السبت 15 فبراير 2025

فى ذكرى وفاته.. زكى رستم حديث الصحافة العالمية

زكي غ

14-2-2025 | 15:18

طه حافظ
زكى رستم أحد أهم نجوم الوطن العربى فى التاريخ كتب عنه المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي جورج سادول: “إنه فنان قدير ونسخة مصرية من الفنان العالمي أورسون ويلز، بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة”. اختارته مجلة “بارى ماتش” الفرنسية بوصفه واحدا من أفضل عشرة ممثلين عالميين، وأطلق عليه لقب “رائد مدرسة الاندماج”، كما كتبت عنه مجلة “لايف” عام 1956 وقالت أنه أعظم ممثل في الشرق وشبهته بالممثل البريطاني “شارلز لوتون”. ولد الفنان زكى رستم فى 5 مارس 1903 بحي الحلمية بالقاهرة لأسرة أرستقراطية عريقة ذات مكانة متميزة فى مصر حيث كان والده وجده من باشوات مصر قديماً فقد عـين والده، محرم محمود رستم، وزيرا فى عهد الخديو إسماعيل وعندما توفى والده كان الفنان زكى لا يزال صبياً صغيراً فتكفل به صديق والده مصطفى بك نجيب والد الفنان سليمان نجيب ومن هنا بدأت علاقة قوية بينه وبين بعض فنانى المسرح فى ذلك الحين ومنهم الفنان عبدالوارث عسر. وطبقا للتقليد السائد فى العائلات الأرستقراطية الذى كان يلزِم أبناءها باستكمال دراستهم الجامعية كان من المفترض أن يستكمل زكى رستم دراسته لكلية الحقوق، ولكنه رفض بإصرار دراسة الحقوق وأخبر والدته برغبته فى أن يكون ممثلا.. الأمر الذى رفضته بشدة وخيرته بين حياته كفنان وبين استكمال حياته معهم، فاختار بلا تردد الفن وانتقل للإقامة بعمارة “يعقوبيان” بمنطقة وسط البلد. وفى عدد مجلتنا “الكواكب” رقم 241 المنشور بتاريخ 13 مارس عام 1956، نشرت المجلة بقلم زكى رستم، بعضا من ملامح سيرته الذاتية، واستهل “رستم” حديث الذكريات ، وكيف أن علاقته بدأت مع الفن منذ كان فى مرحلة الدراسة الابتدائية، حينما كان يصحبه ابن عمه لمشاهدة مسرحيات جورج أبيض. وعند انتقال زكى رستم للمرحلة الثانوية بدأ فصلا جديدا فى شغفه بالفن، وقال الفنان زكى رستم عنها: انتقلت إلى الثانوى وكان عبد الرحمن رشدى، قد انفصل عن جورج أبيض وكون فرقته الخاصة.. وقدمنى عمر وصفى ذات ليلة إلى عبد الرحمن رشدى فى قهوة “فينكس”. وتابع تبادر إلى ظن الممثل الكبير أننى واحد من عشرات الشبان الذين أدار بريق المجد رؤوسهم وخيّل له أننى سأضحى بدراستى لأعمل ممثلا، ونصحنى بأن أستمر فى الدراسة، فقلت له إننى لم أفكر فى تركها، وسره هذا الجواب منى ودعانى بعد ذلك إلى مسرحه، وكان يقدم رواية من أشهر رواياته وهى “الموت المدنى” فلم أصدق سمعى، ولم أصدق أن ذلك الفنان العظيم يوجه إلى تلميذ هاوٍ مثل هذه الدعوة الخاصة.. وكان عبد الوارث عسر يعمل فى هذه الفرقة فى ذلك الوقت، ومرت بعد هذه السنوات وأنا مستمر فى الدراسة غير منقطع عن المسرح ورجاله، وكان ميلى يتضح وتعلقى يشتد يوما بعد يوم. عن أول وقوف له أمام الجماهير، يمضى زكى رستم، فى حديثه قائلاً: كان صديقى الكبير عبد الوارث عسر عضوا فى جمعية جديدة اسمها “أنصار التمثيل”، فأبديت له رغبتى فى أن أنضم إلى هذه الجمعية، وعرض عبد الوارث أمرى على أعضاء الجمعية فعارضوا قائلين: ماذا يعرف هذا الفتى عن التمثيل؟ فانبرى عبد الوارث يدافع عنى قائلا لهم: ماذا كنا نعرف كلنا عن التمثيل إلى وقت قريب، ولماذا لا نتيح له الفرصة كما أتاحها لنا غيرنا؟. وأضاف زكى رستم.. كانوا يعدون فى ذلك الوقت رواية اسمها “العبرة”، يقوم ببطولتها عبد الوارث عسر، نسيت أقول إنها فرقة هواة، وكان عمر وصفى يقوم بدور عبد الوارث فى الفرقة المحترفة، وكان فى الجمعية الممثل القدير القديم محمد عبد القدوس. ومنحوني دورا صغيرا لا يستغرق خمس دقائق. وهكذا وقفت على المسرح لأول مرة هاويا ولم يكن هذا عملا نادرا كما أوضحت، فقد كان الذين يحبون الفن لوجه الفن، ويضحون فى سبيله كثيرا وكان هذا سنة 1923، وأذكر أن الزعيم “سعد زغلول” حضر لنا تلك الرواية، وأنى مثلت أمامه الدور المذكور. وانطلق زكى رستم فى عالم المسرح وتتعدد أدواره وتتنوع وعنها يقول فى حديثه “للكواكب”: تنوعت بعد ذلك أدوارى، وانتقلت إلى فرقة “عكاشة” وقمت بأدوار جديدة. ثم انضم إلى الفرقة القومية، وفى عام 1925 انضم إلى فرقة رمسيس ،وفى عام 1926 أقامت لجنة تشجيع التمثيل والموسيقى مسابقة فنية تقدم لها عدد من شباب الممثلين والممثلات المشتغلين بالغناء والتمثيل، وأقيمت هذه المسابقة مرتين خلال عام 1926، وتعددت فروع المسابقة بين الدراما والتراجيدى والكوميديا. وفاز فى المسابقة وقتها عدد من عمالقة الفن الذين كانوا وقتها فى بداياتهم وفى مرحلة الشباب ويعملون فى عدد من الفرق المسرحية وقتها. ونشرت نتيجة المسابقة أسماء وصور الفائزين فى هذه المسابقة تحت عنوان “الفائزون فى المباراة الثانية للتمثيل والغناء المسرحى”، وكتب فى صدر النتيجة: دعت لجنة تشجيع التمثيل والغناء المسرحى الممثلين والممثلات والمشتغلين بالغناء للمباراة للمرة الثانية ، ويسرنا أن نعلن بكل فرح وسرور أن أهل المسرح قد برهنوا فى هذه السنة على تفوق يدعونا إلى مطالبة ولاة الأمر بزيادة الجوائز تنشيطاً لهذه الحركة الفنية وترقيتها”. وكان من بين هؤلاء الشباب الفنان زكى رستم الذى نشرت صورته أول صورة حيث فاز بالجائزة الأولى بتفوق فى التراجيدى . بعدها انتقل إلى فرقة “فاطمة رشدى”، وعزيز عيد المسرحية، ومنها إلى فرقة “اتحاد الممثلين” عام 1934، ثم كانت محطته المسرحية الأخيرة بانضمامه إلى الفرقة القومية عام 1935، وكان يرأسها فى ذلك الوقت الشاعر خليل مطران، وظل يشارك بعروض الفرقة لمدة عشرة أعوام كاملة. ظل المسرح المجال المحبب له حتى تاريخ تفرغه للسينما عام 1945، فهو المجال الذى شهد بدايته الفنية، والذى يشعر من خلاله بنبض واستجابة وإعجاب جمهوره مباشرة، خاصة وقد قضى فى العمل به كممثل محترف ما يزيد على ربع قرن من الزمان، شارك خلالها بعروض أهم الفرق المسرحية (من بينها: (جورج أبيض، رمسيس، فاطمة رشدى، القومية)، هذا وتتضمن مجموعة مشاركاته المسرحية تجسيده لبعض الشخصيات الدرامية المهمة ومن بينها على سبيل المثال: شخصية أندرسون بمسرحية “تلميذ الشيطان”، بيبوزو بمسرحية “تحت سماء إسبانيا”، د.أحمد سليم بك بمسرحية “الزوجة الثانية”، وشخصية الأمير بمسرحية “المهرج”. كانت أولى مشاركاته السينمائية عندما اختاره المخرج الكبير محمد كريم ليشارك فى بطولة فيلم “زينب” الصامت عام 1930.. من تأليف د. محمد حسين هيكل، وإنتاج يوسف وهبى، وبطولة بهيجة حافظ، سراج منير، زكى رستم، دولت أبيض.. فى حين كانت آخر مشاركاته السينمائية بفيلم “إجازة صيف” عام 1966، إنتاج مارى كوينى، سيناريو وحوار محمد أبو يوسف، من إخراج سعد عرفة، وبطولة زكى رستم، نيللى، فريد شوقى، نجوى فؤاد، أبو بكر عزت..