14-12-2024 | 14:47
هبة عادل
“الهوى سلطان“.. ونبدأ مع العنوان والذى ليس هو مجرد اسم الفيلم الذى نكتب عنه الآن، وأيضا هو ليس مجرد اسم لواحدة من أشهر أغنيات سلطان الطرب “ جورج وسوف”، ولكنها حالة متعارف عليها تماما لدى أهل العشق، حين يصفون الحب فى أعلى مراتبه بـ“الهوى سلطان”، ومن ثم فإن العنوان يوحى لنا أننا أمام فيلم رومانسى من العيار الثقيل، تغلب فيه المشاعر القوية التى تجمع البطلان فوق أية ظروف وتجعلهما يتحديان الصعب من أجل هذا السلطان الذى يخضعان له طواعية و بمحض إرادتهما.
على أرض الواقع لم تكن قصة فيلم «الهوى سلطان» على هذا النحو السابق ذكره، فإننا أمام البطلين ( منة شلبى وأحمد داود) أو “سارة وعلى” واللذان تجمعهما علاقة صداقة قوية بدأت منذ الصغر فى حالة أشبه بالقرابة العائلية والتى أشارت إليها عبر قصص الأجداد النجمة القديرة “ سوسن بدر” فى دور والدة على أو أحمد داود ،و التى تتندر بذكريات الأسرتين معا ، وقد أضفت سوسن بدر بحضورها كضيفة شرف الكثير من مواطن البهجة فى الفيلم ، أما بالعودة للقصة الأساسية وبعيدا عن أية انتقادات وُجهت للفيلم وأنه يتحدث عن بعض أنواع العلاقات بين الشباب والفتيات، فلم أنظر له من خلال هذا التقييم على الإطلاق ولم أجده أيضا، فكل ما كانت تفعله البطلة هو زيارات فى حدود الأخلاق لأناس تعرفهم جيدا وتثق بهم وبغض النظر، فإننا نجد علاقتها مع صديق عمرها “على” وهما منسجمان وتجمعهما كيمياء إنسانية بعيدا عن أية مشاعر، حيث إنه يبحث عن عروس المستقبل، ويحكى لها تفاصيل علاقاته العاطفية الفاشلة وكم هو محبط لأنه وصل إلى هذا العمر دون زوجة وأطفال أو حتى نجاح فى عمل أو سفر أو مشروع، فيلقى همه عليها وهى تتحمل ذلك وتلقى هى أيضا همها عليه ، حيث وفاة والدتها وزواج والدها من أخرى فى فترة وجيزة مما جعلها تتركه وتعيش وحدها رغم خوفها من الوحدة، لكنها فضلت أن تنعزل عن الحياة وتهتم فقط بعملها وتبتعد عاطفيا عن والدها تماما وتسير الأحداث نحو أن يجد” على” فتاة يرتبط بها هى النجمة الجميلة “جيهان الشماشرجى”، ولكنه مع الوقت يجد نفسه غير مستريح لهذه العلاقة، حيث لا تجمعه بها ألفة أو وفاق أو أية مشاعر، فيعتذر لها عن إمكان استكمال هذه العلاقة، بينما يظهر “ أحمد خالد صالح”.. الطبيب، فى حياة منة شلبى و يحبها ويعرض عليها الارتباط الرسمى، فتوافق مبدئيا، إلا أنها تكتشف أيضا أنها ليست على وفاق معه و أن ليس لهما نفس الميول المشتركة، و أنها لن تستطيع أن تكمل حياتها معه فينفصلان ، فى حين نجد البطلين “ سارة وعلى“ وقد اشتاق لبعضهما البعض ويتأكدان أن صداقتهما لم تكن مجرد علاقة حكى وفضفضة ولكنها فى الباطن منها ، تحمل العديد من المشاعر القوية التى تربطهما أكثر من مفهوم العشرة والتعود أو حتى أحاسيس الأمان، ومن ثم ينتهى الفيلم بنهاية سعيدة حيث يتزوج” سارة وعلى” وسط بهجة الحضور وفرحتهم لا سيما وأنها فى لحظات ضعفها ووحدتها تحن إلى العودة إلى والدها الذى يبارك زفافها ويحضره هو وزوجته .
في تقديري تبدو القصة مباشرة إلى حد كبير، حاملة لبعض الرسائل” ربما”، حيث إننى لا أتصور أن الحالة العاطفية والحب الحقيقى يكتشف فجأة، أو أن اثنين يعيشان العمر على مقربة من بعضهما البعض فى حالة صداقة، تجمعهما تفاصيل الحياة التى يتداخل فيها كل مع الآخر حتى فى الفسح والمصايف و الاستماع للأغنيات الرومانسية وحضور مناسبات الأصدقاء المشتركين السعيدة وحتى شراء الملابس معا ، ثم يكتشفان فجأة أنها علاقة حب!
أتصور أن كيمياء الحب تظهر أسرع من ذلك و أوضح بكثير ، وهى الفكرة التى أراها غريبة وغير معتادة الطرح ، عبرت عنها بقلمها الكاتبة “هبة يسرى“ مؤلفة الفيلم وهى أيضا مخرجة العمل، و قد أخرجته بعيدا عن الصورة السينمائية المبهرة، فالفيلم يخلو من عناصر الإبهار وهى الديكور أو الإضاءة أو الملابس أو المشاهد الخارجية، فقد ركزت المخرجة بموجب كونها مؤلفة العمل فى السيطرة على فكرتها التى أرادت توصيلها بإمكانيات سينمائية وبصرية متواضعة إلى حد كبير، فقد أخذتها سطور الحوار وتعميق الفكرة أكثر، حتى على مستوى اختيار الأبطال، أتصور أن منة شلبى فى مرحلة عمرية وفنية أيضا أنضج بكثير، حيث قدمت فى الدراما السينمائية والتليفزيونية أخيرا العديد من الأعمال التى أنضجتها بشكل كبير.
على أية حال.. هو فيلم يخلو من العقد الدرامية الفاقعة أو النقلات الحادة، بل يبدو بسيطا إلى حد كبير.. قد يستهوى الشخصيات الرومانسية، وهو من أفلام “الحالة“ إذا جاز التعبير، والتى تعبر عن موقف قد يمر بين اثنين موجودين هنا أو هناك، ويجب ألا نحمله أكثر من ذلك من فلسفات وتأويلات وتنظير لأشياء قد تكون بعيدة كل البعد عن تفكير صناعه.