الخميس 21 نوفمبر 2024

فى دورته الـ 24 أيام قرطاج المسرحية.. المسرح هو فن المقاومة وفن الحياة

مهرجان قرطاج

16-12-2023 | 14:47

نيفين الزهيرى

رفعت الدورة الـ 24 لمهرجان أيام قرطاج المسرحية شعار «بالمسرح نحيا.. بالفن نقاوم» باعتبار أن المسرح هو فن المقاومة وفن الحياة بامتياز منذ عهد الإغريق إلى اليوم، وكانت فلسطين أيضا حاضرة بقوة فى فعاليات هذه الدورة، وهو ما أكده الدكتور معز مرابط رئيس المهرجان منذ اليوم الأول حيث تم اعتبار الدورة الـ 24 دورة المساندة والتضامن مع الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن حقه المشروع.

كرم المهرجان عددا من الرموز الفنية وهم عبدالرؤوف الباسطى، نضال الأشقر، روجيه عساف، أمين زنداغنى، إلهام إينالى حميدى، يايا كوليبالى، ناجية الورغى، الإعلامية هالة سرحان، الفنان حسين محنوش، كما تم تكريم الفنانة الكبيرة سوسن بدر ولكنها اعتذرت عن عدم الحضور، وحرصت الفنانة إلهام شاهين ضيف شرف الدورة والإعلامية هالة سرحان على ارتداء  الشال الفلسطينى خلال حضور حفل الافتتاح للدورة التى شارك فيها أكثر من 60 عرضا من 28 بلدا من مختلف القارات، منها 11 عرضا فى المسابقة الرسمية، و24 عرضا موازيا، 18 عرضا من مسرح العالم، و 4 عروض من التعبيرات المسرحية فى المهجر.

عروض فلسطينية
كما أن المسرح الفلسطينى بقضاياه وهمومه ومأساة شعبه حضر بقوة فى أيام قرطاج المسرحية من خلال اثنين من الفنانين الفلسطينيين اللذين قدما تجربتين مهمتين، التجربة الأولى مسرحية (بأم عينى 1948)، إنتاج الهيئة العربية للمسرح، عن نص وإخراج وأداء للفنان الكبير غنام غنام الذى قدمه بعد أن قدم من قبل “عائد إلى حيفا” و”سأموت فى المنفى” وتأتى مسرحية “بأم عينى 1948” فى سياق أعمال كرّسها غنام غنام لخدمة القضية الفلسطينية كحلقات متّصلة ومنفصلة، يرصد من خلالها تجربة ذاتية لاستكشاف الوطن “معنى وحقيقة”، أما العرض الآخر فهو “غزال عكّا”، إنتاج رائدة طه بدعم من مسرح زقاق وإخراج ودراماتورجيا جنيد سري الدين، عن نص لرائدة طه، وموسيقى ليال شاكر ، وأداء رائدة طه، وتروى مسرحية “غزال عكّا” فصولا من حياة فلسطينى  وُلد فى ثلاثينيات القرن الماضى فى عكّا، وشهدت حياته القصيرة مسارا شائكا؛ من تهجير قسرى ولجوء إلى حدّ الاغتيال، وشقّ هذا البطل حياته النضاليّة من موقعه بسلاح قلمه الساحر والمشاكس فى الكتابة والصحافة والنقد والأدب والرسم ... كان  مبدعا يعشقُ الحياة، حتى اغتيل فى السادسة والثلاثين من عمره، وبقى اسمه أيقونة للتاريخ إنّه غسّان كنفانى، واختارت صاحبة النص رائدة طه أن تطلق على غسّان كنفانى صفة “غزال عكّا” فى تعبير أقرب إلى شخصيته وأشبه بوسامته وبجاذبيته.
كما شارك عرض آخر للمخرج الأردنى الفلسطينى حكيم حرب بعنوان “أنتيجونى”، كأول شهيدة فى مسرح العالم، وقال “اخترت هذا الاسم اليونانى تحديدًا لمعناه والذى يشير إلى أنه ضد الاستسلام والرضوخ، ويتجسد ذلك فى رفض أنتيجونى للسيطرة، ويتناغم العرض مع ما يحدث فى القضية الفلسطينية الحاضرة.


