الأحد 28 ابريل 2024

"أبوالفنون" .. وأعوام من الإزدهار والإبداع

نجيب الريحاني

5-6-2022 | 07:46

خالد فؤاد

 

ليس حقيقياً على الإطلاق كل ما نشر بكافة الصحف والكثير من الكتب والمراجع خلال الـ١٠٠ عام الماضية، ولازال ينشر حتى اليوم بالكثير من الصحف ويعرض بالبرامج المختلفة خاصة تلك المهتمة بـ اأبوالفنون من أن مصر عرفت فن المسرح منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر عن طريق التفاعل مع أوروبا، والحقيقة أن مصر عرفت هذا الفن الجميل قبل هذا التوقيت بعقود طويلة، فقد جاء المسرح لمصر بشكله الحالى فى نهاية القرن السابع عشر، مع قدوم الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت عام 1798، كما نتعرف على رحلة المسرح المصرى بشكل عام خلال جولتنا التالية..

البداية تأتي منذ أن وطأت أقدام الحملة أرض مصر حتى تكونت فرقة «الكوميدى فرانسيز» وكانت فرقة كوميدية من طراز فريد، ولكنها لم تستطع جذب البسطاء من الشعب، الذين كانوا يكتفون بالاستماع دون مشاهدة، فقد ظلت الفرقة تخاطب الصفوة وكبار المثقفين والأثرياء.

مارون النقاش

شهد عام 1847 حدثاً فريداً، حيث عرف الجمهور المصرى، خاصة البسطاء، لأول مرة فن المسرح بشكله الحقيقى، حيث ظهر لأول مرة المخرج مارون النقاش بأول عرض مسرحى قوى ومنظم على أسس وقواعد صحيحة، مستلهماً أول فكرة قدمها من المسرح العالمى، وحملت عنوان «البخيل»، مستوحياً إياها من موليير، ليحقق العرض صدى واسعاً وكبيراً ليس بين الجمهور الذى انجذب بشدة لما شاهده ولم يشهد مثيلاً له من قبل فحسب، بل وبين عشاق الفن وممن كانوا يحلمون بتكوين فرق مسرحية وكانوا يخشون الفشل أو اتهامهم بالجنون باستحداث شىء غير معروف أومألوف للجمهور المصرى والعربى.

فكان ظهور مارون النقاش وفرقته بمثابة الفتح الكبير، حيث شجع الكثيرين على خوض التجربة وهم مطمئنون تماماً للنتيجة.

كانت المفاجأة أن أول من قرر خوض التجربة هو الخديوى إسماعيل نفسه، حيث قام فى عام 1869 بإنشاء المسرح الكوميدى الفرنسى، وكذلك دار الأوبرا وأعدهما لاستقبال الوفود المشتركة فى الاحتفالات الأسطورية التى أقامها لضيوفه بمناسبة افتتاح قناة السويس.

فى عام 1870 قام الخديوى إسماعيل بتشييد مسرح كبير فى الطرف الجنوبى من حديقة الأزبكية بميدان العتبة هو «تياترو الأزبكية» الشهير.

 يعقوب صنوع

تزامن هذا مع حضور العبقرى يعقوب صنوع من إيطاليا ليعلن تأسيس أول مسرح مصرى، على أسس علمية قائماً على الخبرات التى اكتسبها أثناء دراسته فى إيطاليا وقناعته بقوة تأثير المسرح وعظمة رسالته فى قيادة الجماهير وتوجيهها نحو حقوقها، إلى جانب رسالتيه النقدية والترفيهية.

ووفقاً لهذه القاعدة أعلن عند تأسيس المسرح المصرى، سنة 1869، وأن هدفه الأول هو إيقاظ الشعب من سباته وطرح مشاكله وإيجاد حلول لها.

