السبت 23 نوفمبر 2024

مسلسلات الـ45 حلقة.. كيف تصبح رهاناً كسباناً؟

مسلسل مفترق طرق

23-8-2024 | 14:24

هبة عادل
فى الوقت الذى تنتشر فيه المسلسلات ذات الـ15 حلقة و الـ10 حلقات وحتى الـ5 حلقات، وتلقى رواجاً كبيراً بين المتابعين، فاجأنا صناع الدراما هذا الموسم بوجود عملين غاية فى الروعة، استطاعا حصد نجاح جماهيرى ونقدى كبير خلال الأيام الأخيرة، وهما مسلسل «مفترق طرق» للنجوم هند صبرى، ماجد المصرى، إياد نصار وجومانا مراد، وكذلك مسلسل «الوصفة السحرية» للنجمين شيرى عادل وعمر الشناوى وآخرين، وتم تقديم كلا العملين من خلال 45 حلقة، ورغم كونهما مقدمين فى الموسم الصيفى، موسم الإجازات والمصايف والرحلات، إلا أنهما نجحا فى جذب الجمهور لمتابعتهما من الألف للياء، وبشغف شديد. وكانت هذه الظاهرة قد انتشرت منذ أعوام سابقة وتابعنا من خلالها أعمالاً مثل «أنا عشقت» لأمير كرارة، «ستات قادرة» لعبير صبرى ونجلاء بدر وريهام سعيد، «ليلة» لرانيا يوسف ومكسيم خليل، «حجر جهنم» لشيرين رضا، وأروى جودة، وكندة علوش، وإياد نصار، هانى عادل وفراس سعيد، «جمال الحريم» لنور اللبنانية وخالد سليم، و«لؤلؤ» لمى عمر وأحمد زاهر، إلا أنها توارت بعد هذه الأعمال، لتعود للظهور هذا الموسم، ما دفعنا للبحث من خلال هذا التحقيق عن أسباب وعوامل هذا الظهور، وهل هى عودة لمحاكاة الأعمال الهندية وغيرها.. أم هى مغامرة محسوبة ورهان مدروس، أم أسباب أخرى تعرفنا عليها من مصادرنا فى السطور التالية... فتعالوا معنا. بدايةً، بلا شك أن الاستعانة باسم النجمة الكبيرة هند صبرى كان أحد أهم عوامل نجاح مسلسل «مفترق طرق» بما تقدمه هند فى الوقت الحالى من استخدام ذكى لقوتها فى سوق الدراما العربية، سواء لنجاحاتها السينمائية أو التلفزيونية السابقة أو لكونها واحدة من الفنانات العربيات اللواتى نجحن فى صنع مسيرة مهنية منحتها قوة السيطرة على العملية الإبداعية فيما تقدمه من أفلام ومسلسلات بهذه القوة، مُشكِّلة اتجاهاً إنتاجياً وفنياً خاصاً، لا سيما على صعيد تعزيز تمكين المرأة العربية، وهو فكر تؤمن به هند صبرى، ليس فقط لحصد المزيد من النجاح، لذا استطاع المسلسل تحقيق نجاح كبير من خلال عرض الحلقات الثلاث الأولى منه، حاصداً إشادات نقدية وجماهيرية وضعته فى المرتبة الأولى ضمن الأعلى مشاهدة على إحدى المنصات الخاصة بعد أقل من 48 ساعة فقط من عرض هذه الحلقات. من جانبها قالت بطلة العمل هند صبرى فى تصريح سابق لها: توقعت أن تجذب الحلقات الأولى من المسلسل انتباه الجماهير، كونه عملاً يناقش قضايا اجتماعية تشبههم، وغيرنا فى بعض التفاصيل كونه مأخوذاً من فورمات أجنبية للعمل الأمريكى (the good wife) فجعلنا القصص تأتى متماشية مع مجتمعنا الشرقى المحافظ والشخصية التى أجسدها (أميرة الألفى) ضمن الأحداث هى امرأة توضع أمام مفترق طرق وتواجه ظروفاً إنسانية صعبة، واجتماعية دقيقة، وتسعى لتجاوز كل المشاكل التى تعرّف عليها المُشاهد تباعاً على امتداد الحلقات، فهى شخصية تواجه العديد من الظروف على كافة الأصعدة، فهى زوجة وأم وتمتهن المحاماة ولها قصة حب سابقة، وجميع أطراف العمل هم أيضاً بدورهم لهم علاقات أخرى سواء شخصية أو مهنية، ومن ثم فإن تعدد الخطوط والخيوط الدرامية فى العمل كانت تسمح تماماً، وتحتمل أن يصل المسلسل إلى 45 حلقة، بل كان من الممكن أن يكون أكثر أيضاً، كى يتعرف المشاهد عبر الأحداث كيف استطاعت البطلة وكل مَن حولها تجاوز هذه المشاكل تباعاً على