الخميس 2 مايو 2024

«ع الزيرو».. اسم وقضية متعددة القراءات وتوليفة يجيدها محمد رمضان

فيلم ع الزيرو

23-9-2023 | 12:24

هبة عادل

 هل الغاية حقاً تبرر الوسيلة؟ هل لحظات العجز الكبرى يمكنها أن تدفع الإنسان لممارسة أفعال لم يكن يتصور أن يفعلها فى يوم من الأيام؟ ماذا تفعل إذا وجدت نفسك عاجزاً أمام أقرب الناس وأغلاهم لديك؟ هل تتحالف حتى لو مع الشيطان من أجل إنقاذه؟ إنها أسئلة وإجابات ذات قراءات متعددة يطرحها الكاتب الكبير، السيناريست مدحت العدل، من خلال فيلم «ع الزيرو»، الذى يحمل عنوانه فى طياته أيضاً نفس هذه التعددية فى الطرح والقراءة.

الفيلم للنجم محمد رمضان، وحين نتحدث عن محمد رمضان فى هذا الموسم يمكننا إلقاء الضوء على دوره فى المسلسل الشهير «جعفر العمدة»، الذى حقق نجاحاً مدوياً فى رمضان الماضى فى تيمة وقالب يعشقه رمضان ويعشقه أيضاً جمهوره، لذا جاء على التوالى فيلم «هارلى» الذى لعب فيه «كاركتر» مشابهاً إلى حد كبير للعمدة جعفر من حيث التوليفة والإيقاع والأكشن الممزوج بالحب والأغانى، على أن يكون هو «الهيرو»، والبطل المطلق صاحب القوة والقدرات الخارقة على الدوام، فيما يأتى فيلم «ع الزيرو» أيضاً ليحاكى نفس هذه القوالب، ونفس هذه التيمات والأشكال على اختلاف تنويعاتها، التى يمتزج فيها الأكشن مع الغناء.. الضرب مع الحب.. الحزن مع القدرات غير العادية، وهنا نجد فى فيلم «ع الزيرو» حمزة أو محمد رمضان.. خريج المعهد العالى للفنون الشعبية، الذى يعمل فى فرقة «دى جى» ولكنه لا يتكسب منها الكثير، وبينما هو أرمل ووالد لطفل دون العاشرة، قدم دوره الطفل الموهوب منذر مهران، الذى يشبه محمد رمضان إلى حد كبير، ولم يكن هذا الشبه فى الشكل فقط، ولكن أبرز الفيلم كيف أن الأب وهو الأب والأم معاً، وكيف أنه حنون إلى درجة مطلقة مع ابنه.. تجمعهما دائماً لحظات الفرح واللعب واللهو والاعتناء بالصغير وكأنهما صديقان فى نفس العمر، ثم نرى من خلال الأحداث أن محمد رمضان يحيى حفلاً فوق سطوح أحد المنازل، بينما يحاول أحد الحضور الانتحار من فوق هذا المنزل ليجرى رمضان لإنقاذه بطريقة عنترية، أما هذا الشاب فوالده هو «خالد الصاوى» رجل الأعمال الثرى والذى يكافئ رمضان فقط بمنحه جهاز «تابلت» هدية لابنه فى تعجب من أن يساوى حياه ابنه بمجرد تابلت يلهو به الطفل الصغير ابن رمضان، بينما يطالبه صاحب البيت الذى يعيشان فيه بالإيجار المتأخر، ولضيق ذات اليد يضطر لطردهما خارج المنزل، فيذهب رمضان بابنه إلى أحد الفنادق متوسطة الحال، الذى تمتلكه النجمة جومانا مراد فى دور «ورد»، الذى جاء لطيفاً، حيث تقمصت فيه دور «زوزو» فى فيلم «خللى بالك من زوزو» وتعددت مشاهدها التى اختارت فيها جميع ملابس الفيلم فى ماكياج صنع منها سعاد حسنى إلى حد كبير، ما خفف من إيقاع الفيلم الذى بدأ يتجه إلى الحزن رويداً رويداً.

