الأحد 5 مايو 2024

أمينة رزق.. أحبها الجمهور والنجوم.. وعشقتها الكاميرا

أمينة رزق

19-8-2023 | 13:35

نانيس جنيدى

تظل الفنانة القديرة الراحلة أمينة رزق، واحدة من أشهر أمهات السينما العربية، بعدما برعت في تجسيد هذا الدور في العديد من الأفلام والمسلسلات التي شاركت في بطولتها طوال مشوارها الفني الملىء بالعطاء حتى أطلق عليها النقاد لقب «أم الفنانين»، وفى ذكرى رحيلها التى تواكب 24 أغسطس عام 2003 تسترجع الكواكب مسيرتها الفنية وأبرز المحطات فى مشوارها.

 

وُلدت النجمة الكبيرة أمينة رزق في 15 أبريل 1910، ورحلت عن عالمنا في 24 أغسطس 2003 وهي نجمة مصرية، وتعتبر صاحبة أطول مسيرة فنية في تاريخ السينما العربية، حيث كانت بدايتها الاحترافية من خلال فيلم «سعاد الغجرية» سنة 1928م، وتجاوزت سنوات عملها السينمائي والتليفزيوني 75 عامًا.

وُلدت في مدينة طنطا، وبدأت دراستها في مدرسة «ضياء الشرق» عام 1916، ثم انتقلت مع والدتها للعيش في القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد إثر وفاة والدها، وكان عمرها 8 سنوات.

ظهرت لأول مرة على خشبة المسرح عام 1922، حيث قامت بالغناء إلى جوار خالتها في إحدى مسرحيات فرقة «علي الكسار» في مسارح روض الفرج، وانتقلت للعمل مع فرقة «رمسيس» المسرحية التي أسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي عام 1924، حيث ظهرت في مسرحية «راسبوتين»، وشاركت بالتمثيل في أغلب مسرحيات وهبى، الذي ارتبطت به أستاذًا وفنانًا، ولم تتزوجه رغم حبها الشديد له وكان هذا الانتقال وراء شهرة أمينة رزق التي أصبحت إحدى الشخصيات الأساسية في المسرحيات التي قدمتها الفرقة وكذلك في الأفلام التي أنتجها يوسف بك وهبي.

ومن أبرز مسرحياتها التي قدمتها في السبعينات «السنيورة» والمسرحية الكوميدية «إنها حقاً عائلة محترمة» بالاشتراك مع فؤاد المهندس وشويكار، وكان آخر ما قدمته على خشبة المسرح قبل شهور على رحيلها مسرحية توفيق الحكيم «يا طالع الشجرة» إلى جانب الفنان أحمد فؤاد سليم.

كانت تحظى باحترام العاملين في المجال الفني الذين رأوا فيها مثالاً للاحتواء والانضباط، وكانوا ينادونها بـ«ماما أمينة» عُيّنت أمينة رزق عضوًا بمجلس الشورى المصري في مايو 1991، كما حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

 تعدت أعمالها الـ280 عملًا فنيًا، حيث قدمت 130 فيلمًا خلال 7 عقود أولها فيلم «سعاد الغجرية» عام 1928 وآخرها «الكلام في الممنوع» عام 2000، ولها ما يقارب 120 عملًا تلفزيونيًا آخرها «أدهم وزينات الثلاث بنات»، وعدة أعمال مسرحية.

في حوار سابق لها كشفت عن السبب الحقيقي لعدم زواجها فقالت: «سُئلت كثيرًا عن سبب عدم زواجى، ولماذا لم أتزوج رغم كثرة الخطاب ورغم الشهرة الواسعة التي حققتها وفيما أفنيت سنوات شبابى، وسأكشف عن أهم سببين لذلك، وهما حبي الشديد للفن، وكذلك حبي لأمي في المقام الأول، وكيف أحضر شخصًا يشاركها في حبي وأخشى أن يمسها بكلمة، وبالتأكيد ستعيش معي ومعظم الأزواج أنانيين، ولن يطيق تفضيلي لها عليه ولا يمكن أن تعلو مرتبة أحد من يكون على مرتبة أمي عندى».

وبرغم الأسباب التي ذكرتها أمينة في حوارها إلا أن هناك سببًا آخر لعدم زواجها وكان معروفًا لدى الجميع، وهو حبها الشديد ليوسف بك وهبى، الذي فضلت أن تظل تحبه في صمت على أن تخبره وتخسر وجودها بجواره.

