السبت 27 ابريل 2024

الدراسة على الشاشة هل عكست الواقع؟

مسلسل دايما عامر

30-9-2023 | 14:55

عمرو والـى

المعلم إحدى  أبرز الشخصيات الدرامية الثرية فى الأعمال الفنية

سلطت الكثير من الأعمال الفنية سواء فى السينما أو التليفزيون أو المسرح الضوء على مراحل التعليم المختلفة، وامتلأت المئات منها بمشاهد عديدة داخل الفصل الدراسى، وعكست العلاقة بين الطالب ومعلمه فى صور كثيرة، وناقشت العديد من الموضوعات المتعلقة بقضايا التعليم بشكل عام، باعتبارها من أهم القضايا الموجودة داخل كل بيت مصرى.
وتزامناً مع بدء العام الدراسى الجديد تستعرض «الكواكب» أبرز هذه الأعمال، وهل عكست الواقع بشكل حقيقى أم لا؟، وذلك من خلال السطور التالية... البداية مع السينما، ففى عام 1949 قدم الفنان نجيب الريحانى فيلم «غزل البنات»، من إخراج أنور وجدى، وبطولة ليلى مراد، وجسد الريحانى فى الفيلم دور معلم اللغة العربية، الأستاذ حمام، صاحب المبادئ والقيم والأخلاق، التى يصر على الالتزام بها رغم حالته المادية الضعيفة، فيما يتعرض للإهانة من ابنة الباشا، التى جسدت شخصيتها الفنانة الراحلة ليلى مراد، ليشعر بفقدان كرامته عند سخريتها وزميلاتها منه.

وبرع الفنان نور الشريف فى تقديم دور الأستاذ فرجانى بفيلم «آخر الرجال المحترمين»، الذى قدمه عام 1984، حيث يتوجه إلى القاهرة برفقة مجموعة من التلاميذ فى رحلة مدرسية، وهناك يتخبط بتقاليد الحياة المدنية والروتين مع محاولة ﻹلقاء الضوء على أهم مشاكله الشخصية وعالمه الخاص وكيف أثرت أخلاقه ومبادئه فى تعامله مع المريضة النفسية؟، التى جسدتها الفنانة بوسى بعد خطفها إحدى الفتيات الصغيرات المسئول عنها الأستاذ فرجانى فى الرحلة، متوهمة أنها ابنتها التى فقدتها.
كما قدم الفنان أحمد زكى شخصية الأستاذ مستطاع، مدرس الفلسفة، فى فيلم «البيضة والحجر» عام 1990، والذى يستأجر حجرة فى أحد المنازل، ويعتقد سكان المنزل أنه على صلة بعالم الجن مثل ساكنها القديم، فكانت فكرة الفيلم قائمة على الصراع بين العلم والجهل.


وامتلئ فيلم «الناظر»، الذى قدمه الفنان الراحل علاء ولى الدين عام 2000 بالعديد من الشخصيات الكوميدية التى جسدت صورة المعلم، وناقشت مشكلات التعليم فى مراحله المختلفة من الابتدائى وحتى الثانوية العامة، وجاء الفنان علاء ولى الدين فى دور الناظر عاشور، الذى يدير مدرسته بالشدة والحزم، فيما يترك المدرسة لابنه صلاح بعد وفاته لإدارتها، وبعد فشل الابن يترك المدرسة لوكيلها، الذى جسده الفنان حسن حسنى، وبمساعدة أصدقائه يعود صلاح لإدارة المدرسة بوعى جديد فى تعامله مع المدرسين والتلاميذ، حيث واجه أزمة عدم تفاعل الطلاب فى الفصول بسبب سوء النظام القائم على الحفظ، وليس الفهم، وعدم وجود مدرسين يتمتعون بالوعى الكافى ومدربين، وفى ظل وجود بعض المدرسين الاستغلاليين، ولكنه ينجح فى النهاية فى تغيير هذا النظام من خلال تشجيع الطلاب بشتى الوسائل.


