الجمعة 10 مايو 2024

زكريا الحجاوى وراء ظهورها.. فرق الفنون الشعبية فى مصر.. تاريخ حافل من الإبداع

فرقة رضا

12-11-2022 | 12:58

هبة عادل

 

تبدأ الحكاية مع الكاتب زكريا الحجاوى، أحد أهم رواد الفن الشعبى المصرى الذى طاف البلاد الفنون الشعبية هى تلك الفنون المرتبطة بأصالة الشعوب وتراثهم، بل وعاداتهم وتقاليدهم، معبرة عن فئاتهم المختلفة، ولا يمكننا الحديث عن أى شىء دون التعرف على تاريخه وأصوله.. لا سيما وإذا كان هذا التاريخ مملوءاً بالعديد من العلامات المضيئة والجميلة.
ولتاريخ إنشاء فرق الفنون الشعبية فى مصر قصص لطيفة.. فلماذا تأسست؟ ومن أول من فكر فى إنشائها؟ ومتى؟ وكيف استمرت رحلة نجاحها وعطائها فى تألق إلى يومنا هذا، كل هذا وأكثر نتعرف عليه خلال السطور التالية...

ليجمع تلك الفنون «فن القول، الرقص، الموسيقى» ويوثقها ويقدمها بشكل إخراجى خاص، ولقد جمع الحجاوى فى هذا الإطار 72 ملحمة شعبية من كل مكان فى مصر وقدم بعضها فى الإذاعة فى سنوات الخمسينيات والستينيات مثل ملاحم «ملاعيب شيحة»، «كيد النساء»، «أيوب»، «سعد اليتيم»، وغيرها، ثم تم تأسيس مركز الفنون الشعبية عام 1957 ليكون مركزاً علمياً لتسجيل التراث الشعبى بمختلف أنواعه فى جميع أنحاء مصر.
فرقة رضا
 شجع هذا المناخ الأخوين على ومحمود رضا على إنشاء «فرقة رضا» للرقص الشعبى، التى حملت اسم «فرقة رضا»، لتكون بذلك «فرقة رضا» هى أول فرقة استعراضية مصرية ظهرت فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى تحت قيادة محمود رضا، وقدمت عروضاً لاقت الكثير من القبول والاستحسان.
 عن تاريخ هذه الفرقة، فقد فكر الفنان محمود رضا فى تكوين أول فرقة خاصة للفنون الشعبية بالاشتراك مع الراقص الأول والمصمم والمؤلف الموسيقى على رضا والراقصة الأولى فريدة فهمى بعد الرحيل المفاجئ للفنانة نعيمة عاكف بالإضافة إلى خبرتها فى التدريب وتصميم الأزياء، وهكذا قدمت الفرقة أول عروضها على مسرح «الأزبكية» فى أغسطس عام 1959، وقد بلغ عدد أعضائها عند التأسيس 13 راقصة و13 راقصاً و13 عازفاً، أغلبهم من المؤهلين خريجى الجامعات، وصمم محمود رضا الرقصات التى استوحاها من فنون الريف والسواحل والصعيد والبرية، وقام بإخراجها تحت إشراف الدكتور حسن فهمى ورعايته، وبفضل هذا التكوين الراقى اكتسب فن الرقص احترام كافة طبقات المجتمع.
 فى عام 1961 صدر قرار جمهورى بضم الفرقة إلى وزارة الثقافة وأصبحت الفرقة تابعة للدولة، وقام على إدارتها الشقيقان محمود وعلى رضا، وفى عام 1962، انتقلت عروض الفرقة إلى مسرح «متروبول»، حيث أصبح لها منهج خاص وملامح مميزة فى عروض الرقص الشرقى، ثم كان اللقاء الفنى بين محمود رضا والموسيقار على إسماعيل الذى أثمر عن أول أوركسترا خاص بالفنون الشعبية بقيادتة، الذى أعاد توزيع الموسيقى لأعمال الفرق السابقة وقام بتلحين الأوبريتات الاستعراضية  «وفاء النيل»، «على بابا والأربعين حرامى»، «رنة الخلخال»، وانتقلت الفرقة بعد ذلك إلى مسرح «26 يوليو» بالعتبة، ثم مسرح نقابة المهندسين ثم «دار الأوبرا» المصرية، وأخيراً مسرح البالون، حيث استقرت بة حتى الآن.
فى فترة السبعينيات وصل عدد الفنانين من الراقصين والراقصات والموسيقيين بالفرقة إلى 180 فناناً، فقرر محمود رضا تقسيم الفرقة إلى ثلاثة أقسام «الفريق الأساسى الذى يقدم العروض داخل وخارج مصر»، و«فريق يمثل الصف الثانى للفرقة»، و«فريق يتكون من مجموعات تحت التدريب»، وتأسس بعد ذلك مركز لتخريج دفعات من الأعضاء لدعم الفرقة، وهى مدرسة «فرقة رضا للمواهب الجديدة».
