الإثنين 25 نوفمبر 2024

حسن فايق.. المدافع عن بلده.. والمحب لأهله

حسن فايق

16-9-2023 | 12:58

أميمة أحمد

فنان كوميدى من الدرجة الأولى، برع فى تقديم كل أنواع الكوميديا، بخفة ظل وضحكة شهيرة تطرب من يسمعها، قدم العديد من الأعمال المهمة، وكانت حياته مليئة بالأحداث الشيقة التى تنم عن شخصية مثقفة، على عكس بعض الشخصيات التى قدمها فى أعماله، فكان  مدافعاً عن بلده، محباً لأهله.
حلت علينا منذ يومين ذكرى وفاة الفنان العظيم حسن فايق رحمة الله عليه.. نفتح صفحاتنا فى تلك المناسبة؛ لنتعرف معاً على أسرار فى حياة حسن فايق وكيف بدأ مسيرته الفنية، وعلاقته بالثوار، وكيف استطاع أن يسحب البسط من تحت أقدام عمالقة الكوميديا، وما قيل عنه، 


كانت بداية الفنان حسن فايق الفنية مميزة مثل أعماله، فكان يحب كتابة المنولوجات الفنية التى تهدف إلى زيادة وعى الجمهور، وكان أول مونولوج فنى له هو مونولوج «الكوكايين»، الذى كان يهدف إلى منع انتشار هذا المخدر بين الشباب، وزيادة وعيهم بهذا الخطر الذى يداهمهم، ونجح هذا المونولوج فى تنفيذ خطته حتى كتب عنه الكتاب والنقاد أنه كان له الفضل الأكبر فى تخلص الشباب من إدمان هذا المخدر.
على الرغم من الكوميديا المميزة جداً التى اتسم بها حسن فايق إلا أن بدايته الفنية لم تأتِ له على طبق من ذهب، فكان يومياً يذهب بمونولوجاته إلى الكازينوهات ويقدم بها نمرته إلى الجمهور، ولكنه لم يلقَ النجاح المطلوب أو لم يضحك أحد عليه، ولم ينل إعجابهم، الأمر الذى جعل حسن فايق فى حيرة ويأس دخل على أثرها فى حالة من الاكتئاب، ولكن كان له صديق يعرف تماماً قيمة حسن فايق، فحاول أن يساعده فأخذ له ميعاداً مع صاحب تياترو مهم ليقدم نمرته به.
لم يتحمس حسن فايق لهذه الفكرة فى بداية الأمر، ولكن مع التفكير ذهب مسرعاً وكان التياترو مليئاً بالجمهور الذى سرعان ما كانت ضحكاته تملأ أركان المكان كله.
وقّع حسن فايق أول عقد فى حياته الفنية مع صحاب هذا التياترو، ويقال إن حسن فايق قام بحيلة جهنمية فى هذا الأمر فبعدما عرض صاحبه فكرة التياترو عليه شعر وأنه يريد جمهوراً كبيراً حتى يتعرف أكبر قدر من الجمهور عليه فذهب إلى إحدى الصحف وقام بعمل إعلان عن مائة رجل يعملون بالساعة «كومبارس» فى أحد المسارح، وكتب عنوان التياترو الذى سيقدم به عرضه، ونجحت الخطة بالفعل، وقدم نفسه للجمهور بنجاح كبير.


أنشأ الفنان حسن فايق فرقة فنية باسمه ولكنها لم تنجح كثيراً فتركها وانضم إلى فرقة نجيب الريحانى براتب شهرى قيمته ١٥ جنيهاً، وحققا معاً الكثير من النجاحات، ثم قدم الفنان حسن فايق فيلم «سلامة فى خير» عام ١٩٣٧ مع الفنان نجيب الريحانى أيضاً، ومن هنا كانت انطلاقته السينمائية بعدما قدم فيلمى «أولاد الذوات» ومن بعده فيلم «عنتر أفندى».
كون الفنان حسن فايق ثنائياً فنياً ناجحاً جداً مع الفنان إسماعيل ياسين وقدما معاً العديد من الأعمال المهمة مثل «إسماعيل ياسين فى البوليس السري»، «فايق ورايق»، «إسماعيل ياسين فى دمشق».
السينما
لمع اسم الفنان حسن فايق فى السينما المصرية وكان يسعى وراءه المنتجون فقدم أكثر من ١٦٠ فيلماً سينمائياً مميزاً مثل «سكر هانم»، «الزوجة ١٣»، «نشالة هانم»، «معبودة الجماهير»، «إسماعيل ياسين فى جنينة الحيوانات»، «شارع الحب»، «إسماعيل ياسين طرزان»، «حب فى حب»، «جوز مراتي»، «ساعة لقلبك»، «أبو ظريفة»، «أحب الرقص»، «أختى ستيتة»، «ألمظ وعبده الحامولي»، «أوعى المحفظة»، «إسماعيل يس فى دمشق»، «البؤساء»، «بابا عريس»، «بلبل أفندي»، «بلد المحبوب»، «البيت السعيد»، «تحيا الستات»، «سلامة فى خير»، «شارع البهلوان»، «شارع الحب»، «صاحبة العصمة»، «ضحكات القدر»، «العاشق المحروم»، «العرسان الثلاثة»، «عنتر أفندي»، «فتى أحلامي»، «الكمساريات الفاتنات»، «لهاليبو»، «ليلة الدخلة»، والكثير من الأعمال الفنية المهمة.


