السبت 19 اكتوبر 2024

عالمياً.. هل يحل الذكاء الاصطناعى محل صناع العمل الفنى؟!

صورة بالذكاء الاصطناعي

18-10-2024 | 14:31

نيفين الزهيرى
ذهب التصورات فى مجال استخدام الذكاء الاصطناعى في الفن بعيدا بما يجعل تأثيره ملموسا فى هذه الصناعة العالمية في الفترة المقبلة، ويتأثر بهذا كبريات الشركات العالمية العاملة فى مجال الإنتاج الفني التى دخلت مرحلة مهمة من مراحل استخدام الذكاء الاصطناعى، وهو ما أصاب طواقم ضخمة من الممثلين والكتاب وسائر المهن السينمائية بالقلق والخوف. ولكن مقابل كل هذا القلق، هناك فريق آخر يعبر عن التفاؤل فى إدماج صناعة الأفلام بالذكاء الاصطناعى وذلك من خلال دمجه فى الإنتاج السينمائى بما يعزز الإبداع والتنوع وإيجاد طرق جديدة للتعاون وصنع الأفلام بشكل عام، خاصة وان هناك من يرى أن استخدام الذكاء الاصطناعى فى الافلام لا يزال فى مراحله الأولى. البداية تأتى من مدى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي فى صناعة العمل الفني، حيث يمكن لصانعى الأفلام الاستفادة منه في إنشاء صور معقدة تقترب من المستوى الواقعى وبما يقنع الجمهور، بالإضافة إلى ذلك أصبح من الممكن الآن ضبط حركة أفواه الممثلين أثناء ترجمة الفيلم إلى لغة أخرى لجعله أكثر طبيعية وتلقائية، وهذا يجعل من السهل ترجمة وتوزيع الأفلام بلغات مختلفة. بالإضافة إلى استخدام تلك التقنية فى تحسين جودة الأفلام المنتجة، ومنها وصول الممثلين لسن الشيخوخة، أو الرجوع لسنوات الشباب، كما حصل مع الممثل هاريسون فورد، حيث تم تقليص عمره من سن 80 عاما إلى سن أصغر بكثير وذلك فى الجزء الأخير من سلسلة أفلام إنديانا جونز الذى عرض العام الماضى وكان من إخراج ستيفن سبيلبيرج. ولقد ظهرت بوادر تلك التكنولوجيا بالأفلام السينمائية منذ مائة سنة، وعملت على تغيير العالم بشكل فعال منذ ذلك الحين، وتنقسم الأدوار التى تلعبها الروبوتات فى السينما بين شخصيات تسعى لمساعدة الإنسان، وشخصيات تهدف لتدمير البشرية، لتكون هذه الأفلام مرآة عاكسة لأفكارنا وآمالنا ومخاوفنا المتعلقة بالذكاءالاصطناعى. فلقد شق الذكاء الاصطناعى طريقه للشاشة الكبرى من خلال فيلم “متروبوليس” الألمانى الصامت، الذى تم إنتاجه عام 1927، والذى يروى حكاية رجل آلى يهدف إلى الاستيلاء على المدينة عن طريق التحريض على الفوضى. وكان الظهور الثانى للذكاء الاصطناعى فى عالم السينما بعد 24 سنة من بوابة الفيلم الأمريكى “اليوم الذى تبقى فيه الأرض صامدة”، وتتمحور أحداثه حول رجل آلى لطيف قدم إلى الأرض رفقة كائن فضائى لتحذير سكانها. وشهدت بداية القرن 21 إنتاج عدد كبير من الأفلام التى تركز على تقنيات الذكاء الاصطناعى على غرار فيلم “Wall-E” الذى يلعب دور البطولة فيه واحد من أكثر الروبوتات المحببة على الإطلاق، ويجسد هذا الفيلم أكثر تصورات الذكاء الاصطناعى تفاؤلا. ومع بداية الألفية الجديدة أعاد الجمهور لفكرة إنشاء نظام منفصل وقائم على الذكاء الاصطناعى بشكل واضح. ويقوم هذا النظام على دمج هذه التقنيات مع العالم المادى، لتظهر أفلام مثل “Matrix 2” عام 2003 “Iron Man” الذى صدر عام 2008. كما استخدمه