17-4-2025 | 14:03
عمرو والي
لطالما كانت الأعمال الفنية مرآةً للمجتمع، ولم تكتفِ السينما والدراما بدور الترفيه أو التوعية، بل تخطّت ذلك إلى التأثير الفعلى في الواقع، ووصل صدى بعض الأعمال الفنية، لتسهم فى تعديل أو إصدار قوانين تمس حياة الناس اليومية، حيث شهدت الساحة الفنية المصرية عدة أعمال درامية وسينمائية أحدثت صدى واسعاً، وأثارت نقاشاً مجتمعياً انتهى بتأثير فعلي على أرض الواقع، «الكواكب» تستعرض أبرزها من خلال السطور القادمة.
البداية مع مشهد مؤثر لا ينسى من مسلسل «ولاد الشمس»، والذى عرض ضمن السباق الرمضانى، حيث وقف الطفل «مفتاح»، والذى جسده الفنان طه دسوقى حائراً أمام باب منزل أسرته التى تخلت عنه بعد كفالته، ورغم بساطة المشهد، إلا أنه فجّر موجة واسعة من التعاطف معه، دفعت وزارة التضامن الاجتماعى إلى اتخاذ قرار بفرض غرامات مالية على الأسر التى تتخلى عن الأطفال المكفولين، وهى خطوة جديدة تضاف إلى رصيد الفن وتأثيره كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير فى المجتمع.
كان مسلسل «لام شمسية» ، والذى عرض ضمن موسم رمضان الماضى قد أحدث صدى واسع قبل عرضه من الأساس، حيث تداولت بعض التقارير أنه يتناول قضية التحرش بالأطفال، إلا أن المخرج كريم الشناوى نفى ذلك، مؤكداً أن العمل لا يركز على هذه القضية تحديداً، بل يتناول الأذى النفسى الذى قد يتعرض له الإنسان فى طفولته، وكيفية مواجهته.
ويعد المسلسل من الأعمال الدرامية التى تسلط الضوء على قضايا هامة فى المجتمع.
كما برز مسلسل «حسبة عمرى» كأحد الأعمال التى أثارت نقاشاً واسعاً فى الأوساط الاجتماعية ، نظراً لتناوله قضية «حق الكد والسعاية» للمرأة بعد الطلاق، وهى مسألة نادراً ما تم التطرق إليها فى الدراما المصرية.
المسلسل يسلط الضوء على قضية «حق الكد والسعاية»، وهو ما يعني منح المرأة حقاً فى جزء من ممتلكات الزوج التى ساهمت فى تكوينها خلال الحياة الزوجية. هذه القضية لم تحظَ بالاهتمام الكافى فى الواقع، ويأمل البعض من خلال عرضها دراميا أن يسهم المسلسل فى إثارة النقاش حولها.
كانت الفنانة منى زكى قد أثارت مسبقا الاهتمام الكبير من خلال مسلسل «تحت الوصاية»، الذى تناول معاناة الأمهات اللاتى يُحرمن من الوصاية على أطفالهن بعد وفاة الزوج، لصالح الجد أو العم، بما يضر بمصلحة الأطفال أحيانا، حيث ينفرد والد الزوج المتوفى أو عم الأبناء بالوصاية على تركة الأبناء بخلاف الأم، وبعد عرض المسلسل ونجاحه الكبير جرت مناقشات بين العديد من الفئات فى المجتمع المصرى حول هذا الشأن كان أساسها البحث عن مصلحة الأبناء.
كما قدمت الفنانة منى زكى أيضاً، مسلسل «لعبة نيوتن» والذى ناقش قضية الطلاق الشفهى وتأثيره الصادم فى حياة الطرفين، لا سيما المرأة، كما ناقش مسلسل «فاتن أمل حربي»، من بطولة نيللى كريم العام الماضى قضايا عدة مرتبطة بتداعيات الطلاق على الزوجة فيما يتعلق بحق الأم فى الولاية التعليمية والنفقة.
ووجد المسلسل تأييداً ومعارضة للخطاب الذى يتبناه.
وتطرقت بعض المسلسلات أيضا لعدد من القضايا الاجتماعية الهامة وكان لها صدى كبير منها حرمان المرأة من الميراث والذي عرض من خلال مسلسل «ستهم» و «الخلع» فى مسلسل «جعفر العمدة».
السينما
كما ناقشت عدد من الأعمال السينمائية معاناة المرأة المطلقة في بعض الاحيان فى المحاكم ، وعلى الرغم من أن أشهرها «أريد حلاً» الذى حرك المياه الراكدة، الأ ان هناك أيضاً أعمال سينمائية أخرة مثل «آسفة أرفض الطلاق» لميرفت أمين وحسين فهمى عام 1980 وإخراج إنعام محمد على، وتأليف حسن محب ونادية رشاد، والذي تطرق لقضية رفض الزوجة لطلاقها من زوجها من دون سبب واضح وعلى العكس من رغبتها، و قد كان له أثر كبير في الواقع انعكس في النقاشات العديدة التي دارات حوله مجتمعيا.
كما أثار فيلم «الشقة من حق الزوجة» عام 1985 لمحمود عبدالعزيز ومعالى زايد وإخراج عمر عبدالعزيز أيضاً مشكلة الانتفاع بشقة الزوجية بعد الطلاق، خصوصاً مع تأزم الوضع أحيانا فى حال كان أحد الطرفين بلا مأوى.
ومن اللافت أن الفنان فريد شوقى كان له أكثر من محاولة فى تقديم أفلام تناقش قضايا تهم المجتمع، فمثلاً من خلال فيلمه «جعلونى مجرماً» الذى عرض العام 1954 وأخرجه عاطف سالم عن قصة فريد شوقى ورمسيس نجيب، ناقش قصة مهمة وهى «السابقة الأولى».
واستعرض الفيلم حياة البطل الذى وجد نفسه منذ أن كان طفلاً بين أيدى عصابة استدرجته للعمل معها بعد أن استولى أقاربه على ميراثه، وعلى الرغم من محاولاته بدء حياة جديدة الا أن المجتمع يرفض هذا ويرفض أن يغفر له، وهى قصة حقيقية، وبالفعل استطاع الفيلم كعمل فني أن يحدث تغييرا على أرض الواقع.
وكان لفريد شوقى جولة أخرى مع القضايا المجتمعية ذات الأهمية الكبرى عام 1973 من خلال فيلمه «كلمة شرف» الذى ناقش إمكان السماح للسجناء بالخروج وفق ضوابط معينة لزيارة ذويهم المقعدين والمرضى وكبار السن والرأفة بحالهم إنسانياً، والفيلم قصة فريد شوقى وفاروق صبرى وإخراج حسام الدين مصطفى..