الجمعة 10 مايو 2024

عبد السلام النابلسى الكونت حسب الله السادس عشر

عبد السلام النابلسي

25-11-2022 | 12:24

محمد دياب

لقبوه بالكونت دو نابلوز وكان صاحب شخصية ومدرسة كوميدية لم ينازعه فيها ممثل آخر، من أشهر إيفهاته: «بونو بونو» «صنم بجم حجر» و«ياحفيظ يامغيث» و«دكتور ديكتاتور» و«عشر قناطير شحم عشر قناطير لحم»  قدم نحو 146   فيلما في مصر ولبنان، بدأ عمله السينمائي بأدوار صغيرة وتدرج حتى حصل على البطولة الأولى في ستة أفلام،  هو ممثل ومنتج سينمائي وكاتب صحفي وناقد سينمائي وشاعر أيضا هو حسب الله السادس عشر، عبد السلام النابلسي. يوسف وهبي أول من اطلق عليه لقب الكونت بسبب مظهره وطريقته الأرستقراطية، أما من أسماه دو نابلوز كان الناقد وجيه رضوان فأصبح لقبه الكونت دو نابلوز وفي قول آخر حسب الله السادس عشر.


ولد في  23 أغسطس 1899 في بلده عكار شمال مدينة طرابلس في لبنان، جده كان قاضيا شرعيا للمدينة، وهو في السادسة من عمره رحل مع والده إلى فلسطين عندما عين قاضيا شرعيا لمدينة  نابلس في الضفة الغربية للنهر، درس في مدرسة فرنسية، وحفظ القرآن في العشرين من عمره، أرسلة والده إلى مصر ليدرس في الازهر الشريف ليصبح قاضيا شرعيا كما والده، وبعد اشهر اندلعت ثورة 1919 وشارك فيها وإنبهر بالفنانين المسرحيين وبمشاركتهم في المظاهرات، وعرف طريقه لشارع عماد الدين، وتردد على المسارح والصالات وتمنى ان ينتمي لهذا العالم، كون صداقات معهم والتحق بفرقة جورج ابيض وعزيز عيد وحصل على أدوار ثانوية، حسب ماذكر المؤرح حسن إمام عمر، غير أن عبد السلام النابلسي نفسه يذكر أن أول إشتغاله بالفن كان في فرقة «رمسيس» المسرحية  مع الفنان يوسف وهبي، وذكرت أرملته جورجيت النابلسي أنه طلب من الشاعر خليل مطران شلعر القطرين وصديق والده أن يتوسط له عند صديقه يوسف وهبي ليلحقه بفرقة «رمسيس» ولم يعمل طويلا في الفرقة فقد صرفه منها يوسف وهبي بسبب عدم قدرته على حفظ حواره كاملا في المسرحيات، ويرجح الناقد أشرف غريب أنه قدم الي القاهرة في الفترة من 1923 الي 1925. 
 وصل خبر اشتغاله بالمسرح لأهله في لبنان فغضبوا عليه وقطعوا عنه الدعم المادي فكان لابد له من أن يعمل فعمل صحفيا وكاتبا في مجلة  «اللطائف المصورة» و«الصباح»  و«مصر الجديدة»  التي أصبح سكرتيرا تحريرا لها وكان يوقع باسم مستعار، وحسب ما ذكر هو في حواره التليفزيوني لبرنامج «نجوم على الأرض» مع الاعلامية ليلى رستم أنه كان أول من كتب نقدا سينمائيا في جريدة الأهرام في باب  حمل عنوان في «عالم السينما بقلم عبد السلام النابلسي» وأكد أيضا  أنه شارك في إصدار مجلة آخر ساعة مع محمد التابعي وأمينة السعيد وسعيد عبده، بعد إشتغاله في السينما توقف عبد السلام عن الكتابة الصحفية، حتى عاد إليها عام 1967 عندما كتب صفحة اسبوعية في مجلة «الشبكة» اللبنانية تحت عنوان «نجوم على الأرض» كان فيها يرسم فيها بقلمه الشاعري واصفا شخصية أحد الفنانين الكبار، من أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفاتن حمامة وفيروز ونادية لطفي وسعاد حسني وعبد الحليم حافظ، يصف الشخصية في نص نثري يشبه القصيدة،  ومن بين ماكتبه عن صديقته العزيزة صباح: قال عن صبا : أميرة ملكة لا بل امبراطورة تغني / شمس الشموس نارها نار ابراهيم تدفئ القلب ولا تحرقة / زاهية كجوهرة بارعة مثل كيلوباترا باهرة كإلهة / كانت في سباق مع المجد فانحنى لها المجد  وأسلمها زمامة / ريانه مياسه تختال كأنها في قصر فرساي / قلبها على لسانها ولسانها لايعرف الشر ولا الوصاية مابسطت يدها الا لخير وما غلتها إلا عن السوء. 
