بقلم :ناصر جابر

لم يكن المسلسل التليفزيونى (الاختيار 3) مجرد مسلسل درامى ينتمى إلى أو يمكن تصنيفه كدراما الحركة والأكشن والتشويق، لكنه مسلسل من نوعية خاصة جدا فهو يؤرخ لأحداث حدثت أمام عين وفكر المشاهد ومن هنا يكون هذا العمل الدرامى يسبح ضد التيار وضد المألوف ويتحدى الصعب فقد يكون السهل الممتنع فكيف لصناع العمل مخاطبة المشاهد بأحداث هو شاهد عيان عليها، ولكى يصل إلى هذا المشاهد لابد أن يتحلى بالدقة والمحايدة، وهذا التحدى الأول والأهم لفريق هذا العمل ولقد نجحوا فى ذلك.

إن مسلسل الاختيار لم ينجح فى جذب المشاهد له وسط عدد كبير جدا من المسلسلات التليفزيونية التى تعرض بل كشف عن غباء وإرهاب جماعة الإخوان الإرهابية وأنهم حقا أغبياء لا يفكرون ولا يعرفون معنى كلمة وطن.

المسلسل نجح فى الرد بالمعلومة والأحداث التى لا تقبل شكًا على بعض الفئات، وللأسف منهم ما يطلقون على أنفسهم زووا النخبة المثقفة أو صاحبة الرأى والتأثير الجماهيرى على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم الحزبية والسياسية والذين كانوا يتبنون وجهة نظر وهى أن نعطى الفرصة ونترك الجماعة الإرهابية لمدة أربع سنوات، الاختيار 3 أكد لهؤلاء خطورة وسوء أفكارهم بأن لو كانوا استمروا فى حكم مصر لرأينا الدماء والجثث تملأ شوارع المحروسة وصراعهم المحتوم مع السلفيين الذين انقلبوا على الجماعة الإرهابية من أجل قطعة من التورتة والمناصب وكان فريق العمل موفقا جدا باستحضار مشاهد مسجلة أكدت هذا الصراع وهذا التكالب على المناصب والذى كان حتما سينقلب إلى صراع مسلح دموى يقضى على الأخضر واليابس.

وكشف صناع المسلسل والمؤلف هانى سرحان والمخرج بيتر ميمى (وبمشاهد حية مسجلة بالصوت والصورة ) كيف حاولت هذه الجماعة فى حكمها فى عام 2012 الأسود أخونة الدولة من خلال إسناد كل المناصب الهامة والمهمة فى الدولة إلى أهل الثقة من إخوانهم بصرف النظر عن كفاءة هذه الشخصيات لتلك المناسب وكيف تم استبعاد وحرمان المصريين من الحصول على مناصبهم ووظائفهم التى يستحقونها وسلبت منهم بغير وجه حق، وكيف كانت تدار مصر من خلال مكتب الإرشاد والإرهابى خيرت الشاطر الذى نجح الفنان العبقرى خالد الصاوى فى تجسيد شخصية نائب المرشد خيرت الشاطر وكشف عن حالة مستعصية لشخصية مريضة نفسيا ولا تمتلك شيئا أكثر من الغباء والفكر الدموى الإرهابى، وأعتقد أن الفنان خالد الصاوى يستحق جائزة عن أدائه لهذه الشخصية المعقدة نفسيا.

الاختيار وضع النقاط على الحروف وبعث برسالة للمشاهد المصري أن سفينة مصر كادت تغرق فى ظل حكمهم الفاشى ورسالة إلى كل من تعاطف معهم وأصحاب الأفكار المرتعشة والضالة، وهذه رسالة الدراما سواء مسلسلا تليفزيونيا أو فيلما سينمائيا أو عملا مسرحيا، وسيظل مسلسل الاختيار 3 شهادة على مر التاريخ للأجيال القادمة والتى لم تشهد حكمهم الغبى الفاشى وتؤرخ لأحداث مؤسفة كادت تطيح بالجميع