29-3-2025 | 15:20
رشا صموئيل
عندما يذكر اسم سمية الخشاب، يسطع بريق نجمة من الصف الأول فى سماء الدراما والسينما العربيتين، فنانة استطاعت أن تحفر لنفسها مكاناً متفرداً بين الأسماء الأكثر تأثيراً وجماهيرية فى الوطن العربى، بموهبتها المضيئة وحضورها الطاغى منذ انطلاقتها فى أواخر التسعينيات، حيث قدمت سمية شخصيات متنوعة، تركت أثراً واضحاً فى ذاكرة الفن، متنقلة بسلاسة بين الأدوار المركبة والمعقدة، من «عائلة الحاج متولى» و«ريا وسكينة»، إلى «حدائق الشيطان»، و«حين ميسرة» و«الريس عمر حرب»، كلها محطات مضيئة أثبتت فيها قدرتها على خطف الأنظار وتقديم أداء لا ينسى.
هذا العام، خاضت سمية الخشاب تجربة جديدة عبر بوابة الدراما الخليجية، من خلال مسلسل «أم 44»، الذى يعد إضافة نوعية لمسيرتها الثرية.
فى هذا الحوار الخاص، تكشف سمية الخشاب كواليس مشاركتها فى «أم 44»، وكيف استعدت لهذا الدور المختلف، وما الذى جذبها للدراما الخليجية، بالإضافة إلى الحديث عن أحلامها الفنية المقبلة، لقاء يحمل الكثير من الشفافية، ويُسلط الضوء على نجمة لا تعرف سوى لغة التألق والإبداع.
كيف وجدتِ ردود الأفعال تجاه مسلسل «أم 44» ودور «ماهتاب»؟
أشعر بامتنان كبير تجاه ردود الأفعال الإيجابية التى تلقيتها عن المسلسل ودورى فيه، فالحمد لله، كل التعب والإرهاق الذى بذلناه كفريق عمل تلاشى أمام هذا النجاح والتفاعل الجماهيرى. لقد اجتهدنا جميعاً لنقدم عملاً يليق بالجمهور، وجاءت التعليقات الحماسية على السوشيال ميديا لتؤكد أن شخصية «ماهتاب» لامست قلوب المشاهدين وتركت أثراً واضحاً فى العمل.
وما زاد من تميز التجربة هو الأجواء الاحترافية فى التصوير، حيث تم توفير كل ما نحتاجه، مما انعكس على جودة المسلسل.
ما سر انجذابك للمسلسل والدور؟
ما جذبنى إلى المسلسل، هو مضمونه العميق الذى يطرح قضايا اجتماعية وإنسانية بأسلوب مشوق، يمزج بين الدراما القوية والكوميديا الراقية، مما جعله قريباً من الجمهور، الذى وجد نفسه فى كثير من المواقف والشخصيات.
أما شخصية «ماهیتاب»، فكانت عامل الجذب الأكبر بالنسبة لى، فهى امرأة مصرية تنتمى لأسرة بسيطة، خفيفة الظل، وجدعة، ولديها روح محببة، رغم ما تمر به من أزمات وصراعات. تزوجت من رجل خليجى وانتقلت للعيش فى السعودية، وتواجه العديد من التحديات أثناء إقامتها مع حماتها، وتتعامل مع صراعات عائلية ومجتمعية معقدة، إلى جانب ذلك نجد أن ماهيتاب شخصية كارثية بكل المقاييس، لكنها فى الوقت نفسه تحمل جوانب إنسانية كثيرة، وقد أحببت هذا التناقض فى شخصيتها، لأنها تجمع بين العفوية والذكاء، وتعكس صورة السيدة المصرية التى نعرفها جميعاً؛ القوية، المرحة، والمليئة بالمشاعر.
هل هناك صفات تجمع بين «ماهيتاب» وسمية الخشاب؟
وجدت تشابهاً كبيراً بينى وبينها فى مجموعة من الصفات، فهى نموذج للمرأة الجدعة، المخلصة لصديقاتها، المحبة للحياة، والتى تقدر قيمة الأسرة والزوج والأولاد.
كيف كان التحضير للدور؟
التحضير لشخصية ماهیتاب فى «أم 44» كان رحلة مكثفة، تطلبت منى دراسة عميقة لكل جوانبها، من ملامح شخصيتها وطريقة تعبيرها، إلى أسلوب تفاعلها مع مَن حولها. كنت حريصة على أن تبدو ماهیتاب واقعية، قريبة من الناس، وكأن المشاهد قد التقى بها فى حياته اليومية.
