الجمعة 22 نوفمبر 2024

بشهادة الجمهور: بعض الأعمال الأجنبية لا تناسب مجتمعاتنا العربية

من فيلم افواه و أرانب

2-12-2022 | 14:14

همسه هلال

منذ صغري وأنا أسمع أن الفن لغة الشعوب ومرآة المجتمعات، فإذا أردت أن تتعرف على ثقافة أخرى فشاهد أعمالهم الفنية، لذلك أصبح الفن عاملا مؤثرا في حياة الأمم، ونحن نسعى في مصر أن نقدم أعمالا فنية تعبر عن ثقافتنا وهويتنا لنخدم مجتمعنا المصري بل العربي، قامت «الكواكب» في هذا الموضوع بسؤال الجمهور، كيف يصبح الفن في خدمة بناء المجتمع؟ ولماذا لم ننقل التجارب الإيجابية من الأعمال الأجنبية؟ فجاءت آراءهم متباينة منهم من شجع فكرة استعارة الأفكار الغربية ومنهم من رفضها ولكن الجميع اتفق على دور الفن الرئيسي في تقدم ورقي الشعوب والمجتمعات ونجاح الأمم .. نعرض لكم الآراء ووجهات النظر في السطور التالية..

في البداية يقول الدكتور محمود عوده أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إذا كان الفن واقعيا ويمس قضايا الناس اليومية ويعالج مشكلاتهم والعقبات الأساسية التي تواجههم بشكل فني راقي ومبدع حينها يعتبر إسهاما حقيقيا في بناء وخدمة المجتمع، مستطردا: لدينا أعمالا هادفة، وخاصة أفلام السينما المأخوذة عن الروايات لـ (نجيب محفوظ - يحيى حقي) وغيرهما عبرت تاريخيا عن الواقع وأسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في بناء الشخصية المصرية والمجتمع.