فى الثمانينيات قدمت الفرقة لوناً جديداً من ألوان الرقص، وهو «الموشحات الراقصة»، التى لاقت نجاحاً كبيراً، ومنها «عجباً لغزال قتال عجباً» وموشح» لحظ رنا» من تأليف وتلحين فؤاد عبد المجيد.
ومن أشهر رقصات الفرقة «حرامى القفة»، «بائع العرقسوس»، المراكبى»، «الشمعدان»، «العصايا»، «خمس فدادين»، «الشاويش عطية»، وغيرها.
طافت الفرقة العديد من دول العالم واحتلت المراكز الأولى فى معظم المحافل والمهرجانات الدولية، التى حضرها معظم ملوك ورؤساء الدول، وقدمت أكثر من 3000 عرض فى مصر والعالم على أكبر المسارح العالمية، فيما حصلت على العديد من الجوائز الداخلية والخارجية، وكذلك حصلت على العديد من شهادات التقدير فى جميع العروض التى شاركت فيها، وما زالت تشارك فى العديد من المناسبات الفنية والقومية والمؤتمرات الدولية والمهرجانات العالمية.
الفرقة القومية
فى عام 1960 ظهرت الفرقة القومية للفنون الشعبية، وتعتبر من أهم وأقدم فرق الفنون الشعبية فى مصر، التى أُنشئت بقرار من د. ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك، واستعانت الفرقة فى بدايتها بمجموعة من خبراء الفن الشعبى فى الاتحاد السوفيتى فى مجالات الرقص والموسيقى، وكان أبرزهم «رامازين»، وضمت الفرقة أعضاء من خريجى الجامعات المصرية والمعاهد الفنية، وجاء قرار إنشائها بهدف التأصيل لكافة الراقصات الشعبية بتعبيراتها الحركية وملابسها واكسسواراتها من بيئتها الأصيلة بما تشمله من العادات والتقاليد من خلال الاستعانة بالمنهج العلمى ونقله إلى خشبة المسرح بعد إعادة صياغته.
ومن أشهر رقصاتها «أم الخلول»، «المانبوطية» ورقصة «التنورة» المستوحاة من الطقوس الصوفية المولوية ورقصة «الحجالة»، كما قدمت الفرقة رقصة «الدبكة» المعروفة فى سوريا ولبنان ورقصة «الشمعدان» على أنغام الموشحات الأندلسية، وكانت تسمى «رقصة الهوانم»، حيث كانت تقدم فى القصور الملكية.
كما يذكر أن هذه الفرقة كانت السبب فى شهرة اثنين من أهم أعضائها، هما الفنانتان عايدة رياض ومشيرة إسماعيل، اللتان اتجهتا بعد ذلك للتمثيل.
فرقة أسوان
فى 31 أغسطس عام 2019 احتفلت فرقة أسوان للفنون الشعبية بفرع ثقافة أسوان بمرور 45 عاماً على تأسيسها.. قدمت الفرقة خلال هذه الفترة العديد من التابلوهات التراثية والفنية الأسوانية والنوبية بشكل متميز وراقٍ جعلها فى مقدمة فرق الفنون الشعبية على مستوى الجمهورية لتمثل مصر محلياً ودولياً فى مختلف المهرجانات والمحافل العالمية.
جدير بالذكر أن الراقصات والتابلوهات التى تقدمها الفرقة مستوحاة من التراث الفنى الأسوانى والنوبى ومنها رقصات «الأراجيد» و»الكاراج» و»التاتا» و»الكف» و»النجرشاد»، بالإضافة إلى الفقرات الغنائية المختلفة.
فرقة سوهاج
 فى عام 1970 تأسست فرقة سوهاج للفنون الشعبية، التابعة لقصر ثقافة بسوهاج، وعلى مدار سنوات قدمت الفرقة برامج متنوعة التزم فيها أعضاؤها بمفردات الثقافة الشعبية للبيئة السوهاجية بعيداً عن الطابع الاستعراضى والنمط التقليدى، وتضم الفرقة عشرات الراقصين والموسيقيين، جميعهم من أبناء محافظة سوهاج المتحمسين والمدركين للدور الرائد الذى تؤديه الفرقة مع تأكيد الهوية الإقليمية، والتعبير بكل صدق عن مفردات الثقافة الشعبية المصرية، والمحافظة على تراث الأجداد من عادات وتقاليد، ويظهر ذلك من برنامج الفرقة الذى يتناول فى مضمونه القيم والعادات والتقاليد التى يتميز بها أبناء الجنوب، خاصة بما تحويه من ثقافات متراكمة تعبر عن البيئة السوهاجية عبر آلاف السنين.