تكريم هالة وداود
عقد مهرجان أيام قرطاج المسرحية ندوة للإعلامية الكبيرة الدكتورة هالة سرحان وقام بإدارتها الإعلامى التونسى عماد دبور تحدثت عن بداياتها ودراستها لفن الباليه والمسرح بأكاديمية الفنون وقالت إنها قامت بالتدريس للكثير من النجمات منهن إلهام شاهين وأيضًا سوسن بدر كانت تلميذتها وكانت تقوم بتدريس مادة جديدة وهى مادة الحركة للممثل من خلال منهج جروودفيسكى، ثم قالت: أشكركم على الحضور وأضافت:  كل ما يحدث فى العالم وفى العصر الرقمي والذكاء الاصطناعى والسوشيال ميديا لا يمكن السكوت عنه، والميديا تتغير كل ثانية، وقمت بالتدريس فى أكاديمية الفنون لفترة طويلة وأنا أكرم فى مهرجان مسرحى لأننى أنتمى لفن المسرح ودرست فن المسرح والباليه والنقد، وأنا ابنة أكاديمية الفنون، وقدمت فى أمريكا مسرحيتين من المسرح الموسيقى ،وتفاجأت من دعوة مهرجان أيام قرطاج المسرحية لى، ولكننى أشكرهم على الدعوة والتكريم فقد بحثوا عن الجانب الذى يكرموننى عليه وهو بداياتى المسرحية وتدريسى لفن المسرح بأكاديمية الفنون ودراستي للباليه وللنقد”.
وعلي الجانب الآخرأعرب الكويتى داود حسين عن سعادته بتكريمه فى المهرجان وقال “ التكريم مهم للفنان ولكن فرحتى منقوصة لما يحدث لأشقائنا فى غزة، وأنا سعيد بالمشاهد الفلسطينية فى مهرجان أيام قرطاج وأن تكون تلك الفعالية صوتًا نعبر فيه عن الصورة الحقيقية التى يزيفها جيش الاحتلال، فالمحافل الفنية فرصة لنا لأن نعبر ونساند أشقاءنا حتى ينتصروا”.
غياب مصرى وإلغاء عرض 
وعلى الرغم من الإعلان عن وجود مسرحية “حكم نهائى” لرضوى الشريف، من إنتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة (قصر الثقافة الجيزة) لجمهورية مصر العربية بالمسابقة الرسمية بالمهرجان، ولكنها غابت عن المهرجان، العرض من تأليف أحمد الأباصيرى، ودراماتورج وإخراج رضوى الشريف، ومن إنتاح الهيئة العامة لقصور الثقافة -الإدارة المركزية- الإدارة العامة للمسرح، من خلال فرع ثقافة الجيزة بإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد.
مسرح المساجين
أكد دكتور معز مرابط رئيس مهرجان أيام قرطاج المسرحية، عن عروض بالمهرجان أبطالها من “المساجين”، تتحدث عن مشكلاتهم، وعن أمور متعلقة بالقهر، الوحدة، وهموم المجتمع، وقال “عروض السجون فكره استثنائية موجودة من الستينيات من مسرح المدرسة، وهناك ورش فى المؤسسات العقابية وحرصنا على مشاركة المساجين فى العروض لأن الفن يهذب ويرتقى ويعلم”، كما أكد رئيس المهرجان أن هذه العروض تلاقى رواجا وحضورا كبيرين، وبها  عناية استثنائية.
أنطوان تشيخوف
نظمت إدارة المهرجان ندوة فكرية دولية عن الكاتب المسرحى الروسى أنطون تشيخوف، الذى قدم مسيرة من الأعمال المميزة، التى تعبر عن الواقع بشكل كبير خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر، واتصفت أعماله بالكونية الفائقة بسبب اتساقها مع الواقع، واستطاع أن يعبر عن معاناة ومشكلات وطموحات البشر، وتُرجمت أعماله للعديد من اللغات، وتمت إعادة تقديمها فى أعمال مسرحية وسينمائية، وحضرت الندوة مجموعة كبيرة من الباحثين والنقاد المسرحيين والمخرجين، ويوضح كل منهم رؤيته الخاصة فى بعض أعمال “تشيخوف”، التى لاقت رواجًا كبيرًا بين الجمهور.
سنة أولى سوق
أقيمت الدورة الأولى للسوق الدولية لفنون الفرجة بمدينة الثقافة والتى جمعت بين الفن والتبادل التجارى، لإتاحة فرصة لتطوير الشراكات وصنع فرص للتعاون خارج الحدود الجغرافية، وأكدت إدارة المهرجان على تعزيز التزام طويل الأمد لمهرجان أيام قرطاج المسرحية تجاه إفريقيا والعالم العربى والمنطقة المتوسطية، مع السعى للتعاون مع الفنانين ووكلاء صناعة الفرجة الذين يشتركون مع المهرجان فى نفس الاهتمامات والتوجيهات والأهداف، وتكون هذه السوق حيزا للتبادل والتعاون، وشكلت السوق مفترق طرق للمهرجان ومكانا للالتقاء من أجل تبادل نابض بالحياة وملموس ومستدام، كما أنها استهدفت فنانى الأداء من جهة وصناع المسرح بمختلف تخصصاته وفنانى الأداء المعاصرين والراقصين من جهة أخرى، والشخصيات الاعتبارية من أهل المهنة، بما فى ذلك مديرى المهرجانات ومديرى البرمجة والمسارح والمنتجين والمؤسسات الفنية والراعين والمانحين.
40 سنة مسرح
“40 سنة بالمسرح نحيا” هو شعار الدورة الـ24 لمهرجان أيام قرطاج، وبهذه المناسبة التى اقتبس منها الشعار، أقيم معرض فنى احتفالًا بمرور 40 عامًا على تأسيس المسرح الوطنى التونسى وتحفيز التلاقي بين التجارب المسرحية، فهى لحظة اقتبست فيها عدسات الكاميرات الزمن الهارب ووهبته إلى الذاكرة، وجسدت العدسات ذاكرة المسرح التونسى بأوهامه وأحلامه، وانكساراته، بأوجاعه وآماله من خلال صور كثيرة، تفسح لك مجالا أكبر للتأمل والاستمتاع بتلك اللحظات من التاريخ، وجميعها أصداء للحظات قوية على المسرح جعلت منها الصور فنا قائما بذاته.