4-7-2024 | 14:12
ولاء جمال
كأنها المرة الأولى التى تتعرف فيها على تاريخ مصر، إذا ما شاهدت مسلسل «أم الدنيا»، ذلك العمل المتكامل، الذى يسرد تاريخنا منذ بدايته إلى الآن بهذه البراعة والسهولة فى التناول، مستعرضاً تاريخ مصر كاملاً فى عمل واحد، فهو مسلسل وثائقى تتخلله مشاهد درامية تروى أحداثاً تاريخية بمنتهى الروعة فى التصوير للأماكن الحقيقية الممتعة فى بلدنا العظيمة مصر.
وأنت تشاهد العمل منذ الحلقة الأولى تخطفك العظمة كمصرى ينتمى لهذه الحضارة، فلن تترك مشهداً؛ لأنها مشاهد ترويها الفنانة المتمكنة من قدرتها العالية سوسن بدر التى تحكى لنا تاريخنا منذ النشأة الأولى للتاريخ في مصر بأدائها الفريد الذى تتشربه الروح ويتغذى به الفكر، ويتسلل إلى الوجدان، فيسكن بمنتهى الاطمئنان على حضارتنا العريقة.
ففى هذا العمل نعرف السبب وراء أن مصر هى «أم الدنيا» حرفياً وليس مجازاً.
يعود الفضل فى هذا العمل البديع لصاحب هذا الحلم الذى كان شغوفاً به ولم يهدأ إلى أن حققه بعد 3 سنوات تقريباً، وهو الذى كتبه وأخرجه المخرج محمود رشاد، فكان عنده حب وشغف بالحضارة المصرية القديمة، ودائماً ما كان يتساءل: لماذا لا يتم تقديم هذه الأعمال فى قالب وشكل مختلف، وحتى عندما تنفذ تتم بشكل أكاديمى؛ لذلك كانت لديه رغبة أن تعامل هذه الأعمال معاملة الدراما؛ لأنها يمكن أن تكون مادة جذابة، ولكنها فى نفس الوقت توثيق مرئى وحفظ للتاريخ.
وقبل 3 أعوام تحدث محمود رشاد مع النجمة سوسن بدر عن المشروع الذى تحمست له كثيراً، وعملت معه على الفكرة وتطويرها وطريقة السرد، فهى من مؤسسى المشروع وليس مجرد مقدمة له، ثم بدأ لفترة طويلة يتحدث مع أكثر من جهة إنتاج وكانت الردود دائماً أن هذه الأعمال ليس لها جمهور بشكل عام ولن يشاهدها أحد، إلى أن تم الإنتاج، ليخرج هذا العمل للنور بصورة تليق بمصر وتاريخها العظيم.
تتكون السلسلة من 16 حلقة، الجزء الأول يسرد - فى إطار تشويقى وإنسانى بسيط وملم - تاريخ مصر الطويل منذ بدايته وحتى العصر الحديث، وتبدأ السلسلة بتتبع آثار وتطور الإنسان المصرى القديم منذ حوالى عشرين ألف عام، مروراً بعصر بناء الأهرامات، وازدهار ملوك الدولة الحديثة، إلى أن نصل إلى حكم كليوباترا ونهاية عصر الأسرات.
الحلقات تسلط الضوء على المادة التاريخية بشكل متطور لتربط بين المشاهد وشخصيات مهمة فى تاريخ الدولة المصرية، وتضيف للمادة التاريخية بعداً إنسانياً ودرامياً لأول مرة يتم استخدامه فى سرد تاريخ مصر القديمة.
شاركت فى صناعة السلسلة لجنة ضمت عدداً كبيراً من علماء المصريات والتاريخ المصرى الحديث بجانب لجنة من المتخصصين فى مجالات مختلفة لمراجعة كافة المعلومات والسياقات التاريخية التى وردت فى السلسلة، وذلك لضمان تقديم عمل توثيقى هو الأول من نوعه الذى يسرد تاريخ مصر مروراً بكل الحضارات.
السلسلة أيضاً هى جزء من مشروع كبير لإنتاج وثائقيات عن الدولة المصرية.
ويستضيف «أم الدنيا» الذى تقدمه الفنانة القديرة سوسن بدر على مدار حلقاته عدداً من الأساتذة فى علم المصريات، والخبراء المتخصصون فى هذا المجال.