وتابع عوده، الفن ما هو إلا تعبير عن الواقع، والنقل عن الأفلام الأجنبية لا يعطينا صورة حقيقية عن الواقع المصري إلا إذا كانت القدرة على التمصير قدرة هائلة وهذا يحدث في بعض الأحيان.
ويرى الدكتور علاء رجب استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن الدور الأساسي للفن هو الإرتقاء بالذوق العام والفكر، ومن المؤسف إن بعض من يقوم على صناعة السينما غير مؤهلين من الناحية النفسية والاجتماعية والفكرية ولا يضيفون للفن الشق الإيجابي وإظهار النماذج الإيجابية بل أصبح تركيزهم على النماذج السلبية بدرجة أكبر، وأصبح بعض المنتجون كل ما يهمهم هو اللغة التجارية البحتة وهم يرونها في تسطيح الأفكار التي هى في وجهة نظرهم نجمة الشباك، وأصبحت الرقابة منعدمة بل جماهيرية في عصر السوشيال ميديا، ولكن هناك بعض الأعمال القليلة التى تحاول تقديم موضوعات يستفيد منها المجتمع ومنها على سبيل المثال مسلسل الاختيار الذي يبث روح الانتماء بين الشباب.
أكد رجب: لابد أن يعلم صناع الفن أن كل مشهد يقدم يؤثر على الأطفال والكبار في المجتمع بصورة كبيرة تعادل ملايين الخطب والكلمات، وإن عمل فني واحد قادر على أن يعكس نماذج متعددة داخل المجتمع، لذلك
يجب عليهم أن ينقلوا التجارب الإيجابية، فنحن في وقت نحتاج فيه إلى لم شمل الأسرة  والعودة إلى الأخلاق.
وعن عدم تناولنا للتجارب في الأفلام الأجنبية قال رجب: نحن مجتمع عربي لدينا قيمنا ومعتقداتنا وأخلاقياتنا مستطردا: «عمرنا ما هنبقى غرب ولا الغرب هيبقوا شرق» فلديهم بعض الأفكار التي لا تصح أن تكون في المجتمع العربي ولا تناسب تقاليدنا وديننا، ومن الخطأ أن نقول عليها حرية إبداع «أنت حر إن لم تضر».
فيما تعلق أخصائية علم النفس آية عبدالسلام، الفن سلاح ذو حدين يستطيع بناء المجتمع وأيضا هدمه خاصة في عصر الانفتاح الحالي، وحتى يكون الفن إيجابيا ويخدم مجتمعنا لابد أن يعزز كافة الجوانب إنسانيا، نفسيا، اجتماعيا، صناعيا، واقتصاديا.
وترى عبدالسلام، أن سبب تدهور الفن في الوقت الحالي يرجع لتناول صناعة أفكار غريبة مستطردة: هناك قضايا لا يصح مناقشتها ولفت أنظار الجمهور لها لأنها تعكس صور سلبية في أذهانهم.
وتابعت عبدالسلام، من الخطأ أن نأخذ من أفكار الأفلام الأجنبية، لأنها لا تتماشى مع أفكارنا ومعتقداتنا حتى وإن كانت إيجابية، مع العلم أن مجتمعنا مليء بالإيجابيات التي لم يتم تناولها حتى الآن.
ويرى الاخصائي النفسي عبدالرحمن سعيد، أن الفن يخدم المجتمع عندما يقدم قضايا تخص المجتمع ويناقش حلها بطريقة سهلة التنفيذ، كذلك عندما يكون المشهد معبرا عن الواقع الذي نعيشه ويرشدنا لكيفية إصلاح حياتنا، أما الأفلام الأجنبية فهى مبنية على أسس ومعتقدات الغرب التي تناسبهم ومن المؤكد إن معظمها لا يتماشى مع ثقافتنا.
من جانبه يقول انطونيوس وهبة، يكون الفن في خدمة المجتمع عندما يقدم صورة راقية ينبعث من ورائها قيم نبيلة وفضائل و أخلاقيات حسنة يحيا بها الإنسان حياة مقدسة لله خالقه.
وتابع وهبة، عدم تناولنا للتجارب الإيجابية التي تطرح في الأفلام الأجنبية قد يرجع لاختلاف الثقافات، فنحن نعجز عن محاكاة الفكر الغربي بشكل جيد، ونخطئ أحيانا في نقل السلبيات ظنا منا إن ذلك انفتاحا على العالم، لكن نجد هذا لا يتناسب مع قيم مجتمعنا.
كما يقول المعلق الرياضي الكابتن محمود السعدوني، نستطيع القول أن الفن في خدمة المجتمع عندما يتناول القضايا المجتمعية الإيجابية ويشير بشكل طفيف للسلبيات للتحذير منها، ويقدم رسالته من خلال تناوله محتوى هادف ومفيد خالي تماما من الإسفاف المغاير لعادات وتقاليد مجتمعنا الشرقي.
