الفنانة القديرة حنان يوسف، صاحبة مشوار فنى طويل تجاوز الثلاثة عقود من الزمن، عملت مع كبار المخرجين وشاركت كبار النجوم نجاحاتهم فى كثير من الأعمال المهمة، سواء تليفزيونية أو سينمائية، فهى ممثلة محترفة ولديها خبرة كبيرة، ولكنها كانت تحتاج لفرصة حقيقية تظهر من خلالها موهبتها الكامنة.. وهو ما تحقق لها بالفعل عندما عرض عليها المخرج الكبير هادى الباجورى دور «هانم» الشهيرة بـ«أم جابر»، ضمن أحداث مسلسل «سفاح الجيزة»، بطولة النجم أحمد فهمى، الذى عرض مؤخراً، وهو دور مركب وصعب، لكنها استطاعت من خلاله أن تخطف الأنظار وتبهرنا بأدائها العبقرى؛ لتثبت أنها ممثلة من العيار الثقيل وأن النجومية ليس لها وقت.
وعلى الرغم من اقتصار الجوائز التي حصدتها على مدار تاريخها المهنى على جائزة واحدة فقط، عن دورها بفيلم «أولى ثانوى»، إلا أن نجاح الفنانة حنان يوسف في تقديم دورها ضمن أحداث «سفاح الجيزة» يعد الجائزة الأكبر والنجاح الكبير الذى تعيشه هذه الأيام، حسب تعبيرها، حيث تقول: «سفاح الجيزة أسعدنى وجعلنى مقبلة على الحياة بعد ما كنت يائسة».
«الكواكب» التقت الفنانة حنان يوسف فى حوار مهم، وذلك فى السطور التالية...
كيف رأيتِ ردود الفعل تجاه شخصية «أم جابر» فى مسلسل «سفاح الجيزة»؟
أنا سعيدة جداً بردود الفعل، وحقيقة أنا أشعر وكأنى أطير من الفرح والسعادة من رد فعل الجمهور تجاهى، خاصة أن الشخصية لامرأة قتلت جوزها وكانت معاملتها قاسية مع ابنها، فكنت أتخيل أن الجمهور سيكرهنى وأن شخصية «أم جابر» ستضع حاجزاً بينى وبين الناس؛ لأن الدور شرير جداً، لكنى فوجئت بالعكس، فبشكل مفاجئ وجدت الناس يرحبون بى، ويلتقطون الصور معى، عكس ما توقعت تماماً، ولذلك نجاح الشخصية كان مفاجأة.
حدثينا عن كواليس المسلسل؟
كفريق عمل، كنا أسرة واحدة هدفنا نجاح العمل، وأن يظهر بشكل مختلف ومميز للجمهور، والحقيقة أن نجاح المسلسل لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتاج عمل دؤوب واجتهاد من الجميع، وعلى الرغم من أنه مكون من 8 حلقات فقط، إلا أنه استغرق سنتين للتحضير، وسنة في التصوير، وقمنا بعمل ببروفات كثيرة جداً.. والحقيقة لابد أن أتوجه بالشكر لكل من كان يعمل خلف الكاميرا؛ لأن اجتهادهم وتميزهم واتقانهم فى العمل كان أساس نجاحنا أمام الكاميرا.
ماذا عن مايسترو العمل المخرج هادى الباجورى؟
لم يكن مسلسل «سفاح الجيزة» أول عمل يجمعنى مع المخرج هادى الباجورى، فقد تعاوننا من قبل معاً من خلال مسرحية «كوكو شانيل» مع النجمة شريهان، وأعرفه من قبل، وهو مخرج متميز جداً ويهتم بالتفاصيل، وفى أغلب وقت التصوير يترك المونتير ليتواجد معنا فى اللوكيشن قريباً من الممثل، كما أن المخرج هادى الباجورى شخص مهذب ومثقف وراقٍ، ونثق فيه، لذلك كنا نمثل بأريحية، ولذلك فقد كنت سعيدة جداً بالعمل معه.
