السبت 22 نوفمبر 2025

فى السينما المصرية..وجوه صغيرة صنعت ذكريات كبيرة

فى السينما المصرية..وجوه صغيرة صنعت ذكريات كبيرة

22-11-2025 | 21:49

عمرو محي الدين
على مدى عقود طويلة، ظل حضور الطفل فى الفن العربى علامة فارقة لا يمكن تجاهلها، فمن شاشات السينما إلى بيوت الدراما، برزت وجوه صغيرة استطاعت بموهبتها الفطرية وخفة ظلها أن تحجز لنفسها مكاناً ثابتاً فى ذاكرة الجمهور، فالأطفال لم يكونوا مجرد عناصر مكملة فى الأعمال الفنية، بل كانوا ومازالوا نجوم صغار قادوا مشاهد كاملة، وأصبحوا جزءاً من وجدان أجيال كاملة، بفضل أداء صادق وملامح طبعت حضورهم فى الذاكرة. هذا التقرير المتزامن مع عيد الطفولة الذي يوافق 20 نوفمبر، نعيش مع أبرز هؤلاء الأطفال الذين كتبوا سطوراً خالدة فى تاريخ الفن، وكيف تحولت أدوارهم الصغيرة إلى محطات كبرى فى مسيرتهم ومسيرة الأعمال التى شاركوا فيها، سنستعيد معاً أسماء لامعة ارتبطت بأفلام ومسلسلات لا تزال تعاد حتى اليوم، ونستعرض أهم أعمالهم التى صنعت شهرتهم، وكيف نجحوا فى أن يكونوا أكثر من مجرد ظهور عابر. لا يمكن الحديث عن الأطفال فى السينما المصرية دون الإشارة إلى فيروز، تلك الطفلة الاستثنائية التى تبناها فنياً أنور وجدى، ليحولها إلى أيقونة فنية تمزج بين الغناء والرقص والتمثيل بخفة ظل طبيعية، من خلال أعمالها الكلاسيكية مثل «دهب» و«ياسمين»، رسخت فيروز حضورها فى وجدان الجمهور، وأصبحت نموذجاً يحتذى به للأجيال اللاحقة، مؤكدة أن موهبة الأطفال الصغار قادرة على خلق إرث فنى خالد. نيللى.. شرارة إبداع من الطفولة إلى النجومية بدأت نيللى مشوارها الفنى طفلة صغيرة، قبل أن تتحول لاحقاً إلى واحدة من أبرز نجمات الاستعراض والفوازير فى مصر. منذ ظهورها الأول، أظهرت نيللى حضورا استثنائياً، وتميزت بخطوات متوازنة بين السينما والفن الاستعراضى، ما جعلها جزءاً لا ينسى من ذاكرة الشاشة المصرية وأيقونة فنية محفورة فى وجدان الجمهور. أحمد فرحات.. الطفل الذى أضحك السينما المصرية بضحكته الطفولية وصوته الذكى، قدم أحمد فرحات أداءً لا ينسى فى فيلم «سر طاقية الإخفاء» عام 1959. جسد حضوره على الشاشة قدرة الأطفال على تقديم الكوميديا بعبقرية طبيعية وخالية من أى تكلف، مؤكداً أن الموهبة الفطرية قادرة على أسر قلوب الجمهور وإضفاء روح الدعابة على الأعمال الفنية. إكرام عزو.. الطفلة زيزى المرحة تعد إكرام عزو من أبرز الوجوه الطفولية فى الستينيات، حيث حققت شهرة واسعة من خلال دورها فى فيلم «عائلة زيزى»، خاصة بإفيهها الشهير الذى لا يزال متداولاً حتى اليوم: «أربعة يا ماما.. أربعة». تميزت بروحها المرحة وقدرتها على إدارة حوار كوميدى مع نجوم كبار وكأنها واحدة منهم، لتترك بصمة لا تنسى فى ذاكرة السينما المصرية. أطفال «الحفيد».. وجوه صنعت الذاكرة قدم فيلم «الحفيد» مجموعة من الأطفال الذين تركوا بصمة خالدة فى تاريخ السينما المصرية، بدايةً من مدحت جمال الذى جسد شخصية «عاطف»، الطفل المشاغب المحبوب، وأضفى على الشخصية روح الدعابة والبراءة التى أسرت قلوب الجمهور، أما دينا عبد الله، المعروفة بـ«سوسن»، فقد استمرت فى العمل الفنى، وظلت عبارتها الشهيرة مع عبد المنعم مدبولى متداولة حتى اليوم، لتصبح جزءاً من الذاكرة الجماعية للمشاهدين. وبرزت ميرفت العايدى فى دور «هالة»، قبل أن تنسحب لاحقاً وتترك المجال الفني. هؤلاء الأطفال لم يكتفوا بالأداء التمثيلى، بل نقلوا تفاصيل الحياة الأسرية المصرية بحذافيرها، من مشاغباتهم اليومية إلى لحظات التحدى والمغامرة، ليجسدوا صورة حية للطفولة التى تتفاعل مع المجتمع وتعكس واقعه بدقة وصدق. غادة جمال.. طفلة «حكايتى مع الزمان» تعود غادة جمال، نجمة الطفولة فى فيلم «حكايتى مع الزمان»، لتروى ذكرياتها بعد مرور أكثر من نصف قرن على عرض العمل، مؤكدة فى لقاءاتها الإعلامية الأخيرة أنها عاشت عصر شعرت فيه باحتضان موهبة الأطفال كما يحدث الأن. استعرضت غادة كواليس تصوير الفيلم، والحرص الكبير الذى أبداه المخرج وفريق العمل لجعل