عشق عبد السلام الكتابة الصحفية حتى أنه قال ذات مرة :»لو لم أكن فنانا لتمنيت ان اكون صحفيا.
من خلال عمله في الصحافة كون صداقات مع العاملين في حقل السينما من بينهم أحمد جلال وآسيا ،التي منحته أول دور له في الفيلم الصامت  «غادة الصحراء» من إخراج وداد عرفي  عام 1929 ، بعدها عمل ايضا مع آسيا في فيلمه الثاني الذي كان صامتا أيضا «وخز الضمير» للمخرج إبراهيم لاما عام 1931 حيث لعب دور شاب ارستقراطي شرير.
 إلتحق عبد السلام بمعهد التمثيل عند افتتاحه في الثلاثينات الذي اغلق بعد عام دراسي واحد، وبلغ ولعه بفن السينما أن عمل مساعدا للإخراج مع يوسف وهبي و توجو مزراحي وولي الدين سامح، حتى أنه قام وحده بإخراج النصف الثاني من فيلم «القناع الأحمر» بسبب انشغال مخرجه يوسف وهبي بتصوير فيلم «شادية الوادي» عام 1947، وللاسف هناك معلومة متداوله انه اعتزل التمثيل منذ عام 1931 وحتى عام 1947 وتفرغ فقط خلالها للعمل كمساعد مخرج ثم عاد بعدها للتمثيل مجددا، والحقيقة الواضحة من قائمة افلامه في تلك الاعوام  انه لم يتوقف عاما واحدا عن التمثيل، فقد عمل مساعدا للإخراج وممثلا في الوقت نفسه، ومن الأفلام التي عمل فيها مساعدا للإخراج: «بسلامته عاوز يتجوز» عام 1936 إخراج الكسندر فاركاش، «المجد الخالد» من إخراج يوسف وهبي عام 1937 وفيلم «عريس من إستانبول» إخراج يوسف وهبي عام 1941، وفي مجال التألف كتب عبد السلام قصتي فيلميه «حلاق السيدات» و«حبيب حياتي» وكانا الفيلمان أيضا من إنتاجه.
مع فريد الاطرش وعبد الحليم حافظ
في عام  1939 قدمه المخرج كمال سليم في دور الشاب  المستهتر العابث في فيلم « العزيمة»، وكرس في تلك الفترة في  دور الشاب المستهتر أو الشرير الذي يحاول التفرقة مابين الحبيبن، وفي الاربيعينات عقب الحرب العالمية الثانية وإنتشار موجة الافلام الكوميدية الغنائية الاستعراضية، قدم أدوار الشاب المتعالي مدعي الارسقراطية العصبي المتعجرف، بشكل كوميدي حتى في أدوار الشر، ومع الانتعاشة التي شهدتها السينما المصرية أعقاب الحرب العالمية الثانية وإنتشار الافلام الكوميدية الغنائية الاستعراضية، شارك فيها بغرارة عبد السلام النابلسي نجح كثيرا في الافلام الغنائية سواء مع شادية أو محمد فوزي أو صباح وليلى مراد، في أدوار العزول الذي يحلو له الايقاع بين المحبين، للزواج من الحبيبة، وانتقل بعدها من دور العزول الشرير إلي أدوار صديق البطل، وارتبط سينمائيا مع أقرب صديق له في الوسط الفنان فريد الاطرش وشارك معه في نحو ستة عشر فيلما، بداية من فيلم انتصار الشباب عام 1941  أول أفلام فريد  وحتى  فيلم «الحب الكبير» عام 1968 الذي عرض بعد رحيل النابلسي، والأفلام التي قدمها مع فريد الاطرش هي: «إنتصار الشباب»  1941 و«جمال ودلال»  1945 و«شهر العسل» 1945  و«ماقدرشي»   1946  و«أحبك إنت»  1949   و«عفريته هانم»  1949  و«آخر كدبة»   1950 و«تعالى سلم»  1951 و«ماتقولتش لحد»  1952  و«عايزه أتجوز»  1952     و«لحن حبي»  1953  و«رسالة غرام»  1954  و«عهد الهوى»  1955   و«إزاي أنساك»   1956 و«ودعت حبك»   1956  و«إنت حبيبي»  1957  و«الحب الكبير»  1968 الذي أنتج وصور في لبنان بعد إنتقال عبد السلام النابلسي للاقامة هناك وقد عرض الفيلم بعد رحيله .