بدأ عروضه داخل مقهى بداخل حديقة الأزبكية على بعد خطوات من التياترو، الذى أنشأه الخديوى إسماعيل، وكانت المفأجاة قيامه بتوجيه نقد لازع لسياسة الخديوى ووزارته، والمفأجاة الأكبر تقبل الخديوى النقد ورفضه إغلاق مسرحه، فكانت باكورة أعماله المسرحية أوبريت «راستو» و«شيخ البلد»، وخلال عامين فقط قدم 32 رواية من تأليفه، وقام صنوع هو وفرقته بتمثيل مسرحيتين أمام الخديوى وحاشيته وفوجئ الجميع بالخديوى يطلق عليه لقب «موليير مصر» نظراً لما كان يقدمه مسرحه من ملاهٍ وهزليات كانت تشبه إلى حد كبير الملاهى والهزليات التى كان يقدمها موليير، عاهل المسرح الفرنسى الأول.

لم يكن مسرح صنوع يهتم بالأمراء والباشوات، بينما كان يكتب للسواد الأعظم من الشعب، وللطبقة الوسطى.

من المسرحيات العامة والناجحة التى قدمها «البنت العصرية» وتناول فيها مشكلة انسياق بعض الأسر وراء تقليد الغرب فى التبرج، وانغماس الفتيات والنساء فى حياة اللهو والسهرات، مبيناً ضرر هذا الانقياد الأعمى للتقاليد الغربية، وما يتبع ذلك من تفكك، وانتشار الانحلال والتصدع بين الأسرة والمجتمع.

 كما قدم مسرحية «الضرتين» وتناول فيها مشكلة تعدد الزوجات، وأوضح بصراحة ما يترتب على ذلك من تفكك فى الأسرة وتعاسة فى المعيشة. وسخر أيضاً من الباشوات والأمراء الذين يقتنون عدداً كبيراً من النساء فى قصورهم كما يقتنون الخيول والأثاث سواء بسواء.

مسرحية «البورصة» وتعرض فيها لمشكلة الصعود والهبوط المفاجئ فى الأوراق المالية، وتأثير ذلك على مصالح الأسر وحياتها.

لم يتحمل الخديوى والحكومة ما كان يفعله صنوع، وتعددت الوشايات من قبل الحاقدين على نجاحة والحاسدين له، مستغلين قيامه بطرح المشاكل السياسية والاجتماعية بشكل علنى.    

وكان فى مقدمة الحاقدين والغيورين من نجاحه درانيت باشا، مدير مسرح الكوميدى الفرنسى، بعد أن أصبح صنوع منافساً خطيراً للفرق الأجنبية، فسعى درانيت باشا لدى الخديوى إسماعيل، ونجح فى استصدار قرار بغلق مسرحه وفرقته، وأيضاً نفيه إلى باريس.

تياترو الأزبكية

بينما استمر «تياترو الأزبكية» الذى أنشأه الخديوى إسماعيل وشهد فى عام 1885 إقامة أول موسم مسرحى، وتنافست فيه أكثر من فرقة نذكر منها فرقة «أبو خليل القبانى»، وفرقة «إسكندر فرح» وبطلها سلامة حجازى وغيرهما، من الفرق الأخرى التى قدمت أشهر أعمالها على نفس المسرح واستمرت المنافسة بينها منذ عام 1891 حتى عام 1905.

 فرقة سلامة حجازى

شهد عام 1905 قيام الشيخ سلامة حجازى بإنشاء فرقته الخاصة، التى حققت نجاحاً كبيراً على تياترو الأزبكية.

 جورج أبيض

كان من أهم الفرق التى ظهرت فى العقود الأولى من القرن العشرين فرقة «جورج أبيض»، التى اشترك فى تأسيسها مع الشيخ سلامة حجازى، وقدما مجموعة مسرحيات لشكسبير وبرنارد شو، واجتذبا الشاعرين الكبيرين خليل مطران وحافظ إبراهيم، فقدم معاً أول مسرحية مصرية وهى «مصر الجديدة ومصر القديمة» للكاتب فرح أنطون.

 المسرح الهزلى

وقد أعقب فترة مسرح سلامة حجازى وشراكته مع جورج أبيض، عملية تطوير الأشكال المسرحية الشعبية التى عرفتها مصر، فمنذ عام 1914تراجع المسرح الجاد وازدهر المسرح الهزلى وحققت الفرق الكوميدية نجاحاً كبيراً.

