1-1-2025 | 11:33
عمرو محيى الدين
فى 31 ديسمبر، احتفلت أمس الأوساط الفنية والجماهيرية بذكرى ميلاد سيدة الغناء العربى، أم كلثوم، التى صنعت لنفسها مكانة لا تضاهى فى تاريخ الفن العربي. فقد كانت ولا تزال من أعظم الأصوات التى عرفها العالم، وامتدت بصمتها لتشمل أكثر من مجرد الغناء، فكان لها دور كبير فى الحياة الوطنية والاجتماعية، حيث كان صوتها قوة مؤثرة فى تشكيل وجدان جيل بأكمله.
لا تقتصر عبقرية أم كلثوم على موهبتها الغنائية فقط، بل امتدت إلى جوانب إنسانية ووطنية كان لها بالغ الأثر فى الوطن العربى، خصوصاً فى مصر. فى هذا التقرير، نرصد بعضاً من تلك الجوانب الإنسانية والوطنية التى جعلت من أم كلثوم رمزاً لا يُنسى فى قلب الشعب المصري.
من أبرز المواقف الوطنية التى سجلتها أم كلثوم فى تاريخها، كانت مواقفها البطولية خلال الحروب التى مرت بها مصر.
ففى عام 1956، عندما كانت مصر فى مواجهة أزمة العدوان الثلاثى، كانت كوكب الشرق فى طليعة الفنانين الذين لم يترددوا فى دعم بلدهم. ففى ذلك الوقت، تبرعت بمبلغ 1000 جنيه، وهو مبلغ كان يُعادل اليوم أكثر من مليون جنيه مصرى، مما يعكس مدى التزامها بالقضايا الوطنية ومدى حبها لمصر.
وفى أعقاب حرب 1967، كان صوت أم كلثوم أكثر من مجرد فن، بل أصبح هتافاً فى وجه الهزيمة. حينها رفعت شعار «الفن من أجل المجهود الحربى»، وأعلنت أنها لن يغفل لها جفن وستكمل مسيرة دعم الوطن، فقررت أن تحيى حفلات شهرية، تخصص إيراداتها لدعم الوطن وبدأت تلك الحفلات بحفل فى محافظة دمنهور جمع نحو 40 ألف جنيه، ثم تبعته حفلات فى الإسكندرية والمنصورة وغيرهما من المدن المصرية، وجمعت من خلالها مئات الآلاف من الجنيهات، كما تبرعت أم كلثوم بذهبها الخاص لنفس الهدف وهو ما يعكس مدى التزامها بالقضية الوطنية.
كانت أم كلثوم قد دشَّنت حملة خاصة لجمع التبرعات فى جميع أنحاء العالم العربي، ففى باريس وحدها، استطاعت جمع 212 ألف جنيه إسترلينى من حفل أحيته هناك، إضافة إلى تبرعات بمئات الآلاف من الجنيهات من حفلاتها فى الكويت وعواصم أوروبا الأخرى، كما أظهرت قوتها وحبها لشعبها عندما قامت بجولة شملت كبار المثقفين والشخصيات العامة مثل توفيق الحكيم، حيث زارته فى مكتبه بجريدة الأهرام عام 1970، مطالبة إياه بالمساهمة.
تعد أم كلثوم كذلك واحدة من الأوائل الذين قاموا بالتبرع بأجر الحفلات لأعمال خيرية، وهو نهج سلكه العديد من الفنانين بعد ذلك. واحتفظت الراحلة بمكانتها باعتبارها نموذجاً يُحتذى به فى الفن والمواطنة.