الخميس 21 نوفمبر 2024

المبدعون يعترفون : مشاهد رومانسية خلدت الحب فى السينما

شادية و صلاح ذو الفقار

4-11-2022 | 13:53

عمرو والي

 

يزخر تاريخ السينما المصرية على مدار عقود بالكثير من الأفلام الرومانسية، التى تضمنت أجمل مشاهد الاعتراف بالحب، والبوح بالمشاعر بين الأبطال، حيث علقت فى أذهان الجمهور بمختلف أعمارهم، وفئاتهم، واحتلت مكانة خاصة فى قلوب العشاق، فيما تميزت هذه المشاهد السينمائية الرومانسية بالصدق، وظلت مرجعاً للمحبين لما تضمنته من مشاهد التضحية والعاطفة الملتهبة المتأججة.
«الكواكب» ناقشت عدداً من المختصين حول أبرز هذه المشاهد، وما الذى ميزها عن غيرها؟ وكيف تناولت مفهوم الحب؟ وفقا لاعترافاتهم وذلك من خلال السطور التالية.

 

منظور مختلف
فى البداية أكد المؤلف والسيناريست تامر حبيب، أن السينما المصرية تمتلئ بالكثير والكثير من مشاهد الحب، والمشاعر المميزة بين الأبطال، وعلى رأسها أعمال الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، ومنها على سبيل المثال «الوسادة الخالية»، بطولة عبد الحليم حافظ، لبنى عبد العزيز، وقصة الحب الشهيرة بين صلاح وسميحة حيث يعيش الأبطال فكرة الحب العذرى، حيث يكون كل طرف هو الحب الأول فى حياة الآخر.
وأضاف حبيب أن أكثر الأعمال الفنية التى تأثر بها وتحدثت عن فكرة الحب من منظور مختلف، وحملت مشاهد كثيرة عبرت عن مشاعر عدة فيلما «الحب الضائع»، و«دعاء الكروان»، فالأول بطولة سعاد حسنى، ورشدى أباظة، وزبيدة ثروت، وكانت فكرته الرئيسية عن حب الصديقة لزوج صديقتها، وهى لا تقصد خيانة صديقتها، فالحب وضع الجميع فى مواجهة صعبة مع الصداقة والزواج.

 فيلم " عن العشق و الهوى "