كيف لعبتِ على تفاصيل شخصية «أم جابر» حتى تظهر بهذا الأداء المبهر؟
عندما يُعرض عليّ دور أحاول أن أخرج أفضل ما لديّ حتى لو كان دوراً بسيطاً، فهذه مهنتى ومن الطبيعى أن أجتهد فيها.. وما ساعدنى على تكوين شخصيتى الفنية دراستى فى فرقة «الورشة المسرحية» مع حسن الجريتلى لمدة 15 عاماً، تعلمت خلالها تكنيك التمثيل على يد خبراء أجانب، وأن لكل شخصية طريقة وخطوات وتفاصيل، ولكن أستطيع أن أقول إن دور «أم جابر» دور مركب وأنا أعشق العمل على هذه النوعية من الأدوار، فهذا الدور مركب وتفاصيله كثيرة ويحتاج خبرة طويلة في التمثيل، كما أنه يحتاج إلى خبرة حياتية كبيرة أيضاً.. فقد تقابلت مع أناس كثيرين بمختلف الشخصيات والطبقات، وتعاملت معهم عن قرب، ومن ضمن هؤلاء أمهات على درجة كبيرة من القسوة فى المعاملة مع أولادهن، وللأسف المجرمون والسفاحون هم نتاج حتمى لهذه القسوة والعنف.. أما بالنسبة للشكل الخارجي لشخصية «أم جابر»، فكانت مسئولة عنه الموهوبة ريم العدل؛ لأنها كانت تعمل على تفاصيل كثيرة مثل المكياج والملابس والشعر، الذى أُرهق جداً من الصبغة، وهو ما تطلب منى بعد الانتهاء من تقديم الدور وقتاً لعلاجه، ولكن عندما كنت أنظر فى المرأة وقت التمثيل كنت أرى «أم جابر» وهذا هو المطلوب.
ما أكثر جانب جذبك فى شخصية «أم جابر»؟
تعاطفت معها تارة وكرهتها تارة أخرى.. «أم جابر» شخصية مغلوبة على أمرها، وتعرضت لدرجة كبيرة من القسوة، ولم ترَ يوماً سعيداً في حياتها، من زوجها دائم التعدى عليها، الذى كان يضربها بعنف، كما أنها كانت تذبح الكلاب وتبيع أكبادها كى تطعم أولادها ولذلك دخلت السجن، ومما لاشك فيه أنها تحتاج لعلاج نفسى مثلها مثل ابنها جابر، ولكنى على الجانب الآخر كرهت فيها معاملتها القاسية لابنها.
على الرغم من قسوتها على ابنها إلا أنه كان محباً لها ويعاملها بشكل طيب.. بم تفسرين ذلك؟
ليس لذلك تفسير غير أنها علاقة مرضية بوالدته، وليست صحية، فقد كان يخاف منها، وكانت لديه أعراض أستكهولم.
كيف كان العمل مع النجم أحمد فهمى.. وما رأيك فى أدائه؟
«سفاح الجيزة» هو العمل الأول الذى يجمعنا، والحقيقة أنى سعدت جداً بالتمثيل معه، بل وشعرت أنه أبنى بجد، وكانت هناك كيمياء عالية بيننا، وأريحية فى التمثيل وهذا ما ظهر للجمهور، ولكن أول يوم تصوير معه أوقفت التصوير من الارتباك و الرعب الذى انتابنى؛ لأن لديه ضحكة مرعبة وخفت منها جداً، ولكن بعد فترة استكملنا التصوير، بالفعل انبهرت باتقانه للشخصية لدرجة أنى صدقتها، وأرى أن مسلسل «سفاح الجيزة» نقلة مهمة فى نوعية أدوار فهمى من الكوميدى للتراجيدى ليثبت أنه ممثل محترف قادر على تقديم جميع الشخصيات، وبالمناسبة كان أحمد فهمى يوماً ما تلميذى فى ورشة التمثيل، وكان يتدرب بشكل جاد جداً ويعمل على نفسه كثيراً.
