الخميس 21 نوفمبر 2024

الحياة الجامعية فى عيون السينما المصرية

فيلم الباشا تلميذ

29-9-2022 | 10:33

اميمة احمد

كثيرة هى الأفلام التى تناولت الحياة الجامعية بين أحداثها، فما بين أروقة الجامعة وداخل أسوارها، تعددت المشاهد السينمائية عبر العديد من الأفلام، لتجسد حياة هؤلاء الطلبة وما تحويها من علاقات واختلافات فى الطبقات، ومواقف إنسانية واجتماعية، وأحياناً سياسية، ولكن هل استطاعت السينما محاكاة الحياة الجامعية بالشكل المطلوب، وهل استطاعت تشكيل وجدان ووعى الشباب من خلال إبراز نماذج طلابية مختلفة لتسلط الضوء على ما هو سلبى وما هو إيحابى.

فى التحقيق التالى.. نستطلع رأى مجموعة من صناع السينما وأساتذة الإعلام فى تلك القضية، لنعرف منهم إلى أى مدى استطاعت السينما المصرية محاكاة الحياة الجامعية منذ منتصف القرن الماضى وبدايات القرن الحادى والعشرين.

فى البداية يقول الناقد والمؤرخ الفنى، محمد شوقى، إن الأفلام فى السينما المصرية قدمت الحياة الجامعية بأكثر من شكل، وكان وجود الجامعة فى الأفلام كبيراً، وقد تعددت الأفلام التى تناولت الحياة الجامعية بمختلف أشكالها، فهناك أفلام كثيرة فهى لا تنقطع من تاريخ السينما المصرية، ومن هذه الأفلام فيلم «العزيمة» سنة 1939، فهو من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، حسب ما صنفه النقاد، والفيلم يتناول تباين الطبقات فى المجتمع، حيث يمثل بطل الفيلم الطبقة الفقيرة فى المجتمع، فهو ابن الرجل البسيط، وسط زملائه فى الجامعة الذين ينتمون للطبقات العليا فيحدث بينهم صراع الطبقات، ويدور فى خاطره دائماً هذا الشعور، حتى يتخرج فى الجامعة ويبدأ فى مواجهة الحياة العملية، معتقداً أنه سيجد الفرصة للحصول على وظيفة سهلة، إلى أن يوظف عن طريق الواسطة، فنرى فى هذا الفيلم تباين الطبقات فى الجامعة والتصارع بينهم.

ويضيف شوقي: أيضاً فيلم «القلب له أحكام» لسيدة الشاشة فاتن حمامة وأحمد رمزى، الذى تم إنتاجه عام 1956، والذى تناول أيضاً فكرة الصراع بين الطبقات، فهى تعيش فى حى شعبى وترى زملاءها الأغنياء فى الجامعة، وحياة البذخ التى يعيشونها من ملابس وسيارات وخروجات، حتى أنها قالت نصاً فى أحد حواراتها بالفيلم، «طلبة الجامعة ما بيرحموش حد فى لبسه وطريقة حياته»، ومن هنا كان زيها الوحيد طوال الأحداث يحمل اللون الأسود، مدعية أنها ترتديه بحجة حدادها على والدها.

أيضاً فيلم «الأستاذة فاطمة» وكانت بداية الفيلم من داخل أسوار الجامعة، ودارت أحداثه حول فكرة تحرير المرأة، ومن خلاله نرى إصرار الطالبة الجامعية «فاطمة» على مواصلة مسيرتها العملية، والتخرج فى كلية الحقوق والعمل بالمحاماة، فى وقت كانت نظرة المجتمع لعمل المرأة بالمحاماة غير لائقة.

وأيضاً هناك فيلم مهم جداً وهو فيلم «البيت الكبير»، ولكن رغم أهمية هذا الفيلم إلا أنه لا يعرض كثيراً، وهذا الفيلم ملىء بحوارات ونقاشات طلبة الجامعة، فهناك أكثر من حوار دار داخل أسوار الجامعة، مثل حوارهم عن تعدد الزوجات وحقوق الرجل والمرأة، كما دار حوار بين الطلبة وأستاذهم، ونلمس فيه احتراماً كبيراً بين الطلبة وأساتذة الجامعة، وكما نرى أيضاً الحوار المثقف بين الطلبة بعد خروجهم من المحاضرة، ومن وجهة نظرى أرى أن هذا الفيلم من أهم الأفلام التى تحدثت عن الجامعة.

ويستطرد الناقد الفنى محمد شوقى كلامه قائلاً: ونرى أيضاً عبدالحليم حافظ وهو من أكثر الممثلين الذين قدموا أفلاماً داخل الجامعة، ففيلم «أيام وليالى»، ضم مجموعة من الأبطال كانوا جميعاً فى الجامعة، ونرى فى هذا الفيلم الحياة الجامعية الحقيقية، فكان التصوير من داخل جامعة القاهرة، شأنه فى ذلك شأن عدد كبير من أفلام الخمسينيات والستينيات، التى شاهدنا فيها شكل جامعة القاهرة ومعالمها مثل دقات الجرس المميزة.