كيف وجدتِ هذه التجربة الخليجية.. والتحديات التى واجهتكِ فى هذا المسلسل وكيفية التعامل معها؟
خوضى تجربة الدراما الخليجية من خلال «أم 44» كان خطوة لطالما تمنيتها، وجاءت فى التوقيت المثالى، حيث شعرت بسعادة غامرة لأننى أخيراً أطل على الجمهور الخليجى والعربى عبر عمل يجمع بين الدراما العميقة والكوميديا الراقية.
أما عن التحديات، فكانت متعددة ومثيرة فى الوقت نفسه؛ أولها، كونه أول عمل خليجى لى، وهو ما تطلب منى سرعة التأقلم مع بيئة عمل جديدة والتفاعل بانسجام مع نجوم خليجيين مميزين، لكن التحدى الأكبر كان فى طبيعة دور «ماهیتاب»، تلك الشخصية المركّبة، التى تعد بمثابة «السهل الممتنع»، التى تبدو بسيطة فى ظاهرها لكنها غنية بالتفاصيل، قدمت مزيجاً بين المرأة القوية والعفوية، بين خفة الظل والعمق الإنسانى، وهو ما تطلب مجهوداً مضاعفاً لأظهرها بشكل حقيقى يصل للمشاهد، ولا أنكر أن الكاتبة المبدعة هبة مشارى كانت شريكاً أساسياً فى هذا النجاح، فقد حفزتنى لاستخراج كل طاقتى وكأننى أقدم أكثر من شخصية فى مسلسل واحد، كل مشهد فى «أم 44» كان بمثابة «ماستر سين»، يحمل ثقلاً درامياً أو كوميدياً، ويُنفذ بعناية ليبقى عالقاً فى الأذهان.
كيف تقيمين تجربتك فى العمل مع المخرج مثنى الصبح.. وما يميزه عن غيره من المخرجين؟
العمل مع المخرج مثنى الصبح كان تجربة مميزة بكل المقاييس، فهو ليس مجرد مخرج، بل قائد حقيقى فى موقع التصوير، يمتلك قدرة استثنائية على خلق أجواء عمل مريحة وهادئة، خالية من التوتر، وأكثر ما يميزه هو عشقه للتفاصيل، ولا يتردد فى إعادة المشاهد الصعبة مرات ومرات حتى نصل إلى النتيجة المثالية، وعلى المستوى الشخصى، هو إنسان راقٍ وطيب القلب، وداعم حقيقى لكل من يعمل معه، لم أكتفِ بالتعاون المهنى فقط، بل كسبت أخاً وصديقاً أعتز به، كانت تجربة رائعة، وأتمنى أن تتكرر فى أعمال مقبلة.
كيف تصفين تجربتك فى التعاون مع الفنانة الكبيرة هدى الخطيب.. وما الذى ميّز علاقتكما على الشاشة فى مسلسل «أم 44»؟
التعاون مع النجمة الكبيرة هدى الخطيب كان تجربة استثنائية، وأنا فخورة جداً بأننى تشاركت معها فى هذا العمل. فى «أم 44»، جمعتنا علاقة مليئة بالتفاصيل والمفارقات، خاصة أننى أجسد شخصية «ماهتاب»، الزوجة التى تعيش تحت سقف واحد مع حماتها «أم دحام»، التى قدمتها هدى الخطيب ببراعة لافتة، التفاعل بيننا على الشاشة كان ثرياً ومتنوعاً، يمزج بين المواقف الدرامية المشحونة والكوميديا الذكية، مما أضفى على العلاقة بُعداً إنسانياً حقيقياً، أسرة «أم دحام» تعد من المحاور الرئيسية فى المسلسل، والعمل مع فنانة بحجم هدى الخطيب أضاف لى الكثير، سواء على المستوى الفنى أو الإنسانى، لأنها نجمة محترفة وداعمة، والتفاهم بيننا انعكس بوضوح على الشاشة.
كيف وجدتِ تجربتك مع فريق عمل «أم 44» خاصة أنه أول مسلسل لك يصور فى الخليج؟
تجربتى مع فريق عمل «أم 44» كانت استثنائية بكل المقاييس، ليس فقط لأنه أول عمل لى يصور فى الخليج، بل أيضاً بسبب الروح الجماعية والتناغم الذى جمعنا خلف الكواليس. الجميع كان يعمل بحب وشغف، وهذا ظهر بوضوح على الشاشة، سواء فى جودة المشاهد أو مصداقية الأداء.