وعند سؤاله عن عدم تناولنا للأفكار الإيجابية في الأفلام الأجنبية قال: إذا نظرنا لأفلام هوليوود التي تسلط الضوء على إيجابيات بلادهم، وتظهر مجتمعاتهم بشكل عظيم يحتذى به، وكأن بلادهم لا يوجد بها سلبيات ولا جرائم وسرقات وقتل، وتظهر للجميع في ثوب العفة، عكس بعض أفلامنا التي تتناول العنف والبلطجة بشكل صريح، وتقدم البطل كإنسان خارج عن القانون مما يؤثر علينا بشكل سلبي، في النهاية نأمل من القائمين على تلك الصناعة أن يأخذوا الإيجابيات ويبتعدوا عن السلبيات، لأن الفن يقدم قوة ناعمة وهو مرآة المجتمع.
على النقيض يقول المخرج مصطفى رؤوف، الفن ليس رسالة ولا ملزم بالتأثير في المجتمع، فالمساجد والكنائس والبيوت هم من يخدموا المجتمع ويساعدوا في بنائه ويجب علينا أن نغير من أنفسا بشكل إيجابي، وإذا نظرنا إلى الأفلام الأجنبية سنجد بها البلطجة والإرهاب والعنف أيضا، ويبقى السؤال من الذي يحدد تلك المعايير الإيجابيات والسلبيات؟!.
 فيما يرى الكاتب يوسف نصار، أن الفن هو مرآة للمجتمع، فإذا أردت أن تعرف ثقافة مجتمع؛ فانظر إلى فنونه، لذلك فالمجتمع في حاجة إلى إعادة هيكلة ثقافية كاملة، ليس في الفن فقط بل هيكلة تشمل أساليب التعليم والتنشئة الثقافية وطرق التفكير، حتى يستطيع أن يتذوق الفن فيرتقي به، فيصبح الفن في حالة ارتقاء دائم وموائمة مع المجتمع.
وعن عدم تناولنا للأفكار الإيجابية في الأفلام الأجنبية قال: التجارب الإيجابية هي شيء نسبي بين المجتمعات، فقد يختلف تلقي مجتمع لتجربة إيجابية عن غيره من المجتمعات الآخرى، نحن كمجتمع عربي لديه كثير من العقول التي تستطيع أن تنبثق منها أفكار بناءة من شأنها أن تنهض بالمجتمع وترتقي به في الفنون وغيرها، لكن المعضلة أن المجتمع -في أغلب الأحوال- لا يستجيب لتلك الأفكار.
وتابع نصار، نحن لسنا بحاجة لاستيراد أفكار غربية ناجحة، بل نحن بحاجة لعقول تعي تلك الأفكار.
ويقول المهندس أحمد طارق، يكون الفن في خدمة المجتمع عندما يقدم موضوعات هادفة سواء في (المسلسلات – الأفلام – الأغاني)، ويتبنى الرسائل الإيجابية التي تربي النفس وتبث الأخلاق والقيم وتكرم الدين، وتحتوي أفكاره التي يطرحها على النصائح التي تتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا.
ويضيف طارق، نحن لا نأخذ الأفكار الإيجابية من أفلام الغرب، لأن اعتماد الإنتاج المصري أصبح يتوقف على الكسب المادي فقد.
واتفق معه المهندس إسلام علي قائلا: أهم شيء في العمل الفني هو تقديمه لرسائل هادفة تغزي المجتمع وتؤثر في أفكاره بالإيجاب وليس السلب، فإذا عدنا إلى الخلف بضعا من الوقت سنجد أن معظم أعمالنا الفنية في زمن الأبيض والأسود وما بعده في الثمانينات وما يليها كانت نظيفة تقدم قيما خالدة، على سبيل المثال عمل مثل مسلسل ذئاب الجبل مازال في أذهان الجميع وغيره من الأعمال، مضيفا: أعتقد عدم تناولنا لأفكار أفلام الغرب يرجع للتكلفة.
بينما يقول المهندس إبراهيم السيد، أصبح الفن الآن تجارة ونشر لأفكار غربية لمجرد ركوب «التريند» بغض النظر عن المحتوى المقدم والذي  لا يناسب مجتمعنا ولا ديننا، فيجب على القائمين على تلك الصناعة النظر إلى المشكلات التي تهمنا كمجتمع مصري وتمس حياتنا اليومية. 
كذلك يعلق الإعلامي أحمد وهبة، يكون الفن في خدمة مجتمعنا عندما ينتقد السلبيات ويصحح المفاهيم ويوجه الجماهير إلى الصواب من حيث الدين واتباع الأخلاق، ونلفت الأنظار لتراثنا الذي بنيت عليه الحضارات، ولكن معظم المنتجين وصناع السينما استخدموا الفن كتجارة وللاستثمار والربح؛ فكانت مشاهد الإغراء وإثارة الغرائز هى المتصدرة في البطولة، وأصبحت القصة السينمائية بعيدة عن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا.
وتابع وهبة، أصبحنا نقلد الأفلام الأجنبية على عكس هويتنا؛ فكنا منذ زمن قريب نأثر على العالم بالفنون المختلفة التي ترسل وتعلم العالم ثقافتنا وتراثنا، والآن نتأثر بالغرب بما يخالف ثقافتنا وديننا.