ويحكي عبد السلام عن سر محبته الجارفة لفريد، ان فريد كان يمر بأزمة مالية وأيضاً عبدالسلام الذي مر بظروف صحية استلزمت نقله الي المستشفي، وأثناء وجود عبد السلام في المستشفى كان فريد لايجد ثمن أجرة شقته، غير أنه لازم عبد السلام في المستشفي حتى شفي وذهب ليحصل على سلفة من اصدقاء له لا ليدفع اجرة شقته بل ليدفع إجرة المستشفى لعبد السلام التي ظل يعالج فيها طوال أربعين يوما.  
كان الفنان عبد الحيلم حافظ  معجبا بعبد السلام النابلسي وبأفلامه مع فريد الاطرش، وارسل إليه يطلبه للعمل معه أكثر من مرة ،لكن عبد السلام كان منشغلا بتصوير عدد كبير من الافلام بشكل متواصل، ولما يأس عبد الحليم أرسل إليه شيكا على بياض موقع منه، وطلب منه وضع الأجر الذي يريده مقابل العلم معه في فيلم «ليالي الحب» وذلك برغم تحذيرات بعض أصداقاء حليم من أن فريد الاطرش منافس حليم هو اقرب صديق لعبد السلام، وقد يتعمد الاخير إفشال فيلمه، لكن حليم رفض هذه الفكرة تماما، وبالفعل بدأ عبد السلام العمل مع حليم، وحقق نجاحا كبيرا معه مع انه كان يعمل مع فريد في افلام أخرى في الوقت نفسه، وقدما معا خمسة أفلامً هي: «ليالي الحب» 1955 و«فتى أحلامي» 1957  و«شارع الحب»  1958 و«حكاية حب»   1959 و«يوم من عمري» 1961، وكان مقررا أن يشارك عبد السلام  عبد الحليم في فيلم «معبودة الجماهير» لكن بسبب انتقال اقامة عبد السلام الي بيروت، أسند الدور الي الفنان فؤاد المهندس، وكان حليم يردد دائما  «عبد السلام زي الملح في الطعام.
ومن طرائف عبد السلام مع عبد الحليم ومحمد عبد الوهاب، أنه فؤجئ بعد عرض فيلم «يوم من عمري» ان شركة «صوت الفن» أصدرت اغنية «ضحك ولعب وجد وحب» على اسطوانة، تضمنت الجملة الغنائية التي شارك بها مع حليم وهي «وليالي زمان» التي قام بأدائها كما كان يغني مطربي القرن التاسع عشر، فأرسل عبد السلام برقية الي الموسيقار محمد عبد الوهاب بصفته أحد ملاك الشركة، يطالبه فيها بحقوقه المادية عن استغلال صوته، فما كان من الموسيقار عبد الوهاب ان رد عليه ببرقيه مماثلة، جاء فيها أن صوت عبد السلام الأجش تسبب في خسائر للشركة ما جعل مبيعات الاسطوانة تنخفض، وطالبه عبد الوهاب بتعويض مادي عن الخسائر هذه، الطريف ان عبد السلام سبق أن  شارك فريد الاطرش الغناء في اوبريت «فارس الاحلام» في فيلم «لحن حبي» مع فريد الاطرش وصباح حيث غنى «فردة جزمة تعمل أزمة من غير لازمة»، كما غني جملة واحدة مع صباح في أغنية «أحبك ياني» من الحان فريد الاطرش ،في فيلم «إزاي أنساك» .