وقالت أيضاً: «نفدت بجلدي من صنف الرجال، ارتديت الطرحة وفستان الزفاف في الأعمال الفنية وهذا يكفينى، وهذا الأمر حير الجميع وأرى نظرة الشفقة بأعينهم، ولكن الفن أعطاني كل هذه المشاعر، زواج وحب وانفصال، ولم أحب يوماً أن يحدث بحياتي الحقيقية».

وقال الكاتب الكبير مصطفى أمين عن سبب رفض أمينة رزق الزواج والحب: «أعلم جيداً سبب الرهبة التي تعيشها أمينة رزق، والسبب فيها والدها، فكان رجلاً شديداً لا يترك الكرباج من يده، قاسٍ جداً وعنيف، ويمنعها من الخروج من المنزل».

وتابع: «في طفولتها أخذها خالها لتشاهد فيلماً بالسينما، يومها عاد والدها ولم يجدها فغضب بشدة، وفور عودتها وهي في غاية السعادة خاصة أنها رأت السينما للمرة الأول بحياتها، أمسك الكرباج لضربها وتخفت منه أسفل السرير، ولم يعلم هو أن هذه اللحظة وُلد فيها حب السينما بداخلها والتعلق بالتمثيل، كما وُلد بقلبها كره الرجال جميعاً».

وفى حوار نادر لها تمنت أمينة رزق أن تموت فى سن الخامسة والستين، وألا ترد إلى أرزل العمر، غير أنها ماتت عن عمر 93 عاماً.

قالوا عنها:

 تحدث عنها بعض النجوم لـ«الكواكب» في تصريحات سابقة، ومنهم الراحل عزت العلايلي الذي قال: «ماما أمينة مثال الطيبة يتجسد في إنسانة، عشرية إلى أبعد حد وتحب كل من حولها، هي بالفعل أم، رغم حرمانها من الأمومة، كنا نشعر جميعاً بأنها فرد من أسرتنا، أم، خالة، أخت كبرى، لم تكن غريبة عن أي شخص يتعامل معها، لم أرَ يوماً إنسانًا عرفها ولم يعشقها».

وأضاف: «كانت أمينة رزق تهوى التجمعات واللمة في وقت العمل وتجلس معنا ونحن نحفظ أدوارنا بالمشاركة، لأنها كرهت الوحدة، ورغم أنها برعت في تقديم دور الأم إلا أنها لم تتزوج طوال حياتها ولم تشعر بإحساس الأمومة الحقيقية، ولطالما خشيت الاقتراب من الرجال، إلا أنها أحبت مرة واحدة في حياتها وهي في سن الرابعة عشرة، كما قالت قديماً بإحدى الصحف وذكرت أنها عرفت الحب لأول مرة وهى فى سن الرابعة عشرة فى مستهل حياتها الفنية، ووقتها أحبت شاباً، لامع الاسم محاطًا بكل أسباب الشهرة والمجد ولم تذكر اسمه». 

وأضاف: «ربما كان هذا الشاب هو الفنان الكبير يوسف وهبى، خاصة أنها أحبت هذا الشاب الذى لم تذكر اسمه فى صمت وأنه لم يلتفت لهذا الحب، ولم تجرؤ على الإفصاح عن حبها حتى قرأت خبر خطبته لإحدى بنات العائلات المعروفة فسقطت من الصدمة وأغشى عليها».

وتابع: «لم تتزوج أمينة رزق ولم تنجب ولكنها كانت دائماً تشعرنا بأننا أبناؤها، ومنحناها دوماً هذا الإحساس، وكانت تسعد جداً بهذا الشعور، وهي إنسانة بديعة وعظيمة، كثيراً ما كنا نشعر بأنها تفرغ كل ما لديها من غريزة الأمومة مع من يعمل معها، كما أنها كانت تخشى الاقتراب من الرجال في صغرها من منطلق رأيها الدائم أنها ترى فى كل مأساة تجسدها أو تقرأها أن الرجل سبب فيها بعدما يسلط على المرأة مغناطيس الحب، لذلك كرهت الحب بسبب الكوارث التى يسببها ولذلك أطلقوا عليها لقب (عدوة الرجال)».

واختتم حديثه قائلاً: «أتمنى أن نعوّض فنانة قديرة مثل أمينة رزق رغم أني أعلم أنه أمر مستحيل».