حيث تعددت وتعاقبت الفرق المسرحية ونجح الكثير منها، خاصة التى أنشئت على أسس وقواعد صحيحة فى تثبيت أقدامها وتحقيق نجاحات كبيرة ووضع بصمات وترك علامات مميزة فى تاريخ المسرح المصرى والعربى على مر العقود.

 أشهر كتب المسرح

ووفقاً لما جاء فى مجموعة من الكتب التى رصدت تاريخ المسرح المصرى والعربى، وأشهر وأهم الفرق التى ظهرت خلال القرن الماضى مثل «عشت ألف عام» ليوسف وهبى، و«المسرح فى الوطن العربى» للدكتور على الراعى، و«دفتر أحوال المسرح المصرى» لأمين بكير، و«المسرح المصرى» لمحمد مندور، و«المسرح حياتى» لنعمان عاشور ويوسف وهبي، و«سنوات المجد والدموع» لراوية راشد، و«مسرح على الكسار» للدكتور سيد على إسماعيل، بالإضافة للكتب التى صدرت عن الرواد الأوائل جورج أبيض وعزيز عيد والريحانى وسلامة حجازى وبديعة مصابنى.. نرصد أهم وأشهر الفرق فى تاريخ المسرح المصرى خلال الـ١٠٠ عام الماضية..

من كل ما سبق ذكره وتعرضنا له نستطيع التأكيد على أن الفترة منذ مطلع القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر بل وأول عقدين من القرن العشرين شهدت بالفعل ظهور عشرات الفرق المسرحية التى قام بتأسيسها فنانون أجانب من جنسيات مختلفة، وكانت تعتمد على تقديم العروض المستوحاة من القصص والروايات الأجنبية، وعلى الرغم من أن القائمين على إدارة هذه الفرق وكذلك غالبية الممثلين فيها كانوا من المصريين، إلا أنها كانت تنسب لمؤسسيها وأصحابها وليس للفنانين المصريين.

أول فرقة مصرية

حتى جاء عام 1923 ليشهد حدثاً فى منتهى الأهمية، حيث تكونت فى هذا العام أول فرقة مسرحية مصرية بقيادة الرائد المسرحى المخرج الكبير عزيز عيد، وكان المدير الفنى للفرقة الفنان الشاب فى هذا الوقت يوسف وهبى، وضمت الفرقة مجموعة كبيرة من نجوم هذا الوقت فى مقدمتهم الممثلة روز اليوسف، وحسين رياض وأحمد علام وزينب صدقى.

وحققت الفرقة نجاحاً كبيراً وساحقاً، حيث أقدم الجمهور على متابعة عروضها ليس لتشجيعها من منطلق أنها فرقة مصرية خالصة فحسب بينما لروعة الموضوعات التى كانت تقدمها، فجذبت أنظار الجمهور وطبقة المثقفين بالعروض الجميلة التى كانت تقدمها وفى مقدمتها مسرحيتا «كرسى الاعتراف» و«غادة الكاميليا».

 صديقة الطلبة

لأسباب غير مفهومة حدث انفصال فنى بين عزيز عيد ويوسف وهبى فاستقل كل منهما بفرقته الخاصة، ليؤسس عزيز عيد فرقته المسرحية، وحقق بها نجاحاً مذهلاً وكان أول من أنشأ مسرحاً صيفياً مكشوفاً، وأول من أسس فرقة من المصريين تمثل باللغة الفرنسية، وفتح معهداً تمثيلياً فى سوريا.

اكتشف عزيز عيد العديد والعديد من المواهب من كافة الأقطار، كان فى مقدمتهم فاطمة رشدى التى وقع فى غرامها وأسلم وتزوجها وأصبحت النجمة الأولى لمسرحه، وأطلق عليها لقب «صديقة الطلبة» لأنها كانت تتيح للطلبة حضور عروضها مجاناً، وأنجب منها ابنته عزيزة، وقدما سلسلة كبيرة من العروض الناجحة حتى بدأت الفرقة فى التراجع والتعرض لعثرات مادية كبيرة، فوقع الانفصال بين عزيز عيد وفاطمة رشدى واضطر لإغلاق الفرقة وواجه أزمات مادية طاحنة وأعلن أفلاسه.