عبد السلام الممثل والمنتج والمؤلف
 يقول الفنان عبد السلام النابلسي أن مسيرته كممثل تطورت ثلاث مرات، المرة الاولى في البداية كنت ألعب فيها دور الشاب الوارث المستهتر، وكان وقتها  هو الداء المتفشي في الأسر الارستقراطية، ثم انتقلت وقلبت الصفحة وأخذت دور الصديق النصوح للبطل الذي يرافقه بنصائحه، التطور الثالث اللي حصل في أفلام عبد الحليم حافظ الأخيرة «ليالي الحب» و«فتي احلامي» و«شارع الحب» و«حكاية حب»، و»يوم من عمري» ثم إلي أدوار البطولة، والحقيقة أن عبد السلام النابلسي  نوع في دور الشرير وانتقل من دور الشاب المستهتر الي دور العزول الذي يوقع بين بطل وبطلة الفيلم، وفي مرات كثيرة يفعل ذلك ليستأثر هو بقلب البطلة المحبوبة، ثم إنتقل الي دور صديق البطل الطيب النصوح ومنها الي أدوار البطولة،  قدم شخصيات كانت أقرب ماتكون إلى شخصيته الحقيقية  من بينها فيلم «حبيب حياتي» في المشهد الذي عمل فيه سواق تاكسي وكان يرش مطهرات على الركاب، ويرفض توصيل من يرتدي بيجاما، وايضا في  فيلم بين «السماء والارض» كان الكاراكتير الكوميدي الذي قدمه في أفلامه يحمل سمات حقيقية من شخصيته، وكان ذلك هو سر تميزه .
في كتابه «العصر الذهبي للكوميديا»  يقول الناقد أشرف غريب:  لايمكن استعراض مسيرة النابلسي دون التوقف أمام تجربته المحدودة في أدوار البطولة التي تاهت كثيرا في ظل تميزه اللافت في الادوار الثانية او ما يسمى تجاوزا بأدوار صديق البطل  ويشير الي ان النابلسي قام بدور البطولة الأول في ستة أفلام، ليست جميعها من انتاجه كما يعتقد الكثيرون من انه انتج لنفسه كي يحصل على أدوار البطولة، بدليل أن هناك اربعة افلام منها ليست من انتاجه، بل إن اول دور بطولة له كان من انتاج حسين فوزي في فيلم «حب وانسانية» عام 1956، بالاضافة إلي فيلمي بنات بحري» 1960 من انتاج أفلام «نهضة مصر» لوالي السيد، و«قاضي الغرام» 1962 كان من انتاج أديب جابر ،وكلاهما من إخراج حسن الصيفي ،أما فيلمه الشهير «عاشور قلب الأسد» 1961 من إخراج حسين فوزي كان من تأليف وإنتاج النجم رشدي أباظة، ولم ينتج عبد السلام النابلسي لنفسه سوي فيلمين فقط هما: «حبيب حياتي» من إخراج نيازي مصطفى عام 1958 وفيلم «حلاق السيدات» عام 1960 من إخراج فطين عبد الوهاب، في الفيلم الاول قاسم بطولته الرجالية مع أحمد رمزي أمام الفنانة صباح التي تولت البطولة النسائية، وفي الفيلم الثاني تقاسم بطولته مع إسماعيل ياسين .
المدهش هو أنه حينما بدأت تتهافت عليه أدوار البطولة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات حدثت أزمته مع مصلحة الضرائب في مصر وأجبر على مغادرتها إلي لبنان مرغما .
