23-3-2024 | 02:16
ولاء جمال
فى ظل حالة الحنين للماضى التى تلازم كلاً منا طوال الوقت، نلمس التفاف الكثيرين حول الأعمال الفنية القديمة، لا سيما المسلسلات القديمة التى تعرضها بعض القنوات الفضائية، تلك المسلسلات التى كان ظهورها فى شهر رمضان، والتى تحمل لكل منا ذكريات خاصة، وبالتأكيد كانت لكواليس هذه المسلسلات ذكرياتها مع أبطالها الذين عاشوا كل تفاصيلها وقت التصوير، ليظهر لنا عمل متكامل على الشاشة.
«الكواكب»، التقت عدداً من صناع هذه المسلسلات ليكشفوا لنا تفاصيل هذه الكواليس وما عاشوه خلفها، من مشاعر وإحساسيس ومواقف وأحداث وطبائع النجوم فيها على الحقيقة، عدنا معهم لتلك السنين ليتذكروا معنا هذه الكواليس فكانت السطور التالية.
البداية كانت مع النجمة الكبيرة إلهام شاهين التى كثيراً ما أمتعتنا بأعمالها فى رمضان، فقالت: تعودت على قضاء شهر رمضان فى الاستديوهات، فقد مر عليّ أعوام كثيرة لم أقضِ رمضان فى بيتنا، إما لتقديم عمل فى رمضان أو أكثر من عمل، فقد كنت أقدم أكثر من عمل فى بعض المواسم الرمضانية، وكنت أخرج من هذا الاستوديو وأذهب إلى الآخر، فقد قدمت فى عام واحد مسلسلى (مسألة مبدأ) و(نجمة الجماهير)، وفى عام آخر قدمت (على نار هادئة)، و(الحرافيش) وهو السيرة العاشورية، وفى عام آخر قدمت (امرأة من نار)، و(بنت أفندينا)، فكنت أقدم مسلسلين يتم عرضهما فى رمضان.
وأضافت: آخر عمل رمضانى قدمته كان فى رمضان قبل الماضى، كان مسلسل (بطلوع الروح)، وكنا نصور فى لبنان على حدود سوريا، واستمر التصوير حتى يوم 29 رمضان، حتى البعض كان يعمل حتى يوم 30 رمضان صباحا.
وعن كواليس أعمالها مع النجم يحيى الفخرانى، سألناها فقالت: قدمنا معاً مسلسل (نصف ربيع الآخر)، وهو من أجمل مسلسلاتنا، وكواليسه كانت جميلة جداً، وهو فنان رائع من يعمل أمامه لابد أن يكون فى أحسن حالاته، وطبعاً كان معنا المخرج يحيى العلمى الذى قدمت معه أجمل أعمالى، رحمه الله كنت أحبه جداً، وكنت أسلم نفسى له وأنا مطمئنة، ومستمتعة بالشغل جداً وواثقة أنه سيكون علامة.
وانتقلت إلهام لذكرياتها مع المخرج يحيى العلمى، فقالت: أخذنى وأنا صغيرة جداً، فقد كنت فى السنة الثانية فى المعهد، بمعنى أنى قدمت معه مسلسلاً وكان عمرى 18 سنة، كان بطولة الراحل نور الشريف وكتبه محمد جلال عبد القوى، قصة الدكتور طه حسين، ثم عملت معه (نصف ربيع الآخر) مع الفنان الفخرانى، والذى كتبه محمد جلال عبد القوى، ثم السنة التالية كان مسلسل (الحاوى)، الذى كتبه محسن زايد وكان معى فاروق الفيشاوى،وعلمت معه آخر عمل فى حياته (بنات أفكارى)، الذى شعر بالتعب أثناء العمل به، وبعد الانتهاء من المونتاج دخل المستشفى، ثم توفى، الله يرحمه كان مخرجاً عظيماً، وكان هذا المسلسل مع القدير الراحل محمود مرسى، ومن تأليف محسن زايد أيضاً، فأنا عملت مع نجوم كبار جداً، ومع كتاب كبار جداً أعمالاً لا تعوض.
ثم توجهنا إلى الكاتب الكبير صاحب البصمات والروائع فى الدراما مجدى صابر، الذى حدثنا عن ذكرياته مع أعماله ونجومها، فقال مجدى صابر: ذكرياتى فى رمضان بديعة، أنا شخصياً عشت طفولتى وشبابى فى شبرا، وهى منطقة لا تفرّق بين مسيحى ومسلم، فهذه المنطقة خليط ومزيج بديع فى المناسبات الإسلامية مثل رمضان والأعياد، كلنا نشارك فيها.