فرقة فاطمة رشدى

بينما قامت هى، أى فاطمة رشدى، بتكوين فرقة باسمها، وكان تحدياً كبيراً فى ذلك الوقت، فى ظل وجود فرق شهيرة وكبيرة واستطاعت أن تتقدم الطابور بفرقتها، وسافرت هذه الفرقة للعرض ببيروت وبغداد وعدد من الدول العربية.

وتعلمت التأليف والإخراج ونجحت بدرجة كبيرة، الأمر الذى دفع نقاد الحركة الفنية فى ذلك الوقت لمنحها لقب «سارة برنار الشرق»، فقد أعتبرها كثيرون رائدة للحركة المسرحية فى مصر بسبب إسهاماتها الكبيرة فى المسرح، وإنتاجها الفنى الغزير، الذى بلغ 200 عرض مسرحى، وساهمت فى اكتشاف مواهب فنية كبيرة مثل محمد فوزى، ومحمود المليجى وكثيرين غيرهم.

 رمسيس

بينما استقل يوسف وهبى بعد انفصاله عن عزيز عيد بفرقة «رمسيس» ونجح فى الصعود بها وجعلها الفرقة الأولى لسنوات طويلة، وتخرجت منها أجيال كثيرة من الفنانين والنجوم الذين أصبحوا نجوم سينما ومسرح أوائل فى السنوات التالية.

على الكسار

تزامن مع تأسيس فرق سلامة حجازى وجورج أبيض وعزيز عيد بزوغ نجم الفنان الكوميدى الكبير على الكسار، الذى قام مع صديقه أمين صدقى بتكوين فرقة تمثيل عام 1916 حملت اسم «على الكسار»، وصنفت ضمن الفرق الكوميدية الكبيرة والمهمة فى هذا الوقت، فكانت تقدم عروضها على خشبة مسرح الماجستيك بشارع عماد الدين، قبل قيام على الكسار بإنشاء مسرحه بروض الفرج.

وجاب الكسار بالفرقة محافظات مصر، وكتب مسرحياته كبار الكتاب مثل أمين صدقى وبديع خيرى وشارك هو بنفسه فى كتابة مسرحيات كثيرة لنفسه، مثل مسرحية «الدكتور المزيف»، وقدم الكسار خلال مسيرته للمسرح أكثر من 200 أوبريت برفقة فرقته، وتألق بشخصيته المشهورة النوبى الطيب، عثمان عبدالباسط، منذ أن قدمها للجمهور عام 1916.

 نجيب الريحانى

تزامن ظهور فرقة على الكسار، مع ظهور فرقة رائد فن الكوميديا، الفنان الكبير نجيب الريحانى، التى اشترك فى تأسيسها مع رفيق رحلة كفاحه بديع خيرى، وفى مذكراته الخاصة كتب الريحانى عن فكرة الفرقة وأسباب تأسيسها، حيث قال بدأت فرقة «كازينو دى بارى»، التى كان على رأسها الكسار، تحتل مكانة مهمة وكبيرة فى شارع عماد الدين، حيث بدأ نجم الأستاذ الكسار يتلألأ فى ذلك الحين إلى جانب نجمى.

كما هو معروف كان الريحانى يقدم عروضه على خشبة مسرح «الأيجيبسيان» المواجه لمسرح «رمسيس» ليوسف وهبى.. وبطريقته الساخرة كان الريحانى ينتقد المشاكل والأزمات الاجتماعية بطريقة تضحك الجمهور، وكانت المنافسة مشتعلة ليس بينه وبين على الكسار فحسب، بل وبينه وبين يوسف وهبى، فكتب أحد النقاد قائلاً: كلاهما، أى الريحانى ووهبى، يبكى الجمهور، الأول من الضحك والثانى من الفواجع.