  مشكلته مع الضرائب وزواجه الوحيد
في عام 1961 طالبت مصلحة الضرائب عبد السلام النابلسي بمبلغ   13 ألف جنيه وكان مبلغا ضخما وقتها وجزافيا، وحاول كثيرا، أن يخفض المبلغ  وبالفعل خفض المبلغ الي تسعة آلاف جنية، ولم يكن وقتها يملك هذا المبلغ، وكان لتوه قد انتهي من تصوير فيلمه «قاضي الغرام» 1962  وسافر إلي لبنان لتصوير فيلمه الجديد « مرحبا ايها الحب» للمخرج محمد سلمان، وقام بتحويل أمواله الي مجهورات ووضعها في عروسة لعبة أعطاها في المطار إلي طفلة الفنانة نجاح سلام شريكته في بطولة الفيلم والتي كانت معه على متن الطائرة نفسها، بدون أن تعلم نجاح بأمر المجوهرات، وعندما وصلوا مطار بيروت اخد العروسة مرة أخرى، ونقل إقامته بعدها إلي لبنان  وقد إقتبس المخرج حسين حلمي المهندس الواقعة هذه وقدمها في فيلم «ساعة الصفر» إخراج حسين حلمي المهندس 1972 بطولة رشدي اباظه وسامية جمال، وقامت مصلحة الضرائب بالحجز على منقولات شقته بالإيجار في الزمالك ،وقام عبد السلام  بتوسيط الكاتب يوسف السباعي لحل المشكلة، والتقي بام كلثوم في صيف عام   1966   في حفل استقبال أقامته لها السفارة المصرية في بيروت، رحبت به ام كلثوم وقالت له انت فين ياعبد السلام وحشتنا جدا، فاشتكي لها من الضرائب وطالبها بالتوسط لحل المشكلة حتى يتمكن من العودة إلي مصر ووعدته خيرا، في لبنان وضع عبد السلام كل امواله في بنك «إنترا»  الذي اشهر افلاسه عام 1966، فخسر عبد السلام كل مايملك، لكنه واصل عمله السينمائي هنالك وهو ما كان يضمن له حياة كريمة، وربما تسببت له تلك الازمة الاصابة بمرض القلب .


 في عام 1963 تزوج عبد السلام  في لبنان من الانسة جورجيت سبات، التي اصبح اسمها لاحقا جورجيت النابلسي، وتحكي هي عن ذلك تقول في لقاء تليفزيوني معها :  كنت اعشق عبدالسلام كفنان وأتابع أعماله وكنت وقتها لم أبلغ الثامنة عشر من عمري، كان هناك لقاء مع عبد السلام في التليفزيون، كانوا في المنزل يعرفون أنني اعتبر عبد السلام صديقي، ندهوني  قالولي تعالي شوفي صديقك، وفوجئت به في اللقاء يقول عندما سئل لماذا لم تتزوج؟ أجاب لم تخلق بعد المرأة التي تستحق ان يتزوجها عبدالسلام النابلسي!، وبحثت عن رقم تليفونه واتصلت به اعاتبه عما قاله اتصلت به اخبرته اني اسمي دنيا اسم مستعار، قلت له يا استاذ عبدالسلام انت  قديش شايف حالك،  انت زعلت كل ستات البلد بتصريحك، تواضع قليلا، سالني كم عمرك قلت 17 سنة وكم شهر قالي وكمان بتعطيني دروس في الاخلاق، قفلت الخط وبعد عشر ايام عرض فيلمه عاشور قلب الاسد في لبنان، واكتشفت فيما بعد انه تفقدني واوحشته وكان يتحدث عني لنجاح سلام وزوجها محمد سلمان ويطلب منهما مساعدته في البحث عني، اتصلت به  لابدي رايي له في الفيلم، ووجدته يعاتبني جدا أين انت ولماذا لم تتصلي بي، تحدثت معه عن الفيلم طلب مقابلتي وسالني عن ملامحي أجبته انني بدينة وسمراء وشعري أكرت، وأصر على مقابلتي، اخدت معي صديقتي وبنت عمتي رحنا على مقهى دولتشي فيتا عالروشة اول ما شافني من بعيد عرفني  رغم الاوصاف الكاذبة التي اخبرته بها،  وقام سلم على وتركتنا بنت عمتي وأول كلمة قالها لي شو اسمك قلت جورجيت، فقال تتجوزيني ياجورجيت، صدمت من المفاجأة قلت له، دعني افكر، رد بعصبيته المشهور: تفكري إيه دي فرصة عمرك، كان اكبر مني بأكثر من خمسة وأربعين عاما، اخدني عند فيلمون وهبي في بلدة كفر شيما وتزوجنا هناك خطيفه، في كفر شيما لم يطلبني من اهلي بسبب فارق العمر واختلاف الديانة، ويوم الزواج طلب من فيلمون ان يتصل بأهلي تليفونيا ويخبرهم حتى لا يقلقوا علي بسبب غيابي، عرفوا فيلمون من صوته وجاء اخوتي جميعا فجأة الي بيت فيلمون وطلبوا منه عقد الزواج موقع من المحكمة الشرعيه فقال لهم ان الامر يتطلب بعض الوقت ،فاخدوني ولم يعديونني اليه، فارسل لي سيارة اخذتني خطفا من منزلي الي مدينة طرابلس حيث التقيته ولم أتركه ابدا .
