13-9-2025 | 14:19
موسى صبري
فى بلد يتنفس الفن وتعد إبداعاته الفنية واحدة من قوته الناعمة، تبقى المهرجانات الفنية المصرية جسوراً للحوار بين الثقافات، ومنابر تحتفى بالسينما والمسرح والموسيقى، وتحمل على عاتقها رسالة تتجاوز حدود التسلية العادية إلى التنوير وبناء الوعى، فمن القاهرة إلى الإسكندرية والقلعة والعلمين، تتعدد الفعاليات وتتنوع المنصات، لكن الهدف واحد: إبراز الهوية الثقافية المصرية، وتجديد صلتها بالجمهور، وتأكيد ريادتها عربياً ودولياً.
فى هذا التحقيق، نرصد شهادات نخبة من الفنانين والنجوم والنقاد حول دور المهرجانات فى صناعة الحراك الثقافى، وماذا تضيف للحركة الفنية وما الذى تقدمه للجمهور من جديد؟
فى البداية أشار الفنان حسين فهمى، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، إلى أن المهرجان سيظل دائماً جسراً للتواصل الثقافى بين مصر والعالم، وله مكانة خاصة فى وجدان الجماهير العربية وصناع السينما حول العالم، إذ يعكس الإرث السينمائى المصرى العريق الذى امتد لعقود، وهو ملتزم بالحفاظ على هذا التراث، وإبراز الهوية السينمائية المصرية، إلى جانب دعم المواهب الشابة ومواكبة التطورات العالمية فى الصناعة.
كما أكد الفنان محمد رياض رئيس المهرجان القومى للمسرح، أن المهرجان يهدف إلى تقديم نماذج متميزة من المسرح المصرى، وتشجيع المبدعين على التنافس، مؤكداً أن رسالته الأهم هى الوصول إلى جميع فئات الشعب المصرى وتحويل فعالياته إلى عرس ثقافى وتنويرى يرسخ مكانة المسرح بوصفه كأداة أساسية للتنوير المجتمعى.
وأضاف رياض، أن المهرجان نجح فى التوسع خارج القاهرة ليصل إلى بعض المحافظات، حيث شملت فعالياته 4 محافظات مختلفة بالتعاون مع وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة، معرباً عن أمله فى أن تمتد أنشطته إلى جميع محافظات مصر.
إحياء الأعمال الموسيقية
أما الفنان على الحجار فيقول: مهرجان الموسيقى العربية يعد واحداً من أهم المهرجانات العالمية، ويحظى بمكانة مميزة فى الوجدان العربى، إذ ينظر إليه باعتباره المهرجان الموسيقي الأبرز فى المنطقة، وكل فنان يشارك فيه يقدم تراث بلده ويبرز شخصيتها الموسيقية الخاصة، لذا فقد أصبح ركيزة أساسية فى منظومة الثقافة المصرية والعربية على مدار أكثر من ثلاثة عقود، واستمراره حتى اليوم يمثل شهادة حقيقية على نجاحه.
وأضاف الحجار، أن المهرجان يحرص على إحياء الأعمال الموسيقية والغنائية الخالدة، واستعادة ذكريات الفن الجميل، إلى جانب تكريم رموز الطرب الذين أسهموا فى تشكيل وجدان الأجيال، وذلك يعكس مكانة مصر الموسيقية الرائدة فى الوطن العربى.
وعن مهرجان القلعة، أوضح الحجار أنه حدث جماهيرى بامتياز، حيث يتجمع المصريون كل عام للاستمتاع بحفلات نجومهم المفضلين بأسعار رمزية تناسب المواطن البسيط، لافتاً إلى أن ذلك يرسخ دوره كأحد أهم المهرجانات الشعبية، وختم بقوله: أتمنى أن نستمر فى إذاعة حفلات مهرجان القلعة والموسيقى العربية عبر شاشات التليفزيون، ليتمكن كل بيت مصرى من الاستمتاع بها.
ويقول الموسيقار هانى مهنا: مهرجان الموسيقى العربية يلعب دوراً بارزاً منذ انطلاقه قبل أكثر من ثلاثين عاماً، حيث يحرص الفنانون والجمهور على متابعته لما يمثله من تجسيد حقيقى للتراث الموسيقى الذى يشكل جزءاً أصيلاً من الهوية المصرية.
وعن ازدياد عدد المهرجانات الفنية، وبالأخص الموسيقية، يؤكد أن هذا يمثل حاجة ملحة، لكن بشرط أن نستمر فى تقديمها وإقامتها كما هو الحال حالياً وفق معايير دقيقة تضمن جودة التنظيم ومشاركة أوسع من الجمهور فى مختلف المحافظات، مشيراً إلى أن مهرجان القلعة نموذج ناجح لأنه يخاطب جميع الشرائح، معرباً عن أمنيته فى إقامة مهرجان موسيقي فى كل محافظة.
واستكمل مهنا حديثه بالإشارة إلى مهرجان العلمين الذى حقق فى سنوات قليلة جماهيرية لافتة، مؤكداً أنه نموذج لمهرجان مبنى على استراتيجية سليمة ويخدم الجمهور بشكل حقيقى.
