الأحد 7 يوليو 2024

استعداداً لتكريمه فى قومى المسرح.. أحمد آدم: هذه حكاية أول أعمالى المسرحية

أحمد آدم

4-7-2024 | 14:05

طارق شحاتة
عرفته منذ سنين فناناً متألقاً، ومثقفاً، ووطنياً واعياً، ففى كل مرة ألتقيه أستزيد من ثقافته الواسعة، ونظرته بعيدة المدى، من خلال رؤيته للأمور وحالة «الوعى» التى يملكها. إنه الفنان الجميل أحمد آدم، الذى استقبلنا بترحاب وحب، وفتح قلبه لنا متحدثاً عن كثير من الأمور، فأفصح عن فنان على قدر كبير من الوطنية والثقافة، مهموم ببلده، يستخدم فنه سلاحاً، فهو صاحب فكر وقضية، يتبناها منذ أن امتهن الفن. ومع الاستعداد لتكريمه فى المهرجان القومى للمسرح المصرى تحدث آدم فى هذا الحوار عن أول عمل مسرحى قدمه وهو فى عامه العاشر مع الفنان الراحل طلعت زكريا، كما تطرق إلى ثورة 30 يونيو التى أنقذت الوطن، مروراً بالقضية الفلسطينية، وتحدث بشكل مقتضب عن فيلمه الجديد «تانى تانى»، وعلاقته بالعملاق محمود مرسى، وأشعار صلاح عبدالله، التى لحنها وغناها بنفسه، وأسرار كثيرة أخرى فى السطور التالية. عن حالته الصحية، والوعكة الأخيرة التى ألمت به، بدأنا الحديث مع النجم أحمد آدم، الذى طمأن جمهوره، قائلاً: «الحمد لله، كانت عندى بعض الآلام بسبب القولون، ولكنى تعافيت منها وحالتى الصحية بخير». تانى.. تانى وتحدث آدم عن أحدث أفلامه السينمائية «تانى تانى»، قائلاً: الفيلم حلو، يقدم كوميديا لطيفة، لذلك فهو مناسب للعائلات، وأهم ما يميزه الضحك من خلال كوميديا الموقف، ولكن للأسف توقيت عرضه كان غير موفق، خاصة أنه عُرض فى أيام امتحانات الطلبة، كما أنه تعرّض للقرصنة من أول يوم عرض، ورغم أن هذا الفعل مشين ويضر بالعملية الإنتاجية إلاّ أنه تمت مشاهدته أكثر بسبب انتشاره على مواقع الفيديو المصورة. العيد سألناه عن عيد الأضحى الماضى وكيف احتفل به، فقال: أبدأ يوم العيد بالصلاة، ثم ذبح الأضحية، وكان المسرح وجهتى الأساسية فى الأعياد، فقد كنت أقضى العيد دوماً فى المسرح لتقديم أعمال مسرحية، أما الآن فأنا غير مرتبط بأى عمل مسرحى، لذلك فقد قضيت أيام العيد من خلال التجمع مع أصدقائى وكذلك التجمع الأسرى الذى أعتبره أجمل ما فى الأعياد. ثورة 30 يونيو وعن ثورة 30 يونيو التى احتفلنا بذكراها الـ11 منذ أيام، تحدث النجم أحمد آدم، معبراً عن رأيه، فقال: ثورة 30 يونيو هى التى غيرت العالم، واستطاعت أن تكون سبباً فى تدمير مخطط كان يحاك لمصر منذ سنين، فبفضل هذه الثورة أفسدنا مخططاً كان يدبر لنا منذ أكثر من 300 سنة، فهناك قوى داخلية وخارجية تتآمر علينا، حتى فكرة تهجير شعب فلسطين التى أطلت برأسها مؤخراً، وتصدى لها بكل قوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لتفشل تلك الفكرة ويتم وأدها فى مهدها، كل هذا