مشهد المواجهة بين جابر ووالدته كان عظيماً وحدث تغير فى صوتك وملامحك.. بم تقيِّمين هذا المشهد؟
كان مشهداً صعباً جداً، أنا كمشاهدة بكيت على جابر وأمه؛ لأن لديها إحساساً بالذنب، والحوار الأخير الذى دار بينهما كان موجعاً جداً، وعندما شاهدت هذا المشهد على الشاشة تفاجأت بنفسى أبكى.
ما أصعب المشاهد فى دور أم جابر؟
كان مشهد صفعى لأحمد فهمى على وجهه أصعب المشاهد عندى، فأنا لا أعرف أن أضرب أحداً، لذلك أعاد المخرج هذا المشهد عدة مرات.
البعض يتعاطف مع سفاح الجيزة.. برأيك ما السبب.. وهل تؤيدين ذلك أم لا؟
جابر ضحية حياة وظروف قاسية فُرضت عليه، فقد رأى والدته تقتل والده فى أبشع المشاهد، كما أنه تلقى معاملة قاسية من والدته، فربما هذه الأحداث كانت السبب فى تعاطف بعض الناس معه، ولكن فى النهاية هو سفاح، ولابد أن يأخذ القانون مجراه.
إلى أى مدى تأثرت حنان يوسف بشخصية «أم جابر» بعد الانتهاء من المسلسل؟
الشخصية مركبة وتفاصيلها كثيرة، ولذلك تركت أثرها فى بشكل كبير، لدرجة أن ابنى أحمد سألنى عن سبب عصبيتى، خاصة أنى هادئة الطباع فى الحقيقة، بل إنى فوجئت بأنه كتب «بوست» على مواقع التواصل بأنه خائف منى، إلى هذا الحد ترك الشخصية اثرها داخلى، فأنا أعشق الضحك وأبعد عن النكد، وابنى لا يحب أن يرانى أقتل ولذلك فلم يرَ مسلسل «سفاح الجيزة» إلى الآن ولكنه رأى لقطات من المشاهد على السوشيال ميديا.
ألا يتعارض ذلك مع تصريح لكِ فى أحد اللقاءات بأن مسلسل «سفاح الجيزة» جعلكِ متفائلة بعد ما كنتِ يائسة؟
تأثير نجاح الدور أكثر ديمومة واستمرارية من تأثير الشخصية، فلا أنكر أن نجاح دورى فى «سفاح الجيزة» جعلنى مقبلة على الحياة أكثر بعد أن كاد الاكتئاب يصيبنى نتيجة مكوثى فى المنزل فترات طويلة، فأنا احترف التمثيل منذ 30 عاماً، ولا أحد التفت لى إلا من خلال دور «أم جابر»، على الرغم من أننى قدمت أدواراً لطيفة جداً على مدار تاريخى.
ما رأيك فى خطوات ابنك المخرج أحمد عصام السيد؟
أرى أنه مخرج شاطر وذكى ولديه أفكار وخيال رقيق الإحساس، وهو فنان وحساس، ويقدم «ستاند آب كوميدى»، وهو مخرج سينما وشاركته عملاً واحداً وكان تدريباً بالسينما فيلم عن «الزومبى»، لكنى زعلت منه كثيراً لأنه لم يشاركنى مشروع تخرجه.
البعض هاجم الفنانة داليا شوقى بخصوص أدائها.. كيف ترين هذا الهجوم؟
أرى أن داليا ممثلة هايلة، وأداؤها فى المشهد كان طبيعياً ومنطقياً جداً، من هول الصدمة، فلو أى أمرأة اكتشفت حقيقة زوجها بهذا الشكل، وأنه سفاح وقتل 9أشخاص، واختطف أختها لأنه يحبها فلن يكون رد فعلها هادئاً، والهجوم الذى تعرضت له كان مبالغاً فيه وغير منصف، نتيجة تعودنا على ريأكشنات البكاء والنحيب.
