لا ينكر أحد أهمية ما يعرف بـ«دراما السير الذاتية»، حيث فرضت نفسها منذ سنوات على خريطة الدراما التليفزيونية، ولاقت العديد من الشخصيات التى تم تجسيدها فى كافة المجالات، لا سيما الفنية، نجاحًا كبيراً، فيما لاقى البعض الآخر شيئاً من التحفظات؛ لأن المُشاهد يظل فى كثير من الأحيان متمسكاً بصورة صاحب الشخصية الحقيقية، ولا يرضى عنه ندًا أو بديلاً.. فى هذا الإطار أيضاً لاحظنا أن الدراما تركز على مشاهير بعينهم، وربما تكرر تقديم حياتهم عبر أكثر من عمل، بينما «تخاصم»، إذا جاز التعبير، البعض الآخر فى أحيان أخرى، فنجد على سبيل المثال لا الحصر أن أم كلثوم تم تقديم فيلمين عن سيرتها الذاتية، وكذلك مسلسل قامت ببطولته الفنانة صابرين من إخراج إنعام محمد على، فيما يتم التحضير الآن لفيلم جديد عن كوكب الشرق تستعد لبطولته الفنانة منى زكى.
كل هذه النقاط وأكثر فتحت شهيتنا للتعرض لها من خلال سطور تحقيقنا التالى..
فى هذا الإطار تحدث المخرج مجدى أحمد على، فقال: «من حق المبدعين تناول الشخصيات العامة، ولكن السؤال: كيف يتم هذا التناول، ومن أى منظور؟».
وأوضح قائلاً: «عندما عرض عليّ الفنان الراحل أحمد زكى تقديم فيلم السادات مقابل 10 أضعاف ما أتقاضاه، وافقت على الفور، بل قلت له إنى مستعد أن أتقاضى العُشر فقط، لكن على أن أقدم السادات الذى أريده، بمعنى أن أقدم الرجل من لحم ودم، بما له وما وعليه، فلا يكون اعتمادى على مجرد مذكراته هو أو السيدة الفاضلة جيهان السادات، بل لابد أن أعتمد على تناول شخصيته من جميع المصادر، ومن آراء كل الناس».
وأضاف: «الأمر نفسه تكرر مع فيلم (حليم)، فقد انسحبت منه احتجاجاً على سيناريو الأستاذ محفوظ عبد الرحمن، رغبةً منى فى تقديم عبد الحليم من لحم ودم أيضاً، وعندما بدأت أعمل على السيناريو أرسلت رسالة لأحمد زكى لأن السيناريو لم يكن يعجبنى، وطلبت منه أن يعطينى فرصة لأشتغل عليه، وحجزت بالفعل بأحد فنادق الفيوم معزولاً عن العالم، وكتبت حوالى 60 مشهداً وأرسلت لأحمد زكى أطلب منه إدخال هذه المشاهد فى السيناريو دون أن يلاحظ محفوظ عبد الرحمن أصلاً، ولم أكن أنوى كتابة اسمى على السيناريو؛ احتراماً لمحفوظ عبد الرحمن، لكن أحمد زكى بحُسن نية أخذ هذه الإضافات وأعطاها لمحفوظ، لكن الأخير رفض بشكل قاطع واعتبرها إهانة، فقلت لهما هذا هو حليم الذى أريد تقديمه، ومن هنا كان انسحابى من الفيلم».
بليغ حمدى
من مشروعات السير الذاتية التى سيقدمها المخرج مجدى أحمد على، مشروع جاهز وكامل عن سيرة الموسيقار بليغ حمدى الفنية والشخصية، الذى اشتغل عليه بالفعل.
وأكد مجدى أحمد على أنه حصل على موافقة الورثة مرتين، والسيناريو والحوار للكاتب محمد الرفاعى، وأمدهما بالمادة العلمية محمد دياب الذى جمع كل الصور والوثائق المفيدة للعمل الفنى.
وأكد مجدى أن المسلسل لن يقع فى الفخ الذى وقعت فيه المسلسلات الأخرى، التى قدمت سير عدد من المشاهير من وجهة نظر واحدة، بل سيقدم صورة أقرب ما تكون إلى واقع شخصية بليغ الإنسان والفنان، بوصفه بشراً من لحم ودم، يخطئ ويصيب.
ولتنفيذ هذا المشروع عقد المخرج مجدى أحمد على لقاءات مكثفة منذ سنوات، وحصل على شهادات مسجلة للمقربين من بليغ حمدى، وكان من بينهم الإعلامى وجدى الحكيم والشاعر الغنائى محمد حمزة، وزوجة بليغ السابقة المطربة وردة، والإذاعى كامل البيطار، وقائد الأوركسترا صلاح عرام، والمطربة سميرة سعيد، وابنا شقيقه الراحل حسام، وهما هيثم وتامر، وكذلك أسامة حمدى ابن شقيقته أسماء، وغيرهم من المقربين من بليغ حمدى.
منة شلبى.. ومى زيادة
أما الأديبة مى زيادة، فهناك عمل يتناول سيرتها الذاتية، سيقدمه الكاتب محمد هشام عبيه، وستجسد شخصيتها به الفنانة منة شلبى، وعن ذلك يقول عبيه: «مى زيادة حلم قديم لناس كثيرين، لكن هناك لعنة ما تصيب أعمال مى زيادة تحديداً، فتتعطل، حيث بدأت الفنانة نور عام 2009 تصوير مسلسل عنها، لكنه لم يخرج للنور على الرغم من تصوير عدد من الحلقات.. أما مسلسلنا فما زال قائماً، لكنه يحتاج تحضيرات كثيرة، كما أن مشكلته الثانية انشغال غالبية الأطراف المشاركين به أوقاتاً كثيرة، سواء أنا أو منة شلبى أو المخرجة مريم الأحمدى، وكذلك الشركة المنتجة غالباً ما تكون لديها أولويات إنتاجية فى رمضان، لكن بإذن الله لدينا شبه اتفاق على أن يكون جاهزاً للعرض فى صيف 2024».
وبسؤاله عن المثالية التى تكتنف كثيراً من أعمال السير الذاتية، وكيف سيتعامل مع ذلك الأمر فى تناول شخصية مى زيادة، قال عبيه: «بالعكس، مى زيادة نفسها لم تكن حريصة على إظهار مثاليتها مائة فى المائة، فهى شخصية مثيرة للتفكير والجدل وسنحكى قصتها كما حدثت من مصادر موثوق بها، وهى كذلك كانت كاتبة ومتحررة، وهو ما شجعنى على تقديم تلك الشخصية.. وفى رأيى هذا هو ما يجعل أعمال السير الذاتية بالخارج أفضل من نظيرتها عندنا، فمعظم الأعمال عندنا تتجاهل الجانب غير المثالى للشخصية التى يتم تناولها فنياً».
أمير الصحافة
ويحلم المؤلف هشام عبيه بأن يقدم السيرة الذاتية لمحمد التابعى أمير الصحافة، فهو حسب رأيه، «شخصية مدهشة، استطاع تكوين شبكة كبيرة من العلاقات مع شخصيات كبيرة ونافذة، فقد رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937، وكان شاهداً على العديد من الأحداث التاريخية، لكن هناك بعض المشكلات مازالت متعلقة بهذا العمل.