كما ظهر الفنان محمد هنيدى عام 2008 بشخصية معلم اللغة العربية فى فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» خلال عملين فى السينما والدراما، قدم بهما صورة المدرس الريفى صاحب الشخصية القوية الذى يعشق مهنته كثيراً، حيث ينتقل المدرس الريفى للعيش فى القاهرة والتدريس فى إحدى المدارس الفاخرة، ويقع فى قصة حب مع مطربة، والتى جسدتها الفنانة سيرين عبدالنور، وناقش الفيلم مشاكل التعليم فى مصر، وعلى رأسها أزمة الدروس الخصوصية، وعلاقة المدرس بطلابه.
فى أوائل السبعينيات، قدمت فرقة «الفنانين المتحدين» لصاحبها سمير خفاجى مسرحية «مدرسة المشاغبين» المأخوذة عن الفيلم الأميركى «To Sir, with Love» للنجم سيدنى بواتييه. قدم الفيلم محاولة مهمة لفهم طبيعة طلاب المدارس فى مرحلة المراهقة، وصور تمردهم على الأساتذة فى تحليل سيكولوجى، وبعد ذلك بسنوات؛ جرى اقتباس الفيلم عربياً، فحوله الكاتب على سالم إلى مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التى أخرجها المخرج الراحل جلال الشرقاوى، وقام بالبطولة سعيد صالح، عادل إمام، سهير البابلى، أحمد زكى، حسن مصطفى الذى لعب دور الناظر بعدما اعتذر عبدالمنعم مدبولى عن عدم استكمال دوره. وتعتبر المسرحية من أول الأعمال التى ناقشت فكرة الثانوية العامة فى إطار كوميدى، ودارت الأحداث حول خمسة من الطلبة المشاغبين كانوا يعانون من الرسوب المستمر بسبب ضغط الأهالى على أبنائهم للحصول على درجات مرتفعة ودخول الكليات التى يحددونها لهم.
وعندما لا يستطيع مديرها السيطرة على شغبهم، يستعين بمعلمة كى تهذبهم لتكون هى المصدر الأساسى فى تخطى تلك المرحلة بأسلوبها الراقي. وتعرضت المسرحية لعدد من الانتقادات من علماء الاجتماع، والمثقفين، الذين رأوا أن بها سخرية من القيم والمثل العليا، وأن ذلك قد يؤدى إلى قبول عام بالفوضى.
ومن السينما والمسرح إلى الدراما التليفزيونية، فقد تناول مسلسل «ضمير أبلة حكمت»، الذى عرض عام 1991، من تأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج إنعام محمد على قصة «حكمت» ناظرة مدرسة البنات، التى جسدتها سيدة الشاشة العربية الفنانة الراحلة فاتن حمامة، حيث تحاول تحقيق حلمها بتطبيق تجربتها التربوية على كافة مدارس الإسكندرية، ولكنها تواجه عقبات كثيرة داخل المدرسة وخارجها، بالإضافة إلى مشاكلها الشخصية والتى تسعى لحلها.
كما قدم الفنان الراحل نور الشريف شخصية الأستاذ عبدالحميد دراز، ناظر المدرسة فى مسلسل «حضرة المتهم أبي»، عام 2006،والذى يكافح ويحاول تربية أولاده على القيم والأخلاق، ويرفض دائماً إعطاء الدروس الخصوصية بالرغم من ضعف حالته المادية، وإصراره على مبادئه حتى النهاية، والتى تؤدى به للكثير من المشكلات، عندما يتورط نجله الأكبر فى مشكلة، ويتم الضغط عليه لمحاولة التنازل عن حق ابنه بكل السبل.
يناقض مسلسل «قصة حب» عام 2010، الذى جسد فيه الفنان السورى جمال سليمان شخصية ناظر إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة، الكثير من المشاكل التى يواجهها الطلبة فى تلك المرحلة.