امتداد الحلقات. من جانب آخر أكدت هند: «كنت من أشد متابعى ومعجبى العمل فى نسخته الأصلية، والمسلسل يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت تصرفات أميرة صحيحة أم خاطئة، وأعتقد بأن المجتمع لن يتفق على تعامل موحد مع مواقف الشخصية، وأنا ميالة إلى الأعمال التى تدفع الناس لأن تتبادل آراء مختلفة، وتغير أحكاماً، وربما قناعات عندها، حينما يعرفون الوضع الخاص بهذه السيدة، منهم مَن سيكون متسامحاً معها، ومنهم مَن يرفضها، وكل هذا الثراء كان يحتمل عبر الدوائر العديدة التى تدور حول الشخصية المحورية (أميرة) أن يمتد العمل لهذا العدد من الحلقات». لا شك أيضاً أن مسلسل «الوصفة السحرية» حقق نجاحاً كبيراً وحظى باحتلال المرتبة الأعلى مشاهدة عبر المنصة التى قامت بعرضه، وكذلك القناة الفضائية، وتصدر محركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعى رغم اعتماده على نجوم غالبيتهم من الشباب أو حتى على الوجوه الجديدة. عن العمل تتحدث بطلته شيرى عادل فى تصريح سابق وتقول: كنت منتظرة عرض (الوصفة السحرية) بصورة كبيرة، وتوقعت له النجاح، حيث إنه عرض بعد الموسم الرمضانى، وهو ما يجعل قطاعاً كبيراً من الجمهور مترقباً له بصورة كبيرة، والبرومو نجح فى خطف الأنظار للعمل، والمسلسل اجتماعى، وشعر الجمهور بأنه قريب منهم فى أحداثه، ما جعلنى متحمسة لعرضه فى الموسم الصيفى وكل فريق العمل بذل أقصى ما لديه، ولذلك استطعنا أن ندخل قلوب الجمهور من خلال الأحداث التى تدور حول العلاقات الزوجية والمشاكل التى يواجهها المقبلون على الزواج، وكذلك التى تواجه الأشخاص فى السنوات الأولى من الزواج، وذلك من خلال مجموعة السيدات اللواتى يسكنّ داخل كومباوند سكنى ويظهر بين أيديهن كتاب بعنوان (الوصفة السحرية لزواج ناجح)، فيقرأن الكتاب ويحاولن تطبيق ما فيه، وكل هذا دار من خلال إطار اجتماعى مشوق وقصص تلامست مع الواقع الذى يعيشه الجمهور العادى فى منازلهم، ومن ثم وجد العمل كل هذا النجاح. ويقول السيناريست وائل حمدى، مؤلف مسلسل «مفترق طرق»: بدايةً، أنا سعيد بنجاح المسلسل، وكونه مكوناً من 45 حلقة، فهو نوع من أنواع الدراما أو الفورمات التى انتشرت بمعدل كبير قبل عامين من الآن، وأنا شخصياً وشريف بدر الدين (رحمة الله عليه، مؤلف (مفترق طرق) معى، عملنا مسلسل (طلعت روحي) من 45 حلقة، بطولة إنجى وجدان عام 2018 وكان مأخوذاً أيضاً من مسلسل أمريكى مثل (مفترق طرق) ومسلسلات كثيرة أخرى قدمت فى 45 حلقة ونجحت منها (هبة رجل الغراب)، فهى طريقة حكى معتمدة على الإحساس بحالات الشخصيات داخل العمل، فهذا النوع من الفورمات الطويلة يهدف إلى خلق إحساس مشترك بين الجمهور والأبطال، فيشعرون كأنهم عايشين داخل هذه الحدوتة التى يتابعونها، والشخصيات داخل العمل يعيشون معهم يوماً بيوم، وهو ما يخلق ارتباطاً قوياً مع الشخصيات ويؤدى إلى التفاعل معها، ومن ثم يجب الانتباه فى هذه النوعية من الأعمال لأن تكون الكتابة قوية ورسم الشخصيات أيضاً والديناميكية بين الأبطال والعلاقات بينهم وبين بعض تكون قوية، فضلاً عن أن المعايشة بين الجمهور والأبطال تجعلهم يضعون أنفسهم مكانهم، فما يرونه اليوم تصرفاً سليماً قد يعكس الجمهور رأيه فيه بعد عدة حلقات، فيجد أن هذا البطل لم يكن على حق فى تصرفه وهكذا من أشكال التفاعل، وهذا الجدل المثار هو أساس صناعة النجاح لمسلسل حلقاته عددها كبير. أما المخرج خيرى سالم.. مخرج مسلسل «الوصفة السحرية»، فيقول: هذا الأمر