وبصفة عامة يحسب له نجاحه وألقه فى تجسيد عدد كبير من الشخصيات الدرامية المتنوعة، تلك التى حُفرت بالذاكرة ويصعب تكرارها ومن بينها شخصيات: صابر أفندى بفيلم “معلهش يا زهر”، عبد الخالق أفندى بفيلم “النائب العام”، فريد الموظف البخيل بفيلم “إجازة صيف”، الزوج القاسى المستبد عزيز بفيلم “أين عمرى”، ناظر الزراعة بفيلم “الحرام”، دكتور رجب بفيلم “موعد مع إبليس”، مدبولى الأب المستغل لابنته عائشة بفيلم “عائشة”، المعلم عتريس بفيلم “الخرساء”، المعلم فرج الصعيدى بفيلم “امرأة على الطريق”، المعلم أبو زيد بفيلم “الفتوة”، كبير العصابة المعلم بيومى بفيلم “رصيف نمرة خمسة”، الحاكم بفيلم “مسمار جحا”، شوكت باشا بفيلم “بنت الأكابر”، نزيه باشا بفيلم “العزيمة”، الوزير طاهر باشا الزوج المستبد بفيلم “نهر الحب”. وتم اختيار 8 أفلام شارك فيها الفنان، ضمن قائمة أفضل 100 فيلم بتاريخ السينما المصرية وذلك حسب استفتاء النقاد عام 1996. فيلم العزيمة عام 1939 شارك في فيلم “العزيمة” أمام فاطمة رشدى، حسين صدقى، عباس فارس، أنور وجدى، سيناريو وحوار بديع خيرى، إخراج كمال سليم. السوق السوداء عام 1945 شارك فى فيلم “السوق السوداء”، بطولة عماد حمدى، عقيلة راتب، عبدالفتاح القصرى، محمد كمال المصرى شرفنطح، تأليف وإخراج كامل التلمسانى. النائب العام عام 1946 شارك زكى رستم، فى فيلم “النائب العام” بطولة مديحة يسرى، سراج منير، عباس فارس، حسين رياض، تأليف أحمد شكرى، إخراج أحمد كامل مرسى. صراع فى الوادى عام 1954 شارك فى فيلم” صراع فى الوادى”، أمام فاتن حمامة، عمر الشريف، فريد شوقى، عبدالوارث عسر، سيناريو وحوار حلمى حليم وعلى الزرقانى، إخراج يوسف شاهين. أين عمرى عام 1956 شارك فى فيلم “أين عمرى”، أمام ماجدة، يحيى شاهين، أمينة رزق، للأديب إحسان عبدالقدوس، سيناريو وحوار على الزرقانى، إخراج أحمد ضياء الدين. فيلم الفتوة عام 1957 شارك فى فيلم “الفتوة”، بطولة فريد شوقى، تحية كاريوكا، سراج منير، قصة فريد شوقى، سيناريو وحوار محمود صبحى، إخراج صلاح أبو سيف. امرأة فى الطريق عام 1958 شارك فى فيلم “امرأة فى الطريق”، بطولة هدى سلطان، رشدى أباظة، شكرى سرحان، سيناريو وحوار عبدالحى أديب ومحمد أبو يوسف، إخراج عزالدين ذو الفقار. فيلم الحرام عام 1965 شارك فى فيلم “الحرام”، بطولة فاتن حمامة، عبدالله غيث، حسن البارودى، للأديب يوسف إدريس، سيناريو وحوار سعدالدين وهبة، إخراج هنرى بركات. تكريمات أهم مظاهر تكريمه حصوله على:- الجائزة الأولى فى التمثيل التراجيدى (عن دوره بإحدى مسرحيات فرقة “رمسيس”)، بالمباراة الثانية للتمثيل والغناء المسرحى عام 1926. وسام “الفنون والعلوم والأدب” عام 1962، اعتبره بعض النقاد العالميين فى عصره الذهبى (أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين) أهم ممثل فى منطقة الشرق الأوسط، وكتب عنه المؤرخ والناقد السينمائى الفرنسى جورج سادول: “أنه فنان قدير ونسخة مصرية من الفنان العالمى أورسون ويلز، بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة”. اختارته مجلة “بارى ماتش” الفرنسية بوصفه واحدا من أفضل عشرة ممثلين عالميين، وأطلق عليه لقب “رائد مدرسة الاندماج”، كما كتبت عنه مجلة “لايف” عام 1956 وقالت: إنه أعظم ممثل فى الشرق وشبهته بالممثل البريطاني “شارلز لوتون”. اعتزل زكى رستم التمثيل عام 1968، ثم غادر عالمنا فى 15فبراير 1972، عن عمر ناهز الـ 68 عاما.