهد شريف، وصلاح قابيل، واعتبره درسا قاسيا فى التنازلات الفنية، فركز على كتابة وإخراج الأفلام التسجيلية، ومن أهم أفلامه: "على أرض سيناء (1975)، الشمندورة والتمساح (1980)، وفيلم (60 دقيقة) ومذكرات بدر 3 (89/1992)، وسلسة أفلام تطوير الرى فى مصر (تعليمية)، وسحر الوثائق - فى تاريخ مصر من نهاية القرن 19 حتى نهاية القرن 20 (1998 – 135 دقيقة)، وآخر أفلامه "سحر ما فات فى كنوز المرئيات" أو " كل مصرى هايسمع اسمه"، ومدته ساعتان وربع، يغطى تاريخ مصر منذ اختراع السينما ( 100 سنة )" .
و حصل د. مدكور ثابت على الجائزة الدولية الأولى فى إخراج الأفلام التسجيلية من مهرجان قرطاجنة الدولى لأفلام البحر (الدورة 22 عام 1993)، وذلك عن فيلمه الكبير (السماكين فى قطر) (60 دقيقة) وهى المرة الثانية لمصر فى الحصول على هذه الجائزة، كانت الأولى عام 1978، للفيلم الكبير (ينابيع الشمس) من إخراج جون فينى.
و فى 1980 اختير لعضوية أول لجنة لسينما الطفل بوزارة الثقافة، وأشرف على إخراج وإنتاج أول ثلاثة أفلام كرتون للأطفال هى: (الحوت، الأرقام، الفم)، وفى 90/1991 أصبح مقررا للجنتين التأسيسيتين لمناهج شعبتى السيناريو والإخراج السينمائى بالمعهد العالى لفنون الطفل، وعضوا بجميع اللجان التأسيسية لبقية أقسام المعهد، كما اختير عضوا للجنة التحكيم الدولية فى مهرجان القاهرة الدولى لسينما الطفل (سبتمبر 1992)، وعضوا فى لجنة المشاهدة والتصفية بنفس المهرجان (1993، 1994، 1995 ).
يشار إلى أن د. مدكور ثابت شارك لسنوات عديدة فى لجان الأنشطة السينمائية المتخصصة ، مثل لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة ، واللجنة العليا للمهرجانات ، كما تم اختياره لعضوية لجان تحكيم جوائز السينما، وجائزة الدولة التشجيعية فى السينما، وفى الأنشطة النقابية عضوا بلجنة القيد الاستئنافية بنقابة السينمائيين، وعضوا بمجلس التأديب بنقابة الممثلين، وقد ساهم فى التخطيط والإعداد والتنظيم لكثير من المؤتمرات والندوات والمهرجانات. و رأس وفد مصر، ومثّل مصر فى كثير من المهرجانات والمؤتمرات السينمائية العالمية والمحلية.و تم اختياره رئيسا للجنة التحكيم الدولية فى مهرجان فريبورج السينمائى الدولى بسويسرا فى مارس 1996 وشارك فى عضوية لجنة تحكيم مهرجان باليزو الدولى الثالث عشر للفيلم العلمى بفرنسا عام 1997، وتم اختياره عضوا بلجنة تحكيم مهرجان السينما الإفريقية فى خريبكة بالمغرب عام 2000، وعضوا بلجنة التحكيم الدولية بمهرجان مسقط السينمائى 2000، ثم رئيسا للجنة تحكيم الأفلام التسجيلية بنفس المهرجان 2006.
وإلى ذلك يعد د. ثابت أحد المبدعين المصريين الكبار الذين استعانت بهم المراكز العربية خارج مصر على الاستعانة بخبراتهم فى التدريس لتطوير مستويات المحترفين بالتليفزيونات العربية، كما استعان به كخبير قضائى للفصل فى المنازعات السينمائية التى تنظر أمام المحاكم المصرية. و تولى العمل مقررا للجنة تطبيق اللوائح بأكاديمية الفنون (1990 / 1993 ).وعمل كخبير استشارى فى لجان قراءة السيناريو بأكثر من جهة للإنتاج والتوزيع السينمائى والتليفزيونى. و كتب ونشر كثيرا من الأبحاث والدراسات المتخصصة فى علم الجمال السينمائى، والسينما المعاصرة، والفيلم التجريبى ، كما عمل مديرا لتحرير فصلية "الفن المعاصر" التى كانت تصدرها أكاديمية الفنون ورئيسا لتحرير "دراسات سينمائية"، التى أصدرها المعهد العالى للسينما.