بطريقة «الفلاش باك» يروى لنا الأب محمد رمضان كيف أنه تعرف فى مفاجأة صاعقة على مرض ابنه بسرطان الدم، الذى يحتاج إلى إجراء عملية زرع نخاع تتكلف ما يقرب من مليون جنيه، وهو الذى لا يمتلك ما يدفع به إيجار بيته، وهنا يتقطع قلب الوالد الذى لا يملك من الحياه أى شيء، وقد أدى رمضان مشاهد حزينة جداً بإجادة شديدة فى هذه المواقف المتعددة التى عجز فيها عن إنقاذ ابنه، فإما هو أمام قائمة انتظار طويلة تمتد إلى عام ونصف العام حتى يأتى عليه الدور لعلاجه بالمجان.. أو أنه مطالب بدفع المليون جنيه لعلاجه فى مستشفى استثمارى خاص، وهنا يتعرف على نيللى كريم الممرضة فى أحد المستشفيات، التى تحاول أن تقف بجواره نظراً لتعاطفها مع الابن الصغير اليتيم، وهى الزوجة المطلقة، التى تشعر نحو الولد بعاطفة أمومة.
يلجأ الأب لأحد سماسرة بيع الأعضاء، حيث يقرر أن يبيع كليته ليحصل على الأموال التى يعالج بها ابنه، وفى هذا الإطار يظهر «شريف الدسوقى» الذى يلعب دور السمسار، وبعد تحليل العينات يأتيه أيضاً بائع آخر حتى يخبره بأن المسألة أصبحت مسألة حظ، وأن من يلحق فيهما المريض المحتاج إلى هذه الكلية هو الذى سيفوز بثمن بيعها، وهو ما يحدث بالفعل، حيث يسبق الرجل الآخر إلى إتمام الصفقة، فيجن جنون محمد رمضان الذى يسابق الزمن لإنقاذ ابنه، فيبدأ فى التفكير ولو فى بيع المخدرات.
يذهب إلى تاجر ليتفق معه على توزيع المخدرات التى يتكسّب من ورائها الكثير لعلاج ابنه، ولكنه يسرق شنطة النقود من أفراد العصابة ليلحق ابنه ويوفر له ثمن العملية، وعندما يعلم محمد لطفى «رئيس العصابة» بهذه السرقة يخطف الابن فى المقابل حتى يضغط على الأب بأن يعيد إليه حقيبة النقود، فيضطر رمضان بالفعل لإعادة الأموال حتى يستعيد ابنه.
تظلم الدنيا تماماً فى وجه محمد رمضان، إلا أن الله تداركه بلطفه الخفى، ومن خلال أفعال الخير التى يمارسها مَن حوله حباً فى هذا الطفل، فتوفر له نيللى كريم بعلاقاتها كممرضة ثمن أول حقنة يتلقاها الطفل للعلاج، وتوافق على الزواج من رجل فى عمر والدها كانت قد رفضته كثيراً، وهى التى بدأت تحب محمد رمضان، ولكنها تختار الحصول على المهر لعلاج الطفل، بينما يوقف هذه الزيجة محمد رمضان.
أما صاحبة الفندق فتبيع مصوغاتها بالكامل لعلاج الطفل، إلا أن هذا كله لا يوفر الثمن الكافى للعملية، ما يعجز الأب تماماً ويدفعه مجدداً لبيع كليته، وفى هذه المرة ينجح فى إيجاد المشترى ويوفر نصف المال فقط المحتاج له طفله، وللأسف تلجأ نيللى كريم لسرقة خزينة المستشفى ويتم القبض عليها ويرفض الطبيب إجراء العملية للطفل القابع فى غرفة العمليات بالفعل نظراً لأن نصف المبلغ مسروق، فبالتالى لم تستكمل أموال العملية وهنا يبدو مشهد «ماستر سين» مهم جداً، حيث يثور ويهدد الأب محمد رمضان الطبيب الذى يأمر بإيقاف العملية صارخاً: «أنتم معمولين من إيه؟ معندكوش قلب ليه؟ دى حياة إنسان»، ويهدد بضرورة إجراء العملية، وإلا يفجر المستشفى كله، فيجرى الطفل العملية بنجاح.
 أما عن اسم الفيلم، فكما ذكرنا أنه يحتمل أكثر من معنى، فبداية الطفل عندما يتلقى العلاج الكيماوى يبدأ شعره فى التساقط، فيتعاطف معه الأب فيقرر أن يحلق شعره هو وابنه فى مشهد شديد التأثير ولكن جاء على خلفية أغنية لمحمد رمضان اسمها «ع الزيرو» فى إشارة أو قراءة أولى لمعنى كلمة «ع الزيرو» المرتبطة كمرادف لحلاقة الشعر، ولكن ربما يعنى بها الكاتب أن الأب الذى لا يمتلك أموالاً لعلاج ابنه هو فى حالة «ع الزيرو»، هذه الأغنية بالصدفة تنجح عبر وسائل التواصل الاجتماعى وتنتشر محققة مشاهدات وأموالاً وأرباحاً كبيرة، وهو ما يعلن عنه خالد الصاوى.. عندما يأتى إلى المستشفى ويخبر الأب بأنه ربح أموالاً كثيرة من انتشار هذه الأغنية لتنتهى الحال بحالة من الثراء يعيشها محمد رمضان «كعادته» وينتهى الفيلم بعودة ابنه إلى الحياة معافى، فيما تخللت الفيلم أيضاً التوليفة ذاتها، التى يعشقها رمضان من مشاهد الأكشن والمطاردات، لا سيما فى مشاهد لقائه بعصابة المخدرات، كذلك لم يخلُ الفيلم من العديد من الأغنيات التى جاءت لتعبر عن العديد من المواقف الدرامية فى العمل الذى ينتهى أيضاً بنهاية سعيدة، حيث يحل رمضان بأمواله أزمة سجن نيللى كريم، ويدفع الأموال التى سرقتها ويتفق مع المستشفى على إنهاء الموقف.
يتزوج البطلان..ومن ثم يكون رمضان قد قدم لنا مشاهد تمثيلية حزينة إلى حد كبير، وأخرى مرحة، وقدم كذلك الأكشن والحب والغناء فى عباءة تتعدد ألوانها، ويبقى تصميمها واحداً، وهذا له مذاق يجد من يستهويه، لا سيما إذا قدمت من خلال مخرج يجيد العزف على هذه التوليفة مثل محمد العدل فى «ع الزيرو».