مسيرة حافلة من الأعمال السينمائية والمسرحية والاستعراضات والمونولوجات، التى قدمها النجم الراحل إسماعيل ياسين، عبر تاريخه الفنى، وعلى الرغم من رحيله منذ نصف قرن من الزمن، إلا أن أعماله لا تزال حية لا تموت، تسعد جمهوره أجيالاً بعد أجيال، لا ينكر أحد مهما كان، تلك الذاكرة السينمائية التى لا تضاهيها غيرها.
وُلد إسماعيل ياسين فى 15 سبتمبر عام 1912، أى مر على ميلاده 110 أعوام، ومازال هو نجم الكوميديا المفضل لدى الجميع، تميزت أعماله بخفة الظل واحترام تقاليد المجتمع المصرى، فلا يمكن أن نرى له مشهداً خادشاً للحياء فى كل أفلامه، لذلك كانت أعماله
صديقة للأسرة المصرية، وضع الجمهور ثقته فى نجمه المفضل فكان إسماعيل ياسين على قدر هذه الثقة، ليبقى فى الأذهان خالداً، نتذكره دائماً ولا ننساه.
االكواكبب حاورت السيدة سامية شاهين، زوجة المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين، الابن الوحيد لنجمنا اسمعةب؛ لتكشف لنا الجانب الخفى من حياة اأبو ضحكة جنانب، حسب ما روى لها زوجها الراحل عن والده.
حدثينا عن طريقة تعامل الراحل إسماعيل ياسين مع ابنه ياسين فى طفولته خاصةً أنه عاش طفولة قاسية؟
بالفعل عاش الفنان الراحل إسماعيل ياسين طفولة قاسية جداً، وشعر بالألم كثيراً فى طفولته، وكان يحاول تعويض ذلك فى ابنه ياسين، فحاول كثيراً أن يقيم حائلاً بين طفله وبين التعاسة، وكان يحاول جاهداً أن يبعد عن ابنه أى شىء من الممكن أن يحرمه هذه السعادة فى طفولته؛ لذلك فقد عاش طفولته مع ابنه ياسين، فعلى الرغم من نجوميته الطاغية إلا أن بداخله كان يوجد طفل صغير، كان يبحث عن السعادة ويريد أن يستمتع مع ابنه بالحياة، لتعويض ما عاناه من متاعب وشقاء فى حياته المبكرة، فقد جهز لابنه مدينة ملاهـٍ كاملة فى الدور السفلى من العمارة التى كان يعيش فيها، وكانت على مساحة كبيرة جداً، بها كل ما يحبه الأطفال من ألعاب، حتى لا يشعر ياسين يوماً بأن شيئاً ينقصه.
والغريب والجميل أيضاً أن ياسين عندما كان يبحث عن والده ولا يجده، ينزل لمدينة الملاهى فيجد والده يلعب ويستمتع وحده بالألعاب، وكأنه يحاول استعادة طفولته التى حرم منها، وعلى الرغم من هذه المعاملة التى تعامل بها الأب مع الابن وهذا الحنان والدلع، إلا أنه كان حازماً معه عندما يخطئ ولا يتهاون مع أى تصرف خاطئ من ياسين.
.. وكيف كانت شخصية إسماعيل ياسين فى المنزل؟
كان صارماً جداً ويهتم بالمواعيد بشكل كبير جداً، وكان ياسين يحكى لنا عنه، بأنه كان وقوراً وعقلانياً جداً، فمن يراه على الشاشة ويرى الكوميديا التى يقدمها، لا يتخيل طبيعته فى المنزل، فلم يكن كوميدياناً فى المنزل بنفس الشكل على الشاشة، بل كان صارماً ويحاول أن يكون كل شىء منضبطاً، وربما يعود السبب فى ذلك إلى ضغط العمل الذى كان يجعله أكثر صرامة، وكأنه كان يستنزف كل الكوميديا التى بداخله فى عمله.
أطلق على إسماعيل ياسين لقب االضاحك الباكىب.. لماذا فى رأيك؟
إسماعيل ياسين عانى كثيراً فى حياته، ورغم ذلك كان أكثر من يضحك الناس، ولم يره يوماً أى شخص إلا مبتسماً، ولم يرَ دموعه أحد غيره، فهو أمام الناس كان الضاحك طوال الوقت، لكنه كان يبكى بعيداً عن أعين الناس.