فريق الرسوم المتحركة فى فيلم “Lion King 2019” بشكل متطور لإنشاء صور واقعية للغاية للبيئات الطبيعية والحياة الحيوانية، من خلال استخدام أدوات وبرامج الذكاء الاصطناعى المتطورة، كما حدث تغير كبير فى الشخصيات التقليدية من ناحية الرسوم المتحركة والألوان المستخدمة فى الأجزاء السابقة للفيلم، يهدف هذا التطور فى الرسوم والألوان إلى جذب جمهور أوسع وتوفير تجربة مشاهدة مشوقة أكثر. وعلى الجانب الآخر استخدم فيلم “Bandersnatch 2018” هذه التقنية بشكل مختلف لتعزيز مشاركة المشاهد فى السرد والكتابة للتفاعل معها، حيث سمح الفيلم للمشاهدين باتخاذ خيارات تؤثر على تقدم الحبكة ليتم توجيه القصة وتشكيلها وفقا لقرارات المشاهد، ويسمح هذا المنهج المبتكر لرواية القصص بعلاقة أكثر جاذبية وتفاعلية بين الجمهور والسرد ليتحدى ذلك السرد التقليدى ذا النتائج الثابتة. كما تستخدم منصات العرض الحديثة الذكاء الاصطناعى لتوفير تجربة مشاهدة مخصصة، حيث يحلل الذكاء الاصطناعى تفاعلات المستخدمين والأفلام ويقترح محتوى يطابق اهتماماتهم وتفضيلاتهم، كما ينتج عن هذا تجربة مشاهدة أكثر إرضاء وزيادة رضا المشاهدين وتعزيز تفضيلهم لهذه المنصات لمشاهدة الأفلام والبرامج التليفزيونية. ومنذ أشهر قصيرة أراد المخرج السويسرى بيتر لويزى أن يقدم هذه التقنية، فحوّل نصا كتبه الذكاء الاصطناعى إلى فيلم يضم ممثلين حقيقيين، ليعيد إثارة الجدل بشأن استخدام الذكاء الاصطناعى فى قطاع السينما. وقد تم رفض عرض فيلم لويزى فى سينما بلندن، حيث كان من المقرر أن يُعرض فى أواخر يونيو الماضى وترددت سينما الأمير تشارلز فى عرض الفيلم، فى حين قوبلت الدعاية للترويج للفيلم بالكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعى، ووصف لويزى وقتها ردود الفعل على فيلمه بـ”الأمر المشين”، مضيفا “لا أعتقد أن الانصياع لهذه التعليقات هو الأمر الصحيح، ولكنى أحترم ذلك”. وقال لويزى إن هدفه كان أثار الجدل بشأن السبل التى من المتوقع أن يحول بها الذكاء الاصطناعى قطاع السينما للأفضل أو للأسوأ. كما ظهر الذكاء الاصطناعى لأول مرة فى الدورة الأخيرة من مهرجان تريبيكا فى يونيو الماضى، حيث تم عرض فيلم “Sora Shorts”، وهو خمسة أفلام قصيرة تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعى، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها عرض أداة تحويل النص إلى فيديو فى مهرجان. فالذكاء الاصطناعى أصبح موضوع مثير للخلاف فى هوليوود حيث يعتمد العديد من صانعى الأفلام والاستوديوهات بالفعل على الذكاء الاصطناعى فى مرحلة ما قبل الإنتاج وما بعد الإنتاج، ويدركون الوعد الذى توفره مجموعة جديدة من أدوات الذكاء الاصطناعى. لكن ظهور خدمات الذكاء الاصطناعى التوليدية - التى يمكنها بسرعة نشر النصوص والصور والصوت، وبشكل متزايد، مقاطع الفيديو القصيرة استجابة لاستفسارات المستخدمين - أثار أيضا مخاوف بشأن قلب سبل عيش الجميع، من الرسامين إلى الممثلين الصوتيين. ومن أكثر النجوم فى هوليوود الذى أثار ضجة بتصريحاته حول تقنية الذكاء الاصطناعى، قال النجم توم هانكس إنه يمكن استخدام التكنولوجيا