حدثينا عن الجوائز فى مشواركِ الفنى؟
تلقيت جائزة «دور ثانٍ» عن فيلم «أولى ثانوى» إخراج محمد أبوسيف بطولة نور الشريف وميرفت أمين، وهى الجائزة الوحيدة التى تلقيتها فى حياتى.
ألم يشعركِ هذا بالظلم بعد مشوار فنى ممتد على مدار 30 عاماً؟
على الإطلاق، فأنا لم أقدم أدواراً كبيرة تستحق الجوائز، حيث لم أمثل 30 عاماً بشكل متواصل، ولكنى انقطعت فترات طويلة، ففى بداية مشوارى قدمت «ليالى الحلمية 2»، وفيلم «الطوق والأسورة»، وكانت أدواراً صغيرة، ثم تزوجت وتفرغت لتربية ابنى ثم دخلت «فرقة الورشة» 15 عاماً، ثم قدمت أدواراً صغيرة لا تظهر موهبتى لكى أحصل على جوائز، فأنا لم أشعر بالظلم لأننى لم أسعَ لأدوار كبيرة.. بالفعل أنا مقصرة فى حق نفسى وموهبتى، وكل من تلقى جوائز من زملائى يستحقونها بالفعل.
وما العمل الذى جعلك تعودين للتمثيل مرة أخرى؟
المخرج محمد أبو سيف كان السبب فى عودتى من خلال فيلم «أولى ثانوى»، ثم «النعامة والطاووس» وكنت أحب العمل معه جداً، وبالمناسبة دورى فى فيلم «أولى ثانوى» لم يكن مكتوباً، ولكن كنا نرتجله أثناء التصوير.
جمعكِ بالنجمة نيللى كريم أكثر من عمل.. ما سر الكيمياء بينكما؟
قدمنا معاً مسلسلات «ذات» و«100 وش» و«سجن النساء» وفيلم «ع الزيرو»، وأشعر بأن نيللى كريم ابنتى فى الحقيقة وليس التمثيل فقط، هى إنسانة رقيقة وجميلة ودمها خفيف جداً.
ما أكثر أدواركِ قرباً إلى قلبكِ؟
دور «الحدادة» فى فيلم «الطوق والأسورة»، وتأثرت بهذه الشخصية فترة طويلة، فقد كنت لأول مرة سينما، ومع المخرج الكبير خيرى بشارة، وكنت مرعوبة جداً، ولكن عندما تعاملت معه أحببت الدنيا لأنه رجل لطيف ومتصالح مع نفسه وهادئ فى اللوكيشن، ولذلك لم يصنع اسمه من فراغ، وشاركت معه فى مسلسل «مسألة مبدأ».
من أكثر فنان يجذب حنان يوسف؟
القديرة عبلة كامل، أحياناً أبحث عن أعمالها، «خالتى فرنسا» و«بلطية العايمة».. وكذلك توفيق عبد الحميد.
البعض يتهم الأعمال التى تعتمد على القتل والعنف على غرار «سفاح الجيزة» بأنها تروج لهذه السلوكيات.. ما تعليقكِ؟
الناس أذكى من التقليد الأعمى، فليس كل ما يقدم يتم تقليده بهذه السهولة، فالأفلام الأجنبية أغلبها مشاهد تحتوى على العنف والقتل، بل إن بعض الأعمال الكرتونية ذاتها بها عنف، ومع ذلك المشاهد لا يتأثر ويقلد ما يراه لمرد مشاهدته.
هل بعد النجاح الذى حققته حنان يوسف فى «سفاح الجيزة» ستكون لكِ شروط مادية أوفنية؟
بالطبع لا، فمهما قدمت من إجادة فى عملى، فهذا دورى وقدمته كما ينبغى، وليس معنى ذلك أن أبالغ فى طلباتى أو أضع شروطاً؛ لأن اتقانى لعملى ليس مشروطاً بشىء.