وتعد الفرقة علامة مضيئة فى محافظة سوهاج وتسهم بشكل كبير فى نشر الفنون الشعبية على مستوى الوطن العربى والعالم كله عبر مشاركتها فى أغلب المهرجانات العربية والدولية.
فرقة بورسعيد
على أوتار السمسمية تتألق فرقة بورسعيد للفنون الشعبية عبر رحلة من تقديم الفن الشعبى تتجاوز٥٧ عاماً قدمت خلالها أكثر من 40 مهرجاناً عالمياً على أوتار آلة السمسمية، مجسدة ملامح بورسعيد للفنون الشعبية لتعبر عن تراث وتاريخ فنى لمحافظة من أبرز محافظات مدن القناة الباسلة مهما مر الزمن عليها لم تتغير خصائصها الفنية وأدواتها الموسيقية البسيطة التى عندما تعزف فى تناغم واحد تكون قادرة على جذب انتباه أى جمهور من أى دولة ولعل أهم ما يميز الفرقة.. قدرتها على التعبير عن عادات وموروثات شعبية لم تتبدل على الرغم من التطورات التى طرأت على صناعة الموسيقى.
هذا وقد أُنشئت الفرقة عام ١٩٦٤ على يد الكابتن محمد مراد أحمد، أهم الراقصين فى الفرقة القومية الذى تعلم أصول الرقص الشرقى الشعبى بالقاهرة، وحرص على تأسيس فرقة بالمحافظة تعبر عن لونها الثقافى المميز، وعلى مدار السنوات لم تتغير فقرات الفرقة التى تعتمد على آلات السمسمية والدهلة والطبلة والناى، إلا أن آلة السمسمية ظلت بطلة كل الفقرات التى تقدمها منذ نشأة الفرقة، وحتى الآن، حتى أن أشهر الفقرات التى تقدمها الفرقة هى رقصة «السمسمية» ورقصة «إحنا البورسعيدية».
فرقة الإسكندرية
أاما فرقة الإسكندرية للفنون الشعبية، فقد تميزت بتقديم العديد من التابلوهات والاستعراضات الغنائية التى تجسد الفلكلور الشعبى لعادات وتقاليد الشعب السكندرى، ومنها استعراضات «الصيادين»، «الحصان»، «أولاد بحرى»، «الفراعنة»، «الصعايدة»، وغيرها من التابلوهات الشهيرة.
وتعتبر رقصة «السكينة» من أشهر الرقصات التى أحبها الإسكندرانية، والتى عبرت عن أولاد السواحل وشهامة أولاد بحرى، وكذلك رقصة «الصيادين» التى تعبر عن البحر وجماله.
تجدر الإشارة إلى الحديث عن فرقة «الأنفوشى»، التابعة لقصر ثقافة الأنفوشى، وفرقة «الحرية»، التابعة لقصر ثقافة الحرية، وهما من أشهر الفرق بالإسكندرية والتى تميزت بأداء عالٍ، ساعدها على تحقيق نجاحات كبيرة فى الداخل والخارج، الأمر الذى دعا هيئة قصور الثقافة بالإسكندرية لضم هذه الفرق وغيرها إليها، مع إعداد خطة لتنظيمها ورعايتها وتدريبها والخروج بها من نطاق المحلية إلى العالمية.
فرقة العريش
«العريش للفنون الشعبية.. سفيرة سيناء إلى العالم»، تحت هذا الشعار انطلقت فرقة العريش عام ١٩٧٩ لتقديم الفنون السيناوية من أرض التاريخ ومنبع التراث المصرى العريق ليتعرف عليه العالم من خلال فرقة الفنون الشعبية التى تقدم ما يجمع بين فنون القول والحركة والتشكيل والموسيقى الشعبية لتظهر ثقافة سيناء الشعبية على هيئة رقصات وأغانٍ وطقوس، سواء فى الأفراح والمآتم.
والمعروف أن منطقة سيناء مليئة بالعادات والتقاليد الخاصة بالملابس والعادات والرقصات الشعبية التى تشجع على إخراج هذا الفن بشكل متميز.
 للفرقة أكثر من 18 رقصة شعبية تقدمها ممزوجة بالأغنيات البدوية الجميلة.
 تجدر الإشارة أيضاً إلى أن هناك العديد من فرق الفنون الشعبية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة المخرج هشام عطوة.. كفرقة مرسى مطروح، فرقة المنيا، الشرقية، كفر الشيخ، الوادى الجديد، توشكى وشلاتين، وكلها تجوب البلاد وتقدم أجمل ما لديها من فنون شعبية وتراثية معبرة عن عادات وتقاليد كل المحافظات فى قوالب استعراضية بديعة.