المسرح
كان للمسرح من حياته نصيب كبير، فقدم العديد من الأعمال المميزة أيضاً به التى كان أشهرها «الستات ما يعرفوش يكدبوا»، «إلا خمسة»، «الدنيا لما تضحك»، «حكم قراقوش»، «عفريت خطيبتى»، «أنا عايزة مليونير»، «الأرملة الطروب»، «ركن المرأة»، «30 يم فى السجن»، وغيرها.
 عن حياته
كان الفنان حسن فايق ينتمى إلى أسرة بسيطة الحال، ولكنه كان مولعاً بالفن، واثقاً من نفسه فكان يعمل بائعاً فى محل ملابس ولكنه تركه فى عمر 16 عاماً، ليلتحق بالفرق المسرحية، وبعد وفاة والده ترك الإسكندرية محل مولده قاصداً القاهرة؛ بحثاً عن الفن وإثبات موهبته، وهذا ما حدث بالفعل، ثم تزوج الفنان حسن فايق وأنجب ابنتين، ثم توفيت زوجته وظل فترة يعانى من الحزن إلى أن تزوج فتاة تصغره بثلاثين عاماً، فهاجمه البعض على ذلك مما أحزنه كثيراً.
وعن ذلك صرح بأن بنتيه متفهمتان هذا الوضع، خاصة أنهما متزوجتين ولكل منهما حياتها الخاصة، وهو قد تجاوز الستين من عمره ويريد من يرعاه، وبعد زواجه الثانى بمدة قصيرة أُصيب حسن فايق بالشلل، وتنقل بالعلاج بين عدة مستشفيات، وكانت زوجته تراعيه وتهتم به إلى أن وفاته المنية فى 14 سبتمبر عام 1980 بعد صراع طويل مع المرض، رحمة الله عليه.
قالوا عنه
يقول الناقد والمؤرخ الفنى محمد شوقى: «إن الفنان حسن فايق من أهم فنانى الكوميديا فى الوطن العربى كله، الذى يبعث حضوره البهجة والسعادة».
وأضاف: «ما أحب أن أقوله إن الفنان حسن فايق شارك فى فيلم مصرى ناطق وهو فيلم (أولاد الذوات) سنة 1932 فى دور صغير ولكن كانت له بصمة به، الفنان حسن فايق كان يمتلك فرقة فنية وكان يوسف وهبى بها ولكنها لم تقم طويلاً بعدما ورث يوسف وهبى عن والده ثروة طائلة وأنشأ فرقة خاصة به وهى فرقة (رمسيس)، وكان حسن فايق أحد أعضائها أيضاً، ولكنه اختلف معه بسبب أن يوسف وهبى دائماً ما كان يسند أدوراً لحسن يوسف لا تشبهه، أى كان يسند له شخصية حسن آغا الذى كان يصبغ وجهه باللون الأسود وكان حسن فايق يرفض ذلك بسبب عدم تعرف الجمهور عليه، فترك له الفرقة وذهب إلى فرقة (الريحاني) الذى يعرف قدر وقيمة حسن فايق الفنية، ولكن الحظ لم يحالفه أيضاً، ففى ذلك الوقت كان تعلق الجمهور بالريحانى شديداً، إلى أن جاء حسن فايق وأصبح قلب الجمهور معلقاً به، وينتظر ظهوره، فحدثت ضغينة بينه والريحانى، فترك له الفرقة أيضاً، ولكن الريحانى سرعان ما استوعب أهمية حسن فايق فى الفرقة فذهب له وتم الصلح بينهما، وعاد إلى الفرقة مرة أخرى بشروطه، وهى تغييرات كثيرة فى أدواره وقدم معه الكثير من الأعمال المميزة، ولكن وعلى الرغم من المنافسة بين حسن فايق ويوسف وهبى والريحانى، إلا أن كل واحد منهم كان يقدر قيمة الآخر الفنية، فكانت منافسة بينهم وليست كراهية».
كان للفنان حسن فايق ضحكة مميزة عرف بها، وكان قد اقتبسها من باشا كان يتردد على المسرح، وكان يرى ضحك الجمهور عليه فاقتبسها منه.
لم يعرف كثيرون عن حسن فايق أنه كان كاتب منولوجات من الدرجة الأولى، حتى إنه شارك فى ثورة 199 وكتب للمتظاهرين منولوجات حماسية تبث روح العزيمة فى المتظاهرين، حتى إن حسن فايق مرض فى هذه الفترة فأرسل له سعد باشا زغلول يقول إنه افتقده.. وكانت لديه تجربة مع كتابة الأغانى فى الفيلم السينمائى «شفيقة القبطية»، الذى عرض فى عام 1962 للمخرج الكبير حسن الإمام.
كتب حسن فايق كلمات أغانى الفيلم بمشاركة الشاعر الكبير بديع خيرى، واعتمدت ألحان أغنيات الفيلم على الموسيقار سيد درويش، التى وزعها موسيقياً الموسيقار على إسماعيل، وشارك فى بطولة فيلم «شفيقة القبطية» هند رستم، حسين رياض، أمينة رزق، فؤاد المهندس وصلاح منصور.
وعلى الجانب الفنى كان حسن فايق ولمدة ثلاثين عاماً قاسماً مشتركاً فى نجاح الكثير من الأفلام السينمائية من الثلاثينيات إلى أواخر الستينيات، وقدم الكثير من الأدوار المتنوعة، فقدم أدوار الباشا والشرير والمغلوب على أمره والرومانسى، وكل الأدوار الفنية بشكل كوميدى.
كان حسن فايق مثلما يقول البعض من نجوم الصف الثانى، إلا أنه كان يكتب اسمه بالخط العريض مثله كأبطال الفيلم وقدم العديد والعديد من الأعمال الفنية ولكن سيظل الفنان حسن فايق هو صاحب أشهر ضحكة فى تاريخ السينما المصرية، المبدع والمبهج حتى فى فترة مرضه بعدما أصابه الشلل ظل يكتب منولوجات كثيرة يرسلها للعديد من الصحف والمجلات.