فخورة جداً بهذه التجربة، وأتمنى أن تكون مجرد بداية لسلسلة من الأعمال التى تصور هناك.
ما الدور الذى لعبه الجمهور خارج مصر فى مسيرتكِ الفنية.. وكيف أثر على نجاحك وانتشارك؟
لا يمكن الحديث عن نجاحى دون الإشارة إلى الجمهور خارج مصر، فهم جزء أصيل من رحلتى الفنية، وداعم قوى لى منذ بداياتى، جميع أعمالى تحظى بمتابعة واسعة فى الوطن العربى، وكان لجمهور الخليج دور كبير فى انتشارى وصعودى، جنباً إلى جنب مع جمهورى فى مصر، الذى يمثل دائماً الحاضنة الأولى لى ومصدر قوتى، هذا الارتباط بجمهورى العربى لم يقتصر على الأعمال الدرامية فقط، بل امتد إلى الغناء أيضاً، فحين قدمت الأغانى الخليجية، كان بدافع حبى واحترامى لهذا الجمهور الرائع، ووجدت تفاعلاً كبيراً ونجاحاً مميزاً، حتى إن الكثير منهم كانوا دائماً يسألونني: لماذا لا تكثفين من أعمالك الغنائية الخليجية؟ وهذا السؤال أسعدنى لأنه يعكس مدى ارتباطهم بى وبفنى.
برأيك هل باتت الدراما العربية تميل أكثر لتقديم الأعمال المشتركة بهدف الوصول لشريحة أوسع من الجمهور؟
ما يميز «أم 44» أنه ليس مجرد مسلسل خليجى، بل هو عمل درامى عربى متكامل، يضم نخبة من النجوم من مصر، العراق، سوريا، لبنان، الكويت، الإمارات، والسعودية، فى مزيج فنى ثرى يعكس التنوع الثقافى فى الوطن العربى، هذا الانفتاح على دمج الجنسيات المختلفة فى عمل واحد، بات توجهاً واضحاً فى الدراما العربية اليوم، حيث أصبح صناع الأعمال يدركون أن الدراما المشتركة تفتح آفاقاً أوسع للوصول إلى جمهور عربى أكثر تنوعاً، ليرى كل مشاهد عربى نفسه وبيئته ممثلة على الشاشة، وهذا يزيد من نجاح العمل ويعزز من انتشاره.
كيف تقيِّمين طرح الدراما العربية لقضايا المرأة.. وهل تعتقدين أنها تعكس واقعها بالكامل أم لا تزال هناك زوايا لم تسلط عليها الأضواء بعد؟
لا شك أن الدراما العربية قطعت شوطاً كبيراً فى تناول قضايا المرأة، وهذا أمر بالغ الأهمية، لأن المرأة ليست مجرد جزء من المجتمع، بل هى ركيزته الأساسية، والأعمال الدرامية أصبحت أكثر جرأة فى تسليط الضوء على المراحل المختلفة التى تمر بها المرأة، من نضالها اليومى، إلى علاقتها بأسرتها ومجتمعها، والتحديات التى تواجهها سواء على المستوى الشخصى أو المهنى.
لكن رغم هذا التقدم، لا تزال هناك جوانب لم تُستكشف بعد وتحتاج مناقشة بعمق كاف، لتقدم صورة أكثر واقعية وإنسانية للمرأة العربية بكل أبعادها.
معروف عنكِ حبك العميق لمصر وحنينك الدائم للوطن.. كيف تأقلمتِ مع الغربة هذه المرة لفترة أطول؟
لا أنكر أننى شديدة التعلق بمصر، وأشعر بالحنين لها بمجرد الابتعاد، لكن هذه المرة كان الوضع مختلفاً بعض الشيء، فحفاوة الجمهور العربى والاستقبال وطيبة أهله خففت عنى إحساس الغربة. شعرت أننى فى بلدى الثانى، ولكن افتقدت مصر وبيتى.
