الجمعة 22 نوفمبر 2024

موضة الدراما الأجنبية.. هل تستمر أم ستنتهى؟

الدراما الاجنبية

18-11-2022 | 15:43

عمرو محيى الدين

خرجت الأعمال الدرامية الأجنبية، سواء الكورية أو المكسيكية أو اليابانية أو الهندية وغيرها، إلى الشاشات المصرية وتمكنت من جذب الجهمور المصرى بشكل كبير لما تحتويه من أفكار مختلفة ومحتويات جديدة، وهو ما سحب البساط بعض الشىء من الدراما المصرية، ليضعنا هذا المشهد أمام سؤال مهم: هل انتشار مثل هذه الأعمال موضة ستأخذ وقتها ثم ترحل لحالها؟.. أم أنها ستستمر طويلاً؟
سألنا الفنانين والمنتجين والنقاد عن آرائهم.. فأجابوا علينا فى التحقيق التالى..

يقول الفنان محمد رياض: كثير من الأعمال الدرامية المصرية الحالية تعتمد على عنصر المفاجأة فقط، وحين يعرف المشاهد النهاية فإنه لا يشاهد العمل مرة أخرى، عكس الأعمال الدرامية التى شاهدناها لكبار الكتاب مثل أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبد الرحمن وصالح مرسى وغيرهم، تلك الأعمال التى مهما تكرر عرضها تجد المشاهد يتابعها، لأن كل عناصر الإبداع فيها متوفرة سواء السيناريو أو الحوار أو الإخراج أو التمثيل وغيرها.
ويضيف رياض: هذا النمط من الأعمال الدرامية أصبح غائباً إلى حد ما، إلا ما ندر، لذلك تجد المسلسلات الآسيوية والإسبانية وغيرها أرضاً خصبة للنمو وجذب المشاهد المصرى، ومن هنا فإن وجودها سيستمر إذا غاب المحتوى الدرامى المصرى الجيد.
ويشير الفنان محمد أبو داود إلى أن انتشار الأعمال الدرامية الأجنبية على الشاشات المصرية هو بمثابة تجارة، فبعض القنوات الخاصة عندما تريد ملء عدد ساعات بأقل تكلفة وبعائد كبير تلجأ إلى شراء مثل هذه المسلسلات، وعندما يزيد سعر تلك السلعة يتركونها.
ويضيف: على صناع الدراما المصرية الاستمرار بقوة طوال السنة، وحينئذٍ سوف تتساوى الأعمال الدرامية المعروضة داخل رمضان مع الأعمال المعروضه خارجه، وتكون هناك منافسة حقيقية.
أما الفنانة حنان سليمان فقالت: إن التنوع والاطلاع على كل الثقافات أمر مهم ولا مانع فى ذلك، وهذا مفيد للجمهور، ومسلسلاتنا المصرية قادرة أيضاً على التنافس، وهناك تطور فى بعض الأعمال ولكن البعض منها ينقصها الوقت الكافى للتحضير حتى تخرج بجودة أحسن.
وعن العناصر الإبداعية التى تحتاج إلى تطور فى الأعمال الدرامية، قالت أضافت: بداية السيناريو، وأن يكون الورق جاهزاً، ولا تفاجأ بالدور، حتى يستطيع الممثل المعايشة بشكل أكبر فى الدور الذى يقدمه للجمهور وتقمص الشخصية، وكذلك من حق المخرج أن يكون الورق تحت يديه، فضلاً عن ضرورة منح الوقت الكافى للممثل وكل فريق العمل.
ويقول السيناريست بشير الديك: شىء صحى أن تمتلئ الساحة الدرامية بأعمال فنية من ثقافات مختلفة، حتى ينفتح الجمهور على أكثر من ثقافة وأكثر من مدرسة، مما يشبع المخزون البصرى لدى الجمهور، وهذا فى حد ذاته شىء إيجابى، ولا مانع من استمرارها دائماً، كما أنى لست مع الأصوات التى تنادى بأن تلك الأعمال مغايرة لثقافتنا ولا بد من منعها، فلا مشكلة فى أن ننفتح على العالم كله، لا بد أن يكون هناك تنوع ثقافى، العالم كله منفتح على بعض، وما أراه ايجابياً فى الدراما المصرية بالوقت الحالى هو وجود أكثر من مسلسل طوال السنة، وهذا يدفع الصناع للعمل بشكل أكبر ليصبح التنافس أقوى، ويخرج منتج جيد بما يحويه من كل العناصر الإبداعية.
ويؤكد السيناريست مصطفى محرم أهمية الانفتاح على كل الثقافات والفنون الأجنبية لأننا فى تراجع، والموضوعات التى يتم طرحها فى الدراما بليدة إلى حد كبير، ونحاول عن طريق الاحتكاك بالأعمال الأجنبية أن نملأ الساحة، حتى تصبح بعض الأعمال  الدرامية المصرية قادرة على ملء الفراغ.
وأضاف: مجتمعنا ملىء بالأحداث والقضايا، التى يمكن تطويعها لخدمة الدراما المصرية بشكل أكبر، لتكون هناك منافسة بينها وبين الأعمال الأجنبية الأخرى، لكن هناك بعض العناصر الإبداعية الغائبة عن أعمالنا الدرامية التى ينبغى أن تتخللها التقنية، وكذلك كيفية التناول ومعالجة الموضوع، فالموضوع لا يظهر تأثيره إلا إذا كان التناول والطرح مجدياً، وهو ما لا يقلل من قيمة الموضوع نفسه، فالمتلقى أصبح يشعر بأن المواضيع مكررة دون جديد، فالعمل الفنى تتضح قيمته فى أن المتفرج يراه أكثر من مرة وفى كل مرة يرى فيه جديداً، وهذا الأمر أصبح غائباً عن بعض الأعمال الدرامية المصرية، لذلك ينجذب الجمهور نحو رؤية الجديد فى المكسيكسى والإسبانى وغيرهما.
ويقول المخرج مجدى أحمد على: انتشار مثل هذه الأعمال الأجنبية دليل على تراجع بعض الأعمال الدرامية المصرية، بدليل عدم تبادل الدراما بيننا وبينهم، فلماذا نعرض أعمالهم ولا يعرضون أعمالنا؟!، والإجابة أننا بلاشك نعانى من قصور درامى أحياناً، إذن فالمشكلة عندنا، لعدم قدرتة مسلسلاتنا على ملء الفراغ، فالمسلسلات عند إعادتها لا يشاهدها الجمهور مرة أخرى.
وأضاف: نحن لا نهتم بجودة خروج أعمال الأوف سيزون، التى يغيب عن معظمها نجوم الصف الأول سواء من الفنانين أو المخرجين، وغالباً ما يكون الإنتاج ضعيفاً، فيخرج المسلسل بلا مضمون، كما أن نمط الإنتاج يسير على شكل الهرم المقلوب، فبدلاً من أن يقوم المنتج باختيار المخرج ثم يقوم المخرج باختيار طاقم العمل، أصبح البطل هو من يقوم باختيار المخرج وكل فريق العمل من الممثلين وحتى السيناريست والمصورين، كل هذه الأشياء أدت إلى ضعف العناصر الإبداعية بالأعمال الدرامية ولذلك أصبحت الأرض ممهدة لدخول أعمال من جنسيات أخرى.
ويؤكد المخرج محمد فاضل أن إقبال الجمهور على الأعمال الهندية والمكسيكية وغيرها نابع من كونها مختلفة ومستوردة، حتى وإن كانت غير صادقة والجمهور يعلم ذلك، فضلاً عن أن غياب أعمال ذات محتوى درامى مصرى جديد ومختلف يدفع الجمهور للبحث عن أى عمل جديد يتابعه من حيث الأفكار وتقنيات الإخراج والحبكة والتشويق وغيرها.
من جانبه أكد المنتج خالد حلمى أنه من الطبيعى أن تبدأ كوريا والهند وغيرهما بعرض أعمالها، حيث إن القنوات الفضائية تبحث عن العمل الجديد لتقدمة للجمهور، كما أن المعروض الكورى مثلاً سعره أقل وموضوعاته تجذب الجمهور المصرى وفى نفس الوقت يعود على القناة الفضائية التى تشتريه بالربح، وعندما يرتفع سعره ستبحث القنوات الفضائية عن أعمال من جنسيات أخرى لعرضها، لذلك فإن الأمر ليس إلا عملية تجارية.