قدم إسماعيل ياسين سلسلة أفلام عن الجندى المصرى بمختلف أشكاله.. هل كان هذا تكليفاً.. أم أنها كانت فكرته؟
إسماعيل ياسين كان وطنياً لأقصى درجة ويعشق تراب وطنه جداً، وكان يتمنى تقديم أى شىء لخدمة مصر، وفى ذلك الوقت كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يعمل على إعادة بناء الوطن، فأراد الرئيس أن يقدم سلسلة من الأعمال الفنية التى تغرس الروح الوطنية فى نفوس الشباب، فوجد أن رسالته ستصل بسرعة عن طريق إسماعيل ياسين لعلمه بحب الجمهور له ولأنه الأقرب لقلوبهم ويمكن تحقيق ذلك بطريقة طريفة فى قلوب ونفوس الشباب من خلاله، ومن هنا جاء التكليف الرئاسى، فتوازى تكليف الرئيس مع رغبة إسماعيل ياسين الذى غمرته سعادة كبيرة حينما علم بهذا التكليف، وكانت النتيجة مجموعة من الأفلام الرائعة.
وكيف كان رد فعل الرئيس جمال عبد الناصر حول تلك الأفلام؟
كان معجباً بها جداً وأحبها بشدة، وحضر حفلات افتتاح عدد كبير من هذه الأفلام، وكان أبرزها العرض الخاص لفيلم «إسماعيل يس فى الجيش».
تضاربت الأقاويل حول حالة الفقر المدقع التى عانى منها إسماعيل ياسين قبل رحيله.. ما تفاصيل هذه الفترة ولماذا أشيع ذلك؟
إسماعيل ياسين كان مثل غيره من نجوم الزمن الجميل، فلم يكن هدفهم جمع المال وتكوين الثروات، بقدر ما كان هدفهم تقديم فن جيد يخدم المجتمع، فقد عاشوا لتقديم فن من أجل الفن، ولذلك نجد أن كثير منهم نجد كانت نهايته مأساوية، ولكن إسماعيل ياسين لم يرحل مفلساً أو فقيراً كما أشيع حوله، ولم يتسول من أحد كما قال البعض إنه كان يقترض منهم الأموال فى تلك الفترة، وكل هذا عارٍ تماماً عن الصحة. إسماعيل ياسين مات مستوراً، وآخر شقة عاش فيها كانت 7 غرف وفى منطقة راقية.. فكيف يتسول أو يكون فقيراً؟
لكن هذا لا ينفى أنه تأثر مادياً فى آخر أيامه.. ما ردك؟
بالفعل شهدت أيامه الأخيرة تعثراً مادياً كبيراً لعدة أسباب، منها بداية ظهور مسرح التليفزيون، وهو ما ظهر معه مجموعة من المواهب الجديدة فى الكوميديا، كما أن إسماعيل ياسين فى ذلك الوقت تلقى أكثر من عرض سينمائى، ووقت الاتفاق والتنفيذ كان يختفى المنتج، وهو ما كان له أبلغ الأثر فى عمله بشدة، هذا علاوة على ما حدث مع مصلحة الضرائب التى حجزت على معظم ثروته دون الرجوع إليه، كما أنه حورب فى عمله بكثرة أيضاً، وهذا أثر تأثيراً شديداً على وضعه المالى.
على ذكر محاربته فى عمله.. هل كانت هناك علاقة للفنان الراحل فؤاد المهندس بإنهاء أسطورة إسماعيل ياسين؟
فؤاد المهندس كان صديقاً من إسماعيل ياسين، وكان حمايا سبباً فى الصلح بين المهندس وشويكار بعد انفصالهما للمرة الأولى، أى كانت علاقتهما قوية، بل وتشاركا معاً فى فيلم «عريس مراتى»، لذلك فإن فؤاد المهندس لم يسعَ بشخصه لإيذاء إسماعيل ياسين،
ولكن هذا الإيذاء وقع بالفعل من شخص آخر لا أستطيع الإفصاح عن اسمه.
كانت علاقته قوية بـفطين عبد الوهاب ورحل بعده بفترة وجيزة.. هل كان رحيل فطين سبباً فى رحيل اسمعةب؟
نعم، حيث توفى فطين عبد الوهاب فى 12 مايو عام 1972، وعندما علم إسماعيل ياسين بوفاة صديقه الوحيد وشريك رحلته حزن عليه حزناً كبيراً، وبمجرد معرفته بالخبر أُصيب باكتئاب شديد بجانب أزماته التى حاصرته فى أواخر أيامه، ولأنه لم يكن يريد أن يراه أحد فى هذه الحالة قرر السفر إلى الإسكندرية، وظل فيها ١٠ أيام، وفور عودته أُصيب بأزمة قلبية حادة ومات بعد وفاة صديقه بـ12 يوماً.