أما النجمة الكبيرة سميرة أحمد، فقالت عنها في تصريح لـ«الكواكب»: «دائماً كانت تبهرني هذه السيدة، كيف وهي التي لم تنجب يوماً ولم تجرب إحساس الأمومة في حياتها، استطاعت أن تكون بداخلها كل هذه العاطفة والحنان والأمومة الغريزية».

وتابعت: «قدمت معها أعمالاً كثيرة، وفي معظمها كانت تقدم دور أمى، منها الشيماء، حب وإعدام، الشيطانة الصغيرة، وقنديل أم هاشم الذي أراه علامة سينمائية ودورها به لا ينسى، ومسلسل ضد التيار».

وأضافت: «فيلم الشيماء سيظل دائماً الأول، كانت تؤدي خلاله دور حليمة السعدية مرضعة الرسول، وأنا أخته في الرضاعة، وقد جسدت دور الأم ببراعة، وأرى أن هذا الدور أهم ما قدمت في تاريخها الفنى.. أمينة رزق قدمت خلاله مشهد أذاني نفسياً، وهو مشهد موتها في الفيلم، بعد ما جاء عتامة ودفعها لتسقط على الأرض، كان من أصعب المشاهد وأشدها إيلاماً نفسياً لي ولكل من شاهده».

وأنهت سميرة أحمد حديثها قائلةً: «شعرت وكأن أمي تموت أمام عيني لأن أدائها كان مبهراً لا يمكن وصفه، فبكى كل من في اللوكيشن».

أفلامها

تعدت أعمالها السنيمائية التى وصلت إلى نحو 130 فيلماً، منها «أحكام العرب»، «أرملة وثلاث بنات»، «أريد حلاً»، «الأضواء»، «أعز الحبايب»، «الأم»، «أمهات فى المنفى»، «أموال اليتامى»، « أولاد الذوات»، «أولاد الفقراء»، «أين عمرى»، «استاكوزا»، «الإنس الجن»، «السقا مات»، «العار»، «الكيت كات»، «المولد»، «البؤساء»، «بداية ونهاية»، «التلميذة»، «التوت والنبوت»، «دعاء الكروان»، «دموع صاحبة الجلالة»، «رسالة من امرأة مجهولة»، «شفيقة القبطية»، «الشيماء»، «قلبى على ولدى»، «قنديل أم هاشم»، «كليوباترا»، «موعد مع الماضى»، «ناصر 56»،

 مسلسلاتها

كما شاركت أمينة رزق فى عدد كبير من الأعمال الدرامية، منها، «أحلام الفتى الطائر»، «أدهم وزينات والثلاث بنات»، «أديب»، «أهل الدنيا»، «أوبرا عايدة»، «أوراق مصرية»، «أولاد الأصول»، «الأيام»، «البشاير»، «السيرة العربية»، «البسيرة الهلالية»، «الشارع الجديد»، «الطبرى»، «ثمن الخوف»، «خالتى صفية والدير»، «عصفور النار»، «عمر ين عبد العزيز»، «للعدالة وجوه كثيرة»، «ليلة سقوط غرناطة»، «ليلة القبض على فاطمة»، «محمد رسول الله»، «هارون الرشيد»، «وقال البحر».

جوائز وتكريمات

حفل مشوار الفنانة أمينة رزق بالعديد من التكريمات والجوائز، فقد حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ومُنحت أوسمة من فعاليات مسرحية في المغرب وتونس، وحازت عدة مرات الجوائز الأولى لأحسن ممثلة عن أعمالها السينمائية، كما جرى تعيينها عضواً بمجلس الشورى عام 1991. واحتفل مسرح الهناجر عام 2002 بمرور 78 عاما على اعتلائها خشبة المسرح، عند افتتاح عرض «الليلة الثانية بعد الألف» الذي قامت ببطولته أمام سامي العدل، وخليل مرسى، وصاحب الافتتاح احتفالية كبرى أعدتها الدكتورة هدى وصفي مديرة مسرح الهناجر وقتذاك، لتكريم أمينة رزق، وتضمنت عرض فيلم تسجيلي عن مشوار حياتها، باعتبارها من أهم رموز المسرح في الوطن العربى. كما أصدر الناقد كمال رمزى كتاب «مرفأ الأمان»، الذى تناول من خلاله إسهامات الفنانة الراحلة أمينة رزق في تطور فن التمثيل العربى إلى جانب مشاهد وتطورات المحطات الأكثر تأثيراً فى حياتها الفنية.

وفاتها

توفيت أمينة رزق في 24 أغسطس 2003، إثر إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية، وذلك بعد صراع استمر شهرين مع المرض.