أما الناقد طارق الشناوى فيقول: من حق المتلقى أن يشاهد كل أنواع الدراما، ولا يمكن إغلاق الباب أمام أى مسلسل خارجى، فمع بدايات التليفزيون كان الجمهور يشاهد الدراما الأمريكية، وكانت ذات سحر فى البيت المصرى قبل عصر الفضائيات، ولكن لمواجهة هذا الغزو الدرامى ينبغى تقديم دراما مصرية جاذبة، وبالتأكيد الجمهورسيشاهد الأعمال الدرامية ذات الجودة العالية وسيصبح مشغولاً بمشاهدتها ولا وقت لديه لرؤية الأجنبى، والحل ببساطة أن نقدم دراما جاذبة، وأن نعرض على الشاشة أعمالاً فى قوة مسلسلات «بـ100 وش» و«الاختيار»، و«الفتوة»، لو لم أجد أعمالًا فى مثل قوة تلك الأعمال الدرامية سألجأ إلى دراما أخرى بثقافة مختلفة ومغايرة.
ويضيف الشناوى: بدأ المنتجون المصريون مؤخراً فى التفكير خارج الصندوق، والذهاب إلى مناطق غير مأهولة بعرض أعمال جيدة، وبدأ الرهان على مواسم موازية وهذا اختيار ذكى، وتكراره يجعلك قادراً على أن تسيطر على وجدان الجمهور المصرى، فإذا كسبت وجدان الجمهور سيظل معك ولن يفكر فى مشاهدة مثل هذه الأعمال الأخرى.
ويتابع الشناوى: إذا كان المسلسل المصرى له جمهور سيعرض أيضاً فى الغرب، حيث سيتم بيعه وعرضه طبقاً لقانون العرض والطلب، على سبيل المثال فى المكسيك أعادوا تقديم بعض أعمال نجيب محفوظ مثل (زقاق المدق) و(بداية ونهاية) سينمائياً، لأنهم شعروا بأن هذه الأجواء سترضى الجمهور المكسيكي.
وتقول الناقدة ماجدة موريس: الجمهور دائماً متشوق للمعرفة، والانفتاح على ثقافات الدول الأخرى يكون دائماً فى مصلحة الجمهور، فيجب ألا تحتكرنا ثقافة واحدة مثل ما حدث خلال الفترة الماضية من الأعمال التركية.
وأضافت: يجب على القنوات أن تعرض كل أنواع المسلسلات المختلفة، فهذا يقوم بتعويض احتكار الأفلام الأمريكية لنا فى السينما، وأرى أن الأعمال الكورية ناجحة جداً، ومن قبلها نجحت المسلسلات اليابانية وحقق المسلسل اليابانى (أوشين) صدى واسعاً عند الجمهور المصرى.