وبعد وفاة الريحانى أصر رفيق رحلة كفاحه، بديع خيرى، على استمرار الفرقة بنفس اسمه سنوات طويلة وتعاقب عليها نجوم كثيرون فى أدوار البطولات الرجالى، وظل أعضاء الفرقة الأساسيون كما هم حتى توفى بديع خيرى فى عام ١٩٦٦ فبدأت الفرقة فى التفكك.

 فرقة إسماعيل يس               

بعد النجاح الكبير الذى حققه إسماعيل يس فى النصف الأول من الخمسينيات وتربعه على عرش الكوميديا اتفق مع رفيق مشواره أبو السعود الإبيارى على تكوين فرقة باسم «إسماعيل يس» وقاما بتحويل «سينما ميامى الصيفى» إلى مسرح «إسماعيل ياسين»، وعملت عليه الفرقة عدة مواسم ناجحة، وقاما بتحويل المسرح القومى فى الإسكندرية إلى مسرح بنفس الإسم، وظلت عروضهما تحقق نجاحاً كبيراً حتى بدأت نجومية إسماعيل يس فى الانحسار، فبدأت الفرقة تواجه أزمات مادية كبيرة ورغم هذا أصر إسماعيل يس على عدم حلها أو ضمها لمسرح التليفزيون، وأُصيب بمرض القلب ومنعه الأطباء من العمل فترة طويلة، فتراكمت الديون على الفرقة وانحسرت أضواء السينما عنه وراحت الضرائب تطارده مطالبه إياه بمبالغ كبيرة وحجزت على عمارته وسيارته فاضطر لحل الفرقة وعاش سنوات عجافاً، واضطر للعودة للعمل كمنولوجست فى الملاهى الليلية حتى رحل عام ١٩٧٢.

  ساعة لقلبك

على خلاف ما يعتقده الكثيرون أن الفرقة الكوميدية الشهيرة «ساعة لقلبك» كانت تقدم فقرات واستكشات كوميدية سريعة وخاطفة الهدف منها إضحاك الناس عبر أثير الراديو.

فالحقيقة أن أعضاء الفرقة قاموا بتكوين فرقة مسرحية حملت نفس اسم البرنامج الإذاعى فى أواخر الخمسينيات، وقدمت الفرقة بعض العروض الناجحة كتب بها عبدالمنعم مدبولى وفؤاد المهندس وشويكار شهادة ميلادهم وانطلاقتهم الكبيرة، حيث أدرك الجميع أن هناك جيلاً جديداً سيحمل راية الكوميديا بشكل وطابع مختلف فى السنوات التالية، وتأكد هذا بعد عزوف الجمهور تدريجياً عن نجوم كوميديا الخمسينيات وتراجع الإقبال على الفرق المسرحية التى كانت متواجدة فى هذا الوقت.

 مسرح التليفزيون

كان نتيجة نجاح المهندس ومدبولى وشويكار وغيرهم من نجوم الستينيات مثل محمد عوض وأمين الهنيدى وكثيرين غيرهم انضمامهم لفرق التليفزيون المسرحية عند تأسيسها فى بداية الستينيات وحققوا جميعاً من خلالها نجاحاً كبيراً، فقد نجح مسرح التليفزيون وعبر سنوات فى التربع على العرش ومنافسة أهم وأقوى الفرق المسرحية بكلا القطاعين العام والخاص.

 الفنانين المتحدين

كان من نتيجة نجاح المهندس ومدبولى وشويكار قيام العبقرى سمير خفاجى بدعوتهم لتكوين فرقة كاتحاد قوى وكبير لهم، فرحبوا بالفكرة وتم تأسيس فرقة «الفنانين المتحدين» التى تعد الفرقة الوحيدة التى نجحت فى الاستمرار قرابة النصف قرن من الزمان بفضل زكاء وحنكة سمير خفاجى، حيث ظل يجدد فى دماء الفرقة.

فمع بزوغ نجم عادل إمام وأبناء جيله ضمهم للفرقة ليقدموا تحت اسمها مجموعة من أهم وأنجح العروض.

وعند بزوغ نجم شيريهان فى الثمانينيات والتسعينيات تم ضمها للفرقة لتقدم أهم وأنجح عروضها، وهكذا.

