20-9-2022 | 18:47
قليلا ما اجتمع العرب منذ سنوات بعيدة باستثناء تجارب محدودة قادها فنانون مخلصون، يغنون حلما واحدا، وينشدون أملاً موحدا، فيما عدا ذلك كانت المحاولات فردية، والجهود مشتتة، فكأن كل مبدع عربي يحاول جاهدا أن يصفق بيد واحدة.
قد يقول قائل إن سيد درويش، ذلك الملحن والمطرب العبقري، قد بدأ التجربة، وحيدا، رغم ذلك استطاع أن يصنع أمجادا، وأن يفتح آفاقا واسعة، للغناء الوطني، وأن يكون رائداً في هذا الاتجاه.. تلك حقيقة.. ولكنها نصف الحقيقة، فاليد الواحدة لا تصفق منفردة، أما النصف الآخر من الحقيقة، إن سيد درويش كان «مؤثرا» بحجم موهبته، و(قائدا) بحجم ريادته، و(مسموعاً) بحجم انتشاره، لذلك لا أظن أن مطربا آخر، مؤهلا لأن يجمع كل الطوائف حوله كما فعل الشيخ سيد درويش في بدايات القرن العشرين، الآن تقاسم المطربون الساحة، كما تقاسموا الأذن العربية، وأصبح المطربون، لكل منهم مريدوه وأتباعه، لذلك نتمنى أن تعود الأغنية العربية جماعية كما كانت بنغمات العبقري المجدد محمد عبدالوهاب في أوبريت «وطني الأكبر»، وهو الأشهر في اجتماع أهم أصوات الساحة الغنائية وقت تقديمه، آن الأوان أن ينشد مطربو ومواهب العرب لوطنهم الأكبر، الآن هناك صحوة على مستوى الأغنية الوطنية على أوتار الشعراء والمبدعين.
هنا تذكرت مرة أخرى المؤسس سيد درويش، الذي كان ناجحا من أجل أن يصل صوته إلى الناس، والذي كان يعى تماما ظروف بلده واحتياجه لجهود شعبه من أجل تكاتف الناس مع قيادتها للبناء والتطوير، كان يصل إلى الناس في أماكنهم، في وقت لم يكن معروفاً فيه أدوات الاتصال المتداولة الآن، تأملوا معي مدى الصدق والبساطة في أغنية «الموظفين» التي رددتها مصر إبان ثورة1919، وهي الأغنية التي تعبر عن حال الموظفين تضامناً مع ثورة1919 التي أكملتها وتوجتها ثورة الثلاثين من يونيو 2013ـ غنى لهم الشيخ سيد.. غنى لأولاد بلده:
هز الهلال يا سيد/ كراماتك لأجل نعيد، والكلمات توازن بين الإحساس الوطني الجارف، وبين الرغبة في تحقيق الاستقرار للوطن.