وأضاف صابر: عندما بدأ شغلى يذاع فى رمضان كنت حريصاً على مشاهدته وسط أهلى وأصدقائى، خاصة أنه فى فترة التسعينيات لم تكن القنوات كثيرة مثل الآن، فكان المسلسل الذى يعرض إذا كان ناجحاً تجد الناس جميعاً جالسين فى بيوتها لمتابعته، ولا يوجد أحد بالشارع، وأنا شاهدت هذا بنفسى، فمثلاً فى مسلسل (الرجل الآخر)، وهو أول عمل يُعرض لى فى رمضان لمست نجاحه بشكل كبير جداً، فقد كنت أشاهده على كافيهات مع أصدقائى فى أماكن متعددة، فكان النجاح لحظياً، وتصلنى متعة طبعاً، وكنت لا أفصح عن شخصيتى وسط الناس أو أنى مجدى صابر لأرى رد فعل الناس على حقيقته، وحدث هذا فى رمضان لأكثر من عام ومع أعمال مختلفة منها (الرجل الآخر)، و(العائلة والناس) و(للعدالة وجوه كثيرة) و(أين قلبى)، وهكذا، وهذا يحمل لى ذكريات بديعة.
وتابع: كنت حريصاً على دعوة عدد من الأصدقاء والزملاء للإفطار معاً فى أكثر من مكان، وكانت المنافسة قوية جداً وبديعة ونزيهة، وكان هناك اهتمام صحفى شديد بالأعمال المعروضة، وقد نالنى الكثير من هذا الاهتمام، رفقة أبطال مسلسل (الرجل الآخر) من عشرات الندوات والتكريمات، وكذلك مسلسل (العائلة والناس) ومسلسل (للعدالة وجوه كثيرة) مع يحيى الفخرانى ودنيا سمير غانم، وكان أول عمل لها، ومسلسل (أين قلبى) نفس الحكاية، من تكريمات غير عادية.
وعن علاقته بالنجوم، يقول مجدى صابر: كان نور الشريف قريباً لقلبى؛ شخص متواضع، وابن بلد، لا يشعر من حوله بالفوارق، فهو يحب جميع الناس، كما أنه حقق النجاح منذ زمن، فالنجاح بالنسة له ليس مدعاة للغرور، وهذه البساطة فيه كانت سبب قربه من قلبى.
وأضاف: كل النجوم كانوا حبايبى، منهم ممدوح عبدالعليم، فقد كان قريباً جداً إلى قلبى، وقدمنا معاً 3 مسلسلات، وحتى عندما صورنا (شط إسكندرية) كانت هناك مشاهد كثيرة على الشاطئ وفى الترام، وكنت حريصاً على أن أكون موجوداً فى التصوير، وجلسنا فى كافيهات ومطاعم كثيرة، وكذلك وخالد النبوى لى معه ذكريات جميلة.. أما عبلة كامل فهى بنت البلد الطيبة الحبوبة، وما أكثر المرات التى دعتنى على الإفطار فى بيتها، وأنا رجل مسيحى، فكنت أذهب صائماً ومعى المخرج مصطفى الشال أو بعض النجوم، فكانت تقول لى: إنت صايم معانا. أقولها: يعنى هاجى أفطر وأنا فاطر معنديش دم يعنى؟!.. وكانت تسألنى عما أحب أن أتناوله، فقد كنت أشعر بأنها أختى وكنت أتعامل معها على أنها أختى وليست نجمة مسلسلى، فهى أبعد ما تكون عن النجومية، بل هى بنت بلد، يشعر الجميع معها بأنها الأخت أو بنت الخالة، يعنى حد من لحمك ودمك، أما عن كرم عبلة كامل فليس له حدود، فهى نموذج أعتقد أنه متفرد فى الفن المصرى».
وعن ذكرياتها داخل الكواليس فى رمضان، قالت الفنانة آثار الحكيم: سر تفرد أعمالى يكمن فى أسامة أنور عكاشة.. وفى نفس الوقت التكامل الموجود فى كل العناصر، فلا يوجد ممثل فى دور غير دوره.. ففى زيزنيا (كل ممثل فى الجول).. مثلاً إذا وضعتِ كل السيدات اللائى بالعمل فلن تجدى واحدة تشبه الأخرى مطلقاً، بمعنى أنا غير فردوس عبد الحميد تماماً، غير إيمان، وأحمد السقا ومنى زكى فى الجزء الثانى، كل الناس تغيرت.