 مسارح الدولة

شهد عام 1921م افتتاح المسرح القومى بأربعة عروض مسرحية دفعة واحدة بمعدل يومين لكل مسرحية.

 الفرقة القومية

شهد عام 1935 تأسيس وإنشاء الفرقة القومية المصرية بقيادة الشاعر خليل مطران، وقد افتتحت الفرقة معهداً خاصاً لتعليم تمثيل الفن المسرحى وتم إرسال عدة بعثات للخارج.. ودون مقدمات أو أسباب مفهومة صدر فى أغسطس عام 1942، قرار غريب بحلها.

المسرح المصرى

بعد قيام ثورة يوليو 1952 أُعيدت الفرقة القومية المصرية للحياة بعد إغلاق تجاوز عشرة أعوام، وإنشاء فرقة جديدة حملت عنوان «فرقة المسرح المصرى الحديث».

وقد أسهم هذا فى ظهور جيل جديد من كتاب ومخرجى المسرح بشكل وطابع جديد حملوا على عاتقهم مسئولية النهوض بالمسرح بفكر مختلف يتوافق مع طبيعة المرحلة كان فى مقدمتهم الكتاب الكبار توفيق الحكيم ونعمان عاشور وسعد الدين وهبة وألفريد فرج. والمخرجون، نبيل الألفى والزرقانى وسعد أردش.

مسرح العرائس

شهد المسرح فى هذه الحقبة تطوراً وازدهاراً كبيراً غير مسبوق امتد لحقبة الستينيات، حيث ظهر لأول مرة مسرح القاهرة للعرائس الذى قدم أول عرض له فى شهر مارس من عام 1959، وأنشأ الدكتور ثروت عكاشة عام 1960 «المؤسسة العامة لفنون المسرح والموسيقى».

 مسرح أبوالهول

أدى النجاح المبهر والكبير لعروض الصوت والضوء فى الهرم عام 1960 لصدور قرار بإقامة مسرح «أبو الهول المكشوف»، وقدمت على خشبته فى شهر أغسطس من عام 1961م فرقة «أولدفيك» الإنجليزية الشهيرة مسرحيتى «روميو وجوليت» لشكسبير و«سانت جان» لبرنارد شو، وحققت نجاحاً جيداً، فكان ذلك بمثابة البداية للاستفادة من الأماكن الأثرية الشهيرة فى تقديم عروض فنية، لتتولى العروض وتظهر الفرق العالمية والمحلية أيضاً بعد هذا فى تلك الأماكن الأثرية الشهيرة فى مصر، وهو ما كانت بمثابة الدعاية الكبيرة والعظيمة لها.

 المسرح الشعرى

شهدت هذه الحقبة العظيمة، والزاخرة بكل ما هو جميل، ظهور المسرح الشعرى لأول مرة فى مصر، معتمداً على لغة القصيدة الحديثة، والفضل فى إنشائه ونجاحه يعود للشاعر الكبير الراحل صلاح عبد الصبور.

 المسرح التجريبى

وبينما بدأ المسرح التجريبى المعروف أيضاً بـ«المسرح الطليعى» فى الظهور بالغرب فى أواخر القرن التاسع عشر مع مسرحية «الملك أوبو» لألفريد جارى كرفض واضح وصريح لكافة الطرق السائدة فى الكتابة والإخراج، بل والإنتاج أيضاً، جاء ظهوره متأخراً كثيراً فى مصر، حيث ظهر لأول مرة فى العقدين الأخيرين من القرن العشرين ليؤكد قدرة المسرح المصرى على استيعاب التجارب المسرحية السابقة وإعادة صياغتها وفق نهج جديد مختلف.