تجربة الأطفال ممتعة ومثمرة، بعيداً عن أى ضغوط. وأضافت أن الأطفال فى ذلك الوقت لم يكونوا مجرد وجوه تمثيلية، بل كانوا عناصر فاعلة تساهم فى تشكيل الحبكة وإيصال رسائل اجتماعية وإنسانية للجمهور. تجربة غادة جمال تعكس كيف كانت ومازالت السينما المصرية تمنح الأطفال مساحة للتألق والإبداع، وتجعل من حضورهم على الشاشة جزءاً أساسياً من الذاكرة السينمائية التى لا تنسى. ماهر عصام.. طفل الـ«السيكو سيكو» ظل ماهر عصام واحداً من أبرز وجوه الأطفال فى السينما المصرية، بعد أن خطف الأنظار فى فيلم «النمر والأنثى» بجملته الشهيرة «السيكو سيكو»، التى أصبحت علامة مميزة تربط الجمهور بذكريات الطفولة. ورغم تحوله لاحقاً إلى نجم شاب ونجاحه فى أدوار البالغين، بقيت طفولته المليئة بالبراءة والطرافة جزءاً من ذاكرة المشاهدين، تذكرهم بسحر تلك الفترة من السينما المصرية التى كانت تمنح الأطفال دوراً حقيقياً فى سرد الحكاية. لم يكن ماهر مجرد طفل يؤدى دوره، بل جسد روح المرح والتلقائية، وأثبت أن الأطفال قادرون على إحداث تأثير كبير على الجمهور، وأن حضورهم يمكن أن يترك أثراً ممتداً عبر عقود، ليصبح مثالاً على نجوم الطفولة الذين شكلوا وجوه السينما ووجدانها. جيل ما بعد الألفية.. أطفال كبروا أمام الشاشة مع مطلع الألفية الجديدة، برز جيل جديد من الأطفال الذين بدأوا مسيرتهم الفنية منذ الصغر، وتركوا بصمة واضحة على الشاشة المصرية، ليصبحوا جزءاً من ذاكرة المشاهدين ومقياساً للموهبة الفطرية. منة عرفة.. طفلة خطفت القلوب لمع اسم منة عرفة منذ ظهورها الأول فى مسلسل «السندريلا»، قبل أن تدهش الجمهور فى فيلم «مطب صناعي» مع أحمد حلمى، الذى أطلق جملة شهيرة تظل مرتبطة بها: «لما حبيبتى هتكبر والنعمة لتاكل الجو». شاركت منة فى جميع مواسم سيت كوم «راجل وست ستات»، وأثبتت أنها ليست مجرد طفلة موهوبة، بل مشروع نجمة متكاملة قادرة على الجمع بين التمثيل والكاريزما. يوسف عثمان.. طفل «بحب السيما» أثبت يوسف عثمان منذ طفولته قدرته التمثيلية الفطرية، وتميز بأسلوب يعتمد على الواقعية والصدق، مما جعله يحتل مكانة خاصة بين نجوم جيله، ويؤكد أن الأطفال قادرون على تقديم أداء متقن يعكس نضجهم الفنى المبكر. ملك وليلى أحمد زاهر.. موهبة وراثية خطف الثنائى الأنظار منذ بداياتهما، وظهرت موهبتهما الفطرية فى أعمال حققت انتشاراً واسعاً، ليتمكنا من مواصلة المشوار الفنى بثبات من مرحلة الطفولة إلى الشباب، مؤكدين أن الموهبة الحقيقية لا تختفى مع مرور الوقت. كريم عبد العزيز.. نجم بدأ طفلاً ظهر كريم عبد العزيز طفلاً فى فيلم «المشبوه» أمام عمالقة السينما مثل عادل إمام وسعاد حسنى، وكانت ملامحه وموهبته المبكرة نقطة قوة أضفت حضوراً استثنائياً على مشاهده، ليؤسس قاعدة متينة لمستقبله الفنى. الجيل الحالى.. عودة قوية لنجوم الطفولة شهدت الشاشة فى عصرنا الحالى عودة قوية للأطفال الموهوبين، منهم على سبيل المثال يوسف صلاح فى فيلم «من أجل زيكو» حيث قدم أداءً تلقائياً أذهل المشاهدين والنقاد. لوسيندا أضفت روحاً جديدة فى فيلم «بيت الروبى» من خلال شخصية «شمس» البريئة. على البيلى فى مسلسل «لام شمسية» أظهر قدرة على تجسيد مشاعر معقدة بوعى غير متوقع. سليم محمد أمتع الجمهور بخفة دم فى «كامل العدد 2»، وأثبت موهبته الكوميدية. مكة محمد صلاح وكريم الحرز ومصطفى نجل رحمة أحمد قدموا شخصيات متنوعة أضفت الحيوية والإبداع للدراما الحديثة. الطفولة.. روح الفن التى لا تتكرر من فيروز إلى لوسيندا، ومن أحمد فرحات إلى يوسف صلاح، ومن «بلية» إلى على البيلى، تتغير الأجيال وتتطور التقنيات، لكن حضور الطفل الموهوب يظل عنصراً حاسماً فى نجاح أى عمل فنى، فالبراءة والإحساس الصادق والقدرة على التجسيد الفطرى تجعل الأطفال صناع ذكريات لا تنسى فى وجدان الجمهور. وفى عيد الطفولة 20 نوفمبر، يظل الاحتفاء بهذه المواهب رسالة واضحة بأن مستقبل السينما والدراما لا يزال مليئاً بالوجوه الصغيرة القادرة على صناعة الدهشة، تماماً كما فعل أسلافهم عبر العقود.