الأحد 28 ابريل 2024

عميد الدراما المصرية أسامة أنور عكاشة.. فى ذكراه

21-7-2022 | 18:25

 

فى بداية التسعينيات من القرن الماضى عرفت الكاتب والسيناريست أسامة أنور عكاشة عن قرب، كنت ألتقيه فى أماكن أعماله الدرامية، ونادراً ما كنت ألتقيه فى منزله أو أى مكان آخر، فقد كان حريصاً على أن يكون متواجداً فى استديوهات التصوير حتى يطمئن قلبه.

أجريت معه عشرات الحوارات الصحفية، وفى كل حوار كنت أشعر كأننى ألتقيه لأول مرة، فهو غزير الثقافة والمعرفة فى كافة المجالات والمحاور.. وبلغة الصحافة كنا نعتبره من المصادر الثقيلة التى يجب القراءة عنها ومعرفتها قبل التحاور معها، والطريف أن كل حواراتى معه لم تكن تحتاج إلى صياغة صحفية، حتى التدقيق الإملائى كان سهلاً علينا، فقد كان ينطق الجملة متناسقة نحوياً.

ناقشته فى كل القضايا والمشكلات التى أُثيرت فى هذه الآونة، ومنها مدى تدخل المؤلف والسيناريست فى عمل المخرج، وإلى أى مدى يسمح للمخرج أن يتدخل فى السيناريو والحبكة الدرامية، وهذه كانت مشكلة كبيرة صنعت أزمات عديدة بين كثير من المخرجين والمؤلفين آنذاك، فقال: «بعد ما أُنهى الكتابة، يصبح السيناريو والعمل الفنى ملكاً للمخرج»، وعندما توجهت بنفس السؤال للمخرج الكبير محمد فاضل، الذى قدم مع أسامة أعمالاً من أجمل ما قدم من روائع الدراما التليفزيونية قال فاضل: «أسامة أنور عكاشة يخرج على الورق»، وكثيراً ما كنا نجلس معاً المخرج محمد فاضل والفنانة فردوس عبد الحميد وأنا، وكانت فردوس عبد الحميد دائماً تردد لى قولتها: «عندما أشارك فى عمل من تأليف أسامة أنور عكاشة أعمل بثقة وأضمن نجاح دورى ونجاح العمل الدرامى كله»، وفعلاً هذا الثلاثى قدم أنجح الأعمال فى تاريخ الدراما التليفزيونية مث: «الرايا البيضاء» و«عصفور النار» و«النوة» و«مازال النيل يجرى».

وأذكر وقتها كانت هناك أزمة مثارة على الساحة وهى مدى حيادية المؤلف ومدى تأثره بمعتقداته السياسية والدينية فيما يكتب، أجاب بكل ثقة: «لا توجد حيادية ليس فى التأليف الدرامى فقط، بل فى كل أنواع الفنون ولا يوجد الفنان المحايد».

يعتبر أسامة أنور عكاشة عميد الدراما المصرية والعربية، وتعد أعماله الدرامية علامات بارزة فى تاريخنا الدرامى، ولم تكن أعماله الدرامية مجرد عمل تليفزيونى اجتماعى ناجح جماهيرياً وفنياً فقط، بل كانت أعماله تلقى الضوء على الأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية وحتى الدينية، والعمل الدرامى ليس للتسلية فقط بل وجبة دسمة ومصدر للثقافة والتثقيف، وله جملة شهيرة أذكرها له عندما قال لى: «أنا لا أكتب للجيل الحالى فقط، بل أكتب للأجيال القادمة»؛ لذلك ستظل أعماله الدرامية تلقى قبولاً ومشاهدة عالية عند المشاهد المصرى والعربى مهما مرت السنون، فمن ينسى ملحمة «ليالى الحلمية» و«زيزينيا» و«أرابيسك» و«أميرة فى عابدين» و«رحلة أبو العلا البشرى».. وغيرها، والتى قاربت على 30 عملاً درامياً شكلت وجدان الملايين من المشاهد المصرى والعربى.

وُلد أسامة أنور عكاشة فى 27 يوليو سنة 1941، وحصل على ليسانس الآداب من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس عام 1962. عمل بعد تخرجه اخصائياً اجتماعياً فى مؤسسة لرعاية الأحداث، ثم عمل مدرساً فى مدرسة بمحافظة أسيوط وذلك بالفترة من عام1963 إلى عام 1964، ثم انتقل للعمل بإدارة العلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ وذلك بالفترة من عام 1964 إلى عام 1966 انتقل بعدها للعمل كأخصائى اجتماعى فى رعاية الشباب بجامعة الأزهر وذلك من عام 1966إلى عام 1982، عندما قدم استقالته ليتفرغ للكتابة والتأليف، وسوف تظل أعماله الدرامية المتنوعة مدرسة تتعلم منها كل الأجيال القادمة.