أما الفيلم الثانى فتناول قصة فتاة رغبت فى الانتقام من قاتل شقيقها، فتقع فى غرامه دون أن تقصد، ويحبها هو الآخر، وما حمله من مشاعر الحب بين الطرفين.
واستطرد حبيب حديثه: أحب فيلم «عن العشق والهوى»، واعتبره من أعمالى التى تناولت كافة أشكال الحب؛ لأن جميع الشخصيات، بلا استثناء، عاشت حالة الحب بحواديت وتفاصيل عميقة ومختلفة، ومنها ما حمل تجارب شخصية لى أو لبعض المقربين.
ورفض حبيب فكرة تحديد موعد أو مناسبة للتعبير عن الحب، مشدداً على أن الحب إحساس داخلى يتجدد يومياً، ولا يرتبط بيوم واحد فقط للاحتفال به؛ لأن التعبير عن الحب مطلوب باستمرار دون انتظار لمناسبة أو يوم محدد.
أعمال خالدة
ويتذكر المؤلف والسيناريست وليد يوسف العديد من الأعمال والمشاهد الرومانسية فى الأفلام التى قدمتها السينما المصرية، وظلت خالدة فى وجدان الجمهور، ومنها على سبيل المثال فيلم «نهر الحب» بطولة عمر الشريف، فاتن حمامة، وفيلم «حبيبى دائماً» بطولة نور الشريف، بوسى، وفيلم «إنى راحلة» بطولة عماد حمدى، مديحة يسرى، بالإضافة إلى «رد قلبى» بطولة شكرى سرحان، ومريم فخر الدين، مشدداً على أن هناك الكثير والكثير من الأعمال الأخرى.
وأضاف يوسف قائلاً: تقديم فيلم رومانسى فى الوقت الراهن بات مستحيلاً نتيجة لتغير ظروف العصر، وتقديم أى عمل من هذا النوع يتعامل معه الجميع بحذر شديد؛ لأن فكرة إيجاد فيلم رومانسى اجتماعى بشكل جديد وواقعى أصبحت صعبة؛ لأن لغة وطبيعة الزمن اختلفت تماماً، وشكل الرومانسية بطبيعة الحال، فقديماً كان الشخص يذهب لحبيبته، ومع مرور الوقت ظهر التليفون، ورسائل وتطبيقات الانتر نت، وغيرها من الوسائل التكنولوجية التى قتلت المشاعر الرقيقة التى كانت طاغية على الأفلام فى الحقبة الزمنية القديمة.
وعن فكرة تقديم فيلم سينمائى يحمل نفس المشاهد التى تتضمن الاعتراف بالحب، واصل حديثه قائلاً: قدمت 3 أفلام رومانسية تضمنت مثل هذه المشاهد، وهى «ليه خلتنى أحبك»، «يوم من الأيام»، «أهواك»، وكلها حملت أسماء أغانٍ رومانسية لعبد الحليم حافظ، وليلى مراد، وهو أمر بالصدفة البحتة اكتشفته مؤخراً، ولكن فى النهاية كل زمن له لغته ومفرداته، وفى نفس الوقت الجمهور لديه عطش لهذه النوعية، وبالتالى يقبل عليها فى السينما ليعيش هذه الحالة التى نفتقدها فى الواقع.
المشاعر والأحاسيس
وقال المخرج عبد العزيز حشاد، إن أجمل المشاهد الرومانسية فى الأفلام تتجسد فى الكثير من المشاهد السينمائية، وعلى رأسها فيلم «لوعة الحب»، الذى جمع الثلاثى عمر الشريف، أحمد مظهر، شادية، فعندما تسمع شادية صوت القطار، ولاتستطيع الخروج إلى حبيبها، بعدما شعرت بأن هناك تغييراً فى زوجها، بالإضافة إلى المشهد الراقص الذى جمع بين فاتن حمامة، وعمر الشريف فى فيلم «نهر الحب».
وأضاف حشاد قائلاً: فيلم «رد قلبى»، وقصة الحب الشهيرة بين بطليه إنجى وعلى، حيث جمعتهما الكثير من المشاهد فى الحديقة أو على البحر، والفيلم الرومانسى الأشهر فى فترة الثمانينيات «حبيبى دائماً»، الذى جمع الكثير من المشاهد بين نور الشريف، وبوسى، فى الاعتراف بحبهما، والوداع على شاطىء البحر.
واستطرد حشاد قائلاً: المشهد بين فاتن حمامة وعمر الشريف فى فيلم «صراع فى الميناء» داخل منزله الفقير، ومشهد عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز فى «الوسادة الخالية» عندما يلمس يدها للمرة الأولى وهما على الطريق، ومكالمتهما التليفونية.
وختم حديثه بالقول: الدراما الرومانسية فى المسلسلات أو السينما لها جمهورها فى كل الأوقات، مشيراً إلى أننا شعب يحب فكرة المشاعر والأحاسيس، وتشابك العلاقات العاطفية، والتفاعل معها، ومع أبطالها.

 من فيلم " يوم من عمري " 
أيقونة للحب
ويرى المخرج محمد فاضل أن أهم مشاهد الرومانسية تبرز فى كل أفلام الراحل العندليب عبد الحليم حافظ، وعلى رأسها فيلم «يوم من عمرى»، وتحديداً أغنية «بأمر الحب»، التى شاركته بها الفنانة زبيدة ثروت، فكان هذا المشهد بمثابة أيقونة للتعبير عن الاعتراف بالحب والمشاعر الجميلة.
وأضاف فاضل أن هناك العديد من الأفلام التى تضمنت مشاهد مؤثرة للتعبير عن المشاعر بين المحبين، ومنها «نهر الحب»، الذى جمع الثنائى عمر الشريف، وفاتن حمامة، فى أكثر من مشهد شهير داخل الفيلم، مثل مشهد القطار الذى شهد تعرفهما الأول، ومشهد الحفلة الراقص بينهما، لافتاً إلى أن فيلم «بين الأطلال»، الذى جمع الثنائى فاتن حمامة، وعماد حمدى، كان من الأفلام الرومانسية المهمة التى قدمتها السينما المصرية. وقصة الحب بين الكاتب محمود فهمى، والفتاة الشابة منى، حيث يواجه حبهما الكثير من التحديات، ومع تصاعد الأحداث، ومع وفاته تعيش منى بين أطلال هذا الحب، إلا أن الأقدار فى النهاية تجعل ابنة محمود تقع فى حب كمال ابن منى.
وختم فاضل حديثه قائلاً: لا يمكن إغفال فيلم حبيبى دائماً، بطبيعة الحال، حيث كان بمثابة أيقونة للرومانسية فى حقبة الثمانينيات، فجمع الكثير من المشاهد بين الثنائى نور الشريف، وبوسى، وعبرت بصدق عن الحب بين الطرفين فى العديد من المواقف حتى بعد أن فرقتهما ظروف الحياة وتزوجت هى من غيره، لكنهما عادا مرة ثانية ليفرقهما المرض والموت مرة أخرى، فكانت النهاية حزينة ومؤثرة.