ويقول المصور أحمد عرفة، لكي نرتقي بالفن نحن بحاجة لسينما نظيفة لا تجري وراء المكسب والإيرادات، وهناك الكثير من الأفكار الإيجابية، لكن ليس هناك من يتناولها ظنا منهم إن الأعمال التي تنجح هى التي يضم محتواها بعض الجوانب السلبية، وإذا نظرنا لأفلام الغرب سنجد أعمالهم هادفة يخلقون بها حافزا للنجاح، أما نحن نقدم بعضا من الترفيه والرومانسية المتكررة، لماذا لم نكرر تجربة مسلسل «ونيس»؟ لكن بصور وأشكال مختلفة تربي في النفس القيم والأخلاق بشكل إيجابي، مستطردا: نحن أصبحنا نرى الخطأ أمرا عاديا ونتعامل معه.
ويرى الطالب عمر صابر، إن الفن هو مرآة الشعوب ومهمته هى تسليط الضوء على مشكلات المجتمع وعرض حلول لها، ومن أهم عوامل نجاح الفن أن تمس موضوعاته المجتمع بشكل أساسي ويناقشها، فليس مطلوب منا أن نتناول مشكلة لا تخص مجتمعنا ونطلب من الجمهور أن يتأثر بها.
وتابع صابر، نحن العرب ننظر للغرب نظرة المجتمع المختلف عنا فقط، ولا نرى ولا نأخذ منهم غير السيء ونبروزه ونضعه في أعمالنا الفنية بالرغم من إن المجتمع الغربي مليء بالإيجابيات كما يحتوي على السلبيات أيضا.
في حين يقول الكاتب الصحفي عمر رأفت، الفن هو إحدى القوى الناعمة التي يجب الاستفادة منها، وذلك عن طريق تقديم قضايا فنية فعالة وهادفة عكس ما يتم تناوله الآن من محتوى ليس له قيمة بل يصنع مسار من التساؤلات والجدل الكبير.
ويرى رأفت، أن أخذ الإيجابيات من الأعمال الأجنبية يرجع للقائمين على صناعة المحتوى الفني الذي يسلط الضوء فقط على المسيء من أعمالهم، لذا يجب أن يتم اختيار الموضوعات الفنية بدقة  وينبغي أن تتناول الأعمال الهادفة والقضايا التي تستحق النقاش.
بينما يرى الكاتب الصحفي عبدالرحمن عباس، إن الفن بشتى أشكاله يعد بناء، لأن المجتمع ليس كتلة واحدة كذلك البناء، وعلى سبيل المثال العمل الفني الكوميدي يجعل المشاهد يضحك وهذا بناء، وكذلك الدراما والتراجيدي.
أما عن تناول الأفكار الإيجابية في الأفلام الغربية قال: ليس هناك تجارب إيجابية وأخرى سلبية بل هناك أفكار مقبولة في مجتمع ما ومرفوضة في آخر، ومن الأفضل مناقشة جميع التجارب، لأن معدل مشاهدة المصريين للأعمال الأجنبية مرتفع.
وترى الكاتبة زهراء محمد، إن الفن يكون في خدمة المجتمع عندما يتناول القضايا الحقيقية التي تواجه أفراد المجتمع بشكل صادق، ولا يكون مجرد تجارة مستوردة بل يجب أن يكون محتواه نابعا من البيت المصري؛ فيتناول قضاياه ويعالج مشكلاته، ومن أمثلة الأعمال الهادفة مسلسل «إلا أنا» و «ليه لأ» تلك الأعمال التي ناقشت موضوعات هامة مثل التنمر والتبني وغيرهم، كما يوجد عدة أفلام قديمة كانت سببا في تغيير بعض القوانين، لأنها مست قضايا إنسانية، وأخيرا فالفن الذي ينبع من ثقافة المجتمع وحده القادر على إحداث تأثير به.
ويعلق الدكتور عبدالرحمن نوح، يعد الفن من أهم العوامل التي تؤثر على المجتمع، لذلك يجب أن يحترم عقل المشاهد، وأن يقدم قضايا نؤمن بها، ويؤثر في نفوسنا حتى لو كان جانب ترفيهيا.
ويضيف نوح، لم نتناول الأفكار الإيجابية من الأعمال الأجنبية، لأن بعض أهل الفن ليسوا بمؤتمنين عليه، وعلى المجتمع أن يقرر لمن سيسمع ولمن سيقرأ ولمن سيشاهد.
وتقول الدكتورة شيرين عبدالعظيم، يستطيع الفن بناء وخدمة المجتمع عندما يعرض مشاكل الناس ويقدم حلول واقتراحات لها مثل مسلسلات الثمانينات، وأيضا يتناول محتوى مفيد وإيجابي، مستطردة: لا نأخذ التجارب الإيجابية من الأفلام الأجنبية، لأن الإنتاج لا يهمه سواء المكسب وليس المحتوى ولا يوجد رقابة على ما يعرض علينا.
وأخيرا يقول الدكتور محمد عمران، عندما يتمتع الفن بأفكار إيجابية وسليمة يسعى لإيصالها للمشاهد ويتبنى المشاكل الحقيقية التي تواجهنا ويقترح حلول لها يصبح حينها الفن هادفا.