النص هو أساس العمل الدرامي، فبدون سيناريو قوى ومتماسك لا توجد دراما حقيقية، ومسلسل"أعمل إيه" الذي عرضت حلقته الاخيرة مؤخرا توافر فيه جودة النص والسيناريو القوي الملئ بالتفاصيل الحياتية الحقيقية التي تضاهي حياتنا اليومية ، فهو عمل درامي برائحة زمن الدراما الاجتماعية الجميلة ، وهو تأليف محمد الحناوي واخراج احمد عبد الحميد وبطولة خالد الصاوي وهم الثلاثي الذي قدم قبل عدة سنوات "خاتم سليمان " الذي حقق نجاحا كبيرا عند عرضه وقتها، وتشارك في بطولته صابرين، خالد الصاوى، ندى بسيونى، دنيا المصرى، نور ايهاب محمد مهران، طارق عبد العزيز، سامية الطرابلسى، نهال عنبر، صبرى عبد المنعم، أحمد جمال سعيد، أيمن عزب، ريهام الشنوانى، حمدى هيكل، مفيد عاشور، محمود الشرقاوى وعدد آخر من الفنانين وينتمي المسلسل لنوعية الكوميديا السوداء يتحدث عن عائلة تنتمى للطبقة المتوسطة، يعانى أفرادها كثير من المشكلات والهموم فى زمن يشهد تردى كبير فى الأذواق، وسيطرة غريبة لمواقع التواصل الاجتماعى
بلمسة كوميدية تناقش مشاكلنا اليومية التي برزت في الاوان الاخيرة، وهو ما يحرص عليه المؤلف محمد الحناوي دائما في اعماله فيناقش قضايا ومشاكل مهمة وحساسة ، منها التحرش والتنمر والرشوة وعلي الهامش تطرق الي عالم الرجال من خلال الأب عبدالله مهندس الصوت بالاذاعة، رغم انها كانت اول قضية تعرضت لها الحلقات الي انه قرر وضعها علي جنب ، تعودنا منه وجود سيناريو قوي ومكثف ويبدوا انه لجأ للمط بسبب عدد الحلقات وفي المجمل العمل مهم لانه يناقش قضايا في غاية الاهمية
المخرج احمد عبد الحميد الذي يعشق بروفات الترابيزة قبل بدء التصوير ويهتم بأدق التفاصيل بكل شخصية بالعمل وحرصة علي اختيار أماكن التصوير الحقيقية أو التي تشعر المشاهد انه هو المكان الحقيقي مما يجعل المشاهد يتفاعل مع الحدث وهذا ما حدث من أول عرض أغنية التتر بالصوت الجميل الهادي كارمن سليمان إلى تعريف شخصيات المسلسل بصوت الفنان خالد الصاوي
خالد الصاوي نجح في تقديم دور الأب لبنات في سن المراهقة ، قدم نموذجا للأب السند والأمان والحنان لبناته ، الأب اللي بيساعد كل الناس وعارف أن الخير هايرجع لبناته، الأب اللي ربَّى بناته على القيم والأخلاق والكل بيشهدلهم ده ، الأب اللي يبكي بالدموع لو حد مس شعرة من بناته أو لو حس بخطر ناحية بناته ، الأب اللي لو غلط بيقول لبنته غلط وكلنا بيجي علينا وقت بنضعف ونغلط المهم نفوق بعد كدة ومنكملش فيه.
اما "صابرين" أبلة الناظرة فقدمتها بطريقة تلقائية وتشعر أن الدور يشبه صابرين الحقيقة، بخفة دمها ومشاعر الأمومة الحقيقية، ولكن السيناريو ابعدها عن اهمية دورها في المجتمع بعد عدد من الحلقات وركز على دورها الأسري فقط حتي هذا الخط ضعيف ولكن خفة دم صابرين أضاف للشخصية وكونت مع خالد الصاوي ثنائي رائع.
أجمل في المسلسل أنه ركز بصورة كبيرة علي عالم الفتيات المراهقات، من خلال بنات "عبد الله"، هن شادية ،"الاعلامية" وفايزة،"طالبة الحقوق ولاعبة كارتية وفتاة جادة، و"نجاة" او"نحنوحة البيت" كما يطلق عليها والدها، فهى طالبة في المرحلة الاعدادية، ولكنها بارعة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعى والصغيرة أم كلثوم، أخر العنقود ، فهى دلوعة البيت، فقدم النجم الكبير خالد الصاوى مثالا جادا في كيفية تربية البنات، والتعامل الذكى مع أزمات ومشاكلهن وغرس فيهن الصدق ، والأدب، والاحترام، والأمانة والشرف ورغم عن هذا البنات تقع في مشاكل كثيرة
ومعظم أدوار الفنانين المشاركين تعزز لاحياء ما فات من تقاليد مجتمعنا مثل الدور الذي يقدمه الفنان طارق عبد العزيز الصديق والجار الذي لم يترك صديقه الدور ، جيد ولكن أقل من إمكانيات طارق عبد العزيز التمثيلية، أما الفنان صبري عبد المنعم هو فنان قدير يمتلك من الأدوات الفنية ويستحق الف مقال عن كل دور يقدمه.. أما عن ما يقدمه بهذا العمل شخصية رجل كفيف ويمتلك بصيرة لا يمتلكها اصحاب البصر، وهذا الدور يعتبر إعادة صياغة لأدواته كممثل.