تواصل الدورة السادسة والثلاثون من أيام قرطاج السينمائية ترسيخ تقليدها في الاحتفاء بالذاكرة السينمائية العربية والإفريقية، عبر برنامج يجمع بين التكريم، العروض الخاصة، والأنشطة المهنية، في تقاطع واع بين الماضي والحاضر، وبين السينما بوصفها فنا وشهادة تاريخية. حيث تقام فعالية تكريم للناقد السينمائي اللبناني الراحل وليد شميط، تحت عنوان هو "حياة في قلب السينما"، وهو عنوان يلخص مسيرة رجل جعل من السينما أفقا فكريا وممارسة يومية، لا مجرد موضوع كتابة. كان وليد شميط، المولود سنة 1941 في عالية، من أوائل من تعاملوا مع النقد السينمائي باعتباره فعلا ثقافيا شاملا، واكتشف السينما والمسرح في البرازيل، قبل أن يعود إلى لبنان منتصف الستينييات ليكرس حياته للفن السابع كتابة، وتنظيرا، ومشاركة فعلية في المشهد السينمائي، كما كتب في صحف لبنانية، وأسهم في تأسيس نادي الفيلم العربي في بيروت، الذي تحول إلى فضاء ثقافي حي. وامتدت تجربته إلى التلفزيون، حيث قدم برامج مرجعية عن السينما المصرية واللبنانية، كما خاض التمثيل في أفلام عربية بارزة، وأخرج أفلاما وثائقية، وشارك في كتابة كتب مرجعية، من بينها "فلسطين في السينما"، وفي باريس، حيث استقر منذ 1990، لعب دورا اعلاميا بارزا عبر الإذاعة، وأصدر سنة 2001 كتابه المهم "يوسف شاهين حياة للسينما". رحل وليد شميط في عام 2024، تاركا أثرا مركبا يجمع بين النقد، المعرفة، والممارسة. كما افتتحت فعالية تكريم المخرج الجزائري الراحل محمد الاخضر حمينة، أحد أعمدة السينما العربية والافريقية، بعرض فيلمه "وقائع سنين الجمر". وعلى مستوى العروض الخاصة، شهدت القاعات برمجة أفلام جديدة تعكس تنوع التجارب العربية المعاصرة، حيث عرض فيلم "آية" للمخرجة التونسية مايا عجمية ايد زلامة، وفي قاعة زفير بالمرسى، عرض فيلم "المستعمرة" للمخرج المصري محمد رشاد، كعمل يتطرق للدراما العائلية، في سينما واقعية.