الحلقة الأولى.. الحلقة المفقودة
بيدأ الموسم الثانى من «أم الدنيا» بعد موت كليوباترا وسقوط الأسرة البطلمية فى مصر آخر أسرة من عصر الأسرات، مع أحداث دخول أول إمبراطور رومانى إلى مصر، الإمبراطور قيصر أغسطس لتكتمل قبضة الرومان على حوض البحر المتوسط بحصولهم على الحلقة المفقودة حصولهم على مصر.
الحلقة الثانية.. كاهنات أبيس والقيصر
تتناول أحداث الجزء الثانى أحوال الشعب المصرى تحت حكم الرومان وبداية فترة شديدة القسوة من الفقر والجهل، وتلقى نظرة على قصة كاهنات أبيس وأيضاً عادات وتقاليد مختلفة تبدأ فى تغيير الشخصية المصرية.
وبعد أول 6 حلقات من «أم الدنيا» الجزء الثانى تصل لنهاية العهدين الرومانى والمسيحى فى مصر، ويبدأ فصل جديد من الحكاية.
كما أنه يتم التحضير للجزء الثالث حالياً ليكتمل تاريخ مصر الطويل بالتفاصيل الممتعة الفريدة.
وبعد نجاحه الباهر، ووجوده ضمن قائمة الأكثر مشاهدة، تحدثنا مع بعض المصادر الموثوقة حول هذا العمل الإبداعى، وهل حقق المراد منه، ومدى مصداقيته فى عرض الأحداث، فكان معنا الدكتور زاهى حواس عالم الآثار وعالم المصريات، الذى قال: رغم أننى شاهدت من المسلسل فقط حلقات بسيطة، لكنه شىء جميل ورائع، والفنانة العظيمة سوسن بدر التى قامت بالرواية هايلة جداً ومناسبة للدور، وهذا شىء جيد جداً لتعريف الشعب المصرى وتعريفنا كلنا بتاريخ بلدنا وحضارتنا العظيمة التى حكمنا بها الدنيا من 3000 سنة، وسوسن بدر فنانة حقيقية وهى معبرة ومؤثرة، وأنا سعيد جداً بهذا المسلسل.
أما الناقدة ماجدة موريس، فقالت: أرى طبعاً أن هذا العمل فى غاية الأهمية لأنه يقوم على توثيق تاريخ مصر كله، لأن تاريخ مصر مهم جداً وكبير لأبعد حد، ونحن نحتاج لهذا لأسباب كثيرة جداً.
وأوضحت: أولاً لأن بعض المصريين لا يعرفون تاريخهم بشكل جيد، ثانياً لأن هذا التاريخ من المفترض أن يتم تدريسه فى المدارس للطلبة والطالبات بشكل أكثر توسعاً عما يتم تدريسه حاليا، كذلك نجد أن هناك فيلماً أجنبياً أُنتج العام الماضى وكانوا يمثلون كليوباترا فيه سوداء البشرة، فى إشارة إلى أنها قادمة من أفريقيا، وهذا الفيلم أثار جداً كبيراً، وظهرت حملات على السوشيال ميديا تتهم هذه السينما بأنها تغير تاريخنا لأن كليوباترا لم تكن سوداء، وهو ما رفضه المصريون، مدافعين عن حضارتهم واستقلالها وأنها خاصة بنا وحدنا وليست تابعة.
وأضافت: أصبح تاريخنا محل طمع من البعض، وهناك شعوب وجماعات أخرى ترى أن هذا كثير علينا، وبالتالى من المهم جداً الدفاع عن تاريخنا، المهم أننا لا نتوقف فى ظل تلك الحرب علينا، كما أننى أطالب بإذاعة مثل تلك الأعمالعلى القنوات الكبرى والمفتوحة، فالمسألة هنا شديدة الأهمية بالفعل، فلابد من الاهتمام بمثل تلك الأعمال ولابد من عرضها بشكل محدد يومياً عبر إحدى القنوات المهمة والمشاهدة بشكل قوى وواسع ويتاح لكل الناس ويعاد عرضه، فإذا لم ندافع عن بلدنا فعن أى شىء سندافع؟!.
واختتمت قائلة: مصر صارت مطمعاً لكثير من الناس، وهذا العمل وأمثاله يمكنها أن ترد الأعداء وتواجه مطامع الطامعين فيها.