كان بفضل ثورة 30 يونيو التى أعادت مصر لحكم المصريين الحقيقيين، وجعلت المصريين على قلب رجل واحد تجدهم متوحدين وقت الأزمات فى خدمة الوطن، فلولا تلك الثورة لا يعلم إلا الله كيف كان الحال بالنسبة لمصر فى هذه الأيام، ولكن الحمد لله أنا مطمئن طوال الوقت على الشعب المصرى، الذى أراهن عليه دائماً على وعيه. بوست على «مواقع التواصل» عبر صفحته الشخصية على «مواقع التواصل»، كتب الفنان أحمد آدم مؤخراً «محمود مرسى.. فنان عظيم ووطنى مخلص»، سألناه عن هذا البوست فقال: «هى أول مرة أكتب فيها عن هذا العملاق، الذى يضرب به المثل فى الفن والوطنية، فعلى المستوى الفنى أعتبره قدوة، وأحبه وأحب تمثيله جداً، بطبيعته وأدائه وألقائه، فهو نموذج للفنان الفريد الذى لم يقلد أحداً ولا يستطيع أحد تقليده، أما على المستوى الوطنى فكان نموذجاً يحتذى، وهو ما زاد من حبى له، خاصة بعد معرفتى أنه كان مذيعاً فى لندن، وأثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، خرج على الهواء مباشرة عبر أثير الإذاعة هناك قائلاً: (لا يشرفنى التواجد والعمل مذيعاً خارج بلدى)، ثم اتجه إلى بورسعيد وليس القاهرة لينضم إلى المقاومة هناك، هذه المواقف لا بد أن تكون فى الذاكرة طوال الوقت، وهذه النماذج تعطى المثال الحى لحب البلد، على العكس من البعض الذين لا يحبون البلد، ولا يعملون إلا لمصالحهم الشخصية، لكن بفضل الله محمود مرسى وأمثاله باقون، والبلد مليئة بالشرفاء الوطنيين، لذلك فمصر كانت تستحق ثورة 30 يونيو لوضع كل شيء فى نصابه الصحيح. سألناه: هل قابلت الفنان محمود مرسى، ردَّ بحماس شديد جداً: طبعاً قابلتهوصاحبته، كان ذلك فى استوديو الجيب، كان يصور الجزء الثانى من أبوالعلا البشرى، وكان صلاح عبدالله يشاركه فى هذا المسلسل فسأله عنى «أنت صاحبك أحمد آدم» فرد عليه «أيوة».. فواصل مرسى كلامه: «الواد ده أنا بحبه»، وشاءت الظروف، وكنت أصور سهرة تليفزيونية فى نفس الاستوديو الذى يصور به «أبوالعلا البشرى»، وكنا نتقابل فى وقت الراحة ونتناول الطعام لمدة أسبوعين، واكتشفت أن دمه خفيف جداً فوق ما تتخيل، كما كان يحب صلاح عبدالله جداً، وكنت أحياناً أقوم بتلحين أشعار صلاح عبدالله، وأغنيها أمامه، وكانت تلك الجلسات يسودها الحب والمرح والسعادة، ويغلفها الاحترام. صديق العمر كما تحدث آدم عن ذكريات كثيرة جمعته بالفنان الكبير صلاح عبدالله، وثنائى فنى جمعهما سينما ومسرحاً وتليفزيوناً وأيضاً غناءً، فقال: أرى أن صلاح شاعر محترف، وكانت له أغانٍ وطنية محترمة، بإحساس خاص به وحده كانت تستحق التلحين والظهور إلى الجمهور، وجزء من هذه الأغانى التى كتبها كنت ألحنها وقت الجامعة ومرحلة الشباب ونغنى معاً وسط أصدقائنا، ومن أهمها وأميزها بالنسبة لى قصيدة «تخاريف» من