20-8-2025 | 10:29
عمرو محي الدين
تحل هذه الأيام ذكرى رحيل الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن، أحد أبرز أعمدة الكتابة الدرامية في مصر والعالم العربي، الذي استطاع أن يحفر اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الفن والثقافة، بفضل أعماله التي جمعت بين العمق الفكري، والوعي التاريخي، والبعد الإنساني.
لم يكن محفوظ عبد الرحمن مجرد كاتب دراما، بل كان ضميرًا ثقافيًا حيًا، عبّر عن هموم المجتمع وتاريخه وهويته، من خلال قلم شغوف بالوطن، وفكر لا يساوم على القيمة.
ولد محفوظ عبد الرحمن عام 1941، وتخرج في كلية الآداب – جامعة القاهرة عام 1960، لكنه بدأ الكتابة الأدبية قبل تخرجه بأعوام، فكتب القصة القصيرة، والمقال، والنقد الأدبي، ونُشرت أعماله في مجلات وصحف مرموقة مثل:
الآداب، الكاتب، الثقافة الوطنية، الرسالة الجديدة، الأهرام، العربي، الهلال، البيان الإماراتية، والأهالي.
بعد تخرجه، عمل في دار الهلال، ثم استقال عام 1963 ليلتحق بـ وزارة الثقافة، حيث شغل مواقع مهمة في دار الوثائق التاريخية، وأسهم في إصدار عدد من المجلات الفنية والثقافية، من بينها:
مجلة السينما، مجلة المسرح والسينما، ومجلة الفنون.
بدأ محفوظ عبد الرحمن مشواره في الدراما التليفزيونية بسهرته الشهيرة "ليس غدًا" عام 1966، وتلتها أعمال بارزة مثل:
"الرجل الذي رحل" (1977)
"ذات يوم ذات شهر ذات سنة"
وفي عام 1971 قدّم أولى مسلسلاته الطويلة "العودة إلى المنفى"، عن قصة للكاتب أبو المعاطي أبو النجا، وفي فترة عمله بـ تلفزيون الكويت (1974 – 1978)، قدّم عددًا من أبرز إنتاجاته الدرامية، التي شكّلت علامة فارقة في مسيرته.
وفي عام 1982، قرر الاستقالة من وزارة الثقافة، متفرغًا للكتابة بشكل كامل، لتبدأ أهم مراحل نضجه الفني.
إلى جانب الدراما، أصدر محفوظ عبد الرحمن عدة أعمال أدبية مهمة، منها:
"البحث عن المجهول" (مجموعة قصصية – 1967)
"أربعة فصول شتاء" (1984)
رواية "اليوم الثامن" (1972)
رواية "نداء المعصومة" (2000)
كتب محفوظ عبد الرحمن أعمالًا شكّلت وجدان المشاهد العربي، من أبرزها:
مسلسل "بوابة الحلواني"
مسلسل "أم كلثوم"
فيلم "ناصر 56"
فيلم "حليم"
كل عمل منها كان نصًا حيًا يُقرأ ويتحرك على الشاشة، مدعومًا ببحث تاريخي دقيق، ونظرة إنسانية عميقة.
في ذكرى رحيله، تظل أعمال محفوظ عبد الرحمن حاضرة في المشهد الثقافي والفني، لأنها لم تكن مجرد إنتاجات درامية، بل كانت مواقف فكرية وإنسانية، وصوتًا واعيًا في وجه التبسيط والسطحية.
لقد غادرنا الجسد، لكن بقي القلم والموقف والرؤية، ترشدنا كأحد أبرز من جسّدوا تاريخ مصر وقضاياها، عبر دراما تحترم العقل وتُخاطب الوجدان.