 ثلاثى أضواء المسرح

بعد النجاح الكبير الذى حققه الكوميديانات الجدد الضيف أحمد وجورج سيدهم وسمير غانم، سواء على شاشة التليفزيون أو فى الحفلات العامة والأفلام السينمائية، قاموا بتكوين فرقة مسرحية تحت عنوان «ثلاثى أضواء المسرح» نجحت فى غضون شهور قليلة فى أن تجذب الجمهور، وتصبح واحدة من أهم وأقوى الفرق، ولم تتأثر برحيل أحد أعمدتها الأساسيين الضيف أحمد بشكل مفاجئ فى مطلع السبعينيات، واستمر الثنائى سمير وجورج وقدما معاً مجموعة من العروض العظيمة حتى انفصلا وحدثت الفرقة بينهما فى مطلع الثمانينيات، ليجاهد جورج بمفرده فى محاولة الحفاظ على الفرقة واسمها، إلا أنه لم يكتب لها الاستمرار وتم حلها بعد إصابته بالمرض الذى ظل ملازماً له نحو ٢٠ عاماً، حتى ودع عالمنا منذ ثلاثة أعوام.

 المدبوليزم وااستوديو 80ب

شهدت حقبة السبعينيات ظهور مجموعة من الفرق الخاصة التى أقامها فنانون كبار كان من بينها «المدبوليزم» للفنان الكبير الراحل عبدالمنعم مدبولى، ولم تقدم سوى بعض العروض البسيطة.

 وتزامن إنشاؤها مع ظهور ثنائى مسرحى قوى بفكر وشكل مختلف هما: الكاتب لينين الرملى والممثل والمخرج محمد صبحي، اللذين اشتركا فى تكوين فرقة «استديو 80» وقدما معاً مجموعة كبيرة من أنجح وأهم المسرحيات فى حقبتى الثمانينيات والتسعينيات حتى وقع الخلاف الشهير بينهما ليتم الانفصال ويخسر المسرح ثنائياً عظيماً أثرى المسرح المسرحى بأجمل الأفكار سنوات طويلة.

الإبيارى ونجم

كما حمل المؤلف والمنتج أحمد الإبيارى على عاتقه الحفاظ على التاريخ المسرحى لفرقة الإبيارى، بعد رحيل والده المبدع الكبير أبوالسعود الإبيارى أحد أعمدة المسرح المصرى فى حقبتى الخمسينيات والستينيات وتعاون الإبيارى مع مجموعة من كبار نجوم المسرح كان فى مقدمتهم سمير غانم وسيد زيان ومحمد نجم، الذى انفصل عن الفرقة بعد إنشائه فرقته الخاصة التى ظلت تقدم عروضها على مسرحه الخاص بالدقى واستأجر نجم مسارح فى المحافظات الساحلية مثل الإسكندرية، كان يقدم عروضه عليها فى فصل الصيف.

وساهم الإبيارى فى اكتشاف وإظهار كوميديانات جدد مثل محمد هنيدى ولازال حتى اليوم يسعى للحفاظ بكل قوة على بقاء الفرقة على الساحة.

مسرح الشرقاوى

وهو ما فعله أيضاً المخرج الكبير جلال الشرقاوى الذى ظل هو الأخر يكافح من أجل بقاء مسرحه بوسط القاهرة،  وظل يجدد فى أبطال عروضه المسرحية الشهيرة التى قدمها منذ السبعينيات واستمر حتى بدايات الألفية الجديدة، وشارك فيها عشرات من نجوم المسرح الأوائل منذ جيل محمد صبحى وسهير البابلى وحسن عابدين حتى الجيل المعاصر.

مسرح خالد جلال

 ساهم المبدع الكبير د. خالد جلال، من خلال ورشه، بدرجة كبيرة خلال العشرين عاماً الماضية فى مد الساحة الفنية بمواهب كثيرة جميعهم من خريجى دفعات مركز الإبداع، فقدم العديد من العروض الناجحة منذ عروض «هبوط اضطرارى» و«قهوة سادة» و«بعد الليل» وغيرها، فقد تخرج من تحت يديه الكثير والكثير من الفنانين الذين أصبحوا بالفعل نجوماً على الساحة الفنية الآن، فنجد الكثير من كبار الفنانين والمخرجين عند بدء التجهيز لأعمال جديدة يقصدون ورشته لاختيار عناصر قوية منها.