يعود لكون المسلسل يطرح قضية بل مجموعة من القضايا التى تهم وتمس الناس بشكل كبير، وما قدمناه فى هذا الإطار هو ما جذب الناس، حيث دارت أحداث العمل حول مجموعة من الأزواج مختلفى الطباع والطموحات، ويصادف سكنهم جميعاً فى أحد المجمعات السكنية الراقية، وحين تتعرف الزوجات تنشأ بينهن صداقة حميمة نتعرف من خلالها على حياتهن الزوجية والمشكلات التى يواجهنها نتيجة الاختيارات الخاطئة لشريك الحياة، فنجد نموذج الشابة حديثة العهد بالزواج التى يصدمها روتين الحياة الزوجية بتفاصيلها الواقعية، ونموذج المرأة الناجحة المتزوجة من رجل مخادع يحترف ابتزازها مادياً وعاطفياً، إلى جانب الأم العزباء، وموقف المجتمع منها بعد زيجتين فاشلتين، وهناك أيضاً الأم المتفانية التى يشوب بيتها الملل وتفاجأ بخيانة زوجها، والآنسة التى تبحث عن أى رجل للزواج إثر شعورها بالوحدة مما يجعلها تتمسك بفرص أقل مما تستحق، فضلاً عن الشابة التى تتزوج من رجل بعمر والدها، وكل هذه الخطوط الدرامية تحتمل العشرات والعشرات من الحلقات، وربما كل قضية منها تستحق عملاً كاملاً، فمشاكل البيوت لا تنتهى، والمسلسل نجح لأنه لامس أصحاب هذه المشاكل، فهذا التنوع الثرى والدسم بجانب اللعب على تيمة الجيرة والصداقة والاهتمام بالتفاصيل النسائية شديدة الخصوصية، جعلت كل واحد يرى نفسه فى نموذج مما قدمناه ومن ثم المسلسل كان يحتمل أن يكون 45 ، بل 60 حلقة أيضاً. ويرى الناقد الفنى طارق الشناوى أنه فى الدراما لا يمكن قياس النجاح أو الفشل للعمل الفنى من خلال عدد حلقاته، لكن حسب قصة العمل يكون عدد حلقات المسلسل. ويضيف أن سبب تحدث الجمهور عن طول الأعمال الدرامية مؤخراً أنه مع زيادة التسويق للأعمال الدرامية فى شهر رمضان وزيادة عدد القنوات الفضائية أصبح رقم 30 مفروضاً على الجميع، حيث رمضان هو 30 يوماً، لذلك يجب أن يكون عدد الحلقات 30 فقط، أما خارج الموسم الرمضانى فالمساحة الزمنية مفتوحة دون قيد أو تحديد لمدى زمنى معين، وبالتالى لا يمكننا الحكم على جودة أو نجاح العمل بأن تكون عدد حلقاته محددة أبداً، وإنما بما تقدمه هذه الحلقات أياً كان عددها، فالأهم هو محتواها الذى تطرحه للمشاهدين عبر القصة والقضايا المطروحة سواء الأساسية منها أو الفرعية. وأشارت الناقدة الفنية ماجدة موريس إلى أن هناك مسلسلات عبارة عن 5 حلقات عرضت وحققت مشاهدة كبيرة مثل «نصيبى وقسمتك» و«إلا أنا»، لافته إلى أن أصل الدراما المصرية كانت «سهرة» ثم تطورت لـ«سباعية» وبعدها 13 حلقة و15 حلقة، وحينما طُلب من التلفزيون المصرى فى وقت معين أننا نحتاج لمسلسلات نعرضها خلال شهر رمضان كاملاً، فتم إنتاج مسلسلات مكونة من 30 حلقة، منذ ذلك اليوم، لا سيما أنه كان المصدر الأول للأعمال الدرامية فى الوطن العربى فى ذلك الوقت قبل ظهور الفضائيات الكثيرة والمنصات، أما مسلسلات الـ45 حلقة فكانت موجودة فى الماضى فى الأعمال الأمريكية، وتستمر عبر 3 مواسم و3 شهور، والأمريكان هم مَن ابتكروا ذلك سابقاً، ويتم تطبيقه على الأعمال المصرية الفنية حالياً، لكن يجب أن يكون صناع العمل محددين الهدف من وراء تقديم مسلسل بهذا الطول، فيجب أن يتحدث المسلسل عن قضية معينة تهم قطاعاً كبيراً من المشاهدين وتكون له خطوط فرعية كثيرة، لأن استخدام التطويل بغير جدوى ولمجرد جلب الإعلانات أمر غير جيد، وقد يصيب الجمهور بالملل إن لم يعتمد على كتابة نص قوى، ونجوم محبوبين، وقضية تهم المتابعين حتى يستمروا مع العمل كل هذه الأيام.