فيلم " حبيبي دائما " 
عملة نادرة
وقال الناقد الفنى محمود قاسم: الرومانسية موجودة فى الأعمال السينمائية المصرية منذ نشأتها، ولا يوجود عمل درامى ليست فيه قصة حب، الفارق الوحيد أن الحب اختلف وكذلك الحياة كلها؛ ولأن الفن هو مرآة الواقع وليس العكس، لذا كان من الضرورى أن تختلف فى الدراما، على الرغم من أن الرومانسية الموجودة فى الدراما مبالغ فيها لأن الإخلاص فى الحب بات نادراً، كذلك قصص الحب الرومانسية لم تعد تنتهى بالزواج، فذلك كله أصبح فى خبر كان واقعياً، ومن ثم ليس من المنطقى أن نراه فنياً.
وأضاف قاسم قائلاً: الفيلم الرومانسى أصبح عملة نادرة بين الأفلام السينمائية، وهذا أصبح ملحوظاً بشكل كبير، حيث نجد فيلماً رومانسياً كل فترة كبيرة، لكن السبب فى ذلك هو أن الحب فى مجتمعنا أصبح عملة نادرة، فالمجتمع أصبحت تحكمه المصالح، وإذا وجدت المصالح انعدم الحب، وفكرة وجود مشاهد رومانسية أو فيلم رومانسى فى الوقت الراهن يتناول الحب للحب مثل ما قدمته السينما، أمر صعب؛ لأنه يستلزم إنتاج وكتابة فى المقام الأول.
واستطرد قاسم قائلاً: عندما نتذكر أشهر مشاهد الاعتراف بالحب فى السينما لا يمكن أن نغفل أفلاماً مثل «نهر الحب»، و«الباب المفتوح»، و«أغلى من حياتى»، و«حبيبى دائماً»، و«الحب الضائع»، وفى العصر الحديث، يمكن أن نتذكر «عن العشق والهوى»، و«أبو على»، و«هيبتا»، وغيرها.
مشاهد مؤثرة
وقال الناقد الفنى طارق الشناوى إن مشاهد الاعتراف بالحب فى السينما، التى تأثر بها الجمهور كثيرة للغاية، لاسيما فى حقبة الخمسينيات والستينيات، حيث طغت فكرة الرومانسية فى تلك الفترة، ومنها على سبيل المثال فاتن حمامة وعماد حمدى فى فيلم «بين الأطلال»، وشكرى سرحان، ومريم فخر الدين فى فيلم «رد قلبى»، وفاتن حمامة، وعمر الشريف فى فيلم «نهر الحب»، وشادية وصلاح ذو الفقار فى فيلم«أغلى من حياتى»، لافتاً إلى أن معظم هذه الأفلام جمع بينها عامل مشترك، وهى من إخراج عز الدين ذو الفقار، الذى لقب بـ«مخرج الرومانسية» فى السينما المصرية.
وأضاف الشناوى قائلاً: ذو الفقار استطاع تحقيق معادلة صعبة، جمعت بين كون أفلامه جيدة على المستوى الفنى، كما أنها امتازت بجماهيرية كبيرة، وخلال سنوات عمره القليلة استطاع تقديم 30 فيلماً، كما أن شخصيته ظاهرة للغاية فى أعماله السينمائية، وسنجد عدداً من الأفلام التى أضاف هو فيها للسيناريو، وكان حريصاً على تأدية أغلب المشاهد بنفسه أمام الممثل، ولهذا فروحه حاضرة فى معظم الشخصيات.
واستطرد الشناوى قائلاً: التعاون مع فاتن حمامة، وذو الفقار استمر حتى بعد طلاقهما، فقد كان يعتبر حمامة الممثلة الأولى بين نجمات جيلها، وفى فيلم «بين الأطلال» كانت قلقة من فكرة الرومانسية، وخوفها من رد فعل الجمهور أن يكون ساخراً أو ما شابه، إلا أنه كان على يقين بتقبل الجمهور لها، وبالفعل كسب الرهان فى النهاية.
وعن الأفلام الرومانسية بشكل عام فى الوقت الراهن قال الشناوى: المنتج المغامر اختفى، وهو الذى يرغب فى البعد قليلاً عن الشائع فى السوق أو المألوف، وعادة المنتج يستعين بالنجوم بما يحقق الرواج فقط له، والفيلم كسلعة، ولكن أن يحاول هو من نفسه قيادة التغيير فى الصناعة، وتحقيق التنوع فغير موجود إلا فى حالات نادرة فقط مع الأسف، وفى النهاية قصص الحب موجودة، ولكن طريقة تناولها اختلفت، وكل زمن فى النهاية يطرح ملامحه.