مسرح مصر

وهكذا فعل أشرف عبدالباقى عند شروعه فى تأسيس «مسرح مصر»، حيث وقع اختياره على مجموعة من الفنانين الشباب تم ضمهم لفرقته وحقق بهم نجاحاً كبيراً لاتزال أصداؤه مستمرة حتى اليوم، وأصبح الفنانون الشباب نجوماً مشهورين حالياً.

وبغض النظر عن الانتقادات التى وُجهت لأشرف عبدالباقى واتهامه من قبل بعض الفنانين والنقاد بأن ما يقدمه بعيد كل البعد عن فنون المسرح الذى تربينا عليه وسعيه للنجاح التجارى ومخاطبة فئات بعينها من الجماهير ممن هم ليسوا من جماهير المسرح من الأساس، إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل النجاح الذى الكبير الذى حققه، ودفع الكثيرين لتكوين فرق مسرحية جديدة بعضها سار على نفس النهج وسعى لتقليد نفس الفكرة، والملفت دخول قنوات كبرى وشهيرة الساحة وتكوين فرق مسرحية بأسماء مختلفة قدمت عروضاً كثيرة خلال الأعوام الماضية، ثم ابتعدت رويداً رويداً.

 فرق مختلفة

والبعض الآخر اجتهد فى تقديم فن مسرحى وفقاً للأسس والقواعد المسرحية المعروفة.

والجميل حقاً رغم اختلاف البعض معها أن كل هذه الفرق بل والعروض لا تعتمد على مشاركات نجوم الصف الأول، فغالبية نجومها من الشباب الجدد ومدعمة بفنانين معروفين من القدامى.

ومن بين هذه الفرق التى ظهرت فى السنوات العشر الأخيرة على سبيل المثال وليس الحصر فرقة «تياترو» التى قدمت مجموعة من العروض مثل «عفريت بابا» تأليف أحمد حامد وإخراج رضا حامد.

 وفرقة «كلاكيت» ومن بين عروضها مسرحية «فى بيتنا عروسة» تأليف حسن عبدالحميد وإخراج محروس عبدالفتاح وبطولة مصطفى درويش.

 وكذلك عرض «الباشا فى الفلاشة» لإحدى الفرق الخاصة التى أسسها محمد قاسم تأليف فتحى الجندى وإخراج سامح بسيونى، ومن النجوم المعروفين الذين شاركوا فيه الفنانة ندى بسيونى.

فرقة بدرية               

وظهرت الفنانة الكوميدية بدرية طلبة أيضاً بفرقتها الخاصة عبر خشبة مسرح «الهوسابير» الشهير الذى اشتهر قديماً بكونه مسرح فرقة «ثلاثى أضواء المسرح»، ومن بين العروض المسرحية التى قدمتها بدرية طلبة فى السنوات الأخيرة وحمل غالبيتها اسمها مثل «بدرية اتخطفت» و«بدرية فى العباسية» و«بدرية فى الوكر» وغيرها.

 استوديو الممثل

وبعد غياب طويل عن خشبة المسرح عاد الفنان الكبير محمد صبحى بفرقة «استديو الممثل» ليقدم عروضه على خشبة مسرحه الخاص بمدينة سنبل، ومن العروض الأخيرة التى قدمها وحقق بها نجاحاً كبيراً مسرحية «خيبتنا».

 كايرو شو

ومن الفرق الكبيرة التى ظهرت قبل عامين فقط من الآن بإمكانيات مادية ضخمة فرقة «كايرو شو»، التى أُطلق عليها أنها أول كيان مصرى لصناعة الترفيه، وتتميز العروض الفنية التى تقدمها بالإبهار والتقنيات الحديثة المواكبة للعصر والوسائل التكنولوجية الحديثة، فشاهدنا الكثير من النجوم الكبار على خشبه المسرح تحت لواء هذه الفرقة مثل الفنان الكبير يحيى الفخرانى، الذى قدم معهم «الملك لير» و«ياما فى الجراب يا حاوى»، أيضاً النجم محمد هنيدى الذى عاد لخشبة المسرح بعد غياب بعرض «3 أيام فى الساحل»، والنجم أحمد عز الذى قدم مسرحيته الناجحة «علاء الدين» التى شاركته بطولتها روبى تحت لواء نفس الفرقة.