مهرجانات السينما
ترى الناقدة ماجدة موريس أن المهرجانات الفنية تمثل ركيزة أساسية فى إحياء الحركة الثقافية بمصر، مشيرة إلى أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى يعد أحد أعرق المهرجانات العربية، ومصنفاً ضمن أفضل عشرة مهرجانات سينمائية على مستوى العالم.
وأكدت أن تأسيسه على يد كمال الملاخ جعله منصة جذب للسينمائيين من مختلف أنحاء العالم، بما يقدمه من أفلام مهمة وضيوف بارزين وقضايا سينمائية متنوعة، وأعربت عن أملها فى أن يحافظ المهرجان على مكانته واستمراريته، وأن يواصل طرح قضايا كبرى مثل دعم القضية الفلسطينية.
وشددت على أهمية امتداد المهرجانات الفنية - سواء فى السينما أو الموسيقى أو المسرح - إلى مختلف المحافظات، حتى تصل الثقافة الجماهيرية إلى الجميع وألا تقتصر على القاهرة والإسكندرية والمناطق الساحلية فقط.
وأكدت الناقدة ضرورة أن يستمر التلفزيون فى دوره المحورى فى إذاعة حفلات مهرجان الموسيقى العربية ومهرجان العلمين، ليتمكن الجمهور من متابعتها من منازلهم.
وأكدت الناقدة مها متبولى أن المهرجانات الفنية فى مصر تشهد تطوراً ملحوظاً، خاصة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى يرأسه الفنان حسين فهمى، مشيرة إلى أنه تمكن من استقطاب ضيوف وأفلام بارزة فى كل دورة، إلى جانب التنظيم المتميز الذى يحظى به المهرجان.
مهرجان العلمين
وأكد الناقد طارق الشناوى أن إقامة أى مهرجان - سواء كان دولياً أو محلياً - بالشكل الصحيح تمثل إضافة حقيقية للحركة الثقافية والفنية فى مصر، مشيراً إلى أن مصر كانت سباقة عربياً حين أطلقت فى مطلع الستينيات مهرجان التليفزيون العربى الذى قدمه الراحل سمير صبرى، قبل أن يتوقف، ثم جاء مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام 1976 ليصبح علامة فارقة بين المهرجانات العربية والدولية.
وأوضح الشناوى أن استمرار مهرجان القاهرة بنفس القوة يحتاج إلى الدعم المستمر، خاصة مع اشتداد المنافسة بين المهرجانات العالمية على استقطاب أهم الأفلام.
وأضاف أن إدارة الفنان حسين فهمى للمهرجان تمثل نقطة قوة، كما اعتبر أن مهرجان العلمين تجربة واعدة وتستحق حفلاته أن تبث جميعها على الجمهور، وكذلك حفلات مهرجان الموسيقى العربية ليصل إلى جمهور أوسع.
واختتم الشناوى حديثه بالإشارة إلى أن مهرجان المسرح القومى والتجريبى يعدا بمثابة منصة مهمة أتاحت للمسرحيين تقديم إبداعاتهم عاماً بعد آخر، وهو ما يعكس تمسك الفنانين بوجود مسرح حقيقى وفعال.
الشريك الحقيقى
لم نكتفِ بآراء النجوم والنقاد، بل توجهنا أيضاً إلى الجمهور، باعتباره طرفاً أساسياً وشريكاً حقيقياً فى نجاح أى مهرجان، لنرصد رؤيته وانطباعاته عن هذه الفعاليات، وكيف يراها من واقع تجربته المباشرة ومتابعته المستمرة.
تشير منى شعبان، إحدى المتابعات المنتظمات للمهرجانات الفنية، إلى إنها تحرص كل عام على متابعة فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى شهر نوفمبر، حيث تجد فى عروضه فرصة مميزة لمشاهدة أفلام عربية وأجنبية متنوعة تناقش موضوعات مهمة، وبأسعار تذاكر مناسبة للجمهور، وتؤكد أن وجود ندوات مصاحبة للأفلام يضفى بعداً معرفياً وثقافياً، خاصة مع وجود مترجمين على مستوى جيد يسهلون نقل فكرة الفيلم بدقة.
وتضيف أنها تعتبر المهرجان مساحة للتفاعل المباشر مع السينمائيين من مختلف دول العالم، مما يثرى تجربتها كمشاهدة، لكنها تتمنى أن يتاح للجمهور حضور حفلات الافتتاح، وألا يقتصر الأمر على الضيوف الرسميين والنقاد والصحفيين فقط، باعتبار أن الجمهور هو شريك أساسى فى نجاح هذه الفعاليات.
وعن علاقتها بباقى المهرجانات الفنية، أوضحت أنها تتابع عروض المسرح من حين لآخر، بينما تحرص على حضور حفلات مهرجان الموسيقى العربية لاختيار مطربيها المفضلين، كما أشادت بتنظيم مهرجان القلعة الذى حضرته، واستمتعت فيه بحفل الفنان خالد سليم، وكذلك بصوت الفنان على الحجار الذى وصفته بالممتع والأصيل.