ويكمل: وفيما بعد اختلفت الأفلام التى تناولت الحياة الجامعية، حيث نجد مثلاً أحمد زكى فى فيلم «أنا لا أكذب ولكنى أتجمل» من الأفلام المهمة أيضاً التى صورت الحياة الجامعية ومدى تأثير طلبة الجامعة فى بعضهم من خلال أحمد زكى (إبراهيم) الطالب الفقير الذى يحاول أن يجمِّل شكل حياته حتى يتمكن من مجاراة زملائه، وهناك الكثير من الأفلام التى دارت خلف أسوار الجامعة مثل «على باب الوزير» لعادل إمام وسعيد صالح ، وكذلك فيلم «الحب وحده لا يكفى» لنور الشريف، والذى يظهر طلبة الجامعة ومواجهة المجتمع ما بين الطالب الذى يريد أن يكمل دراسته أم الذى يريد أن يبدأ حياته المهنية، فلو تحدثنا عن الحياة الجامعية من منظور السينما سنجد الكثير من الأفلام المهمة.

 فيلم " لا أكذب و لكني أتجمل " 

ومن وجهة نظرها، تقول الناقدة الفنية عزة هيكل: صورت السينما الحياة الجامعية فى مراحل مختلفة، ففى الخمسينيات مثلاً كانت هناك أفلام لعبدالحليم حافظ، ولكن لم تصور الجامعة بدورها المطلوب.

 فيلم " خلي بالك من زوزو " 

أما فى الستينيات فقد اختلف تصوير السينما للجامعة، فربطت بين الحياة الجامعية والاجتماعية والبعد السياسى، مثل «الكرنك» لنجيب محفوظ، وفيلم «الباب المفتوح» للكاتبة لطيفة الزيات، وجميعها أعمال كانت توضح شكل الجامعة، وأيضاً فيلم «خلى بالك من زوزو» وكان أول إشارة لبدايات الجماعات المتشددة.

 فيلم "صعيدي في الجامعة "

أما فترة التسعينيات، فقد شهدت أعمالاً سينمائية، تعتبر نقلة جديدة فى شكل السينما، مثل فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» و«الباشا تلميذ» وكانت بداية مجموعة من الأعمال التى قدمت التناقض بين الجامعات، وبعد ذلك لا أستطيع أن أقول إن هناك أفلاماً تحاكى الحياة الجامعية فى هذه الفترة لأنها لا تكون على شكل واحد، فهناك الكثير من الجامعات مثل الأهلية والخاصة والإقليمية والحكومية، ففى الفترة الأخيرة لم تعد لدينا أعمال توثق الحياة الجامعية!

ومن جانبه يوضح الدكتور صفوت العالم الأستاذ فى كلية الإعلام، أن السينما أظهرت العديد من النماذج التى أعتقد أنها طبيعية ووظيفية فى سياق الدراما، حيث أظهرت السينما نموذج الشاب العصامى المكافح ابن الأسرة الفقيرة الذى تعلم فى الجامعة ثم أصبح فى منصب مرموق، وهذه المظاهر خلقت نوعاً من الأمل لدى الشباب محدودى الدخل الذين من الممكن أن يحصدوا بتعليمهم حالة من الرقى والرفعة والنجاح، كما أن السينما أظهرت العديد من مظاهر التفاعل بين الشباب سواء من إظهار تنوع اتجاهاتهم أو مشاعرهم المتبادلة التى تنشأ بينهم داخل أروقة الجامعة، وكل هذه الأفلام ولدت مظاهر مختلفة من الممكن أن يحاكيها الشباب أو يتجنبها من وجهة نظره سواء العيوب أو المميزات، ومن هنا كان لتناول الحياة الجامعية عبر الأفلام السينمائية العديد من الآثار سواء السلبية على تعاملات الشباب داخل الجامعة، أو الإيجابية فى ترسيخ حالة من الوعى لدى الشباب داخل الجامعة.

 فيلم " على باب الوزير " 

وتقول الدكتورة سهير عثمان أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، إن سياق الأعمال الدرامية هو ما يفرض على السينما الشكل الذى تظهر به الأفلام التى تحاكى الحياة الجامعية مثل العلاقات الغرامية داخل الجامعة، فليس هناك فيلم قائم بذاته على الحياة الجامعية أو قليل جداً، مثل فيلم «الباب المفتوح» لفاتن حمامة وصالح سليم، وهذا الفيلم كان به جزء كبير داخل جامعة القاهرة، وكان به شكل من أشكال العلاقات الطبيعية فى الجامعة، ففى النهاية سياق العمل الدرامى هو ما يفرض شكل تناول الجامعة داخل العمل، وأنا أرى أن هذه الأفلام لم تؤثر مطلقاً على طلاب الجامعات، فأنا دكتورة فى الجامعة وأقول إن الجامعة بها كل شىء، وذلك يرجع للطالب نفسه هل يريد أن يتعلم أم يريد شيئاً آخر.