لإعادة إنتاج صوره، ما يضمن استمرار ظهوره فى الأفلام “من الآن وحتى قيام الساعة”. لكن هانكس اعترف أيضا بأن تطور التكنولوجيا صنع تحديات فنية وقانونية جديدة، وقال “هذه التداعيات موجودة منذ زمن بعيد، إذ واجهناها أول مرة عندما أنتجنا فيلم The Polar Express الذى حُفظ بالكامل داخل جهاز كمبيوتر، فلقد كنا نتوقع أن يحدث هذا التطور الهائل، إذ أصبح بالإمكان تحويل لغة الحاسوب الثنائية... إلى صور وفيديوهات، وهذا التطور توسع بشكل كبير وفى كل مكان”. وكان فيلم Polar Express، الذى تم عرضه عام 2004، أول فيلم متحرك بالكامل باستخدام تقنية التقاط الحركة الرقمية. وقال الممثل هانكس إن المختصين فى صناعة السينما بدأوا إجراء محادثات حول كيفية حماية الممثلين من تأثيرات التكنولوجيا، وأضاف.. “هناك مناقشات جارية فى جميع النقابات والوكالات والشركات القانونية، من أجل التوصل إلى صيغة قانونية تخص عرض وجهى وصوتى وكل شيء يمثل ملكيتنا الفكرية”. “فى الوقت الحالى هناك إمكانية كبيرة أن أصور وأعرض سلسلة من سبعة أفلام، يكون فيها عمرى 32 عاما، ومن شأنها أن تخلد نجوميتى إلى الأبد”. “يمكن لأى شخص الآن إعادة تكوين نفسه رقميا، بحيث يظهر فى أى عمر يريد، وكل هذا يتم عن طريق الذكاء الاصطناعى أو تكنولوجيا التزييف العميق، فأنا يمكن أن تصدمنى حافلة غدا وأموت، لكن هذه التكنولوجيا ستعرض أعمالى بجودة واقعية حتى بعد وفاتى.. بالتأكيد هناك تحديات فنية وقانونية، لكن الجميع سيستمتع بأعمالى لوقت طويل”. وفى الوقت نفسه قال المغنى والمؤلف نيل تينانت، من فرقة Pet Shop Boys، إنه يمكن للموسيقيين استخدام الذكاء الاصطناعى لإكمال تأليف أغنياتهم، وأضاف.. “هناك أغنية كتبناها عام 2003، ولكننا لم ننته منها حتى اللحظة؛ لأننى لم أستطع التفكير لإكمالها، لكن الآن وباستخدام الذكاء الاصطناعى وبكبسة زر يمكنك إنهاؤها ببساطة”. ومن الأفلام التى تم تقديمها مؤخرا بالذكاء الاصطناعى هى فيلم Atlas إنتاج 2024، وتجسد جينيفر لوبيز دور محللة بيانات ماهرة لا تثق فى الذكاء الاصطناعى، ومع ذلك، انتهى بها الأمر بالحاجة إلى استخدام التكنولوجيا لإنقاذ البشرية بعد فشل خطط القبض على روبوت منشق. وفيلم Mission Impossible-Dead Reckoning Part Oneوالذى يقوم ببطولته توم كروز والذى يقدم شخصية العميل إيثان هانت والذى يعود لاستخدام قدراته وخبرته لحل المزيد من الجرائم العالمية، حيث يسعى رفقة زملائه لتعقب سلاح مميت قبل أن يقع فى الأيدى المظلمة، ولكنه يواكب التغييرات التكنولوجية والتى تطرأ على الصناعة وتؤثر فى كافة المجالات، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعى والذى يلعب دورًا كبيرًا فى الحبكة الفنية والمغامرات المتتالية. وأيضا فيلم Robots وهو فيلم فانتازيا ساخر يقوم ببطولته “شايلين وودلى” و”جاك وايت هول” فى أدوار بشر أخلاقيين ونسخ روبوتية لهما ذات أخلاق أقل. يستكشف الفيلم بطريقة ساخرة ومثيرة للتفكير مفهوم التكنولوجيا والعلاقات الإنسانية، يتعامل بشكل مبتكر مع مواضيع مثل الهوية والحب والغش والخداع، ويجعلنا نتساءل عن حقيقة وجودنا وتأثير التكنولوجيا على حياتنا.