وفى «ليالى الحلمية» كان إحساسى بالأمومة وابنى أكبر من إحساسى بالفن، فهو طفل رضيع لا حول له ولا قوة كان «على» الطفل الثانى لى، وسبحان الله فقد صوروا هذا الجزء فى 11 شهراً، ففى الأسبوع الأول كنت خارجة للتو من الولادة، وقبل أن ينتهوا من تصوير هذا الجزء كنت حاملاً فى ابنى عبد الرحمن، فأيامها الأمومة كانت أكبر عندى من أى شىء آخر، كما أننى فعلت هذا أيضاً لحق الجمهور، فهم تركوا «زهرة» هذه البنت اللطيفة النقية، فكيف فجأة يجدونها هكذا فى هذا الحجم، فكنت لا أستطيع أبداً أن أكسر قلب الناس على «زهرة»، واحتراماً للجمهور الذى لا يجب أن يشاهد «زهرة» هكذا.. وكان من الممكن أن استكمل الدور لو بدأ التصوير بعد ثلاثة شهور من الولادة، كنت سأدخل التصوير بعدما يكون ابنى «كبر قليلاً»، وأكون عدت لحجمى الطبيعى لكنه ترتيب الله.
وبسؤالها عن سر إصرار أسامة أنور عكاشة على وجود آثار الحكيم فى معظم أعماله، قالت: أسامة أنور عكاشة كان يرى بخبراته أن لديّ موهبة حقيقية، وأنا لا أنسى جملة قالها فى مؤتمر إعلامى ثقافى: «آثار الحكيم بصمة طابع البريد فى أى عمل يتعمل».. لكن أنا لم أكن أشعر بحجم موهبتى ولا بحجم قيمتى أو بشكلى ولا كل هذه النعم التى أنعم الله بها عليّ.
وقال الفنان الشاب مصطفى غريب: كانت كواليس مسلسل (الكبير أوى 7) أكثر من رائعة، فلا أرى أفضل من هذا اللوكيشن، فالأستاذ أحمد مكى، والأستاذ أحمد الجندى على مستوى عالٍ جداً إنسانياً وفنياً، ولست أنا من أتحدث عنهما، فتاريخ كل منهما الفنى يحكم بذلك، وعلى المستوى الإنسانى، فقد وجدت منهما كل الاطمئنان، والوقوف بجانبى، حتى لا أشعر بأى قلق أو توتر، كأنى أخوهما الصغير، وينبهانى إلى ما يصح قوله وما لا يصح قوله، كما أنهما أتاحا لى فرصة إطلاق الإفيهات بعد ضبطها بالطريقة الأفضل، وكان الأستاذ مكى يفرش لكل الناس لإخراج الإفيهات فى أجمل صورة.
أما الفنانة الجميلة لبلبة، فقد تحدثت عن ذكرياتها فى كواليس أعمالها الدرامية مع الزعيم عادل إمام، فتقول: لا أنسى أعمالى مع النجم الكبير عادل إمام، الذى يخلق حالة حب أسرى بيننا جميعاً، فكنت أشعر خلال التصوير بأنى ذاهبة للشغل وأنا سعيدة، هو حنون وراقٍ فى مشاعره وفنان مبدع، وأتذكر ونحن نمثل معاً كيف كان يمنحنى الإحساس بعينه، وكيف كان يشجعنى، وأشعر معه بالإطمئنان، فهو جميل المشاعر، وهناك عِشرة كبيرة بيننا طوال تاريخنا.
وأضافت لبلبة: حققت مع الزعيم نجاحاً كبيراً فى دور (حميدة) ضمن أحداث مسلسل (مأمون وشركاه)، وأتذكر فى مسألة المكياج التى ظهرتُ بها فى الحلقات الأولى وعندما انضم إلينا عادل إمام فى التصوير طبعاً لم يكن رأى وجهى، وقفت أنا فى الاستوديو، وخرجت من غرفتى ودخلت لتصوير أحد المشاهد، وأثناء دخوله الاستوديو فى الممر، وقف عادل وقال (إيه ده)، وأدار وجهه وعينه عنى، وكأنه لا يريد أن يرى التجاعيد التى ظهرت على وجهى فى المسلسل، وأحسست وقتها من عينيه أننى (صعبت عليه)؛ لأننى أحفظ نظرات عادل فى المواقف المختلفة، وهذا ما أخافنى وأرعبنى من قبول جمهورى لهذا الشكل وأن يصدم المشاهدون من منظرى عندما يروننى بهذا الشكل، وهذا الشعور ظل يلازمنى طوال فترة التصوير، ولكنى أشكره لأنه ظل يحتضننى طوال فترة تصوير المسلسل، وكنت أشعر معه بالاطمئنان.