صدرت من تأليفه عدة كتب، من أهمها: "النظرية والإبداع فى سيناريو وإخراج الفيلم السينمائى" (عام1993 )، و"الكسر النسبى فى الإيهام السينمائى" (عام1994 )، و"الفنان السينمائى" (1997)، ثم كتاب "ألعاب الدراما السينمائية (2001) وكتاب " كيف تكسر الإيهام فى الأفلام " (2002 )، وكتاب "ملفات السينما المصرية – المقدمات والمحتويات" (2004)، "فرضياتى لاكتشاف السينما المصرية" 2005، ثم إنجازه فى العمل الضخم الذى استغرق 10 سنوات حتى إصداره عام 2006 فى مجلدين كبيرين (1800 صفحة) بعنوان "موسوعة نجيب محفوظ والسينما (1947، 2000)، و"صناعة التشويق فى حرفية الكتابة للفيلم" مهرجان القراءة للجميع 2007/2008 .
و بدأ د. مدكور ثابت فى نشر إبداعه السينمائى المكتوب فى سلسلة بعنوان "من أدب السرد السينمائى" كان أولها: "ثلج فوق صدور ساخنة" (1997)، وثانيهما "الشاطر حسن تحت الماء" (2006)، وأيضا : "عازف الكرباج ، والسيد محفوظ المصرى ، وعشاق الفلنكات ، وفلوس فلوس فلوس، وفرقة البطل الصغير" .
كما تولى تطوير وتكثيف أنشطة المركز القومى للسينما فى الإنتاج والثقافة السينمائية، وأهمها تأسيس ونشر "ملفات السينما" التى أصدر منها خمسة عشر مجلدا تضمنت مقدمات بحثية بقلمه، بالإضافة إلى تقديم إنتاج المخرجين والسينمائيين الجدد ضمن ما أشرف على إنتاجه من أفلام قاربت المائة فيلم (تسجيلى وقصير)، مع تنظيم "أسابيع الأفلام التسجيلية والقصيرة" فى عروض منظمة للجمهور لأول مرة فى تاريخ السينما المصرية، وتوسيع دائرة المشاركة المصرية فى الأنشطة السينمائية على المستوى الدولى. ورأس لجنة حق المؤلف فى نقطة الاتصال الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية التابعة لوزارة التجارة الخارجية، منذ عام 2000، وعضو المكتب الدائم لحق المؤلف بوزارة الثقافة. و عضو الجمعية العامة للشركة القابضة للسياحة والإسكان والسينما بوزارة قطاع الأعمال (1996 حتى 2006 ).
وحصل د. مدكور ثابت على العديد من الدروع والميداليات وشهادات التقدير محليا ودوليا وعربيا، مثل: مهرجان القرين بالكويت 1998، والمجتمع الثقافى فى أبو ظبى 1995، وصالون غازى الثقافى العربى 2006، وتكريم مهرجان جرش الدولى له عام 2001 بمناسبة مرور 30 سنة على أول فيلم تجريبى فى السينما المصرية "حكاية الأصل والصورة" فى إخراج قصة نجيب محفوظ المسماة "صورة" من إخراج: مدكور ثابت ، ثم درع جهاز نقطة الاتصال لحماية الملكية الفكرية 2006.
وإلى ذلك ، أوردت موسوعة "إيدى ميديا" الفرنسية ضمن أهم الأحداث فى العام فيلم مدكور ثابت "ثورة المكن" فى عام 1967 ، وفيلمه التجريبى "حكاية الأصل والصورة" فى عام 1970. و صدرت حول إبداعه السينمائى ثلاثة كتب: "السرد السينمائى"، تأليف فاضل الأسود (1996)، و"إعادة اكتشاف فيلم مصرى مختلف"، والذى كتبته مجموعة أساتذة ونقاد من فرنسا ومصر وتونس والعراق ولندن وفلسطين وسوريا وليبيا ومسقط والأردن (2005)، ثم كتاب "صورة نجيب محفوظ ومدكور ثابت" تأليف د. وفاء كمالو (2006 ).
و عُرف عن د. ثابت مطالبته بإلغاء الرقابة منذ بداية رئاسته للرقابة ومن أهم إنجازاته "شورى النقاد" التى وسّع بها دائرة الاستشارة فيما يتعلق بالمواقف المختلف عليها فى الرقابة.وإنشاء عدة سلاسل جديدة في إصدارات أكاديمية الفنون هى: "دفاتر الأكاديمية، والرسائل، ودراسات ومراجع، والتراث، وموسوعات الأكاديمية، ونصوص، والمكتبة التأسيسية للمعهد العالى لفنون الطفل، وملفات الفنون التى تستهدف إعادة التاريخ للفنون فى مصر، وقد أصدر فى هذه السلاسل ما يقرب من خمسين كتابًا تتصدر كل منها دراسة بقلمه على سبيل التقديم.