ماذا يعنى لك السباق الرمضاني.. وهل يزعجك غياب أعمالكِ عن هذا الموسم المعروف بزخم الأعمال القوية به؟
السباق الرمضانى يمثل موسماً فنياً استثنائياً، حيث يتسابق الجميع لتقديم الأفضل ويكون هناك زخم فنى كبير ومنافسة قوية به، لكننى لا أشعر بالضيق إذا لم يعرض عملى خلاله، لأن النجاح لا يرتبط بتوقيت العرض، بل بوصول العمل للجمهور فى الوقت المناسب، وبالنسبة للمنافسة، أراها حافزاً للإبداع، ودائماً أرحب بها ما دامت شريفة، وكل فنان يقدم أفضل ما لديه يستحق الاحترام والتقدير.
ما مشروعك الفنى المقبل بعد «أم 44».. وهل تستعدين لعمل سينمائى جديد؟
مشروعى الفنى المقبل هو فيلم «التاروت»، وهو عمل مميز بفكرة جديدة وتنفيذ رائع، بذلنا فيه مجهوداً كبيراً، وأتطلع لعرضه قريباً ومتابعة ردود فعل الجمهور، إلى جانب ذلك، لديّ مشروع غنائى يتضمن مجموعة من الأغانى الخليجية، وأتمنى أن تلقى استحسان جمهورى العزيز.
ما نقطة التحول فى حياة سمية الخشاب الشخصية والفنية؟
على المستوى الشخصى، حياتى مستقرة ومدروسة، أما فنياً، فقد مررت بمحطات فارقة شكلت مسيرتى، مثل «عائلة الحاج متولى» و«ريا وسكينة»، و«حين ميسرة» وغيرها، وكل عمل كان خطوة مهمة نحو الأمام، لكننى أؤمن بأن نقطة التحول الحقيقية لم تأتِ بعد، فما زلت أطمح لتحقيق المزيد، ولديّ أحلام وأعمال أسعى لتقديمها، وأتمنى أن تكون المرحلة المقبلة مليئة بالنجاحات.
لو عاد بكِ الزمن.. هل كنتِ ستغيرين شيئاً فى حياتك؟
بصراحة، لا، لأننى راضية تماماً بكل ما وصلت إليه، الله كان كريماً معى، وأحلامى تحققت خطوة بخطوة، لو عاد بى الزمن كنت سأسير فى نفس الطريق، لأن الرضا والنجاح ومحبة الناس والصحة والستر هى أعظم النعم، ولا أتمنى غيرها.
كيف تقضين وقتك بعيداً عن الأضواء؟
أعشق البيت، فهو مملكتى ومصدر راحتى، أستمتع بمشاهدة الأفلام، وقراءة الكتب، وممارسة الرياضة، أحب الطبخ كثيراً، وغالباً ما أرسل أطباقاً من صنع يدى لأصدقائى وجيرانى، كما أهوى العزومات البسيطة، وأميل للهدوء، وسماع الموسيقى، والخروج فقط عند الضرورة، وأفضّل قضاء الوقت مع أصدقائى المقربين.
هل تفكر سمية الخشاب فى الزواج حالياً؟
الزواج ليس ضمن خططى الآن، فأنا أعيش مرحلة أطلق عليها «المرحلة الملكية»، حيث أستمتع بكل تفصيلة فى حياتى، أركز على نفسى، صحتى، عملى، وعائلتى، هذه الفترة من عمرى أجد فيها سعادتى وراحتى النفسية.
تظهرين دائماً كإمرأة قوية.. ما مصدر تلك القوة؟
قوتى الحقيقية جاءت من التجارب الصعبة التى مررت بها. كل موقف صعب واجهته كان درساً عزز من صلابتى، وجعلنى أقوى وأكثر وعياً، فقد تعلمت ألا أسمح لأحد بأن يؤذينى نفسياً، وأن أحمى روحى من أى طاقة سلبية، فالأولوية عندى هى راحتى النفسية.
بماذا تحلم سمية الخشاب؟
أحلم بأن أقدم عملًا غنائياً استعراضياً ضخما يحمل طابعاً عالمياً، يجمع بين الأغانى الراقية والرقصات المبهرة، ويُنفذ بأعلى مستوى، مع مخرج محترف ونجوم كبار، أتمنى أن يصبح هذا الحلم واقعاً قريباً، ليكون خطوة جديدة ومميزة فى مسيرتى الفنية، كما أننى متحمسة لخوض تجربة المسرح، فهو مساحة سحرية تمنحنى فرصة للتعبير المباشر والتفاعل مع الجمهور، خاصة من خلال الاستعراض والغناء.