لم ينجب عبد السلام  لانه كان له رأيا قد يبدو غريبا في مسألة إنجاب الاطفال، فقد كان يحب الاطفال لكنه كان يكره الانجاب وكان يشفق على أصدقائه الذين انجبوا لان الطفل في رأيه هم كبير على أهله، وان الانسان يكون اسعد لو كان مسؤولا عن نفسه فقط، وان الانجاب هو نوع من الانانية ينجب الناس ليضمنوا تواصل نسلهم وكي يروا أنفسهم في أطفالهم، ويتركونهم فيما بعد ليصارعوا الحياة ومآسيها ويعانون منها، في عام 1968 سافر عبد السلام الي تونس مع فريد شوقي وصباح لتصوير فيلم «اهلا بالحب»  وعاد بعدها الي بيروت مرهق وتعب  بسبب معاناته من مرض في القلب أخفاه عن الوسط الفني حتى لا يتوقفوا عن طلبه للعمل في الافلام لانها كانت مورد رزقه الوحيد ومن دونها قد يموت جوعا، واخفى الامر حتى عن زوجته حتى لا يقلقها وكان يشيع انه يعاني فقط من بعض الالام في المعدة، وتوفي بعدها بأسبوعين، في ليلة الخامس من يوليو 1968  قام عبد السلام بدعوة مجموعة من اصدقائه على العشاء في شقته في عمارة يعقوبيان في حي الروشة في بيروت ،وهم :الفنان فريد شوقي وزوجته الفنانة هدى سلطان والمخرج حلمي رفلة والحاج وحيد فريد مدير التصوير، والمخرج نيازي مصطفى وزوجته الفنانة كوكا كوكا توفي ليلتها شعر عبد السلام بوجع شديد  في صدره فطلبت له زوجته سيارة الاسعاف من مستشفي البربير، ركبت معه زوجته سيارة الاسعاف فيما قام أصدقائه بالسير خلفها بسيارتهم ، وطوال الطريق لم ينبس بكلمة كان ممسكا بشده على يد زوجته وعندما وصلت سيارة الاسعاف الي باب المستشفى كان عبد السلام  قد فارق الحياة.
لم يمت عبد السلام مفلسا كما اشيع فقد كان قد انتهي لتوه من تصوير فيلمين، وكان عمل في عام 1967 في فيلمين والعام الذي سبقه 1966 في اربعة افلام دفعة واحدة، عندما توفي كانت امواله في حسابه في البنك ولم يكن في استطاعه زوجته السحب منها الا بعد اجراء إعلام الوراثة فتولى صديقه الفنان فريد الاطرش نفقات الجنازة، وعندما حصلت جورجت على ميراثها من زوجها حاولت رد المال الي فريد فرض بشدة .
لم تتزوج جورجيت النابلسي بعدها لانها لم تجد رجلا مثل عبد السلام، واتجهت للتمثيل، وظلت وفيه لذكراه حتى رحلت قبل اربعة اعوام .