خلال إحساسه الخاص.. كما أن المسرح كان يجمعنا يومياً، هذا على المستوى الفنى، أما على المستوى الشخصى، فكثيراً ما كنت أزوره فى بيته، وكذلك العكس عندى بالإسكندرية، وكنا دوماً مع بعض، والحمد لله علاقتى بكل أصدقائى القدامى طيبة جداً. المناخ العام لا يرى الفنان أحمد آدم أن السلوكيات العامة فى أحسن صوره، بل يرى أن هناك حاجة لإعادة صياغة سلوكيات كثيرة فى مجتمعنا، لأن هناك مؤامرة على بلدنا تتمثل فى نشر «القبح»، والتعود عليه والتبرير له، موضحاً: لو تحدثنا عن الفن نموذجاً لذلك وتحديداً بعض أغانى المهرجات، التى لا أعترض عليها بالمناسبة، ولكن أعترض على كلماتها، تجد أنها بمثابة مختلفة جدا عن أغانينا، فالكلمات غريبة، ونفاجأ بها منتشرة على «مواقع التواصل». ويستطرد قائلاً: فكرة الأغانى أساساً مبنية على خلق حوارجميل من خلال معانٍ مجازية جميلة حتى لو من خلال كلمات شعبية بسيطة، ولكن بعض ما نسمعه فى هذه الأيام من كلمات يصيب بـ(الدهشة)، كذلك موسيقى بعض أغانى المهرجانات عليها مائة علامة استفهام ولا أحبها، فكثيراً من تلك الأغانى بموسيقاها وكلماتها لا أحبها، لأنها لا تسمو بالعقول ولا النفوس. خارج السرب ورفض آدم مقولة «الجمهور عايز كده»، قائلاً: يقينى أن الذوق المصرى سوف يلفظ كل ما هو قبيح ولن تبقى إلا البضاعة الجيدة، فهذه هى قناعاتى ولن أغيرها، فأنا طوال عمرى أغرد خارج السرب، وأسبح عكس التيار. ويستطرد قائلاً: لدينا مطربون شعبيون على مستوى عالٍ، منهم أحمد شيبة وحسن الأسمر وعبدالباسط حمودة، وحكيم وهو صاحب مشروع للأغنية الشعبية ووصولها للعالمية، وسبق له أن غنى مع مطربين عالميين، وهذا على سبيل المثال. الدقة والصدق وعن كيفية اختياره أعماله الفنية قال: أتعب جداً فى المحتوى الذى أبحث عنه حتى أقدمه للناس فى صورة عمل فنى، ولذلك أنا لا أعمل كثيراً، لأنه من السهل تقديم أى عمل دون المستوى، لكن تربيتى ومخزونى وثقافتى أسهمت فى ذلك، وأنا طفل صغير تعلمت أن كل شىء لابد أن يقدم بدقة وصدق، حتى فى الفن، وقد كان مخطط البعض هو تشتيت البوصلة من خلال تشخيص كل الأمراض الاجتماعية بشكل خاطئ، حتى لا يكون لها علاج. أمراض مجتمعية.. وعلاجها وإذا كان الفن هو مرآة المجتمع، فيصف لنا آدم روشتة فنية لعلاج بعض الأمراض المجتمعية التى يصدرها البعض لنا مستهدفاً المجتمع المصرى، فيقول: من خلال إيجاد حلول دون إظهار أنها حلول بشكل مباشر، أو عن طريق عرض المشكلة فقط دون تقديم الحلول، يكفى إلقاء الضوء على المشكلة، لأنه كلما ازددت بساطة ازددت عمقاً، كما أن دور الثقافة فى هذا المنحى مهم جداً، ويعجبنى نشاط الجهات الثقافية المختلفة فى الوقت الحالى لأن الدور الذى تلعبه مهم جداً. نجحت.. وأخفقت وأكد آدم أنه يقيِّم نفسه بنفسه، قائلاً: أعمل لنفسى كشف حساب طوال العام، ورغم أنى لست راضياً عن نفسى تماماً، إلا أنى متصالح مع نفسى، والبعض يتصور أنه يستطيع أن يغير فيك شيئاً يراه غير صحيح لكنى أراه عكس ذلك، فأسير وراء إحساسى وقناعاتى الشخصية، وأصر على ما يوجد فى رأسى، ولا ألتفت لرأى أحد لأننى أعترف بخطئى لو أخطأت ولا أكابر على الإطلاق، على كافة المستويات، لأن هناك المتربصين للأخطاء الذين لا ألتفت إليهم ولا يشغلوننى، ولا أسمع أو أقرأ لهم، ومنهم الكتائب الإلكترونية. وعن مشواره الفنى الحافل والطويل وتقييمه له يقول: نجحت كثيراً، وأخفقت أيضاً فى أعمال كثيرة، لأننى إنسان فى المقام الأول، وهناك أشياء ندمت عليها، قدمتها من أجل لقمة العيش والتواجد، ولا تتعجب إن قلت لك إن معظم الأعمال التى قدمتها من أجل «لقمة العيش» هى التى شهرتنى، وفى النهاية التوفيق والنجاح من قبل المولى عز وجل، فلا تفكر أن هناك فناناً يخطط لأن يكون نجماً، ولكن الأهم هو استغلال نجاحك فى مشوارك... المسرح وعن تكريمه من المهرجان القومى للمسرح المصرى يواصل أدم حديثه قائلاً: «أذكر أول مسرحية عملتها فى حياتى وأنا طفل صغير عمرى 10سنوات، مع الأستاذ منير فتح الله (الأب الروحى بالنسبة ليّ) كان اسمها (دورى ودورك) وكان البطل أمامى طلعت زكريا، وكانت تتحدث بعد عام 67، ، وتم بناء سور عالٍ بين فصلى وفصل طلعت، وكنا يومياً نلتقى عن هذا الحاجز والسلك الشائك للعب معاً.. ونختتم المسرحية بأغنية تقول كلماتها: أغضب فكر.. صمم خلى العدو يتعلم. ولذلك طول الوقت منذ أن أصبح التمثيل مهنتى أفكر فى أنى مرسل لأمر معين، والحمدلله هذا ليس كلامى، ولكنه كلام الناس، فعندما تجمعنى جلسة مع بعض الناس، أجد منهم ثناءً على أفلام «صباحو كدب» و«فيلم هندى»، و«الرجل الأبيض المتوسط»، وأحمدالله أنه يسَّر لى الأمور، واجتهدت وقدمت ما كنت أتمناه، وإلاّ كان أصابنى الجنون، حتى ما لم أوفق فى تناوله عبر الأعمال الفنية تناولته ببرنامج (بنى آدم شو). مسك الختام .. الإسكندرية أما عن مسقط رأسه، مدينة الإسكندرية، فقد اختتم الكلام بها، قائلاً: بلدى حبيبتى.. وكما قال الإسكندر الذى لفَّ العالم كله (الإسكندرية ستكون عاصمة العالم)، فالحضارة بها، وبها أيضاً (السلسلة) أمام مكتبة الإسكندرية، فمن قبل بناء المكتبة طول الوقت أشعر بأن هذا المكان منبع الثقافة، وأعشق هذا المكان وهذه المنطقة على وجه التحديد وصولاً حتى قلعة (قايتباى) كما أنها أكثر مكان تشم فيه رائحة (اليود) من أول النصب التذكارى وأنت تسير على البحر، ولذلك أحب الجلوس هناك فى وقت الفجر، حيث لا يتواجد المارة هناك وأكون على راحتى، وتستطيع القول إن السلسلة هى منطقتى المفضلة بالإسكندرية.. وأسرح بخيالى وأنا هناك وأتذكر أجمل ذكرياتى منذ المرحلة الابتدائية.