 كما  قدم الفنان مصطفى شعبان مسلسل «دايماً عامر»، حيث قدم شخصية المشرف الاجتماعى «عامر عبدالرازق»، ويعمل فى المدرسة نتيجة تشابه الأسماء بينه وبين أحد الأشخاص، وناقش المسلسل بعض القضايا فى ملف التعليم، وأزمات الطلاب فى مراحل عمرية بعينها، وتدورالقصة داخل إحدى المدارس الخاصة وتضم قسمى «ناشيونال» و«إنترناشيونال» وتنشب عدة خلافات بين طلاب المدرسة، ويضطر المشرف الاجتماعى فى المدرسة للتدخل ومحاولة إنهاء هذه الخلافات بين الطلاب، عبر اصطحابهم لرحلات فى عدد من المحافظات منها الأقصر والغردقة وأسوان. 
باستقصاء رأي عدد من صناع الفن حول تلك الفكرة، وكيف ناقشتها الشاشة.
قالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى إن قضايا التعليم تعد بمثابة أمن قومى لا يمكن إغفالها عن أعمالنا الفنية، مشددة على ضرورة أن يتم تقديمها بشكل مقنع وحيادى، لاسيما أنها تثير التساؤلات دائماً حول رصد الواقع ومعالجته أم المساهمة فى زيادة المشكلات بين الطلاب فى المراحل التعليمية المختلفة بالتركيز فقط على النماذج السلبية؟.
وأضافت البشلاوى قائلة: السينما يجب أن تقدم شتى القضايا وتناقش مشكلات كل الفئات بشكل حيادى وحذر، وهو أمر مشروط بحرفية الكاتب والمخرج، وتنويع الطرح.
واستطردت بالقول: غالبية الأعمال التى تناولت فكرة التعليم خلال الآونة الأخيرة ركزت فقط على السخرية والاستخفاف، وهو الأمر الذى يعكس نظرة البعض الحالية للمدرس، فوضعه البعض فى خانة الانتهازى عبر مراكز الدروس الخصوصية، وأصبح هو المسؤول بشكل رئيسى عن مشكلات المنظومة التعليمية.
وأوضحت البشلاوى أنه من الضرورى التخلى عن الاستمرار فى تقديم تلك الصورة التقليدية للمعلم والطلاب، لاسيما مع تطور بعض أساليب التعليم فى الوقت الحالى، وأن يتم ترجمة هذا الأمر لمزيد من الأعمال الفنية، لافتة إلى أن محتوى مسرحية «مدرسة المشاغبين» على سبيل المثال ملىء بكم غير طبيعى من السلوكيات غير المقبولة فى إطار كوميدى، فكانت هى المسؤولة بشكل غير مباشر عن تدهور العلاقة بين التلميذ والأستاذ، والأزمة الحقيقية تكمن فى أن واقع المعلمين أو الطلاب أحياناً لا يلهم صناع الدراما بتقديم نموذج إيجابى عنهم، والصورة التى تنقلها الدراما بشكل عام أصبحت مشوهة. 
ومن جانبه يرى الناقد الفنى نادر عدلى أن شخصية المعلم تعد إحدى أبرز الشخصيات الدرامية الثرية فى الأعمال الفنية منذ القدم، لافتاً إلى أنه فى حياة كل شخص، معلم أثر فيه سواء بالإيجاب أو السلب، أو له ذكرى معه، لاسيما مع مراحل التعليم المختلفة، إلا أن المؤلفين قاموا بإظهار هذه الشخصية بشكل كوميدى أو هزلى يدعو للضحك أو الفكاهة، وهو الشكل أو النوع المسيطر على معظم الأعمال التى تم تقديمها، فيما جاءت الأعمال الجادة لاتتعدى أصابع اليد الواحدة.
وأكد عدلى أهمية تقديم أعمال درامية جادة تقدم مشكلات المنظومة التعليمية بشكل جاد وحقيقى وواعٍ وكاشف للدور الاجتماعى للمعلم بشكل أفضل وتقترب من الحالة التعليمية بشكل أفضل.
وختم عدلى حديثه قائلاً: هناك فخ دائماً ما تقع فيه الدراما التليفزيونية أو السينما، وهى وضع الشخصية فى قالب أو نمط لا يتغير دون تجديد، والنظر للأمر من إطار نافذة ضيقة لأغلب الشخصيات الدرامية فى المجتمع، وهنا تظهر الحاجة الماسة لتطوير الشخصيات بشكل مستمر.